غادر اعضاء في منظمات اجنبية غير حكومية، بينهم امريكيون، مصر بعد رفع قرار منعهم من مغادرة الاراضي المصرية الذي صدر في اطار محاكمتهم في قضية التمويل غير المشروع، كما صرحت مصادر امنية مسؤولة. واوضحت مصادر ملاحية ان 17 من العاملين في منظمات غير حكومية اجنبية، بينهم تسعة امريكيين، غادروا مطار القاهرة في طائرة خاصة وصلت من قبرص. وقد اكدت وشنطن نبأ سفر هؤلاء واوضحت انها قدمت طائرة "لتسهيل" رحيلهم. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الامريكية فيكتوريا نولاند للصحافيين "نرحب بقرار المحاكم المصرية رفع حظر سفر" العاملين في المنظمات الاهلية مضيفة ان "الحكومة الامريكية قدمت طائرة لتسهيل سفرهم وقد غادروا البلاد". وكانت مصادر قضائية مصرية قطعت الشك باليقين معلنة قرار رفع حظر السفر عن نشطاء أمريكيين قيد المحاكمة في قضية تمويل غير مشروع لمنظمات أهلية. وبدا قرار رفع الحظر سياسيا بامتياز وإن مر عبر قنوات قضائية، واعتبر البعض أنه جاء بمثابة تطبيق أمين ل"توقع" وزيرة الخارجية الامريكية بأن تحل القضية قريبا، ما يدل على أن صفقة سياسية بين واشنطن والمجلس العسكري الحاكم في مصر أفضت الى حل القضية التي كانت تحت نظر القضاء. وانطوت تلك الصفقة على تناقض محرج بين مبادئ الثورة المصرية والتي من ضمنها استقلال القضاء والتحرر من ضغوط الخارج، وإكراهات الواقع المتردي خصوصا على الصعيد الاقتصادي حيث تحتاج مصر إلى المساعدات العسكرية الأمريكية البالغة 1.3 مليار دولار سنويا، وأيضا لتدخلات أمريكا لدى صندوق النقد الدولي لعدم التشدد في شروط منحها قرضا رغم العجز الكبير في ميزانيتها وقرب نضوب مخزونها من احتياطيات البنك المركزي. وقد لوحت واشنطن صراحة بقطع تلك المساعدات عن مصر. وبدا أن "مهندسي" الصفقة أحكموا رسمها بحيث تحفظ ماء وجه القضاء المصري محل الثقة الشعبية حتى في عهد مبارك والذي من المفروض أن زمن الثورة رسّخ استقلاله. وتنحى القاضي الذي ينظر القضية قبل يوم واحد من صدور قرار رفع حظر السفر. غير أن ذلك لم يمنع تعرض عملية رفع الحظر لسهام النقد. وانتقد المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي، ما سماه التدخل في عمل القضاء في قضية التمويل الأجنبي للجمعيات الأهلية العاملة في مصر. وقال في تدوينة بصفحته على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، "أقول لمن يتكلمون عن السيادة والاستقلال .. أياً ما كانت مُلابسات إحالة قضية التمويل الأجنبي للجمعيات الأهلية العاملة في مصر إلى القضاء، فإن التدخل في عمل القضاء هو أمر يضرب الديمقراطية في مقتل". وكان المستشار محمد محمود شكري، رئيس دائرة محكمة جنايات شمال القاهرة التي تنظر قضية التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني في مصر، قد أعلن مؤخراً تنحي الدائرة عن نظر القضية "لاستشعارها الحرج". وأشار الى أنه سيتقدّم وعضوا الدائرة المستشار عصام يماني والمستشار أشرف النمساوي، بمذكرة شارحة لمجلس القضاء الأعلى توضح الأسباب الكاملة التي دفعت الدائرة للتنحي عن نظر القضية. ونقلت تقارير صحافية عن شكري قوله إن "من أسباب تنحي دائرة المحكمة هو أن الدائرة فوجئت بطلبين مقدمين لها لإلغاء حظر السفر عن المتهمين الأمريكيين والأجانب، وأن المثير أن هذين الطلبين يشملان طلب إلغاء المنع من السفر عن أشخاص لم يشملهم أصلاً قرار الإحالة في القضية وغير مطلوبين فيها وردت أسماؤهم فقط على سبيل الاستدلال في التحقيقات، كما يشمل أحد الطلبين المطالبة بإلغاء ترقب الوصول عن متهمين أجانب هاربين". وكانت محكمة جنايات القاهرة قد بدأت في 26 فبراير-شباط الفائت، محاكمة 43 من نشطاء المنظمات والجمعيات الحقوقية بتهمة تلقي تمويلات غير مشروعة من الخارج والقيام بأنشطة سياسية تُخالف عملهم المتعلق بالمجتمع المدني. وتضم قائمة المتهمين 19 أمريكياً أبرزهم صموئيل آدم لحود وشهرته "سام لحود" وهو ابن وزير النقل الأمريكي راي لحود