لم يتجاوز العاشرة من عمره ، والبراءة تملأ قلبه الطاهر ، لكن من ينظر إليه لا يمكن أن يرى البراءة في عينيه ، لا لأنه غير بريء ، لكن لأن نظارة سوداء وضمادات تغطي عينيه البريئتين عندما يصحو من نومه يهرول ليغسل وجهه متلهفاً ليرى وجهه ، لكن هيهات أن يستطيع النظر إلى المرآة ، كيف يرى ؟ وهو الفاقد للبصر ذلك هو جزء بسيط من وصف الطفل عبد الرحمن طارق سلطان ثابت أحد جرحى ثورة الجنوب التي تطالب بالاستقلال . كان يلعب قرب نادي الوحدة الرياضي في الشيخ عثمان في العاصمة عدن عندما حدث الانفجار ، وأصيبت عيناه ، ويتم نقله إلى المستشفى ، ولكن سلطات الاحتلال اليمني أفقدت الجنوب كل الإمكانات التي من شأنها معالجة حالة الطفل ، ويتم نقله إلى جمهورية مصر العربية لكي يستعيد بصره ، وهناك أكد الأطباء أن الأمل كبير في استعادته للبصر إذا ما عمل عملية جراحية لعينيه ، إلا أن تكاليف العملية تتجاوز العشرة آلاف دولار أمريكي ، وهو ما لا تستطيع أسرة الطفل تأمينه وهنا نطرح بعض التساؤلات حول جرحى ومصابي الثورة السلمية الجنوبية: * من هو المسئول عن علاج الجرحى ، سواء في الداخل أو الخارج؟ * سمعنا عن مجهودات كبيرة تقوم بها بعض الجهات الخيرية الجنوبية ، إلا أنها تظل مجهودات شخصية مهما بلغت ، أين دور الجهات القيادية في الخارج؟ * أعلن قبل أعوام عن صندوق الإغاثة الجنوبي ، وظل لفترة طويلة دون تفعيل ، ونسمع عن الدور الذي يقوم به الصندوق مشكورا ، إلا أن هذا الدور لا يكفي ، وإذا ما قارنا بين ما ينفقه الصندوق من أجل علاج الجرحى ، وبين ما أنفق على الرحلات المكوكية لبعض قيادات الثورة السلمية الجنوبية ، فإننا نجد أن نصف تلك النفقات كان يمكن أن تغطي نفقات علاج عشرات الجرحى ، فأين القوم من العمل التنظيمي المفيد ؟ وحتى نجد الإجابة لهذه التساؤلات يبقى الطفل عبد الرحمن منتظر ومترقب لصاحب واجب يلتفت إليه ، أو صاحب قلب رحيم يشفق عليه ويمد يد العون له من أجل أن يرى وجهه مرة أخرى في المرآة ، لكي لا يتمنى يوما أن يعود له نظره كي لا يرى صوراً تصيبه بالاشمئزاز .