البكري يشهد تتويج منتخب صنعاء "رجال وسيدات" بلقب البطولة الوطنية الأولى لكرة السلة للكراسي المتحركة    اليمن يدعو المجتمع الدولي للتحرك الفعال ضد الأعمال الحوثية التخريبية وتهديدات إيران للملاحة    بدء صرف نصف معاش .. وفق الالية الاستثنائية    إدارية الجمعية الوطنية للانتقالي تُحيّي شعب الجنوب والقيادة السياسية بذكرى عيد الاستقلال وتدعو إلى المشاركة الفاعلة في الفعاليات الاحتفالية    منتخب الناشئين يستكمل تحضيراته لموقعة باكستان غدا الجمعة    قصتي مع الشيخ المقرمي    العثور على مسؤول أمني مقتولا داخل سيارته بعدن    اختطاف طبيب في مدينة تعز    ممثلية المجلس الانتقالي الجنوبي في روسيا تقيم ندوة حوارية بمشاركة باحثين روس    رئيس الهيئة السياسية: دعم دولة الإمارات لشعبنا يعكس عمق العلاقات الأخوية    الذهب يستقر قرب قمة أسبوعين.. والأنظار تتجه لتوقعات خفض الفائدة الأمريكية    هندسة التجويع.. كيف يعمل الحوثيون على استنزاف رأس المال الوطني سعيًا لإفلاسه؟    في وداع مهندس التدبّر    الشيخ المقرمي.. وداعا    الإخوان يبدأون سحب أرصدتهم في أمريكا قبل قرار ترامب المرتقب بتصنيفهم تنظيماً إرهابياً    "أرض الصومال"... صعود كيان بلا اعتراف في قلب تنافس دولي    القطاع النفطي الأهم رقم 5 بشبوة أكل تفاح عليمي    منافسات مثيرة في النصف النهائي لبطولة كأس الشهداء لتنس الميدان    موجة برد جديدة متوقعة يرافقها انخفاض في الرطوبة    صحيفة غربية: الطائرات المسيرة اليمنية قادرة على اختراق المنظومات الدفاعية الجوية المتطورة    ترتيب هدافي دوري أبطال أوروبا بعد سوبر هاتريك مبابي مباراة ريال مدريد وأولمبياكوس    إطلاق نار يغلق البيت الأبيض ويوقف حركة الطيران في واشنطن    عودة 48 صياداً إلى الخوبة اختطفوا وعُذّبوا في إريتريا    بن حبريش يكرر خطيئة إخوان شبوة ويقود تمرداً مسلحاً يعيد حضرموت إلى مربع الفوضى    الإصلاح يعلن وقوفه مع بن حبريش لتأديب الإمارات    الجنوب العربي والطارئون على السياسة بعد 1967    تقرير أممي: انخفاض ملحوظ لواردات الوقود والغذاء عبر موانئ الحديدة    الاغذية العالمي يستبعد قرابة مليوني يمني من سجلات المساعدات الغذائية    هزة أرضية في محافظة ذمار    سعد لمجرد يمثل أمام القضاء الفرنسي مجددا بتهمة "الاغتصاب المشدد"    قراءة تحليلية لنص" بعد الخطوبة وقبل القران" ل"أحمد سيف حاشد"    ألمانيا تُعلّق على قرارات الاعدام التي أصدرتها سلطات صنعاء بحق 17 مواطنًا    الصحفي الكبير والمناضل القدير محمد قاسم نعمان    صنعاء.. مقتل مواطنين بانفجار عبوة ناسفة بمديرية نهم    قائد المنتخب اليمني يعتذر للجماهير بعد خسارة مؤلمة بركلات الترجيح أمام جزر القمر    قراءة في تقدير مركز استخبارات أمريكي لاحتمال تجدد المواجهة بين اليمن والكيان الصهيوني    عاشق الحياة وصديق الموت    مسام يُتلف 7175 لغماً وذخيرة حوثية في وادي دوفس بأبين    صعدة : الإفراج عن 140 سجينا تنفيذا لتوجيهات قائد الثورة    معرض وبازار للمنتجات التراثية للأسر المنتجة في صنعاء    مخيم طبي خيري مجاني للأطفال في مستشفى الكويت الجامعي بصنعاء    منحة مليار دولار: الشيخ بن زايد يكسر الحصار الأسود لإظلام مدن الجنوب    منتخب الناشئين يفوز على كمبوديا بثلاثية نظيفة في تصفيات آسيا    اشغال مأرب يدشن حملة لإزالة المخالفات من أرصفة شوارع عاصمة المحافظة    تكريم الفائزين في مسابقة البحوث العلمية حول سرطان الثدي بكلية المجتمع بسيئون ..    رحيل مفجع للداعية البارز محمد المقري في مكة المكرمة    صنعاء تستعد لانطلاق مهرجان المقالح الشعري    الذكاء الاصطناعي يفتح آفاقاً جديدة في أبحاث الدماغ    الرياضة في الأربعينات: سلاحك ضد الزهايمر    تشيلسي يسقط برشلونة بثلاثية    قراءة تحليلية لنص "خطوبة" ل"أحمد سيف حاشد"    تدشين فعاليات إحياء ذكرى ميلاد فاطمة الزهراء بالامانة    فوز الكويت بمقعد العضوية في اليونيسكو لأربع سنوات    حين يتحوّل فستان إعلامية إلى معركة هوية في وطنٍ تُنهكه المآسي !!    خبراء التغذية: النظام الغذائي مفتاح التركيز الذهني    الصحة تعلن ارتفاع وفيات وإصابات التهاب السحايا في اليمن    الكثيري يُعزّي في وفاة الشاعر والأديب ثابت السعدي ويشيد بإرثه الأدبي والثقافي    تسجيل 26 حالة وفاة وألف و232 إصابة بالحمى الشوكية منذ مطلع العام الجاري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعركة الفكرية بين الشرق والغرب
نشر في 26 سبتمبر يوم 19 - 04 - 2021

منذ عقد الثمانينات من القرن العشرين سارت السياسة الامريكية في خط الاصوليات حيث تبنت دعم الاصوليات الدينية ليس حبا في الاديان وانما رغبة في الانتصار على النظام الاشتراكي,
ورغبة في حماية المصالح الاستراتيجية للدول الكبرى, وكان لتعاظم الاصوليات الدينية (الاسلامية, واليهودية, والمسيحية, والهندوسية) دور في التمهيد للسيطرة على العالم وبالتالي التفرد في اشغال واستنزاف وشرذمة حركات التحرر في العالم وفي الوطن العربي على وجه الخصوص, وفرض مبدأ الاستسلام للصهيونية في فلسطين الذي لم يعد خافيا اليوم على أحد, فقد كان في الماضي يتستر تحت غطاءات مختلفة أما اليوم فقد أعلن عن نفسه على لسان قادة النفط في الخليج بكل تجلٍ ووضوح .
لقد بات من المهم عندما نعقد مقارنات تاريخية أن نذكر الفروق والمتشابهات بين الماضي والحاضر، فالصراع بالأمس كان بين شرق وغرب أي بين أيديولوجيا اشتراكية وايديولوجيا رأسمالية وكان للاتحاد السوفيتي مصالح قومية تتعلق بالدولة يقوم بحمايتها, وحدود يقوم بترسيمها ,وبناء حكومي واضح، وعلى النقيض نجد اليوم أن الولايات المتحدة التي تتفرد بحكم العالم تقف في مواجهات عناصر غامضة لا تتبع دولة بعينها ولا تسيطر على مناطق محددة، بالرغم من أن بعضهم استطاع إقامة ملتجآءات خارج سيطرة الدولة، وهؤلاء الأفراد يرفضون الأعراف التي يقوم عليها النظام الدولي كما لا يخضعون للسبل التقليدية بصورة عامة؛ بالمختصر هناك ثلاثة جوانب واسعة للمقارنة بين بيئة الحرب الباردة والبيئة الراهنة:
أولاً: واجهت واشنطن في أواخر الأربعينيات كما تواجه اليوم بيئة (جيو/سياسية) جديدة ومحيرة، تنطوي على تهديدات أمنية جديدة؛ ففي بداية الحرب الباردة تمثل التهديد في الحركة الشيوعية العالمية التي قادها الاتحاد السوفيتي المسلح نوويًّا، أما اليوم فيتركز هذا التهديد في حركة جهادية عالمية تشن هجمات إرهابية ضد الغرب، وتسقط أعدادًا ضخمة من الضحايا.
ثانيًا: مثلما الحال في الأربعينيات؛ شهدنا إنشاء كيانات بيروقراطية كبيرة وجديدة تابعة للحكومة الأمريكية، بهدف التصدي لهذه التهديدات.
ثالثاً: وهو الأهم في هذا الموضوع: أنه في بدايات الحرب الباردة ساد الإدراك بأن الولايات المتحدة وحلفاءها يخوضون صراعًا أيديولوجيًّا؛ فمن جانبهم أدرك صانعو السياسات جيدًا أن هذا الصراع سيجري خوضه على مستويات دبلوماسية واقتصادية وعسكرية ونفسية، أما اليوم- وفق اعتراف وزارة الدفاع الامريكية في تقريرها الرابع السنوي- أن الولايات المتحدة تقود حربًا على الصعيدين العسكري والفكري, فهي تقود معركة بالأسلحة ومعركة بالأفكار؛ حيث لن تكون الغَلَبَة على الجانب الآخر إلا بتشويه الأيديولوجيات في أعين معتنقيها ومؤيديها.
وعليه تتطلب عملية نجاح سياسة الاحتواء الأمريكية- إلى جانب الدرع العسكري الذي وفرته القوة الأمريكية النووية والتقليدية- بناء مؤسسات ديمقراطية منفتحة لتحدي الهيمنة على المجتمع المسلم، وشكلت العلاقة الوثيقة بين الاستراتيجية الكبرى للولايات المتحدة وجهودها لإنشاء شبكات تروج للفكر الديمقراطي الحديث المنفتح والمتعايش, المكون الرئيسي والعامل الأهم في النجاح العالمي الذي أحرزته سياسة الاحتواء الأمريكية. وبذلك فإنها تمثل نموذجًا لصانعي السياسات في الوقت الراهن.
والجدير بالذكر أن داخل الولايات المتحدة وأوروبا كان هناك بالفعل حركات فكرية مناهضة للمد الاسلامي خاصة في الأوساط المتطرفة، وكانت الحاجة ماسَّة في هذا الوقت لعاملين مهمين؛ ألا وهما المال والتنظيم اللازمين لتحويل الجهود الفردية إلى حملة واسعة النطاق، وبالتالي يتضح أن الولايات المتحدة لم تقم بإنشاء هذه الشبكات من فراغ، ولكن جاءت هذه الشبكات نتيجة لجهود حركات فكرية وسياسية قامت الولايات المتحدة والحكومات الأخرى الموالية لها بتبنيها وإيوائها بهدوء.
الأكثر خطورة هو ما تتضمنه تقارير مؤسسة راند- وهي مؤسسة بحثية امريكية- ففي أحد تقارير المؤسسة- الذي غالبًا ما تظهر آثار تقاريرها في السياسية الأمريكية مثل "إشعال الصراع بين السنة والشيعة" أنه يدعو لما يسميه "ضبط الإسلام" نفسه- وليس "الإسلاميين" ليكون متمشيًا مع "الواقع المعاصر". ويدعو للدخول في بنيته التحتية بهدف تكرار ما فعله الغرب مع التجربة الشيوعية، وبالتالي لم يَعُد يتحدث عن ضبط "الإسلاميين" أو التفريق بين مسلم معتدل ومسلم راديكالي، ولكن وضعهم في سلة واحدة!.
فتقارير "راند"- كتقرير 2004م- كانت تشجيع الإدارة الامريكية على محاربة "الإسلاميين المتطرفين" عبر: خدمات علمانية (بديلة)، ويدعون الى "الإسلام المدني"، بمعنى دعم جماعات المجتمع المسلم المدني التي تدافع عن "الاعتدال والحداثة"، وقطع الموارد عن المتطرفين، بمعنى التدخل في عمليتي التمويل وشبكة التمويل، بل وتربية كوادر مسلمة عسكرية علمانية في أمريكا تتفق مصالحها مع مصالح أمريكا للاستعانة بها في أوقات الحاجة وقد بدأ نشاط محموم في التنمية البشرية كانت الاخوان قادته ومادته خاصة مع بداية الالفية.
"ولكن في تقريرها الذي حمل عنوان "بناء شبكات مسلمة معتدلة"، يبدو أن الهدف يتعلق بتغيير الإسلام نفسه والمسلمين ككل بعدما ظهر لهم في التجارب السابقة أنه لا فارق بين "معتدل" و"متطرف" وأن الجميع يؤمن بجدوى الشريعة في حياة المسلم، والأمر يتطلب " اللعب في الفكر والمعتقد ذاتهما".
وبدت الولايات المتحدة في كل هذه المساعي كالمؤسسة البحثية؛ حيث قامت بتقييم كل المشاريع والأفكار لتحديد ما إذا كانت تخدم مصالح الولايات المتحدة، وقامت بدعمها ماديًّا، ثم اتبعت توجهًا يقوم على عدم التدخل، وتركت هذه المنظمات والهيئات تدير نفسها وتحقق أهداف الولايات المتحدة دون أي تدخل مباشر من الولايات المتحدة، ومثلما الحال مع أي مؤسسة وضعت الحكومة الأمريكية خطوطًا إرشادية بشأن كيفية إنفاق الأموال- إلا أنه بصورة عامة أدرك المسئولون الأمريكيون أنه كلما ابتعدت المسافة بين حكومتهم وبين المؤسسات التي ترعاها؛ كلما زادت احتمالات نجاح أنشطة هذه المنظمات.
تلك هي الصورة التي عليها الحال العربي اليوم في علاقته مع النظام العالمي الجديد الذي تديره أمريكا كقطب متفرد ومتغطرس في حكم العالم والتحكم بمصيره وقد بدأت البوادر تظهر من خلال حركة تشويه المعتقد الاسلامي وتفكيك المنظومات الفكرية.
معركتنا اليوم لم تعد معركة عسكرية فحسب ولكنها معركة فكرية وعلينا مواجهتها من خلال بناء المؤسسات الثقافية واعادة هيكلتها وتجديد أهدافها وتحديثها لتقوم بدورها الحيوي في سياق المعركة الكبرى التي تواجه الامة المسلمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.