كان هناك من الأذكياء من يعتقدون مسبقا بأن بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر أصبح يؤثر العالم الثالث باهتماماته وذلك بعدما لم يعد هناك ما يقصده في أوروبا العلمانية ولكن اتهام البابا بأنه يولي القارة السوداء هذا الحرص البالغ لأنه يعتقد بأنها القارة الواعدة فيما يتعلق بنمو عدد المسيحيين فيها هو أحد أسباب اهتمامه بها ولم يكن الدفء الذي قوبل به البابا الألماني المتحفظ خلال زيارته لكل من الكاميرون وأنجولا الشهر الماضي راجعا لارتفاع درجة الحرارة في أفريقيا ولكنه كان دفئا أحسه قلب البابا من خلال هتاف جموع مستقبليه كان هذا الاستقبال بمثابة بلسم لهذا الرجل الذي مر بأسابيع شائكة والذي يقول عنه البعض إنه يعاني من الوحدة على قمة كنيسته نأي الكاثوليك الألمان بأنفسهم عن الكنيسة في الأيام الأخيرة بسبب الفضائح المتعاقبة التي كان رجال الدين الكاثوليك طرفا فيها وأحدثها الاعتداءات الجنسية على الأطفال كما شعر الكاثوليك الفرنسيون بأن الكنيسة تدير لهم ظهرها وذلك بسبب الموقف السلبي للكنيسة تجاه الواقي الذكري الذي يستخدمه الكثيرون في أوروبا خوفا من الاصابة بمرض الايدز وأجرت صحيفة "لو بارزيان" الفرنسية واسعة الانتشار استطلاعا كان نتيجته أن الفرنسيين أصبحوا لا يحبون البابا ولم يقابل البابا شيئا من هذا القبيل في أفريقيا ولكنه وجد عشرات الآلاف من الأنجوليين يهتفون له في استاد لواندا الرياضي مما جعل رؤيتهم للبابا بمثابة عيد شعبي احتفل به الأنجوليون باداء الرقصات كل ذلك في بلد شهد حربا أهلية استمرت عقودا من الزمان وما زالت تغلب عليه السمة الشيوعية التي تظهر جليا في علم البلاد الذي يحمل صورة المطرقة والمنجل ورغم ذلك فإن أكثر من نصف سكان أنجولا مسيحيون كاثوليك وذلك رغم أن التبشير في جنوب الصحراء لم يبدأ إلا قبل نحو خمسة قرون، وكانت تجارة الرقيق رائجة في ذاك الوقت تعتبر هذه البيئة جنة لرجل حرفته "صيد الناس" إن صح وصف يوزيف راتسنجر، بابا الفاتيكان، بذلك وفي الكاميرون يريد عدد كبير من الناس أن يصبحوا قساوسة لدرجة أن البابا المعروف بصرامته اضطر ذات مرة أن يقول لأساقفته أن عليهم أن يضعوا معايير أكثر صرامة لاختيار القساوسة وكانت لواندا تخشي أن تسودها فوضى مرورية لأن الجموع العارمة التي تنتظر مجيء البابا ستضرب بكل قواعد النظام عرض الحائط عندما تقع أعينها على البابا، إنها إذن قارة مزدهرة كاثوليكيا، ولكنها قارة تعاني من مشاكل ضخمة وإلى جانب الأذكياء الذين استطاعوا قراءة إيثار البابا للقارة السوداء بحبه كان هناك من يمتلكون روح الفكاهة التي ذهبت بهم إلى اقتراح نقل الفاتيكان من على نهر التايبر إلى لواندا، أي إلى وسط المنطقة التي تشهد ازدهارا كاثوليكيا والتي لا تخلو أيضا من نشاط الطوائف المسيحية الأخرى ألم يقل الكاردينال يوزيف راتسنجر ذات مرة قبل أن يصبح بابا الفاتيكان عام 2005 إنه ربما كان الحبر الأعظم القادم أفريقيا؟ وأثنى البابا من قبل على نشاط الأساقفة في الكاميرون. فهل يخرج هناك مرشح للبابوية؟ ولكن هناك أيضا هموم ثقال منها فساد أولي الأمر هناك والذين عنفهم البابا دون تسميتهم ومنها الفقر والحروب ولا يؤيد الكثيرون رؤية البابا الرامية للحفاظ على الكنيسة في القارة السوداء من خلال إلزامها بوجهة محافظة وإبعاد شبابها عن " طغيان المادة" ومع ذلك فإن البابا يرى في أفريقيا "قارة المستقبل" حسبما يؤكد دائما ليست أفريقيا إذن مجرد ملاذ للبابا من الانتقادات والبرد اللذين يعاني منهما البابا في قارته أوروبا. فها هو ذا يبدو مسترخيا هادئا مستمتعا بالهتافات يساوره شعور بانه "وسط أسرته" المصدر:العرب اونلاين