التحركات والجهود الدبلوماسية اليمنية المكثفة لما يصب في خدمة مصالح شعوب ودول المنطقة والإقليم وتحصينها في مواجهة الأخطار المحدقة تبرز هذا الأسبوع في أكثر من مسار. فيوم أمس السبت قام الأخ الدكتور رشاد العليمي نائب رئيس الوزراء لشئون الدفاع والأمن وزير الإدارة المحلية بزيارة للمملكة العربية السعودية نقل خلالها رسالة من فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية إلى أخيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود. وقد تناولت الرسالة بحسب ما تابعنا الأوضاع في المنطقة ومنها تطورات الأوضاع في الصومال وتنسيق جهود اليمن والمملكة حيال قضية القرصنة البحرية في المياه الدولية قبالة خليج عدن والبحر العربي والمحيط الهندي فضلاً عن تناول العلاقات الثنائية الوطيدة بين اليمن والسعودية وسبل دعمها وتعزيزها في كافة المجالات. ويأتي التركيز على موضوع القرصنة في إطار الجهود اليمنية الحثيثة وتشاورها مع الدول المطلة على البحر الأحمر والمجتمع الدولي بشأن تنامي ظاهرة القرصنة والكيفية والآلية الناجعة للقضاء على هذه الآفة وتأكيد اليمن في الوقت ذاته على ضرورة أن تتقيد الجهود الإقليمية والدولية بقواعد القانون الدولي ذات الصلة باحترام سيادة الدول على أراضيها ومياهها الإقليمية. وتنظر اليمن إلى أن التغلب على ظاهرة القرصنة لن يتم إلا إذا تمكن المجتمع الدولي من إيجاد حل سياسي للصراع في الصومال في إطار نهج شامل يعالج جميع المشاكل وإعطاء المزيد من الاهتمام للجهود المبذولة لحل الأزمة الصومالية التي حولت الصومال لساحة تصفية حسابات إقليمية ودولية وتركت الشعب الصومالي تطحنه الحروب.. وطبعاً لا يخفى على أحد الجهود اليمنية المبكرة من خلال ما بذلته القيادة السياسية اليمنية لحل الأزمة الصومالية وإطلاق ورعاية المبادرات واللقاءات والمؤتمرات الهادفة لرأب الصدع بين الأطراف السياسية والقبلية في الصومال. وبالتالي فإن الحل لأعمال القرصنة ليس بحشد السفن الحربية ومطاردة القراصنة في البحر أو البر ولكن بتمكين الشعب الصومالي من إقامة مؤسسات دولته وإحلال السلام والأمن والاستقرار في هذا البلد الشقيق الذي مزقته الحروب والصراعات في ظل تخلي المجتمع الدولي عن مسؤولياته. والجميع يعلم أن اليمن هي الدولة الوحيدة في المحيط الإقليمي والنطاق الدولي التي تحملت وما تزال تبعات ما يجري في الصومال على كافة الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والصحية والأمنية، كما أن أعمال القرصنة فرضت أعباء إضافية على اليمن بما فرض زيادة التكاليف والتجهيزات المطلوبة للقوات البحرية اليمنية وخفر السواحل لتقديم المساعدات الإنسانية وإنقاذ الذين يتعرضون بفعل اضطرابات البحر وقسوة أرباب القوارب. البعد الخليجي وفي إطار التحركات الدبلوماسية اليمنية الفاعلة يتوجه الأخ الدكتور أبوبكر القربي وزير الخارجية اليوم الأحد إلى العاصمة العمانية مسقط لنقل رسالة من فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية لأخيه جلالة السلطان قابوس بن سعيد رئيس القمة التاسعة والعشرين لقادة مجلس التعاون الخليجي المقرر عقدها أواخر الشهر الجاري في مسقط، والرسالة تتعلق كما أوضحت مصادر مطلعة بالقضايا التي تهم اليمن ودول مجلس التعاون الخليجي وآفاق الشراكة المستقبلية. ولأن قمة مسقط الخليجية الثانية والعشرين التي عقدت في ديسمبر 2001م قد مثلت منعطفاً هاماً في مسار علاقات الشراكة والتكامل اليمني الخليجي عبر إقرار قادة القمة انضمام اليمن إلى ثلاث من مؤسسات مجلس التعاون إضافة إلى بطولة كأس الخليج لكرة القدم.. فإننا نتطلع إلى مزيد من هذا التعاون والتكامل بما يخدم مصالح شعوب ودول منطقة شبه الجزيرة العربية والخليج. ومن يقرأ التطورات الاقتصادية العالمية وعدم استقرار أسعار النفط وبروز التكتلات الاقتصادية الدولية سيدرك حاجة دول هذه المنطقة إلى التكامل ليس فقط استناداً على عوامل وأواصر تاريخية وجغرافية وأخوية وإنما استناداً إلى مصالح حيوية استراتيجية مشتركة ونظرة مستقبلية صائبة.