انخفاض حجم الودائع لدى البنوك التجارية والإسلامية من العملة المحلية و استحواذ المؤسسات المالية غير المرخصة عليها زيادة العرض النقدي يخلق تضخماً ينعكس على ارتفاع مستويات الفقر وتدهور مستوى المعيشة في ظل وضع اقتصادي منهار يعاني من الركود والتضخم وضعف أدوات الانتاج وشحة الأوعية الإيرادية.. وبالتزامن مع تدهور سعر صرف الريال مقابل العملات الأجنبية.. تم خلال الفترة الماضية طباعة ماقيمته (1,740) مليار ريال وهو مايقارب إجمالي رصيد النقود في التداول حتى نهاية 2017م.. الأمر الذي ألقى بظلال كارثية على الاقتصاد اليمني المنهك أصلاً نتيجةالعدوان الغاشم المتواصل على بلادنا وحصاره الاجرامي الجائر ضد شعبنا الصامد العظيم ونتاج فساد حكومة الاتزاق القابعة بفنادق الرياض «26سبتمبر» التقت الدكتور أحمد حجر وكيل وزارة المالية وناقشت معه عدداً من القضايا في هذا الجانب .. فإلى الحصيلة: حوار: القسم الاقتصادي برأيكم ماهي أبرز أدوات الحرب الاقتصادية التي استخدمتها دول العدوان على اليمن؟ من المعلوم أن دول العدوان قد اعتبرت أدوات السياسة الاقتصادية وبالأخص المالية والنقدية منها إحدى أهم محاور العدوان على اليمن وفي ظل الاعتماد الكبير للاقتصاد القومي على العالم الخارجي في سد احتياجاته من الخدمات و السلع الأساسية سواء أكانت استهلاكية أو وسيطة ما دفع دول العدوان ومنذ الوهلة الأولى لشن هجماتها على اليمن إلى السيطرة والاستحواذ على مصادر الاقتصاد القومي من العملات الأجنبية وبالأخص عائدات صادرات النفط والغاز والسحب من القروض والمساعدات الخارجية والتحويلات المالية الخاصة وذلك حتى تتمكن من شل قدرة حكومة الإنقاذ في صنعاء بالتحكم في أسعار صرف العملات الأجنبية وتوفير الحد الأدنى من السلع والخدمات لحياة المجتمع واستمرار عجلة الاقتصاد القومي في الدوران. وفي ظل التدهور الكبير في مستوى مختلف الأنشطة الاقتصادية والإنتاجية ارتفع مستوى الاعتماد على العالم الخارجي وذلك بالتزامن مع ندرة العرض من النقد الأجنبي وعدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي الناجم عن العدوان والحصار.. وهذا ما يجعل من إقدام حكومة العملاء على تنفيذ أجندة دول العدوان بخصوص طبع كمية كبيرة من النقود المحلية خارج النظم والقوانين والمعايير الاقتصادية المنظمة.. لذلك يعتبر هذا العمل عدائياً وإجرامياً بحق الاقتصاد اليمني والمجتمع بأكمله. مخالفة للأنظمة في اعتقادكم أن عملية طباعة العملة الجديدة بدون غطاء من قبل بنك عدن مخالفة لقانون البنك المركزي؟ تنبع عدم قانونية العملة المصدرة استناداً إلى عدم قانونية تشكيل مجلس إدارة البنك المركزي ومحافظ البنك المركزي ونقل اختصاصاته من العاصمة صنعاء إلى فرع البنك في عدن. ما حجم العرض النقدي في السوق المحلية؟ حسب البيانات الأولية نجد أن إجمالي العرض النقدي ارتفع عام 2017م عن عام 2014م بما نسبته (19%) وكان لارتفاع حجم النقد الأجنبي المتداول الدور الرئيسي في إحداث هذا النمو حيث أرتفع بما نسبته (92%) خلال نفس الفترة بسبب تمويل البنك المركزي الجزء الأكبر من عجز الموازنة العامة خلال الثلاث السنوات الأولى من الحرب من احتياطاته من النقد المحلي هذا في الوقت الذي انخفض حجم المعروض من السلع والخدمات خلال نفس الفترة بما نسبته (46%) وهذا يعني وحسب المؤشرات الإفراط النقدي الذي يعني وجود سيولة نقدية محلية فائضة عن حجم النقد اللازم لإكمال المعادلات المالية والاقتصادية الداخلية نهاية عام 2017م بما نسبته (60%-70%). و حسب البيانات النقدية يوجد انخفاض محدود في حجم الودائع لدى البنوك التجارية والإسلامية وبالأخص العملة المحلية خلال الثلاث السنوات (2015_2017) مقارنة بعام 2014م وهذا ما يدل على أن الزيادة الكبيرة من النقود قد استحوذت عليها مجموعة من المؤسسات المالية غير المرخصة أو الأفراد ما يجعل هذه السيولة في حكم الخارجة عن الدورة الاقتصادية من ناحية ويجعلها متاحة للمضاربة غير المشروعة في أسعار العملات أو تمويل أنشطة مشبوهة من ناحية أخرى. تدمير ممنهج ما الهدف الحقيقي من طباعة العملة الجديدة؟ حسب البيانات والمعلومات المؤكدة فإن حكومة العملاء سعت جاهدة خلال الثلاث السنوات (2015_2017) ومازالت إلى سحب النقد المحلي الرسمي من المناطق خارج سيطرتها وذلك من خلال إرغام التجار المستوردين في المناطق خارج سيطرتها على دفع الرسوم والضرائب المستحقة على وارداتهم عبر المنافذ التي تحت سيطرتها نقداً.. وكذلك مقابل شراء النفط والغاز المحلي من مارب ... الخ وهذا ما يدل على أن الجزء الأكبر من السيولة النقدية المالية مسيطر عليها من قبل حكومة العملاء وشركائهم. من المؤكد حسب المعلومات المتاحة من بعض الصرافين ورجال المال والأعمال التي تفيد قيام العديد من الصرافين وبالأخص غير المرخصين في المناطق تحت سيرة حكومة الإنقاذ بصنعاء بسحب العملة القديمة وطرح العملة الجديدة غير الرسمية من ناحية الاستحواذ على تحويلات المغتربين وإبقائها لدى وكلائهم في الخارج ليتم من خلالها تمويل واردات غير ضرورية من دول العدوان من ناحية ثانية والمضاربة في أسعار العملات من ناحية ثالثة. هل هناك حاجة ملحة للقيام بطباعة عملة جديدة؟ تؤكد المؤشرات المالية وبعض تقارير المنظمات الدولية أن حكومة العملاء تستحوذ على ما نسبته 70% من إجمالي الإيرادات العامة المتاحة في الوقت الذي تتراوح نسبة النفقات اللازمة لقيامها بإدارة شؤون الدولة في المناطق تحت سيطرتها لا تتجاوز 30% من إجمالي النفقات العامة وهذا ما يعني أحد أمرين إما السيطرة على الفوائض المالية وتجميدها بهدف إحداث انكماش اقتصادي وتدهور لمستوى الخدمات في المناطق تحت سيطرتها أو القيام بالمضاربة بهذه الفوائض في السوق المحلية في أسعار صرف العملات الأجنبية وتحويلها إلى حسابات مافيا في حكومة العملاء في الخارج. انهيار قيمة العملة ترى ما السبب الحقيقي للمسارعة في طباعة العملة بهذا الشكل الملفت للانتباه؟ لا يحتاج الأمر للتمعن كثيراً حتى تعرف أن الهدف الحقيقي هو ما جاء في تصريح السفير الأمريكي للوفد الوطني المفاوض في محادثات الكويت الذي قال: إن الهدف من الإسراف في طباعة العملة في اليمن هو إحداث انهيار كلي للقيمة التبادلية للعملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية إلى الحد الذي يصل بالقيمة التبادلية للألف الريال لا يساوي الحبر الذي كتب به هذا من ناحية و العمل على التوسع في إنزاله العملة الجديدة للتداول مع الاستمرار في سحب العملة الرسمية وعندما تصبح العملة الجديدة هي السائدة في التداول فمن المتوقع قيام حكومة العملاء بإصدار قرار بإلغاء التعامل بالعملة الرسمية وهذا ما سوف يمكنها من التحكم في حجم السيولة خاصة والسياسة النقدية عامة وبما يخدم أجندة دول العدوان من خلال خفض حجم السيولة بما يساهم في الحد من حجم الطلب الكلي المنخفض أصلاً وبالتالي إدخال الاقتصاد القومي مرحلة الانكماش أو زيادتها بهدف زيادة المضاربة في أسعار العملات الأجنبية ما سينجم عنه ارتفاع كبير ومتواصل في أسعار السلع والخدمات وبالأخص الأساسية. جملة من الآثار ماهي الآثار المترتبة على الاستمرار في طباعة العملة بهذا الشكل الكبير؟ زيادة مستويات الفقر وتدهور مستوى المعيشة في ظل عدم حدوث أية زيادات ملموسة في مستويات الدخول الحقيقية و ارتفاع معدلات التضخم الذي سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة على القروض مما سيساهم ليس في انخفاض حجم الاستثمار في المشاريع الإنتاجية وما يترتب عليه من انخفاض معدلات النمو الاقتصادي فحسب بل وربما إلى هروب رؤوس الأموال الوطنية إلى الخارج أيضاً إلى جانب ارتفاع معدلات أسعار الفائدة الذي سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف الدين العام الداخلي وكذلك ارتفاع تكاليف المشتريات الحكومية وهذا ما يجعل موازنة الدولة تتحمل تكاليف باهظة على حساب نفقاتها على تحسين الخدمات العامة ومستوى معيشة العاملين وهذا ما سيكون له آثار سيئة على مستوى الأمن الاجتماعي والإنتاجي. ومع استمرار وتراجع مستوى الخدمات العامة ومستوى معيشة العاملين في الجهاز الحكومي فإن هذا سيساهم في تفشي الفساد والجريمة وربما يتعدى ذلك إلى حدوث فوضى واضطرابات سياسية واجتماعية خطيرة لا تحمد عقباها. كم أن تشابك الآثار السلبية واستمرارها قد يؤدي إلى دخول الاقتصاد القومي مرحلة الحلقة المفرغة المزدوجة للركود الاقتصادي والتضخم الجامح والتي تعتبر من أسوأ حالات التدهور الاقتصادي. بالإضافة إلى زيادة التفاوت وعدم العدالة في توزيع الدخول والثروة بين أفراد المجتمع حيث يترتب على زيادة أسعار الفائدة زيادة في عائدات الدائنين وهم فئة الأغنياء على حساب المدينين وهم الفقراء مما يزيد من درجة عدم الاستقرار والوئام الاجتماعي من ناحية وزيادة نفوذ طبقة الأغنياء في رسم السياسات العامة للدولة من جهة ثانية. كما أن ارتفاع التضخم يمثل بطبيعة الحال زيادة غير مباشرة يدفعها فقراء المجتمع لصالح الحكومة والأغنياء وبالأخص في ظل انتهاج الحكومة نظام اقتصاد السوق وضعف دورها في إدارة سياسة التجارة الداخلية وعلى وجه الخصوص الرقابة على الأسعار ومنع الاحتكار وحماية حقوق المستهلك وعدالة توزيع تكاليف عناصر الإنتاج. مسوغات غير مقبولة ما المسوغات التي تطرحها حكومة العملاء لتبرير طباعة العملة؟ يمكن توفير المسوغات العملية لاعتبار فرع البنك المركزي بعدن وقيادته هي السلطة الشرعية للبنك المركزي وهذا ما سيمكنها من تنفيذ أجندة دول العدوان في مجال السياسة النقدية خاصة والسياسة الاقتصادية عامة ليس خلال فترة العدوان فحسب بل خلال فترة تأهيل وإنعاش الاقتصاد بعدها بما يتوافق وإعادة حركة الاقتصاد القومي ومستوى ونمط تركيبته بما يجعله اقتصاداً تابعاً وخادماً لاقتصاديات دول العدوان على حساب مصالح وتطلعات المجتمع اليمني بعيدة المدى. من ناحية ثالثة زيادة العرض النقدي بدرجة كبيرة في ظل تدني مستوى الثقة في العملة الجديدة وفي استقرار الأوضاع الاقتصادية والسياسية من كافة المتعاملين الاقتصاديين وهذا ما يدفعهم وبالأخص رجال المال والأعمال إلى المسارعة في التخلص من فوائضهم المالية بالعملات المطبوعة الجديدة وتحويلها إلى عملات أجنبية ونتيجة الانخفاض الكبير في حجم النقد الأجنبي المعروض في السوق مقارنة بالحجم الكبير في حجم السيولة بالعملة المحلية من المؤكد حدوث ارتفاع كبير ومتوالٍ في أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل العملة الوطنية. و ارتفاع سعر صرف العملات الأجنبية سوف يؤدي إلى ارتفاع المستوى العام للأسعار وبالأخص السلع الأساسية مما يضاعف تدهور مستوى المعيشة ومستوى الفقر والموطنة.. مما سينعكس على ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج المستوردة وبالتالي تكاليف المنتجات الوطنية وهذا ما سيؤدي إلى انخفاض مستوى الأرباح بما يحقق خسارة لبعض المؤسسات الإنتاجية وخفضاً في إنتاج بعضها وهذا ما سوف يؤدي إلى زيادة البطالة وانخفاض الدخول وبالتالي زيادة مستويات الفقر وانخفاض حجم الأوعية الإيرادية وبالتالي المحصل منها. مقترحات كمتخصص بالشأن الاقتصادي.. ما هي المعالجات الملحة للخروج من هذا الوضع؟ في ضوء ما سبق يمكن إيجاز المقترحات التي تساهم في الحد من الآثار الناجمة عن قيام حكومة العملاء بإنزال كميات كبيرة من النقد المطبوع للتداول من خلال العمل قدر الإمكان على إنعاش وتوسيع حجم الأنشطة الاقتصادية وفي مختلف القطاعات والتي تعتمد بدرجة أسياسية في الحد من الاعتماد على العالم الخارجي وبالأخص من السلع والأساسية وهذا ما سوف يساهم في انخفاض الطلب على العملات الأجنبية وبالتالي الحد من ارتفاع أسعارها. إلى جانب منع تداول الإصدارات من العملات المطبوعة وبالأخص في تسوية المعاملات المالية والتجارية الكبيرة وفي عمليات بيع وشراء العملات الأجنبية أو تسوية تحويلات المغتربين واتخاذ إجراءات عملية من قبل البنك المركزي وبالتنسيق مع الأجهزة الأمنية والبنوك والصرافين. مع أهمية فتح حساب الاستبدال للنقود المطبوعة بالنقود الرسمية والموجودة لدى الأفراد في المناطق خارج سيطرة العدوان والاستفادة منها في دفع أية التزامات أو مشتريات من المناطق تحت سيطرة العملاء مثل مشتريات الغاز من مارب أو دفع ضرائب ورسوم على الواردات عبر المنفذ تحت سيطرة دول العدوان. بالتزامن مع منع تهريب النقد الرسمي إلى المناطق تحت سيطرة حكومة العملاء و نشر الوعي في المجتمع بخصوص حسن المحافظة والتعالم مع العملة الوطنية و تحديد السياسات الممكن أن تساهم في إقناع كبار الصرافين والتجار الذين يحتفظون بكميات كبيرة من النقد المحلي الرسمي بطرحها للتداول بدل تخزينها لديهم. وكذلك التوسع في تعميم أنظمة النقد الإلكتروني وغيره من الأنظمة التي يمكن أن تساهم في الحد من عمليات تغطية قيمة المعاملات المالية والاقتصادية نقداً و قيام البنك المركزي في رسم وتنفيذ السياسة النقدية المناسبة في ظل الأوضاع القائمة ومراقبة ومتابعة التنفيذ.