الأواصر والروابط الأخوية التاريخية اليمنية - التركية تتجسد اليوم في نتائج لقاء فخامة الرئيس علي عبدالله صالح برئيس الوزراء التركي رجب طيب أوردغان والذي ساد أجواءه في سياق تناول حاضر ومستقبل العلاقات المتنامية والمتطورة، الاستحضار الحي لبعدها الحضاري التاريخي لأكثر من أربعة قرون، لتمثل زيارة رئيس الوزراء التركي تواصلاً واستمراراً نوعياً مشكلة بذلك امتداداً لما جمع شعبي البلدين الشقيقين من صلات تأثر وتأثير متبادل سياسي واقتصادي وثقافي، خلال هذه الفترة الزمنية طيلة مراحلها والتي كان فيها جوانب ايجابية مشرقة هي اليوم واحدة من مداميك بنائها والتي لاتقلل من أهميتها المتغيرات والتحولات التي شهدتها اليمن وتركيا والمنطقة والعالم، ذلك أن البعد التاريخي في العلاقات اليمنية - التركية هو ثابت يكسبها قدرة وطاقة انطلاقتها المواكبة لمقتضيات متطلبات ضرورة انتقالاتها الجديدة على نحو يلبي توجهات قيادتي البلدين، وبما يعبر عن تطلعات الشعبين اليمني والتركي ويجسد مايجمعهما من قواسم مشتركة أسهمت وسوف تسهم في تعزيز وترسيخ التعاون وتبادل المصالح والمنافع على طريق إرساء أسس شراكة مثمرة تستلهم من جوانب ماضيها المشرق استشراقاً لماينبغي ان تكون عليه في الآتي. وبدون شك أن سبل تحقيق ذلك قد مهدته نجاحات عقدين من الزمن شهدت في سنواتها تعاوناً اقتصادياً تجارياً واستثمارياً شملت مجالات حيوية دشنت باستفادة اليمن من الخبرة التركية في تشييد السدود باعادة بناء سد مارب واتخاذ التعاون هذه البداية يحمل دلالة تشير الى البعد التاريخي في استعادة العلاقات الى زخمها الذي تجلى في العدد الكبير لرجال الأعمال والمستثمرين الأتراك الذين رافقوا رجب طيب أوردغان في زيارته لليمن، وهذا بحد ذاته يمثل فرصة كبيرة لإقامة شراكة اقتصادية ثنائية مباشرة فاعلة ستؤدي الى إقامة مشاريع تخدم المصالح المشتركة للشعبين، ويكتسب هذا التوجه العملي في مسار العلاقات اليمنية - التركية الاقتصادي منحى جاداً... اتفاقية منع الازدواج الضريبي والتي يمكن وضعها في صدارة النتائج المهمة التي حققتها هذه الزيارة، ذلك أنها تمهد الطريق أمام رجال الأعمال لاقامة شراكة تجارية مثمرة كونها تنهي العراقيل التي كانت تواجه توسيع مجالات التبادل التجاري والتعاون التنموي والاستثماري معززاً هذا التوجه في العلاقات اليمنية - التركية انشاء شركة مشتركة في مجال النقل البحري والجوي، اضافة الى التوقيع على مذكرة تفاهم لتأسيس مجلس رجال أعمال يمني- تركي والذي سوف يشهر في اجتماع رجال الأعمال بأنقره في فبراير المقبل. ان الآفاق الرحبة المنفتحة أمام العلاقات اليمنية- التركية يجعل من زيارة دولة رئيس الوزراء التركي تحمل معنى تاريخياً تزيد أهميته في توازي الطابع السياسي للقفزة الكبرى في مسار العلاقات مع طابعها الاقتصادي ولتأكيد هذه الحقيقة، الحضور الفاعل في المباحثات اليمنية - التركية لقضية تعزيز التنسيق لجهود البلدين في الاطار الذي يجمعهما والمنبثق عن قمة الدول الثمان الكبار المنعقدة في «سي إيلاند» بالولايات المتحدةالامريكية والتي انيط باليمن وتركيا وايطاليا دور المتابعة والحوار من أجل الاصلاحات والديمقراطية في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا سياق تناول المباحثات الأوضاع والمستجدات الاقليمية والدولية وفي مقدمتها تطوراتها في العراق وفلسطين والصومال وكذا دور البلدين مع المجتمع الدولي في مكافحة الارهاب، وكذا العمل المبذول من قبلهما لتعزيز دور منظمة المؤتمر الاسلامي من خلال الإسهام في انجاح أعمال القمة الاسلامية الاستثنائية المقرر انعقادها بمكة المكرمة في ديسمبر القادم. ومن الضرورة بمكان التأكيد على تاريخية هذه الزيارة، الذي تجلى في لقاء ومباحثات فخامة الرئيس علي عبدالله صالح مع رجب طيب أوردغان وكذا مباحثاته والوفد المرافق له مع نظيره الأخ عبدالقادر باجمال رئيس مجلس الوزراء، واعضاء الحكومة والمسؤولين ورجال الاعمال والمستثمرين في البلدين الشقيقين، والتي في مجملها مثلت نجاحاً في مضمونه يعد ارتقاءً يرسي أسس شراكة يمنية - تركية سياسية واقتصادية بقدر ماهي تعبر عن التحول الكبير في مستويات تبادل المصالح والمنافع المحققة لتقدم وتطور البلدين ورفاهية شعبيهما، بالقدر ذاته تعزز مكانتهما ودورهما واسهامهما الفاعل في تعزيز وتوطيد الأمن والاستقرار والسلام الاقليمي وعلى مستوى منطقة الشرق الأوسط، مستفيدين من موقعهما الاستراتيجي اليمن جنوبها وتركيا شمالها، وهو دور مدرك من كافة دول هذه المنطقة والعالم، ولن نحتاج الى وقت طويل لتصبح نتائج هذه الزيارة ملموسة على صعيد البلدين وفي النطاقين الاقليمي والدولي.