أظهرت العمليتان الاستباقيتان اللتان نفذتهما الأجهزة الأمنية بنجاح في كل من أرحب والعاصمة وأبين وشبوة ضد عناصر الإرهاب في تنظيم القاعدة اليقظة والكفاءة والقدرة العالية لهذه الأجهزة التي برهنت على أنها ستظل الحصن الحصين، الذي تتحطم على صخرته الصلبة كل المحاولات الرامية للإضرار بأمن واستقرار الوطن ومصالحه العليا. وليس جديداً إذا ما قلنا أن معركتنا مع الإرهاب لم تتوقف منذ عقد التسعينات من القرن الماضي، حيث عمد تنظيم القاعدة إلى تصويب خناجره الغادرة في اتجاه اليمن منذ وقت مبكر سبق تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001م، التي استهدفت الولاياتالمتحدةالأمريكية. ومن قناعة وطنية فقد خاضت اليمن وما زالت حربها على الإرهاب منطلقة من إرادة داخلية أملتها ضرورات حماية أمنها واستقرارها ونسيجها الاجتماعي من تهديدات هذه الآفة الخبيثة، التي اتخذت الطابع التدميري العنيف، ووضع حد للجرائم الإرهابية التي امتدت بتفجيراتها لتمس بصورة مباشرة المصلحة الوطنية وحق المجتمع في التنمية والتطور والنهوض والعيش الآمن والمزدهر. إن العمليتين الاستباقيتين الأخيرتين اللتين وجهتهما الأجهزة الأمنية للأوكار الإرهابية، وتمكنت بواسطتهما من إحباط مخططات كانت عناصر الإرهاب جاهزة لتنفيذها في عدد من المنشآت الاقتصادية والمصالح اليمنية والأجنبية، تندرجان في إطار المواجهة التي تخوضها أجهزتنا الأمنية مع عناصر تنظيم القاعدة الذي لا شك وأنه قد وجد في العناصر الانفصالية ضالته المفقودة، حيث عمل على جر هذه العناصر إلى صفوفه وإدماجها في أنشطته الهدامة ليستغل كلا الفريقين الإرهابيين انشغال الدولة في مواجهة فتنة التمرد والتخريب بمحافظة صعدة في تعزيز علاقات الارتباط والتمادي في استفزاز أجهزة الدولة وأبناء المجتمع، وهو ما تجلت بعض شواهده في ذلك الجمع الذي دعت إليه عناصر ما يسمى بالحراك الانفصالي حيث سجلت في ذلك أول حالة ظهور علني لعناصر تنظيم القاعدة. وطالما ظل الإرهاب يستهدف أمننا واستقرارنا والمصالح العليا للوطن اليمني، فإن الحرب الشاملة على عناصره وأدواته ومخططاته العدوانية ستستمر. والحرام أن يمارس البعض اللعبة السياسية في منطقة الإرهاب المنظم، أكان ذلك من خلال التباكي على الإرهابيين أو التعاطف معهم، فمثل هؤلاء يرتكبون حرمة الدم المسفوح شأنهم شأن تنظيم القاعدة، الذي يجيز قتل كل من يتواجدون في الأسواق والميادين العامة من الأبرياء لمجرد إشباع نهمه من الدماء. وهم المدانون بحكم الشريعة الإسلامية عندما يبررون الأعمال الإرهابية ويتحاملون على الإجراءات الهادفة إلى تأمين الأنفس من القتل والبنى الأساسية من التدمير والسلم الاجتماعي من الانتهاك. وشريك للإرهاب في ما يقترفه من جرائم بحق المجتمع، من يحاول أو يشترك في المحاولة لإثارة الغبار والزوابع من حول جهود مواجهة هذه الظاهرة الإجرامية، بقصد صرف الانتباه عن حقيقة الإرهاب وأهدافه الدنيئة، وتوفير غطاء سياسي لممارساته الخارجة على كل الأعراف والقيم والشرائع. ويغدو المتمرغ في وحل التبرير للإرهاب مشمولاً بذلك النداء التحذيري الذي وجهته الأجهزة الأمنية لكل من يتستر على عناصره، ويوفر لهم المأوى بالابتعاد عن ذلك والإقلاع عن تصرفاته حتى لا يخضع للمساءلة القانونية كشريك في الجرم والجريمة. وتلتقي المواجهة الدائرة مع عناصر التمرد في صعدة مع التصدي الحاسم للقاعدة الإرهابية في ترسيخ القناعة المرتبطة بأن أمن الوطن واستقراره أولوية تتصدر كل الأولويات. وبات بمقتضى هذه الحقيقة، على البعض أن يحسم أمره ويحزم موقفه دون مواربة أو مراوحة.. وأن يدلل بما لا يحتمل التأويل أنه مع الوطن وليس في عداد الإرهاب وعناصره الخارجة على الدين والعقيدة وإجماع الأمة.