تأجلت اجتماعات شريكا الحكم في السودان المؤتمر الوطني والحركة الشعبية للتفاوض حول منطقة أبيي والمفترض ان تبدأ غدا في أديس ابابا إلى أجل غير مسمى. وأعلن ثامبو أمبيكي رئيس لجنة حكماء أفريقيا تأجيل اجتماع الشريكين بأديس أبابا الذي كان مقررا عقده في 27 اكتوبر الجاري لمناقشة قضايا حساسة متعلقة باستفتاء جنوب السودان إلى أجل غير مسمى موضحاً أن التأجيل جاء بالاتفاق الكامل مع الرئيس السوداني ونائبيه وأضاف أمبيكي في تصريحات صحفية عقب لقائه الرئيس البشير مساء امس أن تأجيل اجتماعات أديس أبابا تم لمزيد من التحضير والترتيب لهذه الاجتماعات موضحاً أن هناك مشاورات مستمرة مع الشريكين بصورة مستمرة بالخرطوموجوبا .. وقال مبيكي "لقد رأينا أهمية التحضير الجيد لاجتماع اديس ابابا كونه سيناقش قضايا مهمة ومنها ابيي والحدود وترتيبات ما بعد الاستفتاء، ولذلك لن يعقد الاجتماع في السابع والعشرين من هذا الشهر". واضاف "ان كل الاطراف موافقة على المشاركة فى الاجتماع، وقد تركنا لمؤسسة الرئاسة السودانية وللرئيس البشير ونائبيه سلفاكير ميارديت وعلي عثمان طه التشاور والترتيب لاجندة الاجتماع، ومن ثم سنحدد موعدا آخر له". واستبعد مبيكي ان يؤثر تأجيل اجتماع اديس ابابا على التحضيرات المتعلقة بقيام استفتاء جنوب السودان فى موعده المحدد فى التاسع من يناير 2011. واوضح "التحضيرات للاستفتاء تسير وفقا لما اعلنته مفوضية الاستفتاء من جداول زمنية، لا توجد مشكلات لاجراء الاستفتاء فى موعده،والطرفان ملتزمان بذلك". وأكد رئيس لجنة حكماء أفريقيا أن الجميع يبذلون مجهودات كبيرة لعلمهم أن اجتماعات أديس أبابا ستمهد الطريق أمام حل كل القضايا العالقة بين الشريكين ومن ضمنها قضية أبيي ووصف أمبيكي اجتماعه مع الرئيس البشير بالجيد مؤكداً أن الاستفتاء سيقام في موعده في التاسع من يناير واشاد إمبيكي بالترتيبات الجيدة التي تنتهجها مفوضية الاستفتاء لضمان قيام الاستفتاء في موعده .. واستعرض نتائج زيارته لجوبا واجتماعه بنائب رئيس لجنة الاستفتاء هناك والذي أكد له أن ترتيبات إجراء الاستفتاء تسير بصورة جيدة مؤكداً أن هناك عملا جيدا يجرى بهذا الخصوص في جوبا . واعرب أمبيكي عن أمنياته وتطلعاته بأن تواصل لجنة الاستفتاء عملها وترتيباتها لإجراء الاستفتاء لضمان قيامه في موعده المحدد . وكان رئيس وزراء اثيوبيا ميليس زيناوي قد وجه دعوة رسمية إلى الرئيس السوداني ونائبه الأول سلفاكير ميارديت لعقد لقاء في اديس ابابا في 27 اكتوبر الجاري لحسم القضايا العالقة، وعلى رأسها الخلاف حول تعريف الناخب في استفتاء ابيي وترسيم الحدود بين الشمال والجنوب. وجاء اعلان تأجيل اجتماع اديس ابابا متزامنا مع الغاء اجتماع لمؤسسة الرئاسة كان من المفترض عقده مساء اليوم بمشاركة الرئيس السودانى ونائبه الاول سلفاكير ميارديت رئيس حكومة الجنوب وعلى عثمان طه نائب الرئيس. وكان من المقرر ان يسبق لقاء اديس ابابا اجتماع لمؤسسة الرئاسة، حيث انخرطت لجنة مشتركة من المؤتمر الوطني والحركة الشعبية في سلسلة اجتماعات توصلت فيها الى بنود رئيسية لاجتماع مؤسسة الرئاسة الذى تم الغاؤه اليوم. وتشهد العلاقات بين حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، وهما طرفا اتفاق السلام الشامل، توترا متصاعدا مع قرب استفتاء مصيرى لتحديد مستقبل جنوب السودان بالبقاء متحدا مع الشمال او الانفصال وتأسيس دولة مستقلة. يذكر ان المفاوضات تحت الرعاية الأمريكية، وذلك في محاولة لإيجاد حل للأزمة الناشبة بين الطرفين بشأن ترتيبات اجراء استفتاء المنطقة. وكان رئيس ادارة منطقة أبيي، دينج أروب كول، رفض التسوية التي دعت إليها الولاياتالمتحدة بشأن مستقبل المنطقة، وقال كول في تصريح له، إن التسوية الأمريكية تفترض إمكانية أن يتفق الجانبان على تقسيم أبيي بين الشمال والجنوب دون إستفتاء. وكشفت مصادر مطلعة انه تم تأجيل اجتماع مؤسسة الرئاسة الى أجل غير مسمى.ولم تكشف المصادر عن دواعي التأجيل، وقالت ان الاجتماع سيحدد في وقت لاحق. أكدت مصادر حكومية أنها لم تتعهد كتابة بقيام الاستفتاء كما ادعى رئيس مجلس العلاقات الخارجية بالكونجرس الامريكي السيناتور جون كيري خلال مؤتمره الصحفي الذي أعلن فيه أنه تلقى رسالة مكتوبة بعبارات واضحة تؤكد التزام الخرطوم بإجراء استفتاء جنوب السودان في التاسع من يناير القادم. وكشفت المصادر أنها سلمت السيناتور الأمريكي مقترحًا مفصلاً بشأن علاقات شمال وجنوب السودان عقب الاستفتاء بكافة أنواعها السياسية والاقتصادية ، ومقترحاً يشمل حلاً ناجزاً لقضية أبيي العالقة. وأضاف المصدر أن كيري أبلغ الخرطوم أنه لن يستطيع رفع العقوبات عن السودان خلال الفترة القادمة نسبة للقضايا العالقة بين الشريكين التي يرى فيها الكونجرس أولوية للحل قبل تقديم أي حوافز إلى السودان. وقال المصدر إن كيري تعهد للحكومة بإصدار قرار من الرئيس الأمريكي باراك أوباما بشأن رفع الحظر عن الأرصدة السودانية وجزء آخر من العقوبات إذا حُلت القضايا العالقة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية. من جانبه جدّد نائب الرئيس السوداني علي عثمان طه التزام الدولة بإقامة الاستفتاء في موعده المحدد والتقيُّد بمخرجاته. وأكد طه خلال مخاطبته الجلسة الافتتاحية لدورة الانعقاد الثانية للمجلس التشريعي لولاية الخرطوم بتمسُّك الدولة بخيار الوحدة باعتباره الهدف الأسمى ، مشيراً الي أن الخروج عن نص وروح الوحدة يعتبر مخالفاً لرؤية الدولة. كما اكد بمد يد التعاون حال اختيار مواطني جنوب السودان للانفصال، لكنه عاد وجزم بأن التاسع من يناير المقبل لن يحقق أوهام الأعداء ، وقال "لن يجد الأعداء ما يتوهمون ولن يجد الكارهون ما يرغبون" ، وقال أن الاستفتاء ليس صافرة النهاية وليس إنذار يوم القيامة، مؤكداً التزام الدولة بعهودها وقبولها للتحدي والامتحان. وقال طه "ان البعض يرى أن نبحث عن أساليب ملتوية للتأجيل أو الإلغاء لكن هيهات.. لا رجوع عن الوفاء بالمواعيد" ، وأضاف "الاستفتاء في وقته وإن نجحنا في الوحدة فلله الحمد ، وإن وقع الاختيار على غير ذلك فهو أمرُ الله وقد قضى ذلك". ونبّه طه لأهمية إدارة حوار عميق مع جنوب السودان لتحقيق وحدة السودان وقال: "نعمل على إدارة الحوار معهم في هذا الاتجاه حتى وإن خسرنا جولة في المعركة فلن نخسر معركة الوحدة". وطمأن طه الحاضرين باتجاه الاستفتاء لصالح وحدة السودان قائلاً "اسبتشروا وانطلقوا لأعمالكم، الخير قادم، ولتطمئن قلوبُكم". من جهة أخري قال وزير العدل السوداني محمد بشارة دوسة أن دور وزارته في استفتاء تقرير المصير لجنوب السودان يتمثل في توعية المواطن باعتبار أن الاستفتاء له قانون وإجراءات معنية ويجب أن تتاح الفرصة الكاملة ليدلى المواطن بصوته بصورة نزيهة وشفافة حتى تكون نتيجة التصويت مقبولة. وقال دوسة في مؤتمر صحفي امس أن تقرير المصير حتمته ضرورة تحقيق السلام في السودان ، وحقناً للدماء بعد نصف قرن من الزمان ، مشيراً إلى أنه أياً كانت نتيجة الاستفتاء فهي أمر مسلم به رغم رغبتنا الأكيدة في أن يظل السودان موحداً. وأشار دوسة أن التوترات التى نعيشها بسبب النظرة السياسية لهذه القضية حيث أصبح هناك شد تأثر بسببه المواطن ، معرباً عن أمله أن يلتزم المواطنون بالهدوء خلال الفترة القادمة وعدم التعامل بردود الأفعال وتهيئة الظروف لممارسة هذا الحق بنزاهة وشفافية ودون ضغوط. وقال وزير العدل السوداني أن قضية أبيي وترسيم الحدود تعتبر من القضايا المهمة التى يجب التوصل لحلول لها قبل إجراء الاستفتاء ، واذا حدث انفصال لابد أن تكون للدولة الجديدة حدودا مؤكداً ضرورة التعاون بموضوعية ورزانة للوصول لسلام دائم اياً كانت نتيجة الاستفتاء وإلا فإن الأمر في النهاية لن يؤدى الى النتيجة المرجوة. في الاثناء أكد حزب المؤتمر الشعبي قبوله بالشريعة الاسلامية كمرجعية للدستور المقبل في السودان عقب الاستفتاء على حق تقرير مصير جنوب السودان، لكن الحزب طالب بضرورة تحقيق الحريات ومراعاة حقوق غير المسلمين. وطالب كمال عمر عبد السلام، مسئول القطاع السياسي بالمؤتمر الشعبي، ، باتاحة فرص المشاركة لكافة الاحزاب حتى يخرج الدستور بصورة قومية. من جانبه رهن نائب رئيس حزب الامة القومي، فضل الله برمة ناصر، قبول حزبه بأي مرجعية دستورية مصدرها الشريعة الاسلامية بمشاركة الجميع واتفاق كافة الاحزاب على ذلك. وكان الرئيس السوداني عمر البشير دعا القوى السياسية للمشاركة في مراجعة الأوضاع الدستورية والترتيبات الإدارية لفترة مابعد الاستفتاء .