انتهاك عناصر التمرد الإرهابي الظلامي للقرار الذي اتخذته الحكومة بتعليق العمليات العسكرية بهدف تسهيل ايصال مواد الإغاثة إلى النازحين بعد أربع ساعات فقط من بدء سريانه، لم يكن بالأمر المفاجئ للكثير من المتابعين للمسلكية الشيطانية والنزعة العدوانية التي تسيطر على هذه العصابة الإجرامية باعتبار أن مسلكيتها تلك هي من تتعارض أصلاً مع منطق السلام ومفاهيم التعايش الإنساني، ولذلك جاء انتهاكها لقرار تعليق العمليات العسكرية غير مكترثة بدواعيه الإنسانية لتؤكد بهذا السلوك من جديد على أنها لم تعد قادرة على التطبع مع مناخات السلام والاستقرار، وتحت وطأة هذا الشعور فقد عملت ومنذ اشعال فتنتها عام 2004م على وأد كل فرص السلام وبما يطيل أمد تلك الفتنة التي ما كان لها أن تطول لولا حرص القيادة السياسية الشديد على إيجاد المخارج السلمية التي تصون الدماء وتحفظ الأرواح والممتلكات. ويذكر الجميع كم من الوساطات جرت وكم من اتفاقات تمت وكم من جهود بذلت إلاَّ أن العناصر المارقة قد تنكرت لكل تلك الجهود والوساطات والاتفاقات مما حال دون نجاح أي منها، ورغم النوايا الشريرة التي تضمرها تلك العصابة فقد أبقت الدولة الباب مفتوحاً أمام خيار السلام لعل عناصر التمرد تعود إلى رشدها وصوابها إلا أن ذلك ما لم يحدث لتنتقل مجريات المواجهة من تهدئة إلى أخرى ومن إيقاف للعمليات العسكرية إلى الوقف الشامل في يوليو من العام الماضي، وما كان يجري أن تلك العصابة الإجرامية قد استغلت تلك المحطات لتكديس الأسلحة وبناء الخنادق والفتك بأبناء صعدة الذين لا يتفقون مع فكرها الضلالي المتخلف حيث استباحت الدماء المعصومة لأولئك المواطنين وقامت بسلب ممتلكاتهم واقتحام منازلهم وتشريد أسرهم من النسوة والأطفال إلى العراء. وأمام هذا الاندفاع الوحشي فلم يكن أمام الدولة من سبيل سوى الاضطلاع بمسؤولياتها في حماية المواطنين ودمائهم وأعراضهم وأموالهم لتضطر لمواجهة عناصر الفتنة وإيقاف مشروعها التدميري امتثالا لحق المجتمع على الدولة التي تقع على عاتقها مسؤولية حمايته من أية ممارسات عدوانية وهو حق تكفله كافة الشرائع السماوية والوضعية. وفي ظل هذه المواجهة فقد أولت الدولة أيضاً اهتماماً بالغاً للتخفيف من معاناة النازحين والمتضررين جراء الفتنة والذين شرد معظمهم من قبل عناصر التخريب في فترة التهدئة التي أعقبت قرار رئيس الجمهورية في 17 يوليو من العام الماضي بوقف العمليات العسكرية. ولا يخفى على عامة اليمنيين أن عصابة التمرد والإرهاب قد دأبت خلال الأيام الأخيرة على مضاعفة معاناة أولئك النازحين عبر دفع عناصرها إلى قطع الطرقات بهدف إعاقة إيصال المواد التموينية إلى مخيمات هؤلاء النازحين. ومن الممارسات المثبتة أن المتمردين قد جعلوا من مخيمات النازحين هدفاً رئىسياً لهم حيث يقومون بمهاجمة تلك المخيمات ونهب المواد الغذائىة والدوائية الشحيحة.. فما يهمهم هو أن يعيشوا هم ويموت من يموت ولو كانت البشرية جميعها. وهذه الممارسات البشعة تكشف تماماً الوجه القبيح لهذه العصابة المارقة التي تحول عناصرها إلى وحوش ضارية انتزع منها الإحساس إلى درجة صارت لا ترى حاجة لاستعادة آدميتها بعد أن انقطعت صلتها بالقيم الدينية والأخلاقية والإنسانية.