مؤلم ومحزن أشد الحزن ما تتعرض له الأمة العربية والإسلامية على يد أبنائها من سفك للدماء وخراب ودمار في صراعات وحروب وارهاب عبثي تحت عناوين متطرفة طائفية ومذهبية سنية وشيعية وسلفية.. ومسلكية كهذه تعبر عن بلادة غير مسبوقة لاتعي ولاتستوعب المخاطر المحدقة جراء الصراعات..والادهى والأمر أن الجميع يدّعون أنهم يمثلون صحيح الإسلام وهو منهم براء، مقدمين صورة مسيئة ومشوهة لا تعكس حقيقة مبادئ وقيم دين الرحمة والمحبةوالإخاء والتسامح والوسطية والتاريخ العربي الإسلامي الحضاري الذي أضاء العالم في عهوده المظلمة علمًا وفكرًا تنويريًا وثقافةً تجسد التسامح والتعايش بين مكونات المجتمع الإسلامي والأديان التي عاشت في كنف الدولة الإسلامية. وهانحن اليوم ينظر إلينا أننا أمة ضعيفة وجاهلة وإرهابية ليصبح شائعًا في الصحافة والأدبيات الغربية مصطلحات مثيرة للذعر والخوف منا، وهذا المعنى يحمله مصطلح «فوبيا الإسلام»ليصبح العربي والمسلم في نظر الغرب مدانًا بالإرهاب ومجرمًا حتى تثبت براءته، وتجاه هذا كله نجد أنفسنا غير قادرين بل وعاجزين في الدفاع عن ديننا وتاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا بسبب جاهلية داعش والنصرة وأخواتها التي هي أسوأ بما لا يقاس، ولا يقبل المقارنة مع جاهلية داحس والغبراء. فإن ما حدث ويحدث في أفغانستان وباكستان والصومال والعراق وليبيا وسوريا واليمن لا يحتاج إلى تأكيد مع فارق أن اليمنيين حاولوا – ومازالوا يستحضروا حكمتهم، مغلبين منطق العقل والحوار على منطق الفتنة القائم على عنف القوة وقوة العنف والصراعات المسلحة، ومع ذلك هناك من مازال مُصراً على السير باليمن الوطن والشعب صوب دروب جهل وظلامية مشاريع فكره المدمر المتعطش للدماء. ونشر الموت وإشاعة الفرقة والتجزئة والتشظي المعبرة عن نزعات مناطقية وقبلية وطائفية ومذهبية غير مبالٍ بإرادة اليمنيين في تجنيب وطنهم وشعبهم الويلات والمآسي التي تعيشها الكثير من دول وشعوب أمتها بإتباع نهج التسوية السياسية والحوار، والذي نجاحاتهم فيه وصلت إلى مرحلة التثمير لتلاقيهم وتوافقهم واتفاقهم على الانتقال إلى مرحلة جديدة بتنفيذ وثيقة الحوار الوطني التي فيها طوق نجاتهم من براثن أخطاء الماضي. وما ارتبط بها من تراكمات لأزمات وأحداث مأساوية آن الأوان لوضعها خلف ظهورنا، والنظر إلى الأمام لصنع غدٍ مشرق مزدهر، مستمدين قوتنا وقدرتنا على اقتحام تحدياته وانجاز استحقاقاته من تماسكنا وتلاحمنا المبني على أساس العدالة الاجتماعية والشراكة في السلطة والثروة، وكل هذا تحققه الدولة المدنية الاتحادية.. دولة النظام والقانون أمامها الجميع مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات. وهكذا نكون قد قدمنا النموذج لكل شعوب أمتنا العربية والإسلامية لتستلهم منه المسارات الصحيحة والصائبة التي تمكنها من إيجاد الحلول والمعالجات الواعية لقضاياها، مزيحةً قتامة الفترة التاريخية التي تعيشها، وما تمخض عنها من ظروف وأوضاع دموية مريعة لتخرج من حالة الضعف والقنوط واليأس الذي جعل منها ساحةً لصراع القوى الدولية ومسرحًا لتصفية الحسابات، وتقاسم المصالح الإقليمية والدولية، وبما يعيد لها مكانتها وقدرة الفعل والتأثير لصالح شعوبها وبناء أوطانها. فقد حان الوقت ليتوقف ضحك الأمم من جهلنا بخروجنا من عبثية وعدمية هذه الفترة التي طال أمدها لنصنع تاريخًا جديدًا مغايرًا ينقلنا من هذا الواقع المزري والمخزي إلى رحاب الاستقرار والنماء والنهوض الحضاري الشامل.