أن التطور الذي تشهده الأنظمة الإحصائية في العديد من بلدان العالم المختلفة يعطي دلالة واضحة على أهمية المؤشرات والبيانات الرقمية في اتخاذ القرارات التخطيطية والسياسة الاقتصادية والاجتماعية بما يلبي الحاجات التنموية لأي بلد كان. ولم يعد استخدام الإحصاء بصنع القرار التنموي احد رفاهيات العصر أو نتاج للتقدم التكنولوجي فقد عرف منذ أقدم الحضارات قيام الحكومات بجمع الحقائق عن مواطنيها فعلى سبيل المثال اشتهرت نظم الحكم الروماني في أغلبها بالعد والإحصاء , كما يوجد أدلة على إحصائيات محلية لدى قدماء البابليين والفراعنة, وقد أجرت الصين تعداداً كاملاً للسكان في عام 1370م كما أجرى غزاة الشمال مسحاً للسكان في انجلترا في القرن الحادي عشر وقد كانت هذه التعدادات والمسوح محدودة حيث اقتصر الغرض منها على جمع المعلومات المتعلقة بالضرائب والخدمة العسكرية. وبناء على أهمية دور الإحصاء بدعم القرار التنموي القائم على الأدلة المعلوماتية فقد تضافرت الجهود من قبل المنضمات الإقليمية والدولية لمساعدة البلدان النامية في تعزيز أنظمتها الإحصائية الوطنية للاستجابة بشكل أفضل لمتطلبات العصر الجديدة في الحصول على إحصاءات رسمية شاملة ودقيقة وفي الوقت المناسب لأهمية مواكبة التحديات التي تتطلبها عملية التنمية في مختلف تلك البلدان. وتأسيساً على هذا الواقع واستثمار للإمكانات والفرص المتاحة من جهة ومعالجة للتحديات المذكورة من جهة أخرى يسعى الجهاز المركزي للإحصاء في اليمن جاهداً للارتقاء باستراتيجيتة الإحصائية بصورة مستمرة استجابة لعملية التطوير والتحديث التي تشهدها الجمهورية اليمنية والتي تتطلبها السياسة العامة للحكومة للدفع بعجلة التنمية نحو الأمام وذلك من خلال التركيز على إجراء المسوح الاقتصادية السنوية والتعدادات الدورية بالإضافة إلى إجراء المسوح المتعلقة بالجوانب الحيوية كالخدمات الاجتماعية وقطاع النقل والمواصلات و يتضح ذلك بصورة جلية في المسوح التي تغطي الجوانب المتعلقة بالعمالة والبطالة والتجارة الداخلية و الإنشاءات والنقل والنشاط الزراعي والحسابات القومية فضلاً عن المسوح المتعلقة بالأرقام القياسية لأسعار الجملة والتجزئة وإحصاءات التجارة وتصدر لها نشرات شهرية وسنوية. ونظراً للأهمية القصوى في وجود إحصاءات جيدة لإدارة عملية التنمية في اليمن والوقوف على نتائجها وصياغة استراتيجيات ومراقبة التقدم الحاصل في الأهداف الإنمائية للألفية الجديدة فقد حقق الجهاز المركزي للإحصاء العديد من الإنجازات والنجاحات الفعلية والملموسة في تلك المجالات من خلال مسح ميزانية الأسرة متعددة الأغراض 2005-2006م والتعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت2004م والذي يعتبر المشروع الأكبر في دعم جوانب التنمية للبلاد الأمر الذي ساعد الحكومة في استقراء صورة واضحة عن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية على كافة المستويات. وعلى هامش تنفيذ الورشة الترويجية حول أهمية بيانات التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت 2004م في رسم الخطط التنموية والتي ينظمها الجهاز المركزي للإحصاء بالتعاون مع صندوق الأممالمتحدة للأنشطة السكانية وفي الوقت الذي أصبح فيه العالم يرفع شعار"الإحصاءات من اجل التنمية في القرن الحادي والعشرين" لا يسعني إلا أن أقول أن عملية تطوير العمل الإحصائي بصورة مستمرة وأكثر من أي وقت يتطلب من الحكومة الاهتمام الأكبر من خلال الدعم المكثف للمشاريع الإحصائية الهادفة إلى إظهار جهود الدولة في تحقيق التنمية الشاملة للبلاد