قيل لافلاطون العظيم: إن فلاناً يحبك يا افلاطون فرد على محدثه بالقول :إذن فقد وجب عليَّ ان اعيد النظر في سلوكي واخلاقي حتى لا يحبني هذا الرجل . اما لماذا كان رد افلاطون هكذا، ومعبِّراً عن عدم رضاه بل وفزعه من حب ذلك الفلان له.. فلأن الفلان ذاك كان رجلاً سيء الخلق ويدمن الانتهازية ونكران الجميل والصفات الذميمة ماجعله مكروهاً بين الناس ومنبوذاً من قبلهم . قد يقول قائل: ومايُغضبُ افلاطون من حب ذلكم الرجل له وان كان سيئاً ؟! السبب ان افلاطون العظيم قد بنى تعريفه وتفسيره للحب بين بني البشر بل بين كل ذي روح على عملية التوافق أو التطابق .. وانه ماتحاب اثنان إلا وكانت هناك قواسم مشتركة بينهما تجعل اوجه الشبه متطابقة متجانسة. هذا ماجعل افلاطون يرى ان من الواجب ان يعيد النظر في نفسه، لان السيء لا يحب إلا سيئاً مثله، والعكس صحيح تماماً .. وكم كان سيسعد ويفرح افلاطون لو قيل له ان فلاناً ذاك يكرهك، لان من المنطقي ان عظيماً وجليلاً لا يحبه سيء منحط .. يُفترض ان يكون عدواً ومبغضاً. تلك نظرة افلاطونية لم اقف امامها خلال دراستي للفلسفة في المرحلتين الثانوية والجامعية.. بل تعرفت عليها من قراءاتي المتأخرة.. وانا ابحث في آراء العظماء في الحب وتفسيراتهم له. ولقد وجدت رؤية مماثلة لدى العالم العربي ابن حزم صاحب الكتاب الشهير «طوق الحمامة».. لقد فسر الحب وحدوثه نتيجة للتطابق -كما قال افلاطون- ومن طرائف ابن حزم قوله ان حمامة قد احبت غراباً.. فاستغرب كل من رآها لاتفارقه وعندما بحثوا عن السبب وجدوا انها عرجاء، او تمشي كمشية الغراب ، المطابقة، المماثلة التجانس هي مايولد الحب وتقارب المخلوقات الحيَّة هكذا يقول افلاطون، وبعده ابن حزم، الذي لايُستبعد ان يكون قد اخذها من الاول، وهذا ما افسد عليَّ متعة الاعتقاد اني في كتابي ((عناقيد)) أول من عرف اوفسر حب فلان لفلان بأن يعود الى ان كل طرف قد وجد عند الطرف الآخر مايكمل النصف المفقود من روحه .. وان من يحبا بعضاً ليسا كما قال الشعراء روحان حلت بدناً، بل روح واحدة تحل في بدنين.. الخ، المهم لقد صدق الفيلسوف برناردشو عندما قال: «ان كل كتاب اقرأه ماهو إلا نافذة على جهلي» وها انا اكتشف جهلي بالمزيد من القراءة التي جعلت حامل الليسانس في الفلسفة لايتعرف على ذلكم التفسير للحب عند الفيلسوف العظيم إلا متاخراً . اكتب هذا في يوم الرابع عشر من فبراير، وأنا ارى الكثير من الشباب والكهول يحتفلون بعيد الحب.. وأقول :- هوالحب فاشرح به الصدر عانق هواه واطلق ينابيعه في فؤادك واشرب نداه ولكن.. وان كنتُ صاحب القصيدة الغنائية الفائزة بالمرتبة الاولى في مسابقة الاغنية الاذاعية العربية للعام 2008م اجد نفسي اقبل بالقول ان من الناس من يستحسن ان يكون عدواً او مبغضاً او كارهاً وليس صديقاً او محباً .. حتى لا تكون مثار تساؤل .