بينت الموازنة العامة للدولة حجم التبذير والإسراف, أن لم نقل الفساد المهول الذي تفرد له الحكومة أبواب ومخرجات لدعم الشيوخ والوجهاء ومراكز القوى والمنتفعين على حساب لقمة عيش المواطن وأفراد المجتمع, الذين يرضون بالفتات مع الازدراء واستكثار ذلك عليهم وعلى حساب أيضاً أرواح شهداء المؤسسة العسكرية الذين يساقون إلى ساحات الصراع للتضحية والاستشهاد مقابل معاش قدرة خمسة وعشرين ألف ريال ( مائة دولار) للفرد منهم, وهذا لا تقره قيم أو أعراف ولا ترتضيه أخلاق أو مواثيق, ما يدل على ظلم التوزيع وغياب العدل والانصاف لهذه الشريحة الهامة من المجتمع التي تساق كالقطيع لتواجه حتفها في أكثر من موقع ومكان, وبالكاد تحصل أسرة الفرد منهم بعد أستشهادة على معاشه الظئيل الذي لايوازي تخزينة شيخ ليوم واحد فقط .. ممن ينهبون مقدارت الوطن من الموازنه العامة وابوابها المختلفة المشرعة أمامهم, فضلاً على الهبات والرواتب المجزية التي يتقاضاها البعض من دول الجوار. نعم.. هناك ثورة قام بها الشباب والشعب كله أنتفض معه ولكنها لم تتعداء المطالب بالحقوق السياسية التي للأسف لا تعني كثيراً المواطن العادي بالقدر الذي تهم النخبة ويستفاد منها واستثمارها لمزيد من التضخم ورفع الارصده تحت يافطات ومسميات شتى, ويبقى المواطن العادي والموظف البسيط (محلك سر) أن لم يكن للأسواء دون أن يلمس تحسن في مستوى معيشته وأوضاعه بشكل عام. فحقيقة الأمر نقف أمام معضلة حقه أن لم يحل أشكال التوصيف الوظيفي بصورته العادلة وليس على ما هو عليه الحال فإن ثورات قادمة لا محالة سيشهدها الوطن للمطالبه بعدالة التوزيع بعيداً عن ألإجحاف والظلم المبين, فمن غير المنطقي أن ينال موظف ما في مؤسسة إيراديه ما مليون ريال وأخر خمسمائة ألف ريال وثالث ثلاثمائة ألف ريال في مصالح ومرافق أخرى, بينما موظف أخر يحمل رأسه على كفه وفي أي لحظه معرض للموت والاستشهاد يتحصل على (خمسة وعشرين ألف ريال فقط).. فإذا احتكمنا للكفاءة والشهادة والتخصص فإن غالبية أفراد الدفاع والأمن لديهم الكفاءات العالية والتخصصات النادرة والشهادات الرفيعة في مجالهم منها الدكتوراه, الماجستير, البكلاريوس, والشهادات المهنية لأفراد في القطاعات العسكرية والأمنية المختلفة, مع تفضيل لهم يجب أن ينالوه ويحضوا به من علاوات رفيعة " كبدل مخاطرة " التي لا يجب أن تقارن مع أي قطاع مدني أخر.. هناك ظلم وغبن على أفراد وضباط هذه المؤسسة العسكرية ويجب أن يصحح, وإذا كانت المرحلة السابقة سادها السكون وعدم الاهتمام فمرد ذلك على أن القادة العسكريين كانوا غارقين بترتيب أوضاعهم أو هكذا يمكن نقولها بعبارة مخففة وغير مكترثين لأوضاع منتسبيهم وذلك ما أفرز الترهل والانقسام في المؤسسة العسكرية باتجاه الولاء للفرد بحسب المصلحة على حساب الوطن.. وكانت تداعيات ذلك ونتائجه وخيمة على الوطن والمجتمع وأثرت على معنويات المقاتلين وضاعت روح المبادرة لديهم في مواجهة التحديات المحدقة بالوطن في أكثر من موقع ومكان والتي أفرزت خسائر كارثية في العدة والعتاد ستظل الدولة تأن من وزرها وتدفع تكاليفها الباهضه لأعادت بناء وهيكلة هذه المؤسسة.. وستتكرر المأساه حتماً أن لم ينل منتسبي هذه المؤسسة الوطنية الهامة حقوقهم المعاشية المنصفه ثمن لتضحياتهم ودمائهم الزكية التي تسكب في محراب الوطن.