قررت الحكومة الإسرائيلية تجميد الأموال المستحقة للسلطة الفلسطينية بذريعة الخوف من وصولها إلى من وصفتهم بعناصر "إرهابية"، فيما يبدو أنها أول خطوة عملية ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي اكتسحت الانتخابات التشريعية الأسبوع الماضي. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بالوكالة إيهود أولمرت في تصريحات للإذاعة الإسرائيلية اليوم "يجب أن يكون ذلك واضحا.. لن نحول أموالا يمكن أن تمول اعتداءات إرهابية". ويلمح أولمرت بذلك إلى ما بين 35 و54 مليون دولار هي حصيلة إيرادات جمركية وضريبية تجمعها إسرائيل شهريا لصالح السلطة الفلسطينية، كان يفترض أن تحول الأربعاء الماضي. وفي اجتماع حكومته أمس قال أولمرت إن إسرائيل لن تجري اتصالات مع حكومة تضم عناصر تؤيد "تدمير إسرائيل"، لكنه عاد واشترط للتفاوض مع الحكومة المقبلة التي ستشكلها حماس، تخلي الحركة عمّا سماه بالإرهاب واعترافها بحق إسرائيل في الوجود، واحترامها للاتفاقات والتفاهمات المبرمة سابقاً مع السلطة ومجلس وزرائِها السابق. من ناحية أخرى تلتقي المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل برئيس السلطة محمود عباس في رام الله اليوم، لكنها قالت إنها لن تعقد أي لقاء مع أي مسؤول من حماس. وهددت ميركل أمس بأنها لن تقيم أي علاقة مع حركة حماس إذا لم تعترف "بحق إسرائيل في الوجود" وتنبذ العنف. وشددت في مؤتمر صحفي عقدته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي لدى وصولها القدس الغربية مساء أمس، على أن الاتحاد الأوروبي لن يقدم أي معونات للفلسطينيين إذا كانت حماس هي التي ستشكل الحكومة. من جانبه أشار أولمرت في بيان له إلى أن بلاده وألمانيا اتفقتا على منع حصول حماس على أي دعم مالي من الاتحاد الأوروبي. وحول ردود الأفعال المستمرة حيال فوز حماس بالانتخابات التشريعية أعربت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس مجددا عن ثقتها بحدوث إجماع حيال حرمان أي حكومة تقودها حماس من المعونات المالية. وقالت رايس إن أعضاء اللجنة الرباعية وغيرهم متفقون على "نفس الرأي" وهو عدم تقديم أي تمويل لحركة مثل حماس التي زعمت أنها تنتهج "العنف وتدعو للقضاء على إسرائيل", مقرة بأن واشنطن فوجئت بفوز الحركة. بالمقابل انتقد الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى التهديدات الدولية بقطع المساعدات المالية عن الفلسطينيين, معتبرا أن ذلك "غير مقبول وموقف متعجل", ومجددا دعوته جميع الأطراف إلى احترام صناديق الاقتراع واحترام إرادة الشعب الفلسطيني. من جهته دعا الرئيس السوري بشار الأسد إلى احترام نتائج الانتخابات الفلسطينية، معتبرا أنها ستعزز وحدة الفلسطينيين. وأكد الأسد خلال لقائه أمس في دمشق وفدا برئاسة خالد مشعل رئيس المكتب السياسي للحركة، ضرورة احترام إرادة الشعب الفلسطيني التي عبر عنها من خلال صناديق الاقتراع. في هذه الأثناء قال القيادي في حماس محمود الزهار إن حركته لن تعترف بإسرائيل، لكنها يمكن أن تبرم معها هدنة طويلة الأمد. في تطور آخر قررت فتح فصل 78 عضوا منها خاضوا الانتخابات بشكل مستقل عن الحركة, وذلك بعد اجتماع للجنة المركزية لفتح تركز على بحث أسباب الهزيمة أمام حماس. وفي هذا الشأن برر مفيد عبد ربه أحد المفصولين من فتح، ترشحه مستقلا عن الحركة بأنها لم تستفد من الأخطاء التي واكبت اختيار المرشحين للانتخابات البلدية وفشلها فيها. وأضاف عبد ربه في تصريحات للجزيرة أن الحركة ارتكبت "خطيئة كبرى" في الترتيب للانتخابات, مشيرا إلى أن الهزيمة مردها عدم وجود ما أسماه رؤية سياسية واعتبار القدس مثلا خيارا أخيرا وليس أولَ, منددا بما وصفه بالمزاجات الشخصية لاختيار المرشحين داخل الحركة.