- قبل ثماني سنوات دمر الطيران الحربي الاسرائيلي متجر حسان غملوش لبيع المجوهرات عندما قصف منطقة بئر العبد في الضاحية الجنوبية لبيروت معقل حزب الله. والآن يحصن واجهة محله بأكياس من الرمل لحمايته مع زبائنه من تهديد جديد بعد موجة السيارات الملغومة التي ضربت أحياء شيعية في العاصمة في الاشهر الستة الماضية. وقتل عشرات الاشخاص في أربعة تفجيرات استهدفت معقل حزب الله. التفجير الاول كان في يوليو تموز في منطقة بئر العبد على بعد مئة متر فقط من متجر غملوش. ويرجح الانفجاران الاخيران اللذان استهدفا منطقة حارة حريك هذا الشهر ان تتكثف وتيرة الهجمات. وكانت صواريخ أطلقت على منطقة الضاحية الجنوبية الشيعية في الصيف الماضي في حين استهدف تفجير انتحاري مزدوج مجمع السفارة الايرانية القريبة في نوفمبر تشرين الثاني ما أدى الى مقتل 25 شخصا على الاقل. وكانت مجموعة سنية مرتبطة بتنظيم القاعدة اعلنت مسؤوليتها عن بعض الهجمات وهددت بالمزيد قائلة ان تدخل حزب الله في الحرب الاهلية السورية الى جانب قوات الرئيس بشار الاسد في سوريا يجعل من الجماعة اللبنانية هدفا مشروعا. وأثار سفك الدماء والتحذيرات من صراع طائفي اعمق قلق الكثيرين في أحياء شيعية حيث يكثف الجيش وحزب الله إجراءاتهم الامنية في حين يتحصن أصحاب المتاجر لمواجهة المزيد من الهجمات. وقال غملوش في متجره الذي تراكمت امامه اكياس الرمل السوداء "هذه الاجراءات تحمي (بنسبة) 70 الى 80 بالمئة تقريبا من الشظايا.. من الوهج.. من الضغط." ويحاول العمال تركيب ألواح معدنية في الجزء الأمامي لورشته في حين يزرع عمال آخرون الاشجار في شريط يتوسط الشوارع في خطوة تهدف لتقييد حركة المفجرين بتقليص المجال المتاح لأي شخص لترك سيارته خارج المساحات التي بات محجوزة بالسلاسل المعدنية للسكان واصحاب المتاجر بالاضافة الى زرع العديد من كاميرات المراقبة. وعند أحد مداخل الضاحية يفتش الجيش اللبناني السيارات بينما يدقق جندي بارقام السيارات وفقا لقائمة متواجدة معه. وفي مطار بيروت القريب من البحر الابيض المتوسط على الجهة الجنوبية للعاصمة تعززت إجراءات التفتيش الامنية في حين عززت حماية اثنين من المراكز الدينية الشيعية على طريق المطار القديم بوضع كتل خرسانية رسمت عليها خطوط باللونين الاسود والاصفر. وفي شارع هادي نصر الله الذي سمي على اسم ابن الامين العام لحزب الله حسن نصر الله والذي قتل في احدى المعارك مع اسرائيل خفت حركة المرور بشكل ملحوظ في حين تم اغلاق أماكن وقوف السيارات تحت الجسر الرئيسي لمنع المفجرين من ترك سياراتهم هناك. وقال أيمن بزون وهو مدير متجر في شارع هادي نصر الله "الشارع فارغ الان الناس متخوفة. اذا الواحد ليس لديه شيئ ضروري لا يخرج." وأضاف "الناس تتجنب ان تتحرك كثيرا وتقتصر على البيوت ونحن نوصل لها طلباتها ولكن بشكل عام الحركة خفت طبعا. هناك العديد من الناس أصبحت الآن تطلب على التليفون ديليفري (توصيل)." وبالنسبة للكثير من المقيمين فان التدابير الامنية تعيدهم بالذاكرة الى الحرب الاهلية في لبنان التي اندلعت بين عامي 1975 و1990 عندما امتلأت شوارع بيروت بالمتاريس. وغالبا ما تتوتر أعصاب الناس بفعل المزيد من التحذيرات التي تنتشر عن طريق وسائل التواصل الاجتماعية والتي تكون بمعظمها انذارات كاذبة من هجمات محتملة. وقبل خمسة ايام دعا عناصر من حزب الله عبر مكبرات الصوت المواطنين للنزول والتعرف على سياراتهم وقطع طريق هادي نصر الله بعد الحصول على معلومات ان الحزب لديه مواصفات سيارة ملغومة وصلت الى هذا الشارع. ويكدس بائع مواد البناء احمد شرف الدين أمام متجره الأكياس الرملية للحماية ويقول وهو يجلس في مكتبه على بعد اقل من خمسين مترا من موقع الانفجارين هذا الشهر "في اليوم الوحد يأتينا ثلاثة او اربعة زبائن يشترون اكياس الرمل بغية تحصين محلاتهم