كرة القدم هي الأهداف التي تصنع السعادة للجمهور, فعندما تتحرك الشباك وتلامسها كرة قادمة من مهاجم موهوب تتعالى أصوات الجمهور, يقفز فرحا هذا المهاجم بما قدمه وما صنعه لكل من في المدرجات وخلف شاشات التلفاز, وبتعريف آخر عن كرة القدم هي الصندوق المحيط بالمرمى, هي الخطر القادم على ذلك اللاعب القابع على الخط الأبيض المستقيم بين قائمين وعارضة نائمة عليهما, هي الرعب على ذلك اللاعب الذي يرتدي قفازات في يديه وترتعد فرائصه كلما اقتربت الكرة من عرينه, وكل ما يحدث في وسط الميدان وبعيدا عن الصندوق او منطقة ال16 يبقى هراء وتخرج المباراة سلبية ولا تروق هذه النتيجة للجمهور العريض الذي يحضر المباريات ويدفع كل ما يملك من اجل الحضور إلى مسرح كرة القدم, كرة القدم أهداف وبغير ذلك يذهب الجمهور الى ساحات الألعاب الشعبية ويتركون المدرجات للذباب يستوطنها ويتراكم هناك وحيدا فيها, وعندما تعود الأهداف ويزداد الخطر على المرمى ويكثر اهتزاز الشباك يرجع الجمهور الى مدرجات مسارح كرة القدم ويتزاحم العشاق على أبواب الملاعب وتنتعش الميادين ويخضر عشبها وتعود كرة القدم الى سابق عهدها ! في عقد التسعينيات كان الجمهور الذي يتواجد بالمدرج الشمالي لملعب الظرافي سعيدا ومبتهجا طوال تلك الفترة الذهبية للفنيلة الحمراء, وعندما نبحث عن أسباب الابتهاج والسعادة الدائمة لهذا الجمهور كان اهتزاز شباك الخصوم أهمها وأبرزها, فالجمهور يعرف أن ولوج الكرات الى شباك الخصوم معناها تحقيق البطولات والصعود الى منصات التتويج, وفريق الأهلي ظل المهاجمون الذين يصنعهم يتوارثون مهنة تسجيل الأهداف حتى أصبحت مدرسته عقيمة لكي تلد نجما جديدا خلال هذا العقد, وخلال الفترات السابقة لانقطاع نسل المهاجمين ظهر العديد من المهاجمين الأبطال كان قناصهم عادل السالمي الأبرز, كان ملك الصندوق ورئيس رابطة المهاجمين رؤوس الحربة التقليدين والمطعمين بالقليل من المهارات الفردية لتجاوز اخر مدافع قبل مواجهة حارس المرمى, عادل السالمي أعاد مركز المهاجم إلى هيبته التي كادت تضيع وأصبح سيد الهدافين وهداف اليمن الأول. وبعد عام واحد في الفريق الأول حجز مكانه في التشكيلة الحمراء, جمهور الأهلي حزين لمغادرة مرعب الحراس عصام دريبان في ربيع عمره, وعادل السالمي أتى ليزيح عنهم الحزن وينسيهم من كان قبله, وضع قدميه بثبات في الملاعب وبدأ المدافعون يتحدثون عنه وعن أهدافه, حراس المرمى أصابهم الإسهال من الأخبار التي تتداولها الصحف عن أهداف هذا الفتى الصغير, شبهوه بمهاجمين محليين وآخرون قارنوا أهدافه بنجوم عالميين, صنعوا له العديد من القدوات وهو صنع لنفسه اسم وقيمة فنية لكل مدرب امتطى الصهوة الفنية للأهلي وللمنتخب الوطني, عادل السالمي ورغم خروجه من القلعة الحمراء إلا أن اسمه ظل مرتبطا بالفريق الذي كان شاهدا على بداياته وانطلاقته الحقيقية, وكل نجوميته سطعت من باب اليمن ولم يستطيع أن يظهر في مكان آخر, وهذا ليس تقليلا بنجومية عادل ولكنه لم يجد المناخ المناسب في مكان آخر يشبه مناخ النادي الأهلي. الغضب الجرأة والتحدي شعارات كان يتمتع بها عادل السالمي, فعندما كان يغضب ويضع شباك ذلك الحارس في رأسه كان لا يبرح حتى يسجل هدفا او أكثر, وعندما يريد المدرب ثلاث نقاط مهمة كان لا يجد إلا عادل يتجرأ ويزعز الدفاعات وينتهي التحصنات والتكتلات أمام المرمى, وعندما يدخل في تحدى مع مدافع هنا او حارس مرمى هناك كان ينجح دائما في كسب التحدي وجعل من يتحداه يعظ انامل الندم على اي تحدي ذهب إليه مع نجم الشباك الأول, عادل السالمي كان يلدغ الشباك كأفعى سامة تقتل كل من يتحداها او يحاول استفزازها, لديه القدرة على تحويل كفة المواجهات لصالحه وصالح فريقه, لقد فاز بالعديد من الحروب وخسر قليلا من المعارك, وظل معشوق الجمهور الاحمر حتى يومنا هذا ومازال المشجع الاهلاوي يتنهد كلما ذكرنا أمام آخر المهاجمين المحترمين عادل السالمي عادل السالمي في المنتخب الوطني كان مصدر الأمان في رأس الحربة, ومصدر القلق والفوبيا لكل المدافعين الذين واجههم, عندما كان يربط حزام الامان في الطائرة المغادرة إلى الدولة التي سنواجه منتخبها ويضع كامل تفكيره كيف يسعد الملايين, يهبط مع الأحلام التي رسمها لنا في ميادين كرة القدم في الدول العربية والإقليمية والقارية, يقاتل يحارب ولا يتوانى لحظة في خذلان الجمهور, ربما لا يسجل ولكن يضع بصمته في كل مباراة لعبها مع المنتخبات الوطنية, عادل السالمي كان كذلك وأكثر خصوصا عندما يتعلق الأمر بالكفاح من أجل الشعار الذي يحمله, لقد ترك كرة القدم وحيدا دون أن ينظر إليه احد, غادر الأهلي وحاول مع اللعب لعدة أندية الوحدة الرشيد والهلال ولكن لم يشفع له العمر في الاستمرار بالتوهج, عادل السالمي مثال حي لكل من لم يحافظ على مستواه ويضع حدا لكل رغباته وعاداته خارج الملعب, لقد ترك كرة القدم كمحارب وفارس هُمام سنواته مع كرة القدم كانت سريعة ومرت كأنها لمح البصر.