- سارعت الحكومة الأمريكية يوم الأربعاء إلى العمل لإنقاذ محادثات السلام الفلسطينية الإسرائيلية المتعثرة بعد ما سمته خطوات "منفردة وغير مفيدة" من الجانبين. وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد اتخذ خطوة مفاجئة يوم الثلاثاء حين وقع 15 اتفاقية دولية من شأنها أن تعزز وضع الفلسطينيين في مواجهة اسرائيل وهو ما جعل الولاياتالمتحدة تبحث عن سبيل لاستمرار المحادثات بعد انتهاء المهلة المحددة لها في 29 من أبريل نيسان. وقال جوش إيرنست المتحدث باسم البيت الأبيض للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية التي كانت تقل الرئيس باراك أوباما إلى ميشيجان "نشعر بخيبة أمل من الأعمال المنفردة غير المفيدة التي صدرت عن الجانبين في الأيام الأخيرة." وأضاف أن وزير الخارجية جون كيري يجري "اتصالات وثيقة مع فريقنا التفاوضي الذي لا يزال على الأرض في المنطقة لمواصلة النقاش مع الأطراف." وذكرت مصادر مطلعة أنه من المقرر أن يلتقي المفاوضون الفلسطينيون والإسرائيليون في وقت لاحق مساء يوم الأربعاء مع المبعوث الأمريكي مارتن إنديك. وفي أول تعليق لها على الأزمة قالت إسرائيل إن تسوية الموقف في يد عباس. وقال وزير الخارجية الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان إن إسرائيل بذلت "كل جهدها لمحاولة التوصل لتسوية مع الفلسطينيين والكرة الآن في ملعبهم." وسلم الفلسطينيون ممثلا للأمم المتحدة ودبلوماسيين آخرين طلبات للانضمام إلى 15 اتفاقية دولية من بينها معاهدات جنيف وهي نص أساسي في القانون الدولي فيما يتعلق بإدارة الحرب والاحتلال. وأعرب ياسر عبد ربه نائب رئيس منظمة التحرير الفلسطينية عن الشعور بخيبة الأمل لعدم التزام إسرائيل بتعهدها بالإفراج عن عشرات السجناء الفلسطينيين وقال إن المحادثات التي بدأت منذ ثمانية أشهر أصبحت مجرد تفاوض حول التفاوض. وقال مسؤولون فلسطينيون ان امتناع إسرائيل عن الإفراج عن السجناء يعني أن عباس لم يعد ملزما بتعهد بعدم مواجهتها في الأممالمتحدة والمنظمات الدولية الاخرى. وزادت هذه التطورات من تعقيد جهود وزير الخارجية الأمريكي جون كيري للتوصل إلى اتفاق ثلاثي الأطراف لمواصلة المفاوضات المتعثرة حتى عام 2015. وكان قد بدأ مبادرته في يوليو تموز وسط مشاعر تشكك عميقة في أن تحقق جهوده نتائج أفضل من الرئيس باراك أوباما الذي قام بمسعى فاشل من أجل السلام في الشرق الأوسط في ولايته الأولى. وقال جون ألترمان خبير الشرق الأوسط في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن "إننا في مزاج أزمة لا يمكن التنبؤ به. والسؤال هو هل هذه نكسة خطيرة ستوصلنا إلى شيء ذي مغزى أم أنها نكسة خطيرة تنبيء بأن الأمر كله كان مهزلة منذ البداية." وتواجه المحادثات صعوبات بالفعل بسبب قضية المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربيةوالقدس الشرقية اللتين استولت عليهما اسرائيل في حرب عام 1967 وبسبب معارضة الفلسطينيين لمطلب اسرائيل بالاعتراف بها كدولة يهودية. وكانت إسرائيل قد قالت إنها تريد أولا التزاما فلسطينيا بالتفاوض لما بعد الموعد الذي كان مستهدفا في البداية قبل أن تطلق سراح الدفعة الأخيرة من 104 سجناء وعدت بالإفراج عنهم في إطار المساعي الأمريكية لاستئناف المفاوضات في يوليو تموز الماضي. "الأمر متروك للأطراف" خلال زيارته بروكسل لحضور اجتماع لحلف شمال الأطلسي ألغى كيري زيارة مقررة لمدينة رام اللهبالضفة الغربية وقال إنه من المهم الحفاظ على استمرار عملية السلام ولكن "في النهاية هذا الأمر متروك للأطراف." وحاول مسؤول أمريكي رفيع التهوين من فكرة ان عملية السلام تتداعى وقال ان الجانبين كليهما أبلغا واشنطن أنهما مستعدان لمواصلة التفاوض قبل انقضاء المهلة في 29 من أبريل نيسان. ويأمل الفلسطينيون أن تتيح لهم الخطوة التي اتخذها عباس أساسا أقوى للجوء الى المحكمة الجنائية الدولية وتقديم شكاوى رسمية ضد اسرائيل بسبب استمرار احتلالها للاراضي التي استولت عليها عام 1967 والتي يرونها أساسية لقيام دولتهم المستقبلية. وتعتبر معظم الدول المستوطنات الإسرائيلية غير شرعية. لكن قرار عباس اثار انتقادات في الكونجرس حيث المشاعر الموالية لإسرائيل قوية. وحذر مشرعون أمريكيون من أن هذا قد يؤدي إلى وقف المساعدات الأمريكية. وقالت عضو مجلس النواب عن نيويورك نيتا لوي أكبر عضو ديمقراطي في لجنة الاعتمادات المالية في اجتماع للمجلس "كان اختيار (الرئيس محمود عباس) القيام بهذا التحرك في الأممالمتحدة مخيبا بشدة لآمالي. سيأتي بنتائج عكسية ولن يقربهم من أي حل نهائي." وامتنع متحدث باسم رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو عن التعليق على خطوة عباس. وقال عبد ربه يوم الأربعاء إنه ينبغي عدم الاستمرار في دائرة مفرغة تظل الأطراف تبحث فيها عن إطار عمل للمحادثات والتفاوض حول التفاوض. وأضاف "إذا أردنا عملية سلام جادة بعد انتهاء موعد 29-4 فهذه العملية يجب أن تنطلق وتستند إلى عنصر رئيسي واحد وهو البحث في موضوع الحدود انطلاقا من ووفقا للقرار الدولي الذي اعترف بدولة فلسطين بأن حدودها حدود الرابع من حزيران (يونيو) بما فيها القدس الشرقية." وتابع قائلا للصحفيين "نحن لا نريد الفشل لمهمة كيري على العكس نحن قلنا ولا نزال نعمل على نجاحها... نأمل تجدد مساعي الوزير كيري خلال الأيام القادمة لا نريد لهذا الجهد أن ينقطع أبدا." ومعظم المعاهدات التي وقعها عباس تضع معايير دولية لقضايا اجتماعية وحقوقية مثل اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة إضافة إلى اتفاقيات جنيف. ووصف روبي سابيل استاذ القانون والمستشار القانوني السابق بوزارة الخارجية الاسرائيلية توقيع عباس على الاتفاقيات بأنه "مجرد إجراء رمزي". وأشار إلى أنه لم يتقدم بطلب الانضمام لمنظمات دولية. وكان كيري قد قام بزيارة غير مقررة للقدس يوم الاثنين سعيا لتمديد أجل المفاوضات من خلال إعداد اتفاق يتضمن احتمال الإفراج عن جوناثان بولارد الجاسوس الاسرائيلي المسجون في الولاياتالمتحدة منذ الثمانينات. وقال مسؤولون مقربون من المحادثات ان الاتفاق يشمل ايضا إفراج إسرائيل عن مئات السجناء الفلسطينيين وربما تجميدا جزئيا للاستيطان. ويحمل بولارد الجنسية الأمريكية وهو محلل سابق بالبحرية وقد أقر عام 1987 بأنه تجسس لحساب اسرائيل. وربما يعطي الإفراج عنه لنتنياهو نصرا سياسيا ييسر عليه إقناع أعضاء ائتلافه الحاكم والإسرائيليين المتشككين بالإفراج عن مزيد من السجناء