شغل الرأي العام المصري خاصة والعربي والاسلامي عامة مؤخرا بما بات يعرف بقضية مياه النيل . كان للاله الاعلامية المصرية دورا في اذكاء نار هذه القضية التي مجال حلها هو المفاوضات والحوار بين دول المنبع ودول المصب ولكن الاعلام في الجانبين لم يرد ان يفوت هذه الفرصة دون ان يخوض فيها ويدلي بدلوه بل ووصل الامر ببعض وسائل الاعلام المصري ان طالب حكومته باللجوء للحل العسكري لهذه القضية وضرب اي منشأة قد تعيق تدفق النهر العظيم وتأثر على حصة مصر منه ومن الجانب الاخر تولى الاعلام لبعض دول منبع النيل ترويج مقولات عن عدم أحقية مصر بمياه النيل وأنها مياه افريقية بل ووصل ببعضهم الي طرح فكرة ان يتم بيع الماء لمصر وفق آليه يتفق بشأنها لاحقا لانها مياه تنبع من ارض افريقية تماما كألبترول العربي الذي يستخرج من ارض عربية ويتم بيعه لدول العالم كان كل ذلك غيض من فيض فمازال كل جانب يدلي بما يراه حقا له على حساب الطرف الاحر لذا فأننا نرى ان ما فعلته الجهات المصرية هو عين الصواب وذلك ان تتكفل اعلى الجهات الرسمية المصرية بحل هذا الاشكال ومازالت الوفود الرسمية المصرية تقوم برحلات مكوكية من القاهرة الى عواصم دول المنبع والمعروف ان نسبة 80%من المياه الواصله لمصر تاتيها من الهضبة الاثيوبيه مما يعطي هذه القضية اهمية تصل لحد الخطوره لان اثيوبيا تتزعم الاتجاه المعارض لمصر في اتفاقيات تقسيم مياه النيل ورغم تميز العلاقات المصرية الاثيوبية منذو القدم الا ان أغفال مصر لدورها الافريقي في السنوات الاخيرة سمح لاسرائيل بالتغلغل الى كثير من دول منبع النيل وبصفة خاصة قي اثيوبيا ولم تتوانى في اقامة كثير من المشاريع الزراعية فيها، وبالتالي تزايد النفوذ الاسرائيلي في ذلك البلد الجار للوطن العربي مما ساعد على تغذية وتنمية التيار المعادي للعرب . لقد انصب النقد والاعتراض من دول المنبع على الاتفاقيات الموقعة سنة 1929و1959 الخاصة بتوزيع مياة النيل بين دول الحوض واعتبرتها ظالمة لها بل وصفتها بالاستعمارية واعتبرتها في الاخير اتفاقية توزيع مياة يمكن تعديلها في اي وقت، لكن الوثائق التي تم الكشف عنها مؤخرا تشير الى ان الاتفاقية الخاصة بتحديد حصة مصرمن المياة وحقوقها في النهر هي اتفاقية حدود وليست اتفاقية مياه ولعل ابرز هذة الوثائق هي اتفاقية سنة1902الموقعة بين مصر والسودان ومعروف تاريخيا ان السودان كانت تتبع المملكه المصريه حتى ان ملك مصر كان يلقب بملك مصر والسودان واخر الحكام المصرين الذي حمل هذا اللقب هو الملك فاروق الذي اطاحت به ثورة يوليو 1952. حيث اكدت هذة الاتفاقية الموقعة سنة1902مع الملك مينليك ملك الحبشة في بندها الثاني على الايسمح باقامة اي مشروع من شانه الاضرار بحصة مصر من المياه دون الرجوع الى الحكومة المصرية وعلى ضوء هذا الاتفاق تم منح الحبشة ارضا مصرية لتدشين "خط سكة حديد اثيوبيا - اوغندا" وكانت بريطانيا وايطاليا هما الضامنتان لهذا الاتفاق وكل ذلك يعني انها اتفاقية حدود وليست اتفاقية مياة فهي اذا غير قابلة للتعديل بموجب القانون الدولي لان معنى تعديلها تعديل في الحدود الدولية وهو مايتنافى مع استقرار القارة حيث ان الاستعمار حين عين الحدود بين الدول الافريقية لم يراعي كثير من الخواص والسمات الخاصة بكل دولة حيث نجد بعض الدول يفصلها بحيرة وبعضها نهر بل ان كثير من التجمعات القبلية قسمت بين اكثر من دولة رغم واحديتها العرقية. ان تغير اي جزء من الحدود بين الدول الافريقية وبعضها سيكون كشرارة تشعل كثير من المشاكل لذا فقد اقرت الدول الافريقية مجتمعة من خلال الاتحاد الافريقي باحترام الحدود الموروثة عن فترة الاستعمار واعتبرت المساس بها يهدد استقرار القارة باكملها وقديما قيل ان مصر هبة النيل وسيبقى النيل منبع الخير والامن والحب لكل الناس