السيد القائد يعزي باستشهاد القائد اللواء الغماري ويشيد باسهاماته في اسناد غزة    وقفات نسائية بمديريات أمانة العاصمة بالذكرى الثانية لعملية طوفان الأقصى    الدكتور بن حبتور يعزي وزير الدفاع في وفاة عمّه    أمن العاصمة عدن يكشف عن آخر المستجدات حول جريمة اغتيال الشيخ مهدي العقربي    صنعاء.. البنك المركزي يوقف شبكة تحويلات مالية    مدير هيئة المواصفات يطلع على سير العمل في الشركة اليمنية لتصنيع وتعبئة التمور    عن ايقاف معجب من قناة الساحات    الأرصاد: أجواء باردة إلى باردة نسبياً على المرتفعات وأدنى درجة حرارة سُجِّلت في ذمار    قطع الكهرباء في عدن: جريمة تعذيب جماعي ووسيلة لإذلال شعب بأكمله    بينها العفو الدولية وهيومن رايتس.. 17منظمة تدعو للإفراج الفوري عن المحامي عبد المجيد صبره    الدكتور بن حبتور يعزي وزير الدفاع في وفاة عمّه    الغيثي يدعو الانتقالي لتبني مشروع جبر الضرر وبناء جنوب متصالح    غزة.. هيروشيما الحيّة التي أعادت القضية الفلسطينية إلى صدارة العالم    لماذا في عدن فقط: حراسة العليمي بين المظهر الأمني والرسائل السياسية    بأي حال عدت يا عيد؟    أقصى فرنسا.. المغرب إلى نهائي مونديال الشباب    سعودي الناشئات يتعادل مع لبنان    الفرنسي رينارد يقود السعودي في المونديال وآسيا    القيادة العسكرية والأمنية فن وعبقرية وأمانة    تقرير أمريكي يكشف عن حجم أضرار (ترومان)    اليمن انموذجا..أين تذهب أموال المانحين؟    السقلدي: من يترحم على الاحتلال البريطاني يهين دماء الشهداء ويشكك بمشروعية الثورة    جدولة معلّقة.. خلاف خفي بين اليمنية وإدارة مطار المخا    من قتل الحمدي قتل أمين؛ ومن قتلهما قتل اليمن    قراءة تحليلية لنص "فضاءٌ ضاق بطائر" ل"أحمد سيف حاشد"    تعز.. قوة أمنية تعتدي على المعتصمين وتعتقل بعضهم    يوفنتوس يخطط للتعاقد مع سكرينيار    عدن تغرق في الظلام مع ارتفاع ساعات انقطاع الكهرباء    انتقالي يهر والسلطة المحلية يكرمان أوائل طلاب ثانوية الشهيد عبدالمحسن بالمديرية    هل نشهد قريبًا تحركًا حقيقياً لإعادة تشغيل مصفاة عدن.!    دي يونغ يجدد عقده مع برشلونة حتى عام 2029    ابتكار قرنية شفافة يقدم حلا لأزمة نقص التبرعات العالمية    الذهب يرتفع قرب مستوى قياسي جديد    معهد امريكي: شواء اللحوم يزيد خطر الاصابة بالسرطان    جنيه الذهب يخترق حاجز ال 500 الف ريال في اليمن    انجاز امني: ضبط عصابة خطف التلفونات بالدراجات النارية    ذمار.. مقتل مواطن برصاصة طائشة خلال خلاف عائلي    صنعاء.. جمعية الصرافين تعمّم بإعادة التعامل مع شركة ومنشأة صرافة    منع صيد الوعول مؤقتاً في حضرموت    صعود الذهب إلى قمة تاريخية جديدة    قراءة تحليلية لنص "الأمل المتصحر بالحرب" ل"أحمد سيف حاشد"    مبابي يتصدر قائمة أفضل مهاجمي العالم ومرموش يتفوق على رونالدو    أصبحت حديث العالم ...فأر يقتحم مباراة بلجيكا وويلز في إطار تصفيات كأس العالم .!    اندلاع حريق في مخيم للنازحين بأبين    عدن.. ضبط سائق باص حاول اختطاف فتاة    اليمن يقترب من التأهل لكأس آسيا 2027 بعد اكتساح بروناي    شبام.. القلب النابض في وادي حضرموت يرفع اليوم صوت الجنوب العربي عالياً    الضالع بعيون ابينية    متى يبدأ شهر رمضان 2026/1447؟    448 مليون ريال إيرادات شباك التذاكر في السعودية    القلم الذي لا ينقل أنين الوطن لا يصلح للكتابة    موقف فاضح للمرتزقة في مصر    أبناء وبنات الشيباني يصدرون بيان ثاني بشأن تجاوزات ومغالطات اخيهم الشيباني    أبناء وبنات الشيباني يصدرون بيان ثاني بشأن تجاوزات ومغالطات اخيهم الشيباني    ورثة المرحوم " الشيباني " يجددون بيانهم ضد عبد الكريم الشيباني ويتهمونه بالاستيلاء والتضليل ويطالبون بإنصافهم من الجهات الرسمية    قطاع الحج والعمرة يعلن بدء تطبيق اشتراطات اللياقة الطبية وفق التعليمات الصحية السعودية لموسم حج 1447ه    الرمان... الفاكهة الأغنى بالفوائد الصحية عصيره يخفض ضغط الدم... وبذوره لها خصائص مضادة للالتهابات    ما فوائد تناول المغنيسيوم وفيتامين «بي-6» معاً؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



على خطى علهان ... تتجدد العمالة والخيانة !
نشر في 26 سبتمبر يوم 03 - 02 - 2021

كانت اليمن في عصورها القديمة تمثل إحدى حلقات الصراع العالمي نتيجة لموقعها الاستراتيجي الهام وكان العالم في ذلك الوقت ينقسم بين إمبراطورية فارس في الشرق وإمبراطورية بيزنطة في الغرب لهذا كان من الطبيعي أن تحاول الإمبراطوريتان التدخل في شؤون اليمن التي كانت تتمتع بثرائها الكبير وموقعها الجغرافي بغرض السيطرة على أهم مفاصل المواصلات التجارية العالمية في جنوب البحر الأحمر.
لذلك تعرضت اليمن لمحاولات غزو عديدة لأراضيها منها محاولة الرومان بقيادة اليوس جاليوس لكنها ذاقت مرارة الهزيمة على ايدي اليمنيين عام 24م . مما جعلها تدفع بحليفتها مملكة اكسوم في الحبشة إلى احتلال اليمن مستغلة الأخيرة الصراعات الداخلية للقوي اليمنية آنذاك وتحالف أحدى تلك القوي معهم ضد خصومه .
الصراع الداخلي
ما أن جاء القرن الأول الميلادي حتى كانت مملكة أكسوم قد برزت إلى الوجود وبدأت تطمع بالسيطرة على اليمن . ويظهر من النقوش المسندية التي تعود إلى القرن الثالث الميلادي بأن الأحباش استغلوا النزاعات التي كانت قائمة في اليمن وبشكل رئيسي بين سبأ وحمير وكنتيجة لتواطؤ قبائل همدان مع الأحباش في بداية ظهور الانقسامات داخل صفوف المجتمع اليمني القديم فقد جاء الهمدانيون بالأحباش لأول مرة إلى اليمن ليساعدوهم في حروبهم ضد حمير وأدت هذه النزاعات إلى تمركز الأحباش في تهامة ما يقارب 75 سنة حتي أواخر القرن الثالث الميلادي . وكانت الحبشة تهدف من وراء احتلال اليمن الاستيلاء على مواردها من التجارة والملاحة البحرية في البحر الأحمر . فعندما تمكنت دولة حمير من انتزاع مناطق قتبان الساحلية وتحويلها إلى دولة داخلية الأمر الذي أضعف قتبان وأدي إلى انهيارها التدريجي سياسيا واقتصاديا – فالشواهد التاريخية تثبت إن اي دولة داخلية لا تسيطر على منافذ بحرية لا تملك أسباب البقاء والصمود السياسي والاقتصادي وسرعان ما تنهار - ثم تجدد الصراع ما بين ممالك اليمن حمير وسبأ وحضرموت والذي استمر من أواخر القرن الأول الى القرن الثالث الميلادي وشهد أول تدخلي اجنبي في اليمن مستغل للظروف الداخلية بين القوي اليمنية وانقسامها فيما بينها , إضافة إلى قيام ملك سبأ علهان نهفان في نهاية القرن الثاني الميلادي للتحالف مع جدرت ملك اكسوم لدعمه سياسيا وعسكريا لإيقاف الضغط الحميري عليه – ويعتبر هذا اول طلب استنجاد بالعنصر الأجنبي في تاريخ اليمن , فما اشبه عملاء الأمس البعيد بعملاء اليوم - لتدخل اليمن آنذاك مرحلة جديدة من الصراع الداخلي وتدخل اجنبي فكأن ملك سبأ علهان يبحث عن اعتبارات سياسية كتثبيته بشرعية حكم اليمن , وعسكرية حماية مأرب من السقوط بيد الحميريين , واقتصادية توسيع مجال تجارته بالاتصال بوسط وشمال الجزيرة العربية بعد ان حرمت دولته من موارد الموانئ بالسواحل اليمنية فدولة حضرموت مسيطرة على الموانئ الشرقية وحمير مسيطرة على الموانئ الغربية والجنوبية تهامة والمعافر وعدن .
احتلال حبشي
وبدخول الأحباش في حلبة الصراع بين القوى والممالك اليمنية القديمة أصبحت طرفا ثالثا ومؤثرا بقوة وباستمرار الصراع بل هو السبب الاساسي في طيلة تلك الصراع واضعاف القوى اليمنية وتدمير اقتصادها في حين اوجدت لها اقدام على طول السواحل اليمنية طيلة القرن الثالث الميلادي حيث استغل الأحباش التحالف مع مملكة سبأ لتحقيق اهدافهم مستفيدين من التفكك السياسي والعسكري باليمن فاحتلوا مناطق ساحلية واسعة من جيزان وعسير للسيطرة على التجارة الأفريقية المنقولة إلى الساحل العربي . ومن ثم احتلوا الموانئ الجنوبية الغربية كميناء موزع ومنطقة المعافر وصولا إلى مدينة عدن . والتوغل نحو الموانئ الشرقية كميناء قنأ ( بئرعلي ) التابع لدولة حضرموت ومحاصرتها بحريا . مما الحق خسائر اقتصادية فادحة بدولة حضرموت وجعلها تنصدم بدولة سبا حينما توغلت نحو مدينة الجوف للسيطرة على طريق التجارة البرية . فالحقيقة التي لا تخفي أن تمزق الدولة الواحدة وتضارب مطامع زعمائها وتغليب المصالح القبلية أو الاقليمية على حساب المصلحة العليا للوطن كل ذلك كان سبيلا إلى تدخل الغزاة والمحتلين في أمورها الداخلية . - وما يحدث اليوم من عدوان خارجي على اليمن منذ ست سنوات واحتلال لبعض محافظات الجمهورية اليمنية بمؤازرة بعض القوى اليمنية للمحتلين والتي ارتهنت بالعمالة والخيانة وكأننا لم تستفيد من اخطاء الماضي القديم بخيانة الوطن والشعب واستدعاء محتلون جدد مزقوا الوطن ارضا وانسانا ونهبوا الثروات ودمروا كل المقدرات والمكاسب والبنية التحتية للجمهورية اليمنية وما زالوا يعبثوا وينهبوا حتي اللحظة بثروات وتراث وتاريخ وحضارة شعب اليمن - .
سياسة التحالفات
استخدم المحتل الحبشي بعد دخوله اليمن بفترة وجيزة سياسة تعدد التحالفات لتحقيق اهدافه ومطامعه التوسعية فهذه السياسة تعتمد على تحالفات مع كيانات وجماعات وفصائل وقبائل وقيادات معارضة لسلطة الشرعية الرئيسية في اليمن آنذاك بغرض أضعاف السلطة المركزية وادخالها في صراعات وحروب ثانوية وفرعية مع هؤلاء ليقاتلوا نيابة عن المحتل الحبشي . فهذه الكيانات المعارضة للحكومة الشرعية ممثلة بملك سبأ علهان بن نهفان ستحدث تصدع وشق للسلطة المركزية وتسهل لهم مد نفوذهم الاستعمارية على اليمن . فقد تحالف الأحباش مع قبائل نجران وعسير وتهامة , وايضا اوجد له فرقة رماه ( ندف ) من ابناء المعافر( الحجرية حاليا ) وسيطروا على ميناء موزع والساحل الجنوبي الغربي حتي ميناء عدن وبدأت بالتوغل نحو الداخل ومحاصرة ظفار عاصمة الحميريين . كذلك قامت بتطويق حدود مملكة سبأ بتحالفات مع قبيلة خولان وبكيل ووصلت التحالفات إلى شمال سبأ مع ملك كنده لخنق دولة سبأ اقتصاديا من خلال السيطرة على طريق التجارة البرية . كل ذلك أضعف دولة سبأ سياسيا وعسكريا واقتصاديا وجعلها تقاتل في الجهات الأربع وعرض سلطتها للضعف وشرعيتها للزوال ووحدتها وأراضيها لتمزق والاحتلال . حتي اضطر ملك سبأ شاعرم أوتر إلى محاولة انتهاج سياسة المسالمة مع الأحباش حيث تشير بعض النقوش إلى وقوع صلح مع الاحباش كما يظهر ايضا من سفارة القيل قطبان أوكن لدى (جدرة) ملك الحبشة وهي أقدم سفارة معروفة في تاريخ العلاقات اليمنية الحبشية . - وكأننا امام مشهد تاريخي يتكرر اليوم قوات مرتزقة في الساحل الغربي , وما يسمي بالمجلس الانتقالي بعدن وابين والنخبة الشبوانية والحضرمية وغيرهما من الفصائل بالإضافة إلى الجماعات الدينية المتطرفة في تعز و البيضاء ومأرب وشبوة وأبين وحضرموت كل هؤلاء صنيعه غزاة اليوم وعبر مرتزقتهم هؤلاء يحققوا اهدافهم باحتلالهم لليمن اليس هذه نفس سياسة تعدد التحالفات للمحتل الحبشي في التاريخ القديم يمارسها عدوان اليوم ؟ .
تمرد نجران
وفي كل الأحوال فإن السبئيين قد تقبلوا الوجود الحبشي كأمر واقع لا مفر منه وكان همهم مجرد الدفاع عن حدودهم وتأمين طرق مواصلتهم التجارية البرية نحو شمال الجزيرة العربية . ولم يتحقق امل علهان ملك سبأ من هذا التحالف ومن استدعاه الأحباش في اعادة هيبة دولة سبا وذو ريدان . ومن المفارقات العجيبة ان ملك سبا علهان هو من استدعى الأحباش للوقوف معه ضد خطر دولة حمير وللحفاظ على ارضه فإذا بدولة حضرموت تقتطع جزء من أراضي سبأ والاحباش يستولون على موانئ واراضي تخص مملكة سبأ وتذكر النقوش ان الأحباش ومعهم الحضارمة ساندوا قبائل نجران على التمرد والانفصال على مملكة سبأ الخاضعين لها . وهنا اوجد ملك سبا لنفسه مخاطر اكبر من الخطر الحميري .- اليس عدوان اليوم يسيرون في احتلالهم لليمن على نفس خطوات واساليب المحتل الحبشي في الماضي - .
توحيد وطن
أن اضعاف حمير وما ادخلته لعبه التحالفات للمحتل الحبشي من تعقيدات على الصراع بين الممالك اليمنية القديمة هو الذي أجل تحقيق توحيد الكيانين السبئي والريداني لأعاده توحيد اليمن تحت قيادة واحدة . كما ان أضعاف حمير أدي ايضا إلى تعاظم قوة الحبشة . وكل تلك الأحداث والصراعات بين القوى اليمنية والتي لعب فيها الأحباش دور رئيسي فمع بداية القرن الثالث الميلادي كانت اكسوم قد أخذت تغدو قوة بارزة في مسرح الاحداث السياسية والعسكرية لليمن فسبأ لم تكن قادرة على ان تخرجها من اليمن (بل انها لم تحاول ذلك او مجرد التفكير ) ومقاومة حمير قد ضعفت كثيرا نتيجة احاطتها بالأعداء من كل جانب , وهي لم تلبث ان فقدت سيطرتها على اقليم المعافر والتي دخلت تحت نفوذ ملوك اكسوم والمعافر هي الحبل السري الذي كان يربط حمير بمصادر التجارة من خلال الموانئ الجنوبية الغربية والاتصال بالعالم الخارجي . لذلك ادركت القوي الوطنية أن وجود الأحباش في اليمن يشكل خطرا على سبأ و حمير ففي عهد شعر اوتر بن علهان نهفان الذي حكم في الربع الأول من القرن الثالث الميلادي قام بحملات عسكرية ضد الأحباش ومن كان يساندهم في مناطق السراة والمعافر فحربه ضد الأحباش شملت اراضي خولان العالية فبلاد سهرت والأشاعر ونجران حتي وادي الدواسر واراضي قبيلة كندة في اواسط الجزيرة العربية . ويظهر من نقوش أخر ملوك سبأ في الربع الثالث من القرن الثالث الميلادي بأن مملكتي سبأ وحمير كانتا في حالة سلم وهذا ما سهل على الملك الحميري ياسر يهنعم على توحيد الصف اليمني لمحاربه الأحباش وإجبارهم على الرحيل من اليمن وذلك في حوالي سنة 270 ميلادي . وتابع ابنه الملك شمر يهرعش سياسة أبيه بمحاربة القبائل التي كانت تساند الأحباش في المناطق الساحلية وفي المعافر ومن ثم توجه نحو ضم حضرموت بعد نجاح مشروع توحيد سبأ وذو ريدان كخطورة ضرورية للقضاء على التناقضات المحلية التي كانت من أسباب طول الصراع القديم واتخاذه لقب ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنه وتوحيده لليمن أرضا وإنسانا بنهاية القرن الثالث الميلادي .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.