لربط مادة هذة الحلقة الثالثة والاخيرة بالحلقتين السابقتين ألخص هنا ماذُكر سابقاً بخمسة سطور تتضمن 3 نقاط وهي كالتالي : إن الحركات الدينية المغالية في التشدد لم تطرح أي مشروع نهضوي يعالج تطوير التنمية الفكرية والاقتصادية واكتفت بقشور القضايا . تغلغلت حركات الغلاة بين الفئات الفقيرة ورسخت ثقافة المنع والترهيب ضد حرية الفكر ... وكفرت من يعارضها .. وتنافرت مع بعضها البعض لم تحدد الأولويات في جوهر الأشياء واكتفت بمظهر التدين الشكلي عودة الى الموضوع المعنون : ( الصحوة بعد خمسين عاماً ) لكاتبه سليما ن العسكري والمتضمنة ملاحظات واضافات لموضوع الدكتور ابو المجد سبق ذكرها في الحلقتين السابقتين .. وفيما يخص العاملين المعرقلين للمد الإسلامي وهي : العامل الأول : ضعف الفكر الديني الإصلاحي في المؤسسات التعليمية الدينية العربية وضعف تأثيرها . العامل الثاني : العجز عن إقامة علاقات من المودة والحوار مع سائر عناصر المجتمع وتياراته. والعاملون ليست كوابح فحسب بل سمية “آفات “ وقد علق عليها الكاتب العسكري بكلمات مختصرة ومفيدة حيث قال )قد تمكنت بدلاً من أن تنحسر, وتغلغلت بدلاً من أن تجتث من جذورها ) أما ما كان يقول عليه بعض الكتاب العرب ومنهم او المجد وهو النقد الذاتي ونمو القدرة على التصحيح والتصويب .. قال العسكري بما معناه : ان ذلك النقد الذاتي لم يحدث بل العكس فقد تم إفراغ المد الإسلامي من مضمونه القيمي والحضاري والإنساني واستبعدت كل الأصوات يقصد أصوات الكتاب والمفكرين وبعض أقلام الأعلام الورقي والمسموع والمرئي التي نادت بربط الاسلام بالتطور الحضاري الحديث إن ما ذكرت اعلاه ومن سابق هو استقراء وتحليل لأهم ما جاء في الموضوع السابق الذكر وليس كله . وفي ختام مقاله دعا الكاتب سليمان العسكري تلك الحركات الدينية التي يغالي بعضها في التشدد : ( ان تقرأ التاريخ جيداً وتعرف ان الاستبداد والظلامية والقهر لم تؤد بأي مجتمع إلا الى الانهيار وأن الحرية حرية البحث والفكر والاجتهاد هي السبيل الوحيد لاستعادة النهضة العربية الإسلامية والأمل في استعادة الحضارة العربية لتاريخها المجيد والبناء للمستقبل بكل شروطه العصرية الداهنة).. إلى هنا انتهى مقال الكاتب واستقرأه وتحليل ما تيسر من بعض نقاطه وكما أسلفت ان النقد موجه إلى الوهابية السعودية بشكل خاص والحركات والتنظيمات والأحزاب الدينية المغالية بالتشدد في الوطن العربي بشكل عام لكن الكاتب لم يسمها حرفياَ في سطور الموضوع المذكور والذي لم يكن الأول فقد سبق ذلك عشرات المقالات من بينها مقاله الموسوم: (الإصلاح.. من أين بدأغيرنا) المنشور في مجلة “ العربي “ العدد رقم 559 لشهر يونيو 2005م وتحديداً من ص 8 الى ص 13 . ففي ص 8 من نفس العدد قال الكاتب سليمان العسكري ( ان الغرب لم يعد وحده في صدارة العالم فهناك تجارب أخرى في الشرق قطعت اشواطاً كبيرة ناجحة ومنها بلد إسلامي هو ماليزيا ) وعبر عن اعتزازه بها وبمفكرها الكبير مهاتير محمد كما ذكر بعض اوجه نجاح التجربة الماليزية مثل تطوير التعليم وتنظيم قيمة العمل والدأب والاتقان عند غالبية الماليزيين واحياء لقيم أصيلة في التراث الاسلامي لهذه الاغلبية . وفي ص9 من نفس عدد المجلة أشار إلى الهند ( التي تعد أكبر ديمقراطيات العالم تأتي حكوماتها وتذهب عبر صناديق انتخابات حرة وهي مكتفية ذاتياً بالغذاء بالرغم من أن مواطنيها تخطى أعدادهم المليار نسمة ) وقال : بدأ الإصلاح في الهند بالمساواه في المواطنة والتحاور السلمي والاعتماد على الذات ... وفي ص10 من نفس عدد المجلة كتب عن الامبراطور المستنير وقصة نهضه اليابان الذي بدأمن شهر يوليو عام 1853م . وفي بقية الصفحات من ص11 ,12؛13 من نفس عد المجلة كتب عن تجارب الإصلاح والتطوير الاقتصادي والديمقراطية لعدة دول غربية وقال ما يعيننا في التجربة الغربية هو الحرية السياسية واحترام القانون والتفوق العلمي والصناعي . ملاحظة : العسكري بموضوع الاصلاح لمعظم الدول العربية التي هي بأمس الحاجه اليه .. اما مسألة الاصلاح والديمقراطية فهي يعني الوهابية السعودية وان لم يذكرها بالاسم . الموضوع الثالث للكاتب سليمان العسكري والتي تختفي انتقاداته بين السطور لمن سبق ذكرهم والموسوم : ( التجديد الحضاري ) المنشور في مجلة “العربي” الكويتية في عددها رقم 623 لشهر أكتوبر عام 2010م من ص 8 ال ص13 , اي ست صفحات . أكتفى هنا بذكر عناوين اثنين فرعيين من الست (صفحات وهي تعبر عن نفسها ولا تحتاج الى تفسير أو توضيح .. إضافة الى العشرة السطور الأخيرة من الموضوع يتبعه استقراء موجز . الأول : أصبح تشبع العرب الفاتحين بثقافات الشعوب التي فتحت أراضيها واحد اً من الأسباب التي تغذت منها حضارة العرب المسلمين وأطلقت فيها دينامية البناء والتقدم . الثاني : سيادة الجمود الفكري والتكلس العقلي وتراجع العقل الاجتهادي وهيمنة الخرافة ورفض الآخر , واحتقار العمل , أصبحت كلها ظواهر تشي بقدر ما أصاب العمران الثقافي والاجتماعي العربي من خراب هائل . أما العشرة السطورالاخيرة للمقال فهاذا نصها: التجديد الحضاري كان سمة في ماضينا المزدهر وباستطاعتنا أن نجعله سمة مثيلة لستقبلنا المنشود . وفي البحث عن طريق للنهوض لا بد من توافر شرط الحرية وضماناتها في البحث والنظر في أمور الدنيا كافة ولا بد من رفع القيود التي تعرقل البحث في الفكر وما تراكم عبر القرون من بدع وضلال وخرافة ,فالحجر على الفكر والاجتهاد والإبداع هو حجر على النهضة وعرقلة لمجتمعاتنا من الخروج من عصور التخلف والانحطاط .) ملاحظة : الحضارة هي جملة ما يقدمه أي مجتمع من المجتمعات أو أي شعب من الشعوب في مجالات الابداع المختلفة كما أن البناء المجتمعي السليم جزء من التحضر وتطور المستويات العلمية والتقنية والصناعية والمعلوماتية هي الجزء المكمل للتحضر والعصرنة . كما أن الإنتاج الفكري والعلوم الإنسانية وكل ما من شأنه أن يرتقي بالمجتمعات تلعب دوراً إيجابياً في حث المجتمعات إلى السير الحثيث نحو التطور والرقي والتحضر لكن الجماعات والمكونات الدينية المتشددة كانت ولا زالت تعمل على ترسيخ ثقافة المنع والترهيب ضد الحرية والفكر والابدع الحضاري. إن المكونات العربية التي تتخذ من الدين عنواناً لها وعلى رأسها الوهابية السعودية قد وقفت خلال القرن الماضي ولا زالت إلى اليوم تقف حجر عثرة أمام أي تطور حضاري أو اقتصادي وغيره يعتمل في وطننا العربي من الخليج العربي الى المحيط الاطلسي . فالوهابية السعودية قد أضحت اليوم على مراحل مايسمى ب “ الإسلام السياسي “ والذي يتكئ على الدين الحنيف لتحقيق أهداف سياسية ممقوتة .