ظنون أحمد من أجل اليمن يُعد الظن مرحلة وسطى بين الشك واليقين ... وعندما حرتُ في اختيار عمود لأسبوعية (اليقين) التي نأمل أن تتيقن طريقها في زحام الصحافة اليمنية على هدى الشعب أتناول فيه قضايانا الوطنية ثقافياً وسياسياً واجتماعياً وربما اقتصادياً أيضاً إذا تمكنت من ذلك لجأت إلى الوسطية بين الشك واليقين فكان أن حاز اسم (ظنون) على الحظ الأوفر ، وكما أننا لا نريد للتردد بين نقيضين أن يكون حاكماً بلا ترجيح لأحدهما على الآخر (وهذا هو الشك كما في "تعريفات" الجرجاني) ، فإننا نأمل من الظن أن يكون خطوة في طريق اليقين وإن كان بعض الظن إثم . وسياسياً .. لو أخذنا مسألة توريث الحكم في اليمن ووضعناها في ميزان الشك والظن واليقين نستطيع القول ابتداءًا بأنه: من المؤكد إن المسألة محشورة بنحو وآخر في كل القضايا المعقدة في البلاد .. إنه لم يعد أحد يشك في أن الرغبة في التوريث يقينية والخطى باتجاهه حثيثة . وأما أن يقول الأخ الرئيس أن ابنه مواطن يمني ويحق له الترشح وانه ينصحه بعدم فعل ذلك وبعدم الرقص على رؤوس الثعابين فهذا ما لاعلاقة له باليقين والحقيقة والوضوح والشفافية ، وعليه هو ونجله المدلل أن يدركا أن أحمد علي ليس ككل أحمد في طول البلاد وعرضها وهو ليس ككل مواطن يمني كما يذهب المتشبثون بمصالحهم المعقودة بنواصي الخيل ، فهو إبن الرئيس وربيب دار الرئاسة وقائد الحرس الجمهوري وصاحب ثروة طائلة محل تساؤل لم يشق فيها بحياته وعليه فهو ليس ككل مواطن ولايحق له أن يترشح على الإطلاق ويكفينا مزايدات سياسية وإعلامية وشطح باسم الديمقراطية . هل يعيش الحاكم أرق المحاكمة المقبلة لو أن تغييراً حصل في البلاد بفعل محلي أو بتدخل خارجي ولهذا يسعى إلى التوريث بكل هذه القوة ؟! .. أم انه ديدن الحكم الذي إذا تملك قلب وعقل أي حاكم أعماه عما سواه ؟ أم تراه قد أحكم خطته جيداً بعد أن أخذ ضوءاً أخضراً من الولاياتالمتحدة وأوروبا وهو يقدم لهم بدون تردد كل مايطلبون لضمان مصالحهم المقدسة ؟ . لعل كل هذه العوامل متظافرة تجعلنا نغادر مرحلة الظنون ونصبح على مرمى حجر من اليقين الذي لن يتغير إلا بإرادة الشعب والشعب وحده بعيداً عن المعارضة الملفقة التي استمرقت بيعه مع أول مطب يهدد مصالحها الذاتية والأنانية الضيقة . أما من يتحدث عن الدستور فهو يتحدث عن خرقة (ممسحة) في برلمان بات قطيعاً عند الراعي .. الدستور .. لم يعد شيئاً محل احترام في هذا البلد وليس ثمة مرجعية قانونية أو عقد اجتماعي يرجع إليه الناس ويحتكمون إليه. حتى كلمة التغيير التي دغدغت مشاعرنا لبعض الوقت اكتشفنا في أول مفرق أنه يراد منها التغيير "من زوة إلى زوة " كما أن المواطنة المتساوية التي لطالما نظر لها المنظرون يريد بعضهم أن يختزلها بين أسرتي آل الشيخ الأحمر وآل صالح الأحمر كما ورد في مقال تحليلي للكاتب البريطاني باتريك كريجر . مؤخراً أعلن عن منظمة يمنية حديثة التأسيس أُطلق عليها «أحمد من أجل اليمن»، تدعو إلى الانضمام إليها لدعم ترشيح نجل الرئيس علي عبد الله صالح لرئاسة اليمن خلفا لوالده التي ستنتهي ولايته العام 2013. وتعتزم المنظمة أخذ توقيعات عدد من اليمنيين لدعم ترشيح نجل الرئيس علي صالح للرئاسة. معتبرين ذلك –باستعباط سمج- بعيداً عن التوريث بل دعم أحمد علي صالح خلفاً لوالده عبر صناديق الانتخابات. ومشيرين إلى نفس الأسطوانة المشروخة المنتجة في دار الرئاسة أن هناك اختلافاً بين التوريث وبين التنافس عبر الصناديق، وأن الدستور اليمني لا يحرم أن يرشح أي شخص نفسه للرئاسة مهما كانت مكانته الاجتماعية، سواء غني أو فقير، ابن رئيس أو ابن شيخ أو حتى مزارع؟ والنكتة الأبرز في المسألة تتمثل بادعاء مؤسس المنظمة انه ضد التوريث ونفيه أن تكون منظمته مدعومة من أية جهة حكومية أو من أسرة الرئيس أو الحزب الحاكم، ونفيه أيضاً أن يكون هناك ضغوطاً تمارس ضد الأشخاص للتوقيع على دعم نجل علي صالح للترشح للرئاسة. على هؤلاء أن لا يبيعوا الماء بحارة السقائين ، وكفانا تدليساً وتزييفاً للوعي ، وجدير بهم وبغيرهم ممن يحترمون الرئيس وابنه أن يشدوا وثاق الإبن ليمسك بزمام المبادرة التي لم يتمكن منها الأب ، فإذا كان الرئيس صالح قد أضاع فرصاً ذهبية لولوج التاريخ وإنهاء عهده بالحسنى وبشرف يتوج ماسبق ويجُب ماقبله فليس على الإبن أن يضيع فرصة ربما تكون واحدة ووحيدة لدخول التاريخ ليعلن للملاً بأنه لاينوي الترشح ولايرغب بخلافة الحكم وانه مع الديمقراطية الحقيقية لا الملفقة ، وليكسر جدار الصمت بقوة تتجاوز قوة أبيه وحينها ربما سنقول : أحمد من أجل اليمن . [email protected] تنشر (سما) عمود ظنون : صحيفة اليقين الأسبوعية – بالاتفاق مع الكاتب اسكندر شاهر