فوجىء المتابعون المثقفون في الحلقة 11 من المسلسل التاريخي "سرايا عابدين" بموت الأمير فؤاد إبن الخديوي اسماعيل مسموماً بشطيرة طعام أخذها من حقيبة شقيقه الأمير توفيق خلال رحلة صيد مشتركة لهما مع والدهما الذي وضعت لتسميمه هو من قبل ماريا وصيفة فريال هانم التي تريد القضاء على منافس إبنها على عرش مصر مبكراً، ليخلو الطريق أمام إبنها. لكن كانت النتيجة أن راح إبنها الوحيد الأمير فؤاد ضحية مؤامرتها ،وهنا ارتكبت الكاتبة هبة مشاري حمادة خطأ تاريخياً قاتلاً بهدف إضفاء التشويق على العمل بأن قتلت الأمير فؤاد الذي لم يمت صغيراً وأصبح الملك فؤاد الأول واستلم حكم مصر خلفاً للسلطان حسين كامل من عام 1917 لغاية 1936 . وقد توقع كثيرون من المشاهدين حين طرح تساؤل في مواقع التواصل الإجتماعي حول هوية الأمير الميت الذي يتقبل والده الخديوي اسماعيل العزاء فيه في الحلقة العاشرة،وبدأت ذكريات الفلاش باك تسترجع أحداث ما قبل الجنازة بأن يكون الأمير رشيد لأن الأمير توفيق خلف والده على حكم مصر بعد إقالته وحمل لقب الخديوي توفيق، وأصبح الأمير فؤاد الملك فؤاد الأول وحكم مصر فترة طويلة ثم خلفه إبنه الملك فاروق قبل ثورة الضباط الأحرار عليه، وكتابة القائمين على العمل في بداية التتر أن الأحداث مستوحاة من قصة حقيقية لا تبرر تحريف التاريخ بذريعة الضرورات الدرامية لسبب بسيط جداً ، وهو أن تحريفها للتاريخ أفقده عنصر إقناع المشاهد بما يراه،خاصةً وأنه يتعرض لحقبة تاريخية قريبة جداً في أواخر القرن التاسع عشر،والكل يعرف تاريخ الملك فاروق ووالده الملك فؤاد الأول وجده الخديوي اسماعيل. ومؤكد ستجد الكاتبة مخرجاً آخر قد يكون إنجاب فريال هانم في الحلقات المقبلة إبن ذكر آخر ويتم إطلاق الإسم ذاته عليه مع أن كتب التاريخ تؤكد إنجابها الأمير فؤاد فقط،وتغيير الأحداث بهذه الصورة تشتت ذهن المشاهد،وإيجابيته الوحيدة هي أنها ستدفع المشاهدين بدافع الفضول إلى قراءة الكثير عن الخديوي اسماعيل وحقبته التاريخية القريبة جداً من تاريخنا الحديث للمقارنة بين ما ما هو موثق في الكتب من أحداث تاريخية ومن أحداث "سرايا عابدين". وارتكاب هذا الخطأ التاريخي يدل على أن الكاتبة هبة حمادة التي لا نشك بأنها بذلت جهداً كبيراً في كتابة هذا النص الشيق، أنها من باب الإستسهال منحت نفسها الحق بتغيير التاريخ وتحريفه ما أفقد المسلسل قدرته على الإقناع،وأفقده الكثير من هيبته التاريخية كمسلسل تاريخي عربي،وهذا الخطأ،وغيره من الأخطاء السابقة في الأحداث التاريخية،وفي المشاهد الدرامية،وفي إدخال الكوميديا في مشاهد الخدم ،يؤكد ما ذهب اليه إلبعض في اتهامه بأنه تقليد للمسلسل التاريخي التركي "حريم السلطان" الذي تعرض هو الآخر لانتقادات لا تمس شخصياته أو أحداثه التاريخية. لكنها تهاجم تركيزه على حريم السلطان سليمان القانوني أكثر من إنجازاته العسكرية ، ويحسب لكاتبته الراحلة ميرال أوكاي ذكاءها ككاتبة حين اختارت بنفسها حقبة السلطان سليمان القانوني لأن حياته وحريمه من الأصل مشوقة وغنية بالحكايا والمآسي والإنجازات والدسائس بين حريمه وجواريه،قصص حقيقية وليست مخترعة،وأدخلت في العمل الكثير من الشخصيات الخيالية فيه لكنها وضعتها في مكانها المناسب إلى جانب الشخصيات الحقيقية فتكاملت مع بعضها بعضاً بصورة درامية ذكية ومدهشة ،ولم تدخل قط أي منحى كوميدي ما يفقده رصانته وثقله كعمل تاريخي رفيع المستوى، عكس ما نراه في الحلقات الأولى من مسلسل "سرايا عابدين" الذي تجرأت كاتبته على التاريخ ظناً منها بأن الجمهور ساذج،ومن السهل إقناعه تحت مسمى (مستوحاة) من قصة حقيقية. بالإضافة لارتكاب خطأ ابتكار شقيقة توأم لصافيناز هانم التي لم تحمل يوماً ولم تنجب إطلاقاً أنثى أو ذكراً للخديوي اسماعيل. لكنها ذكرت كإحدى زوجات الخديوي اسماعيل،كما صورت مشاهد كثيرة غير منطقية وصورت على عجالة بدون تمهيد درامي أو أداء يرقى إلى مستوى الحدث. فهل ستكون هذه آخر الأخطاء أم ستتكرر أخطاء أخرى في حلقاته المقبلة؟