حالة من الذهول انتابت قوات العدوان الإسرائيلي إثر تساقط أحدث دباباته واحدة تلو الأخرى ، فميركافا هي عروس الدبابات الاسرائيلية ، وهي في مخيلة من ابتكرها محصنة مائة بالمائة ضد التفجير ، لكن سهام حزب الله قلبت تلك المعتقدات التي ظهر زيفها على أرض الواقع ، فكأن الصواريخ المتواضعة التي يطلقها مقاتلو حزب الله تعرف هدفها جيدا بعد افتضاح أمر الدبابة الأسطورة وظهور عيب وحيد في التصميم ، فإذا ما أصيب هذا الجزء انفجرت الدبابة في الحال ، وهذا أحد أسرار ارتفاع فاتورة الخسائر العسكرية لإسرائيل. حيث تلقت آلة الحرب الصهيونية ضربات قاصمة إثر الخسائر المتواصلة للاحتلال على أيدي مقاتلي حزب الله في لبنان وتزايد خسائرها في العدة والعتاد بعد البسالة الفائقة التي أظهرتها المقاومة طيلة أكثر من شهر على الحرب لم يستطع خلالها الصهاينة تحقيق أي نصر سياسي أو عسكري يذكر ومن أكبر خسائر الصهاينة في تلك الحرب هي انتهاء أسطورة الجيش الذي لا يقهر باعترافات الصهاينة أنفسهم وبقولهم أن إعادة صورة جيشهم القوي في المنطقة يتطلب عشرات السنين ، كما تلقت الصناعة العسكرية الإسرائيلية ضربة مذلة بعد تعرض أسطول دباباتها المسماة بال "ميركافا".. العاصفة .. أو كما يطلقون عليها "جبل الصلب الذي لا يتبدد " إلى التدمير من قبل مقاتلي حزب الله وأصبحت ال "ميركافا" وجبة شهية لدي المقاومة بعدما أعلنت المقاومة في معارك أمس الأحد تدمير أكثر من 30 دبابة في الهجوم علي رتل من الدبابات خلال اجتياح بري للصهاينة باتجاه نهر الليطاني . وهو ما دفع دوريات عسكرية وصحف دولية متابعة لمجريات المعارك الدائرة في جنوب لبنان إلى القول بنجاح المقاومة في "تحييد" درة الصناعة الحربية الإسرائيلية. وكان الشيخ حسن نصر الله في خطابه يوم 9 من أغسطس الماضي أعلن أن المقاومة استطاعت تدمير أكثر من 60 دبابة إلى هذا التاريخ وأن مقاتلو حزب الله تمكنوا من إعطاب وتدمير عدد من الجيل الأخير والأحدث من الدبابة نفسها والمعروف باسم "ميركافا-4" رغم ما تتمتع به من مزايا استثنائية في ميدان القتال جعلت تجار السلاح والمصنعين الإسرائيليين يطلقون عليها "نجمة إسرائيل".وسبق للمقاومة الفلسطينية أن تمكنت من تدمير عدد من الدبابات من طراز "ميركافا- 3" خلال إشتباكات ومعارك مع القوات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 2000 وتفاخر العسكرية الإسرائيلية بالدبابة ميركافا محلية الصنع باعتبارها الأكثر تأمينا لحياة طاقمها بين مختلف طرازات الدبابات في العالم، وتارة يتغنى العسكريون الإسرائيليون بأنها الأكثر "تدريعا ومنعة" أمام المقذوفات المضادة للدبابات، والأقدر بين الدبابات على المناورة والعمل في ظروف بيئية صعبة. لكن هذه المواصفات القتالية التي تبدو بالفعل قياسية من الناحية النظرية، لم تثبت كفاءتها أمام ضربات مقاتلي حزب الله، فخلال المعارك الضارية بجنوب لبنان اهتمت وسائل الإعلام العربية والغربية والإسرائيلية أيضا بإحصاء خسائر الجيش الإسرائيلي من الدبابات بجانب إحصاءات القتلى اللبنانيين أو الإسرائيليين. وتحت عنوان "الميركافا اللامنيعة" قالت مجلة "الدفاع البلجيكية" في تقرير نشرته السبت "إن اليومين الأخيرين فقط شهدا مقتل 7 جنود إسرائيليين وتدمير 3 دبابات ميركافا (جبال الصلب التي يُتَبجح بأنها رموز جبروت العسكرية الإسرائيلية)"، بحسب تعبير الصحيفة. الطريف أن وسائل الإعلام الإسرائيلية حاولت تدارك التدهور المتزايد في سمعة الميركافا؛ حيث تفاخرت صحيفة "جيروزاليم بوست" في عددها الصادر مطلع الشهر الجاري تحت عنوان "دبابات الميركافا-4 أثبتت جَلَدَها" وأن أفراد الطاقم الأربعة خرجوا من إحداها سالمين بعدما أصيبت بضربة مزدوجة من صاروخين مضادين للدبابات. لكنها اعترفت أن "نجاح الدبابة لم يفلح كثيرا في إخفاء إحباط الجنود"، مشيرة إلى أن فرق مضادات الدبابات الخاصة بحزب الله ما زالت تعمل بفاعلية في الميدان. ونقلت عن وسائل الإعلام الإسرائيلية أن معظم ال59 جنديا الإسرائيليين الذي قتلوا في المعارك خلال ال 4 أسابيع الماضية ماتوا بسبب الصواريخ المضادة للدبابات. وفي معرض تفسير سقوط أسطورة الميركافا أبرزت مجلة "سترات فور" الأمريكية المعنية بالشئون العسكرية في متابعاتها للحرب اللبنانية الإسرائيلية السبت أن الصواريخ المضادة للدبابات التي يستخدمها مقاتلو حزب الله، وهي عبارة عن نسخة مطورة من الصاروخ ميتيس السوفيتية وكذلك صواريخ ميلان الفرنسية، "أظهرت فيما يبدو تأثيرا على أحدث دبابة قتال رئيسية لدى جيش الدفاع الإسرائيلي وهي ميركافا-4". وتعود قصة صناعة الميركافا إلى حرب عام 1967؛ حيث فرضت فرنسا حظرا تجاريا على إسرائيل؛ وهو ما دفعها إلى التعاقد مع بريطانيا على إنتاج مشترك للدبابة "تشيفتين"، لكن بريطانيا انسحبت بسبب ضغوط عربية عليها وألغت الصفقة، وحينها أدركت إسرائيل أنها بحاجة لتصنيع دبابة محلية، وقررت عام 1970 البدء في صناعة دبابة محلية. ورغم الجسر الجوي العسكري الأمريكي لإسرائيل في حرب أكتوبر 1973 وإمدادها بدبابات مزودة بالوقود إلى ميدان المعركة، فإن إسرائيل مضت في خططها واستفادت من حروبها السابقة في صنع الميركافا لتوائم الاحتياجات الإسرائيلية فيما يختص بالسرعة والقدرة النيرانية العالية. وأكثر ما ركزت عليه هو سلامة طاقم الدبابة نظرا لقلة عدد سكان إسرائيل. وخرجت الميركافا-1 للنور عام 1979، وقد تم تسليحها بمدفع من عيار 105 ملم، وصممت بحيث تناسب الطبيعة الوعرة لشمال إسرائيل ومرتفعات الجولان السورية المحتلة، وشاركت في غزو لبنان عام 1982. وتميزت هذه الدبابة بمحرك الديزل في جزئها الأمامي، وحجرة القتال في مؤخرتها، ويوفر لها هذا التصميم الحماية، علاوة على تصميم برجها ومعدات تدريعها الخاصة. ثم تبعتها الميركافا-2 عام 1983، وركز مطوروها على ملاءمتها لحروب المدن بعد خبرة حرب لبنان، ولذلك أضيف إليها مدفع رشاش مضاد للأفراد عيار 60 مللي، مع إدخال بعض التحسينات على تدريعها ونظام السيطرة على النيران. ثم جاءت "ميركافا -3" عام 1990، وفيها تم تزويد القدرة النيرانية لها بمدفع من عيار 120 ملم ذي البطانة الملساء، ثم أدخلت بعض التحسينات على الطراز الأخير من هذه الدبابة، لتخرج "ميركافا -3 باز" (أي الصقر)، من بينها تحسينات أدخلت على تدريعها وبرجها. وأخيرا وفي عام 2004 دخلت الدبابة "ميركافا -4" الخدمة بالجيش الإسرائيلي بنفس المدفع من عيار 120 ملم، مع إجراء بعض التحسينات على نظام السيطرة على النيران والتدريع والمساعدات الدفاعية. ورغم التكتم الشديد على عدد دبابات ميركافا التي أنتجتها إسرائيل، فإن التقديرات تشير إلى أن إسرائيل قد أنتجت 1500 دبابة ميركافا على الأقل، ولم تصدِّر إسرائيل الدبابة ميركافا للخارج حتى الآن. ولتفجير الميركافا مغزى خاصّ بعيد عن مجرّد كونها خسارة إسرائيلية في العدد والعتاد الباهظ الثمن والهيبة الإسرائيلية فهي تعتبر كسرا لهامة آلة الحرب الصهيونية . وتسوق إسرائيل دبابة الميركافا "3" إلى العالم على أنها الدبابة الأكثر تحصينا في العالم، بنسبة إصابات للطاقم تصل إلى 0% مقارنة مع الدبابات الأخرى التي لديها متوسط إصابات تصل إلى 26%، ويمتلك الجيش الإسرائيلي منها 3600 دبابة، إضافة ل 1400 دبابة أخرى من نوع "أبرامز 1" أمريكية الصنع. وكان لسقوط "ميركافا 4" المتكرر نتائج وخيمة على إسرائيل إستراتيجيا واقتصاديا فعلى الصعيد الاقتصادي فإن تدمير ميركافا 4 قدالغي سمعة الميركافاه وهو ماجعل تركيا تلغي صفقة مع الصهاينة بملايين الولارات لاستيراد الدبابة كما هو الحال عندما دمرت المقاومة الفلسطينية الدبابة " ميركافاه 3 " وهو ما سدد وقتها ضربة موجعة للجهود الإسرائيلية لتسويق دبابة ميركافا 3 في جميع أنحاء العالم؛ فقد هبط فجأة سعر هذه الدبابة بشكل كبير في أسواق السلاح العالمية، وتحطمت مشروعات تسويقها في كل من الصين والهند وإفريقيا وبعض الدول الأوروبية الصغيرة. نقلا عن محيط