قبل أربع سنوات وفي مثل هذا اليوم سقطت بغداد. كنت كغيري من ملايين العرب مصاباً بصدمة ما بعدها صدمة إلى حد أنني نسيت التزامي لدى الصحيفة بمقالي الأسبوعي ولم اعتذر مسبقا عن إرساله ما دفع هيئة التحرير إلى مراسلتي عبر الإيميل أولاً للسؤال عن المقال قبل "تشطيب" المادة ولما أيقن الأخوة ربما بعد انتظار طويل أنني هجرت الحاسوب ولم أفتح بريدي الالكتروني هاتفني أحدهم وقد نسيت اسمه" .. منتظرين المقال يا أستاذ.ما بش مادة غيره عندنا ما بلا كلنا مشاعرنا واحدة وعا نشطب بعد قليل" كان الطالب شابا لطيفا وكان عليِّ أن ألبي طلبه على الشكل التالي حرفيا.... دمعة على بغداد و تحية للذين قاتلوا دفاعا عنها حتى اللحظة الأخيرة . أما الذين هربوا وامتنعوا عن المقاومة وتركوا أحذية الجنود الأميركيين تطأ ارض العراق الطاهرة فإن مزابل التاريخ بانتظارهم. لقد هزمت القلة التي دافعت عن العراق أمام جيش كان مخصصا لمحاربة حلف فرصوفيا الشيوعي بآلته العسكرية الجبارة فكانت هزيمتهم مشرفة. لقد هُزِم أبطال من العراق ومعهم بعض العرب الذين رفضوا الذل الأميركي لكن هزيمتهم يجب أن تكون علَّما لمقاومة الغزاة الذين سيدركون في وقت قريب أن جريمة احتلالهم لهذا البلد العربي وتدنيس أراضيه لن تمرَّ بدون عقاب وأنّ بلاد الرافدين لن تهضم وجودهم. في هذا الوقت. في هذه اللحظات التي تسقط فيها عاصمة الرشيد لا بد أن يشعر كل عربي بالحزن والغضب لكن في هذه اللحظة يجب أن يفهم القاصي والداني أن العراقيين لن يركعوا وأننا لن نركع لقد ربح الغزاة معركة وربما ربحوا الحرب عسكريا لذا يجب أن يهزموا سياسيا. لقد فعلنا ذلك في لبنان ولا شيئ يحول دون تكراره في العراق. انتهى 9 / 4 / 2003 .... بعد أربع سنوات لا شيء يستدعي تغيَّيرا جوهريا في هذه الكلمات بل ربما يتوجب الشعور بالرضى عن التوقع الذي ينتظمها.فبغداد لم تركع فعلا والعرب لم يركعوا بفضل المقاومة العراقية الشريفة التي تستهدف المحتل دون أن تتراجع عزيمتها بفعل المآسي الطائفية والحرب الأهلية والخراب المستمر. الشيء الوحيد الذي يستدعي التصويب هو ما ورد في السطر ما قبل الأخير في المقال حول وجوب "الهزيمة السياسية" للمحتل والحق أن هذه الهزيمة ما كان بالامكان أن تقع دون هزيمة عسكرية نرى ملامحها على مدار اليوم في أرض الرافدين. بعد أربع سنوات لم يركع العراقيون ولم يركع العرب وتحولت بغداد بخاصة وأرض السواد عموما إلى كابوس يؤرق القوة الأعظم في العالم و يتسبب بخسارتها على كل صعيد في أمريكا اللاتينية في عودة الدب الروسي بقوة إلى المسرح الدولي في عودة الاممالمتحدة إلى لعب دور المظلة وان كانت سيئة أحيانا للنزاعات الدولية بعد أن همشها المحافظون الجدد .. وفي قوة الردع الامريكية على الصعيد العالمي التي تلقت ضربة قوية وفي انتصار المقاومة اللبنانية على المحتل الامريكي وفي سقوط مشروع الشرق الأوسط الكبير وفي ارتفاع الاصوات الاوروبية والصينية على الصعيد الدولي بعد أن اصيبت بالصم إزاء الهجوم الأمريكي الكاسح بعد 11 سبتمبر.. أما حلفاء واشنطن الأبرز في حرب العراق في الحرب فقد تساقطوا الواحد بعد الآخر. لقد انهار "جوزيه ماريا" أثنار في أسبانيا وانهار "سيلفيو برسلكوني" في ايطاليا ويستعد "طوني بلير" للرحيل من عشرة داوننغ ستريت دون اسف من مواطنيه ومن أحد في العالم ولعل "جون هيوارد" يلحق به قريبا في ا ستراليا. بعد أربع سنوات لم يركع العراقيون ولم يركع العرب.... ولن يركعوا مادامت المقاومة العراقية مستمرة وعاقدة العزم على الثأر لكرامة بغداد وكرامة العراق وكرامة العرب وكل الأحرار في العالم فهل يفهم المحتل وهل يتعظ ومتى؟