يمثل الإمام علي «عليه السلام» مشتركا ً اسلاميا ً وانسانيا ً ونموذجا ً فريدا ً ومتميزا ً وشاملاً في بناء الدولة العادلة أقامت رابطة علماء اليمن بالتعاون مع الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ندوة فكريه بعنوان» اسس الادارة والرقابة للدولة في فكر الامام على عليه السلام» يوم امس بقاعة الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة حضرها رئيس مجلس القضاء الأعلى ووزير الخدمة المدنية ورئيس الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وأمين رابطة علماء اليمن، ونخبة من العلماء والمسؤولين والأكاديميين وموظفي الجهاز المركزي ولفيف من طلاب العلم .. عبدالملك الوزان ابتدأت الندوة بآي من الذكر الحكيم بتلاوة الأستاذ الحافظ عبدالمجيد السويدي.. تلاها النشيد الوطني.. ثم بعد ذلك عرض الأستاذ الباحث محمد محسن الحوثي ورقته بعنوان «أسس الحكم الصالح في عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».. استعرض في بدايتها أهمية هذه الوثيقة من ناحية انها وضعت أدق الأنظمة وأهمها إصلاحاً لحياة الإنسان السياسية والاجتماعية.. وعالج فيها بصورة موضوعية وشاملة جميع قضايا الحكم وإدارته، والعلاقة بين الحاكم والرعية/ المحكوم. ثم تطرق إلى أهمية هذا العهد باعتباره أول وثيقة دستورية تضمن نظام إدارة الدولة والمجتمع، وشؤون الحكم وفق رؤية علمية كلية وأسلوب موضوعي يتجاوز الزمان والمكان، ولكونه تضمن ما يتعارف عليه في الأوساط الأكاديمية والمؤسسات الدولية بمرتكزات ومبادئ الحكم الصالح/الراشد/الرشيد/الجيد/السليم، وإمكانية صلاحية العمل بما تضمنه العهد في الواقع العملي. تحدث بعد ذلك عن جهود الكثير من الكتاب والباحثين والمؤلفين والأساتذة والجامعات في دراسة عهد الإمام علي لمالك الأشتر النخعي.. مشيراً إلى أنهم مع ذلك انقسموا إلى تيارات حسب تصنيفهم للعهد؛ كالتيار الانتقائي والتيار المؤدلج والتيار الجامد والتيار الوصفي والتيار التجزيئي. بعد ذلك أشار إلى مفهوم العهد وسنده وبنيته.. معرجاً على هيكل البنية الشكلية لعهد الإمام علي لمالك الأشتر النخعي.. خاتم ورقته بأحكام وتوصيات عامة تضمنت أسس الحكم الصالح في العهد العلوي مع ذكر نماذج على ذلك، وكذلك الأسس القانونية والاقتصادية والاجتماعية والإدارية، معرجاً على «الرقابة»: كركيزة أساسية ومهمة للحكم الصالح في عهد الإمام علي عليه السلام. ثم عرض العلامة عبدالفتاح الكبسي الورقة الثانية بعنوان «السلطة وشروطها في فكر الإمام علي وموجبات إسقاط الولاية في الشريعة الإسلامية».. تحدث في البداية عن شخصية الإمام علي «عليه السلام»والتي كانت نتيجة التربية النبوية التي صاغت شخصيته الرسالية ونهجه الرباني .. ثم تطرق إلى مفهوم السلطة وهيكلها التنظيمي في فكر الإمام علي «عليه السلام»والتي كانت امتداداً لنور الرسالة وهديها .. بعد ذلك أشار إلى أقسام السلطة في فكر الإمام علي «عليه السلام»وقسمها إلى أربع سلطات يدخل تحتها مهام ومسؤوليات الحكومة سواء منها ما يحمل طابع سيادي كالمالية والدفاع والأمن أو ذات طابع خِدمي كالتعليم والصحة والمواصلات والقضاء أو الاقتصادي كالزراعة والخراج أو ذات الطابع السياسي كالعلاقات الخارجية والشورى .. ثم تحدث عن شروط وضوابط الدولة وذكر منها: الأهلية والكفاءة العلمية وحسن الإدارة والتوجيه، وحسن إدارة الرقابة والتفتيش والتعيين والعزل . خاتم ورقته بموجبات إسقاط الولاية في الشريعة الإسلامية .. وذكر منها : الحكم بغير ما أنزل الله تعالى ، والموالاة لمن نهانا الله عن موالاتهم من اليهود والنصارى ، و ارتكاب كبيرة من الكبائر التي تخرج صاحبها من دائرة الإيمان إلى دائرة الفسق . ثم عرض الأستاذ عبدالرحمن المحبشي ورقة الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بعنوان «إضاءات من رقابة الإمام علي(ع) على ولاته» تحدث في مطلعها عن أهمية الرقابة كضرورة لازمة أينما تواجدت المسؤولية بشكل عام ، وكون الرقابة ليست أمراً جديداً وإنما يعود امرها الى زمن استخلاف الله سبحانه وتعالى للإنسان على هذه الأرض وتحمله المسؤولية والتكليف الإلهي فيها. ثم تحدث عن الرقابة في فكر الإمام علي «عليه السلام»وتطبيقها على ولاته وعماله وإدارته لدولة العدل التي أسسها استشعاراً منه بأهمية الرقابة في إنجاز الأعمال وتحقيق العدالة وثقة الرعية بالراعي ، وفوق ذلك استشعاراً للمسؤولية أمام الله سبحانه وتعالى . ثم تطرق إلى الإجراءات والضوابط الرقابية والوسائل التي استخدمها الإمام علي (ع) في تحقيق رقابة فاعلة وكفؤة على ولاته وعماله لمكافحة الفساد والخيانة والاختلالات التي استفحلت خلال السنوات السابقة لحكمه . بعد ذلك استعرض إضاءات من رقابة الإمام علي (ع) المباشرة على الولاة والعمال ؛ كالرقابة الذاتية من خلال إيقاظ الضمائر والشعور بالمسؤولية أمام الله تعالى ، وكذلك رقابة الدولة وولي الأمر ، والرقابة المجتمعية « الشعبية « .. خاتم ورقته بتلخيص ما سبق من عمق الفلسفة والفكر الرقابي لدى الإمام علي (ع) على ولاته وترتيباته الرقابية للحفاظ على المال العام ومصالح الأمة من خلال ما كتبه لولاته وعهده لمالك الاشتر والذي يمثل دستوراُ شاملاً ووافياً لدولة العدل والإنصاف والتنمية بكل نواحيها . واختتمت الندوة بالتوصيات قرأها الأستاذ طه الحاضري فيما يلي نصها: بسم الله الرحمن الرحيم توصيات الندوة: الحمد لله القائل: (إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) والقائل سبحانه: (وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا ) والقائل عز جل: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) والصلاة والسلام على رسول الله القائل(من استعمل رجلاً على عصابة وفيهم من هو أرضى لله منه، فقد خان الله ورسوله والمؤمنين ولا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً) صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين ورضي الله عن صحبه الأخيار الراشدين وبعد: نظرا للتراكمات المهولة والإرث الثقيل للفساد المالي والإداري والانحراف السياسي في مفهوم الولاية وبناء الدولة العادلة وغياب مفهوم الإدارة والرقابة وتقييم الأداء ومبدأ النزاهة في مؤسسات الدولة وضياع الكثير من الأموال والطاقات على مستوى اليمن والعالم العربي والإسلامي تقام هذه الندوة تزامنا مع الذكرى التاريخية والإسلامية ليوم الولاية لتكون هذه المناسبة محطة وعي وبوابة تصحيح من خلال تجربة الإمام علي الرائدة والفريدة في بناء الدولة العادلة القائمة على الكفاءة و الرقابة والإدارة والنزاهة والشفافية النادرة والاستثنائية في مرحلة استثنائية ووضعية حرجة من تاريخ الأمة الإسلامية استطاع الإمام علي عليه السلام تصحيح الكثير من النظريات الخاطئة وتقديم المعالجات والحلول الفاعلة والمفيدة لتصحيح تراكمات الفساد السياسي والمالي والإداري وأمام ما تركه الإمام علي عليه السلام من إرث إنساني وإسلامي أقيمت هذه الندوة بعنوان (أسس الإدارة والرقابة للدولة في فكر الإمام علي عليه السلام) وخرجت بالتوصيات التالية: 1- يمثل الإمام علي عليه السلام مشتركا إنسانيا وإسلاميا ونموذجا فريدا ومتميزا وشاملا في بناء الدولة العادلة ومواجهة الظلم و الفساد بكل صوره وأشكاله. 2- تعتبر ذكرى الولاية محطة إسلامية جامعة لتقييم الحكم وتقويم الحكام والوزراء وأصحاب الولاية بجميع مراتبها العليا والسفلى. 3- إذا كانت الأممالمتحدة قد اعتبرت عهد الإمام علي لمالك الأشتر أحد مصادر القانون الدولي فالأمة ونحن منها أحق بأن نجعله من أصول التأسيس لبناء الدولة والحكم الصالح. 4- ندعو الجامعات والكليات والمعاهد والتعليم العالي وجميع المؤسسات العلمية والتعليمية للقراءة العلمية والموضوعية لفكر الإمام علي السياسي والتربوي والإداري والرقابي والاستفادة منه في مواجهة الانحرافات السياسية والاختلالات الإدارية والنهوض بالعمل الرقابي والإداري وعدم التعامل مع إرث وفكر الإمام علي تعاملا مذهبيا وحشره في زاوية ضيقة كما هي رؤية بعض القاصرين. 5- من الأهمية بمكان مع وجود القيادة الثورية الحكيمة والإرادة الشعبية التواقة للتغيير اغتنام الفرص المتاحة لتفعيل مضامين عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر والقيام بأداء رسالة التوعية والتبليغ بالعودة إلى ذلك النهج المنير لأنه كفيل بإقامة الدولة الصالحة والحديثة والمتحضرة. 6- ندعو إلى تبني إقامة مؤتمر عالمي يشترك فيه العلماء والخبراء من عدد من الدول على المستوى المؤسسي والفردي، ويفتح باب المشاركة للأمم المتحدة وتذكيرها باهتماماتها بعهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر ومرتكزات الحكم الصالح. 7- يجب أن تخضع كافة أعمال وتصرفات الولاة ومسؤولي وموظفي الدولة للرقابة والتقييم والمساءلة حتى تتعزز ثقة الشعب بالدولة ومؤسساتها الحكومية. 8- يجب أن تنتقل الدولة والحكومة من مجرد الحديث عن عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر وعن العدل والإنصاف والحكم الرشيد إلى ترجمة ذلك بشكل عملي وممارسة في الواقع حتى يشعر بها المواطنون ويلمسوا الفرق بين الوضع السابق والوضع الحالي خصوصا والشعب يقدم التضحيات والشهداء وعانى وصمد وصبر ضد العدوان السعودي الأمريكي من أجل حياة عزيزة وكريمة. 9- ندعو السلطة القضائية للقيام بدورها الجاد وتحمل المسؤولية الدينية والتاريخية والوطنية في متابعة قضايا الفساد ومحاسبة الفاسدين. 10- تعتبر الموالاة لمن نهانا الله عن موالاتهم والخيانة لله وللشعب والاستغلال للوظيفة العامة من الموجبات المباشرة لإسقاط الولاية والشرعية عن أي موظف في الدولة من أعلى هرم فيها إلى أصغر موظف 11- ندعو جميع مؤسسات الدولة للتعاون الجاد والمسؤول مع الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وهيئة مكافحة الفساد وعدم الحساسية أو التهرب أو التحايل ووضع العراقيل أمام مهامها النبيلة. 12- تضمين أجزاء مهمة من ورقة الاستاذ عبد الرحمن المحبشي في المدونة الأخلاقية والمهنية للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة. 13- الاستفادة من أوراق عمل الندوة في صياغة المدونة الأخلاقية في الوظيفة العامة والتي تُحمّل وزارة الخدمة المدنية إعدادها في إطار الرؤية الوطنية. 14- ندعو الدولة إلى اعتماد نظام عقوبات حازم وصارم يعالج التجاوزات والجرائم بمسبباتها وآثارها ويمنع تكرارها معتمداً على الأبعاد الثلاثية للعقوبة البدنية والمالية والمعنوية من خلال تطبيق القانون واسترجاع المال وإصلاح الاختلال الإداري.