في بداية هذا الاسبوع زارتني بعثة من الاتحاد الاوروبي الى مكتبي في الاذاعة، هذه البعثة كما قال لي رئيسها: ان مهمتها استطلاع بعض القضايا في مجالات مختلفة منها وسائل الاعلام الرسمية.. وذلك فيما يتعلق بالممارسة الديمقراطية والتحضير للانتخابات الرئاسية والمحلية القادمة. توجهوا بعدد من الاسئلة التي تدور جميعها حول محور حيادية الاعلام الرسمي وتكافؤ الفرص أمام الاحزاب المتنافسة.. فكان مختصر الرد ان وسائل الاعلام الرسمي ومنها الإذاعة - الاكثر انتشاراً في الارياف وعامة الناس - تتميز بحيادية لا تتوافر لديمقراطية ناشئة في اي بلد عربي.. وفي محيطنا.. والسبب انها محكومة بقانون الانتخابات الذي دعوتهم الى قراءته، وبالخضوع التام للجنة العليا للانتخابات في كل ما يتعلق بالدعايات الانتخابية وعرض برامج الاحزاب والمرشحين وبحصص زمنية متساوية ، وما خرج عن ذلك او ما نص عليه القانون نعتبره مخالفة. اما عن دور الاذاعة في المجال الديمقراطي بشكل عام فقد كان الرد ان قضيتنا الاولى هي كيف ننشئ اجيالنا على ثقافة الديمقراطية، ان نجعل من الديمقراطية وحقوقها ومكاسبها ثقافة لا قرار سياسي، لأن الديمقراطية حين تكون ثقافة يعرف الناس جيداً كيف يدافعون عنها.. الخ. ومن عيون البعثة عرفت الفارق الناتج عن تعرفهم من قرب وبين ما كانوا قد سمعوه من الادباء وحملة الاقلام - خاصة اذا ما كانوا مسيسين - أو كانت لهم انتماءات سياسية، يتعلم الناس معنى المقولة: «ان الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية»، ومن اصحاب السماحة والادباء والنقاد يتعلم الناس معنى الاختلاف الرحمة .. اي كيف يكون الاختلاف في الرأي ووجهات النظر والمذاهب سواء كانت دينية او فلسفية او سياسية، رحمة بما تثري ساحة الفكر وتعلم الناس آداب الحوار والنقاش والخوض في قضايا ومسائل التباين. ولقد استوقفني وانا اتصفح (ثقافة الثوري) كيف كان الصديق الاديب محمد الشيباني عضو المجلس التنفيذي لاتحاد الادباء والكتاب اليمنيين مندفعاً كالصخرة.. نحو صديقي وصديقه الشاعر الاديب الدكتور عبدالسلام الكبسي.. اما السبب فلأن الدكتور عبدالسلام، اعلن عن تأسيس واشهار بيت للشعر وان زميله محمد الشيباني من المختارين لهيئته التنفيذية قد يكون العزيز محمد الشيباني غير مقتنع ببيت للشعر، او لم يرق له اختياره ضمن هيئته.. وهذا من حقه، ولكن من الجميل ان يكون الرفض.. كالقبول مسبوقاً بكلمة (شكراً). ومن الاجمل ان يكون التبرير منطقياً وهادئاً ينضح بوقار الكلمات التي تنطلق من ألسنة الأدباء أو من بين اصابعهم.. ليس حرصاً على اللباقة في التخاطب وحسب، بل وليتعلم الناشئة من صفوة المجتمع أسلوب التخاطب فيما بينهم.. وليسمح لي العزيز محمد ان اخاطبه مباشرة بالقول: لقد علمت مثلك بتأسيس بيت للشعر، وهاتفني العزيز عبدالسلام لاشعاري باختياري لما اختاروك له ، فشكرت عبدالسلام واعتبرت ذلك كرماً منه وتعبيراً عن محبة وتقدير، واشعرته بموافقتي من حيث المبدأ. وكنت اتمنى عليك ان تشكر زميلنا عبدالسلام وان تعتذر عن الموافقة لا أن تندفع نحوه بتلك الحدة التي ذيلتها في تصريحك (لثقافة الثوري) باتهامه بما تبدي رفضك له وامتعاضك منه وهو تأليب السلطة وتحريضها ضد قلم أو مبدع.. زميلك عبدالسلام هو عضو في الاتحاد الذي نعتز بشراكته في التحضير ليوم الوحدة الخالد، وانت احد القياديين في هذا الاتحاد الذي من العيب ان يوجد فيه مذهبي أو مناطقي أو انفصالي أو ان نتهم احد اعضائه بذلك، ولم يصدر قرار بفصله بعد إدانته. فما اعرفه عن النظام الداخلي والاساس لاتحادنا - الذي تركت موقعي القيادي فيه قبل عشر سنوات تقريباً - انه ينص على فصل من يقدم على كتابة ما يسيئ الى الوحدة أو يدعو الى نعرة.. أو نزعة انفصالية.. المهم ما نحرص عليه هو ان يكون الادباء قدوة في اختلافاتهم وحوارهم والقبول بالآخر.