أثار استهداف مقاتلي حركة أنصار الله الحوثية ناقلتي نفط سعوديتين في البحر الأحمر الاربعاء 25 يوليو/ تموز ردود فعل قوية في المنطقة، قد تجعل من هذا الهجوم توطئة لتطورات في أي من اتجاهين اثنين: إما التهدئة والشروع في البحث عن حل سياسي أو التصعيد وتوسع رقعة الحرب الحالية في اليمن والمنطقة. فالهجوم الحوثي على الناقلة السعودية نجح في الوصول إلى الهدف. وإذا كانت الأضرار المادية التي خلفها "بسيطة" بحسب البيان الرسمي السعودي، فإن الأضرار الاقتصادية المحتملة قد تكون كبيرة في حال كرر الحوثيون هجومهم. أولى نتائج الهجوم جاءت من الرياض. فبعد عبارات التنديد والاستنكار قرر وزير النفط السعودي خالد الفالح تعليق جميع صادرات النفط عبر مضيق باب المندب فورا وحتى إشعار آخر. وفي أبو ظبي، غرّد أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، على حسابه في موقع تويتر قائلا: "إنّ استهداف الملاحة البحرية يؤكّد ضرورة تحرير الحديدة من ميليشيات الحوثي... إنّ هذا الاعتداء الممنهج تصرّف إرهابي أهوج". وقال قرقاش إن التأثير الفعلي للهجوم عمل غير مسؤول على الإطلاق ويتجاوز المنطقة بكثير. وأضاف: "إن بلاده مستعدة لنشر مزيد من القوات في أنحاء الشرق الأوسط لمواجهة خصومها لأنها تعتقد أنه لم يعد بوسعها الاعتماد على حلفاء غربيين مثل الولاياتالمتحدة وبريطانيا". بالإضافة إلى العاصمتين العربيتين استنكرت عواصم عربية أخرى الهجوم على الناقلتين. غير أنّ الردّ الإيراني جاء سريعاً وقوياً، موجهاً رسالة واضحة إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية ولحلفائها في المنطقة. فقد حذّر اللواء قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، واشنطن من الدخول في حرب مع إيران. وطالب الرئيس الامريكي بعدم مهاجمة إيران وخاطبه قائلا "إن الايرانيين مستعدون لمواجهتك ... فقد تبدأ أنت الحرب، لكن نحن من سينهيها لصالح ايران". وذكّر بتصريحات سابقة للرئيس الإيراني حسن روحاني منبهاً الأمريكيين إلى أن مضيق هرمز هو واحد فقط من مضائق أخرى تخضع للسيطرة الإيرانية، رداً على إشارة أمريكية باحتمال منع طهران من تصدير نفطها. تأتي هذه التطورات الخطيرة بعد مرور أسابيع على حملة التحالف، الذي تقوده السعودية والإمارات، لتحرير مدينة الحديدة من سيطرة الحوثيين. وهي الحملة العسكرية التي لم تحقق الهدف الذي كان مرجوّا منها حتى اليوم. وقبل أيّام أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عزمه فرض عقوبات اقتصادية على طهران وصفها بأنها "الأكثر قسوةً في التاريخ" وستستهدف أساساً منع إيران من تصدير نفطها. هذا القرار أثار ردود فعل قوية وغاضبة من القادة الإيرانيين، وأدى إلى إعلان الرئيس حسن روحاني جاهزية بلاده لخوض "أم الحروب" مع الولاياتالمتحدة وإغلاق مضيق هرمز في وجه الملاحة الدولية في حال نفّذ ترامب تهديداته بمنع طهران من تصدير نفطها. ويرى البعض في الخليج أنه باستهداف الحوثيين لناقلة النفط السعودية في البحر الأحمر تكون طهران قد تجاوزت تهديداتها السابقة بإغلاق مضيق هرمز إلى التحكم بباب المندب وتهديد الملاحة الدولية وتصدير النفط عبر البحر الأحمر. وهو تطور كبير ترمي طهران من خلاله إلى جسّ نبض الولاياتالمتحدة والسعودية والتأكيد على جدّيتها في التعامل مع التهديدات الأمريكية بوقف تدفق النفط الإيراني. وهي بذلك تريد القول إنه إذا مُنعت إيران من تصدير نفطها فلن يُصدّر نفط من المنطقة برمّتها. ومما يزيد الأمور سخونة أن صاروخ الحوثيين ضدّ ناقلة النفط السعودية أتى مع اقتراب موعد دخول قرار واشنطن فرض العقوبات الجديدة على طهران حيّز التنفيذ في الرابع من أغسطس/ آب القادم.