لا يخشى كثيرون أن تؤدي نتائج الانتخابات الرئاسية في 20 سبتمبر 2006م إلى صمود قلة من المغلوبين في تلك الانتخابات وراء رمزيتهم العشائرية أو الدينية"باعتبارها مكانة اجتماعية ذات مردود محلي" وجاهة ومصالح " وحظوة إقليمية" دعم مختلف لا يتوقف". . قد يبدو ذلك الصمود بمحاولة الترويع للطرف الفائز في الانتخابات "بالرصاص والبريكات" لأسباب عدم الرغبة باللجؤ إلى القضاء في أي حال من الأحوال. ولعمري ما تصورت أن يصل الأمر إلى هذا الحد ولعلي تخيلت كيف كان سيكون مصير مرشح المعارضة على كبار داعميه في حال فوزه في الانتخابات واختلافه معهم على تنظيم نشاط المحمول (من السلاح أو الهاتف النقال) فما بالنا بالاتجاه نحو الديموقراطية المنشودة وتطبيقاتها المختلفة. ربما كان سيصل الأمر إلى ضرب الرئيس الجديد على الحكم أو "لبجه بدلا من الرصاص" ليتراجع عن قراراته كما ما حصل لرئيس مصلحة جمارك سابق لأنه كان يؤدي مهامه وفقا للقانون " قانون العاجز" ، ولن نتوسع في أمثلة الاعتداءات من قبل أشخاص متعددين على شخصيات رجال الدولة ومنهم وزير أول ووزراء مالية سابقين ولن نتوسع في سرد تاريخ لبج الوزراء وحبس الناس في الأحواش أو اختطافهم" كما حصل لتاجر إطارات سيارات يمشي بغير خبرة " بعد صلاة الجمعة أمام حشد من المصلين بحجة أن هناك من اشتكوا به تهربا من القضاء كما حصل في مطلع سبتمبر 1999م، أو عندما يتم دهس الناس في الشوارع بالسيارات الفارهة فيتم إرسال الديات لذويهم دون الوقوف أمام شرطة المرور لدقيقة واحدة ،أو اطلاق النار على رجال الأمن أمام السفارة البريطانية أو غيرها من الاعتداءات التي لا داعي لذكرها الخ . كفى استرخاص أرواح الناس علما أن الثورات على الإمامة كانت بسبب استرخاصها للأرواح . كل الذين يتبنون تيارا إسلاميا عليهم ألا ينسوا أنهم إنما يرعون ويتبنون ويحتضنون فكر ذلك التيار الرافع للخطاب الاسلامي"، وبالتالي فهم ملزمون باعتناق الفكر الذي يتغنى به ذلك التيار تماما ويتخلون عن القتل أو التهديد به فتلك صفة جاهلية، فرعاية هذا التيار لا تتماهى مع ترويع أي كان . من كان سيحكم الناس بإسم ذلك التيار عليه أن يطهر نفسه من عقلية "استخدام الرصاص لتصفية حسابات وهناك دولة جميعنا جزء منها ومنها نقتات وعلى حسابها نعيش" . كما أنه يتطلب منا أن نزكي أنفسنا بتقوى الله فالتيار الاسلامي ونسعى كما يقال لأن يسود شرع الله "شريعة السماء وليس أن يسود شرع الغاب " وأن نخلع فكرة أن القانون والقضاء والشرع إنما يلجأ إليها العاجز الذي با يلحقه رصاص ومعابر وبريكات القادر". أيضا لا يجب أن يعتقد (أي القادرون على القانون) أنهم خلف في موقع سلف، وإن كانت لهم رمزية بحكم الإحترام وعادات مجتمعنا وبحكم عشق الحرية والتضحية التي بذلها الآباء فيجب التساوي بالناس والتواضع وتطهير النفس من الغرور، لا من أجل تهديد الطيبين والإعتداء على العزل . إن المكانة و الاحترام ما زالا قيد البقاء وسيظلان إذا بقي الجميع متراصين في وجه الطغيان الشخصي والتنمر والتعفرت على الناس واعتبارهم قطعان أغنام أو رعية لهم وليس غنم لكم "فمتى استعبد البشر البشر وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ". مما تقدم وبلغة الانتصار في الانتخابات وبرامجها " برامج الانعتاق من الإستبداد والعنجهية على الرعية" لا يجوز أن يهدد أو يروع أي إنسان، كما لا يجوز أبدا أن يمس أحد بأي خطأ ، ولو حدث الخطأ ووقع فإزالته تتم بالإحتكام إلى الأعراف والتقاليد السائدة التي تفرض على الناس خارج النظم والقوانين " من أجل عيون" أو الإحتكام إلى القوانين التي يطالب بتطبيقها الجميع ويقف البعض ضد أصدارها ومنه قوانين حيازة السلاح وضد العمل بها ..لماذا؟ !!.. يتطلب الأمر ألا نصر على اعتبار أي فوز انتخابي نصرا علينا ونعتبره إنكسارا لنا ولهيبتنا ، وعلينا أن ندرك أنه لا يترتب على أي خطأ من جانب نصير أو تابع لمنتصر مسا بمكانتنا الاجتماعية والعشائرية، بل يجب أن نجد أسبابا جدية لإثارة المواقف في وجه المنتصر علينا في الرهان بهدف إعادة الاعتبار لأنفسنا للتخفيف من وقع الإنكسار . ولإعادة فرض مكانتهم إجتماعيا بنفس شروط زمن ما قبل الاحتكام إلى صندوق الانتخابات يرون أنه لا بد من الإثارة واستمرار شروط الماضي . من تلك الشروط التي تريد تلك الفئة المغلوبة استمرار سريانها وإبقائها : أنها تظل هي مرجعية الأمة الأساسية وهي صاحبة أفضل مردود مالي في هذا البلد، وما لم يتم الاعتراف بذلك فلا قبول بتلك النتائج بل رفضها ومحاولة إذلال كوادر الطرف المنتصر في الانتخابات بتهديدها بمخاطر الموت والقتل وبأن خطأ حصل بدلا من قبول الاعتذار عنه أو اللجؤ إلى التقاضي بخصوصه والتفوه بكلمات تمس شخص الرئيس وهو رئيس البلاد والعباد في اليمن وهو صديق كبار القوم في هذا الوطن وكلمات غيرها لترويع آخر ب"الرصاص والبريكات!! " وكأن ذلك الرهان لم يكن، رغم جديته وحجمه وحجم الخطابات السياسية والتحريض واستخدام أقسى العبارات المقروءة والمنشورة والشعارات المسيئة لشخص الرئيس ونظامه وكأنهم لم يكونوا هم النظام الذي يتهجمون عليه . لم يعد يفهم أن المنتصر في نهاية أي رهان انتخابي لا يمكن أن يقبل بأن يظل إبنا لشرعية قديمة عتيقة إنتهت عشية إعلان نتائج الاقتراع، وكان المنتصر قد قبل بتلك الشرعية في الماضي إحتراما لواقع كان سائدا في تلك الحقب الماضية وليس للحقيقة والعدل. أما اليوم فقد حلت بدلا عن الشرعية القديمة شرعية شعبية قاطبة كاسرة لم تعد معها أي قوة قادرة على تجاوزها والتعالي عليها . لا شك أنه سيكون من نتائج ذلك الرهان الديموقراطي على المدى القصير والطويل أن النظام السياسي الذي سينشأ لن يمكن تلك القلة التي ظلت تهيمن على المجتمع اليمني عقود من الزمن أن تستمر في هيمنتها على مصيره اليمن وتحدد مستقبله ومصالحه وولائه وفقا لمصالها الشخصية. كما إن المنتصر لن يحسن وجهه أمام ناخبيه إلا بتغليب مطالبهم ووعوده لهم ببناء دولة النظام والقانون "خيار كل الناس"، ولا يمكنه أن يرهن ذلك الخيار وتلك المناصرة والبيعة لقريب هنا أو بعيد هناك . لا شك أن القبول بنتائج أي رهان هو أساس القبول بالرهان نفسه . فلو أن المعارضة انتصرت لكانت قد فرضت على الناس محتوى خطابها السياسي المعلن والخفي ومن بين أهدافها إما فرض كامل للشريعة الاسلامية أو التوسع في نشر الأعراف القبلية والعمل بها بحكم هيمنة العشيرة على جزء هام من كيان المعارضة، ولكن حدث شيئ آخر، هو انتصار الخصم. هنا يجب الاعتراف بأن متغيرا هاما حدث . وبناءاً عى ذلك المتغير لا يجب أن تختلط الأمور من جديد. فإذا بدر من أي طرف منتصر أو منهزم أي سلوك أو حدث أو تصرف يسيئ لمكانة طرف آخر ، يكون من الأجدى عدم التهديد بالقتل والتصفية بل الاحتكام إلى الشريعة الغراء أو وفقا للعادات والأعراف التي كانت وما زالت رموز ما قبل 20 سبتمبر 2006م تتمسك بها وتفرضها على الناس بل أجبرت الدولة إلى القبول بتبنيها في مواقع كثيرة بفعل حالة التعايش التي أرادتها الدولة أن تعم البلاد، ولم يكن في ذلك عيبا نظرا للظروف القاهرة التي عاشتها الدولة اليمنية بعد 26 سبتمبر 1962م . يجب تذكر أن من شروط ذلك الرهان الانتخابي أن نقبل بنتائجه وما سيترتب على تلك النتائج، ومنها تقبل أي مناخ ليبرالي سينشأ بسبب الانقلاب الديموقراطي العاصف في 20 سبتمبر 2006م، وانسجاما مع التوجه الديموقراطي في المنطقة ووفقا لشروط العالمية الجديدة. نعم تحدث أخطاء هنا وهناك إلا أنه يجب ألاّ يتم التحاسب بشأنها بطرق تتنافى مع شريعة الله "التي يدعي البعض بأنها حلمه وهويته،أو كما يدعي البعض تمسكه بها من خلال الأعراف والتقاليد". لذلك كله فهناك عتب شديد على من أساء إلى طرف بعبارات وجُمَل وأبيات شعرٍ والعتب لا يمنع من التقاضي بكل صوره وأحكامه، وبالمقابل التقاضي مع من هدد إنسان بإراقة دمائه لأي سبب كان " فالتقاضي ليس للعاجز بعد اليوم " فنحن أصلا ويفترض أن نكون جميعا متساوون أمام الله . كما أن العتب كل العتب على من يعتبر أن الخلق رهائن عنده أو عبيدا له " أو عاجزون عن ردعه" ، أو من يحاول شراء ذمم بالمال للإعتداء على كادر منافس أثناء االحملات الإنتخابية، أو خطط لإلحاق أذى بصديق أو عزيز عليه منافس له أو أو أو !.والعتب على من نسى سلفه ونضاله من أجل تحرير اليمنيين من الارتهان للإمامة . في كل الأحوال يجب الإحتكام إلى أي ضابط سماوي "الشريعة الإسلامية" أو إلى الأعراف الأرضية القبلية، وكلها لا تقبل ولا ترى بإزهاق الروح الإنسانية عند وقوعها في خطأ غير القتل العمد ، أو خيانة وطن والعمل لحساب الغير ضد مصالحه ومن يعمل مع الرئيس ليس عميلا له.