الشعر المعاصر في اليمن له محطات متعددة في رحلته الفنية حيث تنقل من الرؤية الكلاسيكية إلى الرؤية الرومنتيكية ثم إلى الواقعية دون فواصل زمنية ورؤية شعراء العصر قد تجاوزت السطح الخارجي للواقع ونفذت إلى العوامل المتحركة في باطنه والتي شكلت جوهره وكذلك العوامل المحيطة التي يتحرك الواقع في إطارها، ولم يغفل شعراؤنا عن الوجود الحيوي للتراث، وقد أنتج شعراء المرحلة شعر اتسم بخصوصية نادرة طغت على الساحة تحدثوا من خلاله بلغة الشعب، وبات شعرهم يحاكي الواقع، وكانت لشعرهم معايير ومقاييس هامة استمدوها من الدين الإسلامي وتسلحوا فيها بثقافة الجهاد ونبغت واشتعلت لتعكس العنفوان اليماني والقيم والمبادئ الأصيلة.. معنا اليوم شاعر يعد هامة شعرية لها صدى بليغ في الأوساط الأدبية له ولونه الخاص والمتميز في بناء القصيدة انه الشاعر احمد درهم المؤيد، فإلى نص الحوار: حوار: عفاف الشريف هل بالإمكان أن تعرفنا من يكون الشاعر أحمد درهم المؤيد.. ومتى ظهرت لديه موهبة الشعر؟ الشاعر احمد درهم المؤيد - من مواليد 1983م- محافظة صعدة- مديرية غمر- حاصل على الشهادة الثانوية العامة.. أكتب الشعر منذ الصغر وتأثرت بوالدي رحمه الله في كتابة الشعر، حيث كان شاعرا، ومنه تعلمت أمور كثيرة شعرية وغيرها. هل يذكر الشاعر المجاهد ما عنوان أول برعمة شعرية جادت بها قريحته المهذبة وما المناسبة ؟ قصيدة بعنوان (هذا الغدير) ألقيتها في مناسبة عيد الغدير يوم الولاية. شعراء اليوم أصبح لديهم القدرة لإيصال رسائل حساسة وقادرة على التغيير.. سواء مدائحهم أو أهاجيهم وحتى مراثيهم..في ظل العدوان برأيك ما الذي حققته القصيدة اليوم؟ حققت القصيدة اليوم أمور كثيرة كترسيخ الوعي لدى الشعب اليمني والتحشيد لمواجهة العدوان وإيصال الثقافة القرآنية إلى كل فئات الشعب وشكلت ثورة حقيقية على كل المستويات. القصيدة الشعبية انتعشت اليوم أكثر من السابق هل لأنها لغة الشعب، أم لأنها استعداد فطري نبغ في أنفس الشعراء بدافع شيم أصيلة مثل الغيرة والحمية اليعربية؟ كلها موجودة وإضافة إلى ذلك وجود القضية والمظلومية. هل تأثر الشعر الحديث بتطورات العصر من حيث البحور؟ نعم. أنت من الشعراء الذين أتقنوا فن الرد على الشعراء المؤيدين للعدوان حدثنا عن هذا الجانب؟ عندما يقرأ الشاعر أو يسمع شاعرا يهاجم بلده وأبناء شعبه والقضية التي يحملها ويدافع عنها ويؤيد من يسفك الدم اليمني فإنه يُستثار وتُستفز مشاعره سواء كانت القصيدة ملحنة أو مسجلة صوتيا، حينها يكون الرد والتصدي بنفس الطريقة المذكورة. لك العديد من القصائد الشعبية التي زوملت وصل عددها إلى ما يقارب الأربعين مثل “حان النقا-صناع النصر -عز الله ان الدرس كافي -موطن الانصار -شهيدنا” وغيرها.. وهذا دليل تمكنك من كتابة القصيدة..هل من معايير خاصة لتصبح القصيدة زامل خاصة ومعظم الشعراء يشكون من عدم زوملة قصائدهم؟ نعم هناك معايير للقصيدة سواء الشعبية أو الفصحى حيث لا يستطيع المنشد إنشاد أي قصيدة تصل إليه لكونه يبحث عن كلمات مترابطة وبسيطة تختصر الموضوع الذي يريد إيصاله للمستمع وبطريقة مباشرة وهو الذي يطلب من الشاعر ذلك، فإذا كانت هناك قصائد غامضة المعاني، صعبة الفهم فهي غير مناسبة للإنشاد، أما بالنسبة لما يشكو منه الشعراء عن عدم زوملة قصائدهم لهذا يعود الى الشاعر نفسه وعليه أن ينسق مع المنشدين، ويتواصل معهم حتى يتعرفوا عليه ويتعرف عليهم وعندها سيتم التعاون فيما بينهم وتتم زوملة قصائده. لك من القصائد الفصيحة ما تم انشاده مثل “ياطغاة الأرض مهلا- منهج المجد -ثقافة العطاء-مولد النور بالاشتراك مع مدير قطاع الشعراء ضيف الله سلمان - ختام المرسلين لقناة طه اللبنانية..أين يجد احمد المؤيد نفسه اكثر في القصيدة الشعبية أم الفصحى؟ في القصيدتين هل ترى ان الشعر الفصيح ساهم في التحشيد الى الجبهات مثلما ساهم الشعر الشعبي؟ كلا له دوره ومكانته إلا أن الشعر الشعبي هو الأكثر مواكبة في التحشيد بسبب انسجامه مع لحن الزامل الشعبي. ما أول زامل انشده لك المتألق عيسى الليث؟ هناك زوامل أنشدها لي في صعدة أما في أثناء العدوان اليوم فقد انشد ي زاملي “حان النقاء -وياشعب من فوهة الشيكي”. ما هو تأثير المقاومة والصمود اليمني الأسطوري على الأدباء والشعراء ونتاجهم؟ بصمود شعبنا اليمني وملاحمه البطولية في الجبهات استطاع الشعراء أن يستلهموا من هذه المدرسة العطاء وخاضوا معركتهم الشعرية والأدبية، لذلك نلاحظ مدى الانسجام الكامل بين الشعر والصمود، والثبات على المبادئ والقيم النبيلة. لاحظنا بأن معظم الشعراء يتجهون نحو نظم الزوامل وهذا اللون كان قد غاب قليلاً إلا انه ظهر مع بداية العدوان..هل ترى أن هذه الثقافة أتى بها شعراء ومنشدو صعدة؟.. هل كان لهم الدور الأكبر في هذا الضخ والتأثير الزوملي الهائل خاصة من بعد زوامل الشهيد لطف القحوم؟ عندما لاحظ الشعراء أن الزامل هو الأسلوب الأقرب والأجدى لإيصال رسائلهم إلى المجتمع وكذلك ميول الناس إليه اتجهوا لنظم الزامل وبالتأكيد فقد أتى بهذه الثقافة شعراء من صعدة وليس لأنهم شعراء ومنشدين وإنما لكونهم أول من حمل المشروع القرآني آنذاك ووقفوا في مواجهة الطغاة، لذلك التحق بهم بقية إخوانهم من شعراء ومنشدي اليمن، وانطلقوا جميعا في حمل هذا المشروع والارتقاء بالزامل اليمني والنشيد. لقصائدك معايير ثابتة و ابعاد ذاتية ووطنية وإنسانية ممزوجة بالاعتزاز بالهوية ومتسمة بالحماسة والكبرياء..فهل هذه دواعي تستدعيها القصيدة من محاور الأحداث الجارية أم انها مفاهيم رسخت في ذهن المؤيد من خلال التجارب السابقة في صعدة أم أنهما الاثنان معاً؟ الاثنان معاً باتت القصيدة اليوم اسلوب فني لمواجهة العدوان برأيك هل استخدم العدو مثل هذه الاساليب الفنية ضدنا؟ نعم استخدمها وبشكل كبير إلا أن الزامل اليمني تغلب على كل أساليب العدوان الفنية، وأصبح صداه يملأ الآفاق وإن حاول المرتزقة التقليد لكونهم يمنين، فزواملهم لا ترقى في الأداء والمعنى الى مستوى الزوامل المواجهة للعدوان، وكذلك لعدم حملهم قضية، لذا فقصائدهم ضعيفة جدا. هل لك رسالة أخيرة تود ان قولها في ختام هذا الحوار؟ الشكر لصحيفة 26سبتمبر صحيفة كل اليمنيين ولكل طاقمها الأعزاء والشكر لكل أبناء شعبنا اليمني الصامد بكل فئاته كلا في موقعه، وجيشنا ولجاننا الشعبية، وما علينا إلا مواصلة المشوار والصبر والصمود والنصر حليفنا ونحن على أبوابه بإذن الله تعالى والرحمة للشهداء والشفاء للجرحى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.