العقيد/ أحمد مسعد القرد عي حقيقة لا ينكرها عاقلان أننا نحن اليمنيين عاطفيين زائد على اللزوم.. إذا اشدنا بأشخاص فإننا نوصفهم ملائكة من ملائكة السماء واذا قدحنا اشخاص فاننا نذمهم بارداء مفردات اللغة. والحال ينطبق على الكتاب والصحفيين فالبعض منهم كتب بان تاريخ الدولة في الجنوب صراع دامي ولا توجد أي ايجابيات!! والبعض كتب بأن تجربة الثورة والدولة في جنوباليمن خالية من السلبيات. لكن الواقع أن الحقيقة بحد ذاتها نسبية ولا يوجد شيء مطلق إلا كتاب الله وسنة رسوله. وفي هذا البحث سأحاول تدوين أهم منعطفات الثورة والدولة في جنوباليمن بحيادية وإنصاف دون تطويل ممل أو ايجاز مخل.. وقد أخطىء أو أصيب وحسبي انني حاولت والله ولي التوفيق. خلال فترة الاحتلال البريطاني لجنوب الوطن من 19 يناير عام 1839م إلى 30 نوفمبر عام 1967م- أي خلال 129عاماً لم يخضع الشعب اليمني للوجود البريطاني على أرضه بل قاوم المحتل منذ اليوم الأول وتمثل ذلك على شكل انتفاضات وتمردات ومظاهرات وعمليات فدائية غير منظمة.. وعند تأسيس الجبهة القومية في شهر أغسطس عام 1963م من سبعه فصائل أبرزها: - حركة القوميين العرب- جبهة الاصلاح اليافعي. - تنظيم الناصريين- تنظيم القبائل وثلاث فصائل أخرى. اخذ الكفاح المسلح ضد الانجليز يتصاعد بشكل منظم.. وقد هيئة ثورة 26 سبتمبر عام 1962م في شمال الوطن الظروف الملائمة لقيام ثورة 14 اكتوبر عام 1963م وبعد قيام ثورة اكتوبر استمر الكفاح المسلح بقيادة التنظيم السياسي الجبهة القومية وبمساهمة فاعلة من جبهة التحرير حتى تم طرد المستعمرين الاجانب ورحيل آخر جندي بريطاني من الجنوب في 30 نوفمبر عام 1967م الاستقلال الذي خفف من مرارة ووقع هزيمة العرب في 5 يونيو من نفس العام.. وخفف أيضاً من النكسة السياسية اليمنية والمتمثل في انقلاب 5 نوفمبر عام 1967م في صنعاء والذي كان بداية التبعية وارتهان القرار السياسي في الشطر الشمالي من الوطن لنظام آل سعود. إن 30 نوفمبر 1967م يوم استقلال جنوباليمن وإعلان الدولة الجديدة المسماه حينذاك جمهورية اليمنالجنوبية الشعبية في ذلك اليوم الاغر عاش أهالي الجنوب عموماً فرحة انعكست في كرنفال فرائحي واسع النطاق على كل المستويات.. إنه يوم التحرر الاجتماعي والاقتصادي والسياسي من الاستعمار البريطاني. لكن مرحلة ما بعد الاستقلال الوطني لم يكن طريقها مفروشاً بالورود رغم الأحاسيس الأولى المفعمة بالانفعال والأمل إلا أن مخاوف المستقبل لم تكن غائبة عن أعين القيادة حينذاك.. قحطان الشعبي وعبدالفتاح إسماعيل وعلي ناصر محمد وسالم ربيع علي وغيرهم من القيادات التي اختارت النهج اليساري أو بالأصح نهج التوجه الاشتراكي نظاماً للحكم. ومن ابرز المعضلات والمصاعب حينذاك هما كالتالي:- 1. المصاعب الاقتصادية: حيث ترك الاستعمار البريطاني للدولة الجديدة خزينة خاوية. 2. وجود 25 سلطنة وإمارة ومشيخة وذلك من مخلفات الاستعمار البريطاني. 3. ضعف البنية التحتية. 4. الدور السعودي القذر الذي استغل نشوب الحرب الأهلية بين الجبهة القومية وجبهة التحرير واحتل منطقة البلق اليمنية. وقد اتخذت القيادة في الجنوب حينذاك إجراءات عاجلة لترتيب البيت في الجنوب بمنظور اتسم بالدقة والعمق والحكمة وذلك حسب اولوياتها على النحو التالي:- 1) توحيد 25 سلطنة وإمارة ومشيخة في إطار الدولة المركزية جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية. 2) استعادة منطقة البلق الى السيادة اليمنية.. وأسر المئات من الجنود والضباط السعوديين.. وملاحظة: لم يتم إطلاقهم إلا بتقديم تعهد من السعودية باحترام السيادة اليمنية. 3) تم اعداد واقرار الدستور والاستفتاء عليه. 4) تم تأميم المرتفعات الاقتصادية الاجنبية وتأسيس القطاع العام. 5) تم تعديلات في المناهج الدراسية لكل المراحل الدراسية وثبت في كل المناهج ان النظام الملكي الرجعي في السعودية هو العدو التاريخي لليمن.. يتبع في العدد القادم..