لم يخطئ الشاعر الذي شبه الموت بنقار الجواهر ليختار اجودها واجملها .. عندما قال: "والموت نقاد على كفه.. جواهر يختار منها الجياد" ومن هذا المفهوم تمتد يد الموت او القدر الى سور اذاعة صنعاء وكلما غرفت مجموعة من المبدعين اختارت الاجود من بين اقرانه .. كأن تأخذ او تختار من البرامج السياسية محمد المحبشي ومن البرامج الدينية يحيى الدرة، ومن البرامج الثقافية عبدالباسط محمد المبرزي ومن الاخراج عبدالرحمن عبسي الحاصل على جائزة افضل اخراج من مهرجان القاهرة الدولي للاذاعة والتلفزيون، ومن قبله اختارت يد الموت المخرج محمد سعيد ذلك المبدع الذي لم تمر على التحاقه بالاذاعة سنتان حتى حصل على الجائزة نفسها من المهرجان ذاته. هذا هو حالنا مع يد الموت التي ادعو الله واتوسل اليه -بحقه عليه- الا تمد الى برامج الدراما والمنوعات وان تكتفي بزميلي وصديقي محمد المحبشي.. كونه من كتاب الدراما والمنوعات كما هو من كتاب البرامج السياسية. كنت اعتقد ان فجيعتي بمحمد المحبشي.. لن تضاهيها فجيعة بفقد زميل وصديق، ولكن فاجعتي بفقد المخرج عبدالرحمن عبسي كانت اكبر واشد وقعاً على القلب ولم يعد امامي ما اتعلل واتصبر به الا قول الله سبحانه لنا (ان من ازواجكم واولادكم عدواً لكم فاحذروهم). عندما فقدنا محمد المحبشي قلت لقد كسر جناحي وغاب الصوت الذي قرأ برنامجي اليومي "حديث الناس" بتلك الطريقة المميزة اكثر من عشرين عاماً ثم عفت ذلكم البرامج بعد عام على رحيل المحبشي لأني لم استطع سماعه بصوت غير صوت المحبشي. واليوم وبفقد الزميل الصديق المخرج عبدالرحمن عبسي ها انا اقول مات من كان يضبط ايقاع العمل الابداعي في اذاعتنا ومن كان مثالاً لحب المهنة والاخلاص لها ولشرفها.. مات من اخرج لي العديد من الحواريات والتمثيليات الاذاعية وبرامج منوعة وثقافية حصلت من خلال اثنين منهما على جائزتين ذهبيتين من مهرجان الاعلام العربي ومهرجان القاهرة الدولي. لقد قتل صاحبي طعناً في قلبه واوردته وبطنه ورأسه الذي كثيراً ما قبلناه عند حصوله على جائزة او حصلنا على جائزة مقابل عمل ابداعي هو مخرجه .. لقد قتل صاحبي وآخر صورة تستقر في حدقة عينه هي صورة ابنه، وهو يكيل له الطعنات التي كالها قبل دقائق لأخيه محمد واخته الطفلة صفاء، واي فاجعة بزميل وصديق مات او قتل بهذه الطريقة الباعثة على الاشمئزاز. عصم الله قلوبنا وقلب زوجته وولديه امل وفادي .. واملنا ان تكون الاجهزة الامنية التي نسجل لها الشكر على سرعتها في الامساك بخيط الجريمة عند مستوى حجم الجريمة وابعادها، وان يقول القضاء كلمته التي تغلق ابواب الشر وتضع الدواء على القلوب.. والرحمة عليك يا صديقي عبدالرحمن.