ليس هناك فرع إلا وله جذع، وإذا ما كان اللغويون يبدؤون باعادة الكلمة إلى جذرها لمعرفة معناها واشتقاقها.. فهذا ما هو موجود في امور شتى منها السياسة والتيارات.. المتنوع الوانها. وهذا ما يجعل الرائين الى حركة او فكر او تنظيم الاخوان المسلمين الذي نما في أربعينات القرن الماضي على انه الجذع لفروع التيارات الاسلامية التي تفرعت وتشابكت خلال ثلاثة عقود من الحرب الباردة والساخنة بين المعسكرين الرأسمالي والاشتراكي.. وهي عقود الاخصاب خاصة ما بين سبعينات وتسعينات القرن العشرين. وعليه هناك من يرى في (حماس) -الاختصار اللفظي لحركة المقاومة الاسلامية- على انها قد خرجت من تحت عباءة فكر الاخوان المسلمين السني المعتدل، وشقت طريقها كفرع مقاوم.. له رؤيته وايديولوجيته في قيادة الشارع الفلسطيني ورفع راية نضاله. هذه الحركة يقال ان اكثر من طرف معني في الساحة العربية.. قد رحب بها وساعدها أو ساعد على نموها.. الى ان شبت عن الطوق فأضاعوها.. نعم أضاعوها وكان لكل طريقته، وفقاً لقاعدة «لكل شيخ طريقة» هناك من أدار لها ظهره، ومن قلب لها ظهر المجن، ومن امتنع أو غلَّ يده الى عنقه بعد ان كانت مبسوطة كل البسط.. وهناك من عمل على اضعافها وتحجيمها.. الخ. وبما ان هناك اكثر من لاعب في الساحة يتفاوتون في الذكاء والخبرة والدهاء في التقاط الخيوط وانتهاز الفرص فإن حماس التي أضاعوها، لم تكن بالبعيدة عما يجري ويستجد.. فواجهت أكثر من تهمة وتعددت المواقف منها ولكل منهم ما يتعلل به.. قالوا إنها تسعى لامارة اسلامية.. في منطقة شديدة الحساسية والدقة، وقالوا انها صارت من اوراق سورية وايران وانها نسخة فلسطينية من حزب الله في لبنان ولهذا لم يأسف لها احد وهي تصرخ من عدم الترحيب بوصولها الى السلطة عن طريق الديمقراطية التي سلكت طريقها ووصلت بأغلبيتها الى البرلمان، ولم تجد الجدية المطلوبة من اشقائها العرب في حل اختلافاتها ثم خلافاتها مع السلطة الفلسطينية.. إذا ما استثنينا مساعي الرئيس علي عبدالله صالح ومحاولاته المتكررة التي واجهتها مصاعب قد تكون ناتجة عن مواقف غير ايجابية ازاء حماس أو عن استكثار مثل ذلكم الدور على اليمن. لقد أحست حماس بأنهم أضاعوها خاصة بعد سنوات الحصار والخنق التي فرضت على غزة ولم يتحرك الأشقاء بايجابية وجدية لمواجهته ورفع مظالمه، مما اضطرها لتحريك الموقف والقاء حجر في المياه الراكدة.. وتلفت نظر العالم.. بإطلاق الصواريخ التي يقال بانها سبب ما تعرضت له غزة من دمار وقتل بأسلحة فسفورية محرمة..إلخ. ترى هل اضاع العرب (حماس) ولم يلتفتوا اليها إلا مع تدفق انهار الدماء الفلسطينية التي لم يتورع البعض من تحميلها حركة حماس..؟! المهم بعد ان حدث ما حدث وبعد اربع قمم عربية أو على الارض العربية خلال اسبوع حاولت ترحيل القضية الى ما هو اسلامي او ما هو دولي وحتى لا يأتي من يحمل حماساً مسؤولية شق الصف العربي، الذي لا تعلم متى كان ملتئماً سوى في حرب 1973م.. هل ستجعل مما حدث فرصة لاعادة النظر في العلاقات الاخوية مع حماس والحيلولة بينها وبين القول «أضاعوني وأي فتى أضاعوا» أو يصدق عليها قول الشاعر: »ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء»