كرة القدم تُلهم الجنون: اقتحامات نهائي دوري أبطال أوروبا تُظهر شغف المُشجعين    عيدروس الزُبيدي يصدر قراراً بتعيينات جديدة في الانتقالي    تعليقا على ترند البنك المركزي: لماذا التصعيد؟!    "إنهم خطرون".. مسؤول أمريكي يكشف نقاط القوة لدى الحوثيين ومصير العمليات بالبحر الأحمر    "لماذا اليمن في شقاء وتخلف"...ضاحي خلفان يُطلق النار على الحوثيين    كشف هوية القاضي الذي أثار موجة غضب بعد إصداره أحكام الإعدام اليوم في صنعاء    يمني يتوج بجائزة أفضل معلق عربي لعام 2024    المرصد اليمني: أكثر من 150 مدنياً سقطوا ضحايا جراء الألغام منذ يناير الماضي    ما نقاط القوة لدى كلا من البنك المركزي في عدن ومركزي صنعاء.. ما تأثير الصراع على أسعار السلع؟    صحفي يمني يفند ادعاءات الحوثيين بركوع أمريكا وبريطانيا    لماذا تصمت البنوك التي عاقبها البنك المركزي؟!    ضربة موجعة للحوثيين على حدود تعز والحديدة بفضل بسالة القوات المشتركة    مانشستر يونايتد يقترب من خطف لاعب جديد    نابولي يقترب من ضم مدافع تورينو بونجورنو    جريمة مروعة تهز المنصورة بعدن.. طفلة تودع الحياة خنقًا في منزلها.. من حرمها من حق الحياة؟    مشهد رونالدو مع الأمير محمد بن سلمان يشعل منصات التواصل بالسعودية    تنديد حقوقي بأوامر الإعدام الحوثية بحق 44 مدنياً    وصول أكثر من 14 ألف حاج يمني إلى الأراضي المقدسة    سلم منه نسخة لمكتب ممثل الامم المتحدة لليمن في الاردن ومكتب العليمي    صندق النقد الدولي يعلن التوصل لاتفاق مع اوكرانيا لتقديم مساعدة مالية بقيمة 2.2 مليار دولار    استشهاد 95 فلسطينياً وإصابة 350 في مجازر جديدة للاحتلال في غزة    بوروسيا دورتموند الطموح في مواجهة نارية مع ريال مدريد    المنتخب الوطني يواصل تدريباته المكثفة بمعسكره الداخلي استعدادا لبطولة غرب آسيا للشباب    - بنك يمني لأكبر مجموعة تجارية في اليمن يؤكد مصيرية تحت حكم سلطة عدن    نجاة رئيس شعبة الاستخبارات بقيادة محور تعز من محاولة اغتيال جنوبي المحافظة    عبدالله بالخير يبدي رغبته في خطوبة هيفاء وهبي.. هل قرر الزواج؟ (فيديو)    قرارات البنك المركزي الأخيرة ستجلب ملايين النازحين اليمنيين إلى الجنوب    بنك سويسري يتعرّض للعقوبة لقيامه بغسيل أموال مسروقة للهالك عفاش    موني جرام تعلن التزامها بقرار البنك المركزي في عدن وتبلغ فروعها بذلك    مجلس القيادة يؤكد دعمه لقرارات البنك المركزي ويحث على مواصلة الحزم الاقتصادي    صلاة الضحى: مفتاحٌ لبركة الله ونعمه في حياتك    هل يحتاج المرء إلى أكثر من عينين وأذنين؟؟    شاهد: مقتل 10 أشخاص في حادث تصادم مروع بالحديدة    تسجيل ثاني حالة وفاة إثر موجة الحر التي تعيشها عدن بالتزامن مع انقطاع الكهرباء    حزام طوق العاصمة يضبط كمية كبيرة من الأدوية المخدرة المحظورة    الحديدة.. وفاة عشرة أشخاص وإصابة آخرين بحادث تصادم مروع    براندت: لا احد يفتقد لجود بيلينغهام    الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين: 18 ألف أسرة نازحة في مأرب مهددة بالطرد من مساكنها مميز    خراب    السعودية تضع شرطًا صارمًا على الحجاج تنفيذه وتوثيقه قبل موسم الحج    بسبب خلافات على حسابات مالية.. اختطاف مواطن على يد خصمه وتحرك عاجل للأجهزة الأمنية    هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حجه وعمراته    قتلى في غارات امريكية على صنعاء والحديدة    الامتحانات.. وبوابة العبور    تكريم فريق مؤسسة مواهب بطل العرب في الروبوت بالأردن    شاهد .. الضباع تهاجم منزل مواطن وسط اليمن وتفترس أكثر 30 رأسًا من الغنم (فيديو)    الوجه الأسود للعولمة    مخططات عمرانية جديدة في مدينة اب منها وحدة الجوار    هل يجوز صيام العشر من ذي الحجة قبل القضاء؟    تحذير عاجل من مستشفيات صنعاء: انتشار داء خطير يهدد حياة المواطنين!    الطوفان يسطر مواقف الشرف    لا غرابة.. فمن افترى على رؤيا الرسول سيفتري على من هو دونه!!    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    جزءٌ من الوحدة، وجزءٌ من الإنفصال    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التقرير الذي خلق علاقة جديدة بين أمريكا والإخوان المسلمين وجعلهم بديلا لحلفائها من حكام العرب
نشر في الوسط يوم 19 - 03 - 2014

على ضوء المتغيرات التي طرأت على حزب الإصلاح فيما له علاقة بكثير من القضايا التي كان يعدها من المسلمات وبالذات ماله علاقة بالغارات الأمريكية بواسطة الطائرات بدون طيار أو ماله علاقة بقضايا عديدة لها علاقة بتكوينه كحزب إسلامي لا بد من إعادة قراءة تقارير مهمة صدرت عن مؤسسات بحث علمية مولتها وزارة الدفاع الأمريكية، وهو ما يمكن أن يوضح أسباب مثل هذه المتغيرات في منهجية الإصلاح والذي لا يمكن نزعها عن اتفاق أمريكي مع الأخوان المسلمين في مصر والذي على ضوئه تمكنوا من الوصول إلى السلطة التي لم يتمكنوا من البقاء فيها بسبب خيانتهم للمعتدلين، بحسب افتتاحية التايمز الأمريكية.
وقد ظلت الولايات المتحدة الأمريكية مهمومة في كيفية سيطرتها على الشارع الإسلامي والعربي على وجه الخصوص الذي هو على غير وفاق مع حكامه وهو ما يجعل أمنها مهددا ولهذا الغرض استعانت بالكثير من مراكز البحث وخصصت لها ميزانيات مهولة لتنير لها الطريق للوصول إلى هذا الهدف الذي قدرت أنها لن تصل إليه إلا في حالة سيطرتها على من يقود ويؤثر في هذا الشارع الذي كان واضحا أنها التيارات الإسلامية،
وفي هذه القضية قدمت مراكز بحث دراسات عديدة إلا أن ما مثل تغييرا حقيقيا في السياسة الأمريكية نحو هذه التيارات وبالذات جماعة الإخوان المسلمين هي الدراسة التي قدمتها (مؤسسة راند ) التي ولدت من رحم شركة أسلحة أمريكية شهيرة (شركة دوجلاس لصناعة الطائرات) في 15 مايو 1948م واسم (راند) مشتق من كلمتين، هما "الأبحاث والتنمية"
والذي جاءت بطلب من وزارة الدفاع لمساعدتها في التعرف على الشركاء المحتملين في العالم الإسلامي، الذين قد يتعاونون في الترويج للديمقراطية والاستقرار، ومواجهة تأثير الجماعات المتطرفة والتي تمارس العنف.
الدراسة التي نشرت في عام 2004 حول " بناء شبكات من المسلمين المعتدلين في العالم الإسلامي" و شارك فيها أربعة باحثين في مقدمتهم شارلي بينارد وأنجل رابسا ولويل شوارتز وبيتر سكيل. تنطلق من فرضية أساسية مفادها أن الصراع مع العالم الإسلامي هو بالأساس "صراع أفكار" وأن التحدي الرئيسي الذي يواجه الغرب يكمن فيما إذا كان العالم الإسلامي سوف يقف في مواجهة المد الجهادي الأصولي، أم أنه سيقع ضحية للعنف وعدم التسامح.
وقد قامت هذه الفرضية علي عاملين أساسيين أولهما أنه علي الرغم من ضآلة حجم الإسلاميين الراديكاليين في العالم الإسلامي، إلا أنهم الأكثر نفوذاً وتأثيراً ووصولا لكل بقعة يسكنها الإسلام سواء في أوروبا أو أمريكا الشمالية. وثانيهما ضعف التيارات الإسلامية المعتدلة والليبرالية والتي لا يوجد لديها شبكات واسعة حول العالم كتلك التي يملكها الأصوليون.
وانطلاقاً من هذه الفرضية فإن الخيط الرئيسي في الدراسة يصب في منحي ضرورة قيام الولايات المتحدة بتوفير المساندة للإسلاميين المعتدلين من خلال بناء شبكات واسعة وتقديم الدعم المادي والمعنوي لهم لبناء حائط صد في مواجهة الشبكات الأصولية. وفي هذا الإطار تضع الدراسة ما تطلق عليه "خارطة طريق" يمكن للولايات المتحدة السير عليها من أجل خلق أجيال من الإسلاميين المعتدلين يمكن من خلالهم مواجهة التيارات الأصولية. وتوصي الدراسة بإمكانية الاستفادة في بناء هذه الشبكات من تجربة الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي السابق طيلة النصف الأخير من القرن الماضي.
وتشير الدراسة إلي أن أهم الشركاء "المحتملين" في مواجهة الإسلام الراديكالي هم المسلمون الليبراليون والعلمانيون الذين يؤمنون بقيم الليبرالية الغربية وأسلوب الحياة في المجتمعات الغربية الحديثة.والذين يمكن من خلالهم محاربة الأيديولوجية الإسلامية المتشددة والراديكالية، ويمكن أن يكون لهم دور مؤثر في "حرب الأفكار".
وتؤكد الدراسة أنه رغم الجهود التي بذلتها الإدارة الأمريكية طيلة الأعوام الخمس الماضية لنشر الديمقراطية والحرية، والدفع نحو مزيد من الإصلاح السياسي في البلدان السلطوية، إلا أنها لم تحقق النتائج المرجوة ودفعت نحول حال من عدم الاستقرار في بعضها، في حين لم تحقق تقدماً يذكر في بلدان مثل باكستان ومصر.
وتلفت الدراسة الانتباه إلي أن "أجندة الحرية" اعتبرت الاستراتيجية الكبرى Grand Strategy لإدارة الرئيس بوش لم تركز علي إيجاد حلفاء يمكن الاعتماد عليهم في بناء شبكات من المسلمين المعتدلين، وتري أن التحدي الحقيقي الذي يواجه الولايات المتحدة، والدول الغربية عموماً، يكمن في عدم امتلاكهم استراتيجية واضحة عن ماهية هؤلاء المعتدلين، وما هي فرص بناء شبكات تحالفيه معهم، وما هي أفضل السبل لتحقيق هذا الهدف؟.
وسط هذا الوضع المعقد تضيع الجهود الأمريكية للتعرف علي المسلمين المعتدلين وتوفير الدعم اللازم لجهودهم. لذا تقرر الدراسة أن بناء شبكات المسلمين المعتدلين يمكن أن تتم من خلال ثلاثة مستويات أولها مساندة الشبكات القائمة، وثانيها التعريف الدقيق للشبكات المحتملة ودعم نموها، وثالثها تعزيز قيم التعددية والتسامح التي قد تساهم في نمو هذه الشبكات.
خارطة طريق لبناء شبكات الإسلاميين المعتدلين في العالم الإسلامي
تشير الدراسة إلي أن نقطة البدء الرئيسية التي يجب علي الولايات المتحدة البدء بها في بناء شبكات من الإسلاميين المعتدلين تكمن في تعريف وتحديد هوية هؤلاء الإسلاميين. وفي هذا الصدد تشير الدراسة إلي أنه يمكن التغلب علي صعوبة تحديد ماهية هؤلاء المعتدلين من خلال اللجوء إلي التصنيفات التي وضعتها بعض الدراسات السابقة التي قام بها بعض باحثي معهد راند مثل دارسة شارلي بينارد "الإسلام المدني الديمقراطي"، ودراسة "أنجل رابسا" "العالم الإسلامي بعد أحداث 11 سبتمبر".
ولهذا الغرض فقد وضعت الدراسة بعض الملامح الرئيسية التي يمكن من خلالها تحديد ماهية الإسلاميين المعتدلين أهمها ما يلي :
1 - القبول بالديمقراطية : يعتبر قبول قيم الديمقراطية الغربية مؤشراً مهماً علي التعرف علي الإسلاميين المعتدلين، فبعض الإسلاميين يقبل بالنسخة الغربية للديمقراطية، في حين أن البعض الأخر يقبل منها ما يتواءم مع المبادئ الإسلامية خصوصاً مبدأ "الشورى" ويرونه مرادفاً للديمقراطية.
كما أن الإيمان بالديمقراطية يعني في المقابل رفض فكرة الدولة الإسلامية التي يتحكم فيها رجال الدين كما هو الحال في إيران، لذا يؤمن الإسلاميون المعتدلون بأن لا أحد يملك الحديث نيابة عن " الله ".
2 - القبول بالمصادر غير المتعصبة في تشريع القوانين: وهنا تشير الدراسة إلي أن أحد الفروق الرئيسية بين الإسلاميين الراديكاليين والمعتدلين هو الموقف من مسألة تطبيق الشريعة.
فالتفسيرات التقليدية للشريعة لا تتناسب مع مبادئ الديمقراطية، ولا تحترم حقوق الإنسان، وتدلل الدراسة علي ذلك من خلال مقال للكاتب السوداني "عبد الله بن نعيم" قال فيه إن الرجال والنساء والمؤمنين وغير المؤمنين لا يمتلكون حقوقاً متساوية في الشريعة الإسلامية.
3 - احترام حقوق النساء والأقليات الدينية: وفي هذا الصدد تشير الدراسة إلي أن المعتدلين أكثر قبولاً بالنساء والأقليات المختلفة دينياً، ويرون بأن الأوضاع التمييزية للنساء والأقليات في القرآن يجب إعادة النظر فيها، نظراً لاختلاف الظروف الراهنة عن تلك التي كانت موجودة إبان العصري النبوي الشريف.
وهم يدافعون عن حق النساء والأقليات في الحصول علي كافة المزايا والحقوق في المجتمع.
4 - نبذ الإرهاب والعنف غير المشروع : وهنا تؤكد الدراسة علي أن الإسلاميين المعتدلين يؤمنون، كما هو الحال في معظم الأديان، بفكرة " الحرب العادلة " ، ولكن يجب تحديد الموقف من استخدام العنف، ومتي يكون مشروعاً أو غير مشروع ؟ .
وفي نهاية هذا الجزء تضع الدراسة مجموعة من التساؤلات، أشبه بمقياس للفرز بين الإسلاميين المعتدلين، وأولئك الذين يتخفون وراء مقولات الاعتدال والديمقراطية كما هو الحال مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر وذلك علي حد قول الدراسة.
هذه الأسئلة هي بمثابة اختبار لإثبات مدي اعتدال أي جماعة إسلامية من عدمه وتتمثل فيما يلي:
- هل الجماعة تتساهل مع العنف أو تمارسه؟ وإذا لم تكن تتساهل معه فهل مارسته في الماضي؟.
- هل الجماعة تؤيد الديمقراطية باعتبارها حقا من حقوق الإنسان؟
- هل تحترم الجماعة كافة القوانين والتشريعات الدولية لحماية حقوق الإنسان؟.
- هل لديها أية استثناءات في احترام حقوق الإنسان (مثل الحرية الدينية علي سبيل المثال) ؟.
- هل تؤمن بأن تغيير الديانة أحد حقوق الإنسان؟
- هل تؤمن بضرورة أن تطبق الدولة قانوناً جنائياً (الحدود) يتطابق مع الشريعة الإسلامية؟.
- هل تؤمن بضرورة أن تفرض الدولة قانوناً مدنياً متلائما مع الشريعة؟ وهل تؤمن بحق الآخرين في عدم الاحتكام بمثل هذا القانون والرغبة في العيش في كنف قانوني علماني؟.
- هل تؤمن بضرورة أن تحصل الأقليات الدينية علي نفس حقوق الأغلبية ؟.
- هل تؤمن بحق الأقليات الدينية في بناء دور العبادة الخاصة بهم في البلدان الإسلامية ؟.
- هل تؤمن بأن يقوم النظام القانوني علي مبادئ غير دينية ؟
هل يمكن دمج الإسلاميين ؟
تشير الدراسة إلي الجدل المحتدم في الولايات المتحدة وأوروبا حول الموقف من دمج الإسلاميين في العملية السياسية، والتعامل معهم باعتبارهم شركاء . وتستعرض الدراسة وجهتي نظر مختلفتين حول هذه المسألة. الأولي تتبني الدمج وتقوم علي ثلاث حجج، أولها أن الإسلاميين يمثلون البديل المحتمل للنظم الشمولية في العالم الإسلامي خصوصاً في العالم العربي .
ثانيها أن العديد من الجماعات الإسلامية تتبني أجندة ديمقراطية تقوم على احترام التعددية وحقوق الأقليات كما هو الحال مع جماعة الإخوان المسلمين المصرية. ثالثها، أن هؤلاء الإسلاميين الأكثر قدرة علي مواجهة الخطر الراديكالي الذي يمارس العنف والإرهاب، وهم أقدر علي ذلك من رجال الدين التقليديين.
في حين تقوم وجهة النظر الأخرى التي تعارض دمج الإسلاميين ومعاملتهم كشركاء علي ثلاث حجج، أولها عدم التأكد من أن خطاب الإسلاميين بشأن موقفهم من الديمقراطية يعبر عن موقف تكتيكي أم استراتيجي.
وما إذا كانوا سيقبلون بمبدأ الفصل بين الدين والدولة، وما إذا كانت فكرة الدولة الإسلامية لا تزال تهيمن علي مخيلتهم أم لا؟. ثانيها، إنه ربما يقوم هؤلاء الإسلاميون، علي المدى القصير، بدور فعال في مواجهة الجهاديين، وهو ما قد يفقدهم المصداقية أمام الشعوب، وتكون مواجهتهم مرتفعة الثمن في المدى الطويل.
وثالثها، أن أفضل طريق للتعاطي مع هؤلاء الإسلاميين يكون فقط من خلال تقوية شبكاتهم وجعلهم نداً لغيرهم من الجماعات قبل الحديث عن شراكة وتحالف معهم.
وتخلص الدراسة في هذا الجزء إلي أن خمسة فئات يجب دعمها في العالم الإسلامي وهي، فئة الأكاديميين والمفكرين الليبراليين والعلمانيين، وفئة الشباب من رجال الدين وفئة نشطاء المجتمع المدني، وفئة الناشطين في مجال حقوق المرأة، وفئة الكتاب والصحفيين والإعلاميين.
جناح الشرق الأوسط
تشير الدراسة إلي مدي ضعف شبكات الإسلام المعتدل في الشرق الأوسط وهو ما يتطلب بحسب الدراسة خلق تيارات ليبرالية من أجل خطف التفسيرات المتطرفة للإسلام من أفواه الراديكاليين.
وتؤكد الدراسة أنه في ظل غياب مؤسسات ليبرالية فإن " المساجد " تظل الأداة الوحيدة للتجنيد السياسي .
وتري الدراسة أن التيار الليبرالي في مصر بحاجة للمساعدة، وأن هناك من يدعو لطلب الدعم من الولايات المتحدة من أجل بناء شبكات ليبرالية لزيادة التفاعل بين المثقفين الليبراليين. ذلك أن الإسلام "المصري" بطبيعته معتدل، ويتناقض مع نظيره السعودي.
في حين تعد الأردن بلداً نموذجياً لبناء شبكات معتدلة في العالم العربي، وتستشهد الدراسة في هذا الإطار بما قاله الدكتور مصطفي الحمارنة مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بعمان من أن "المجتمع الأردني أكثر نضجاً من الحكومة" وأن هناك طلبا داخليا قويا على الإصلاح والديمقراطية.
وتشير الدراسة إلي أن معظم بلدان الخليج لديها إسلام معتدل كما هو الحال في الكويت والبحرين والإمارات، ولكن المشكلة أنه لا توجد شبكات تنظم المعتدلين في علاقات تفاعلية. في حين ينعم السلفيون والصوفيون بهذه الشبكات والروابط علي حد وصف الدراسة.
بالنسبة للكويت فإن جماعة الإخوان المسلمين تهيمن علي جامعة الكويت وعلي بيت المال الكويتي، في حين يكافح الليبراليون في الكويت من أجل دعم الديمقراطية والتعددية والاعتدال.
أما البحرين فتتمتع بمجتمع مدني حيوي ونابض، علي حد وصف الدراسة، وقد نجحت القوي الإسلامية بمختلف أشكالها من سلفيين وشيعة وإخوان مسلمين من حصد معظم المقاعد البرلمانية في انتخابات 2002. كما أن هناك دورا فاعلا للكتلة الاقتصادية التي تدافع عن الحريات واحترام حقوق الإنسان والاقتصاد الحر.
العلمانيون .. الحلقة المنسية في حرب الأفكار
تشير الدراسة إلي أن أحد الأطراف القوية التي يمكنها أن تلعب دوراً مؤثراً في حرب الأفكار هم العلمانيون في العالم الإسلامي، بيد أن ثمة عراقيل تواجه نمو التيار العلماني لعل أهمها :
- ارتباط العلمانية، خصوصاً في العالم العربي، بالعديد من النظم الشمولية السلطوية .
- ارتباط العلمانية بالتيار اليساري سواء كفرادى أو مجموعات، وهو ما يواجه بمعارضة دائمة، خاصة في الولايات المتحدة، حيث أن هناك حساسية من مراكز الأبحاث لدعم هذه التيارات .
- يحوط مفهوم العلمانية الكثير من الغموض خصوصاً في العالم العربي، خاصة وأن البعض ينظر إليها باعتبارها ضد الدين.
توصيات الدراسة
في نهاية الدراسة يشير الباحثون إلى مجموعة من التوصيات التي يجب علي الولايات المتحدة الالتفات إليها ويمكن إيجازها فيما يلي :
- أن تشرع الولايات المتحدة في بناء شبكات من الإسلاميين المعتدلين، وأن يكون ذلك جزءا من الاستراتيجية الأمريكية الشاملة حول هذا الملف وهو ما يمكن تحقيقه من خلال وجود جهاز مؤسسي يقوم بهذا الجهد.
- يجب أن تهتم الإدارة الأمريكية من خلال مبادرة دعم الديمقراطية في الشرق الأوسط ببناء علاقات مع كل من العلمانيين ورجال الدين المعتدلين والمفكرين والصحفيين والناشطين في مجال المرأة.
- وضع برامج محددة في مجالات التعليم الديمقراطي، الإعلام، جمعيات الدفاع المدنية.
- عقد ورش عمل ودورات للمعتدلين والليبراليين والاستماع إلي أفكارهم .
- بناء شبكة دولية لربط الليبراليين والمعتدلين الإسلاميين حول العالم ووضع برنامج محدد لتطوير أدواتهم وإمكاناتهم.
وكان لافتا أن تقريرا شهيرا نشرته مجلة فورين أفرز بعنوان (الإخوان المسلمون) المعتدلون للكاتبين روبرت ليكن وستيفن بروك في عدد مارس 2007 أكدا فيه ﻋﻠﻰ الولايات المتحدة ﺃﻥ ﺗﺘﺤﺮﻙ باتجاه ﺍلإﺧﻮﺍﻥ المسلمين ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﻢ ﺷﺮﻳﻜﺎﹰ ﻣﺮﺷﺤﺎﹰ ﻟﻠﺤﻮﺍﺭ بين ﻭﺍﺷﻨﻄﻦ ﻭالحركات ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ والمعتدلة في العالمين العربي والإسلامي.
واوضحا ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﻳﺴﺘﺄﻫﻞ ﻓﺮﺻﺔ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻣﻌﻪ في ﺳﺒﻴﻞ ﻧﺸﺮ الديمقراطية والاعتدال ﻭﺍﻟﺘﺮﻭﻳﺞ ﻟﻠﻘﻴﻢ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ، وتحقيق مصالح ﻭﺍﺷﻨﻄﻦ في ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ.
ﻭﻳﺮﻯ ﺍﻟﻜﺎﺗﺒﺎﻥ ﺃﻥ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻹﺧﻮﺍﻥ المسلمين المعتدلة ﻫﻲ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﻟﺬﻱ يحمل ﻫﺬﻩ المواصفات مشيرين أن الإصلاحيين داخل الإخوان ﻳﺒﺪﻭﻥ ﻣﺮﻭﻧﺔ ويحولون ﺩﻭﻥ انحراف الحركة باتجاه ﺍﻟﺘﻄﺮﻑ ﻭﺍﻟﻌﻨﻒ، ﻭﻳﺒﺪﻭﻥ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩﻫﻢ ﻟﻔﺘﺢ ﻗﻨﻮﺍﺕ للحوار ﻣﻊ أمريكا وأن هذا التيار ﻳﻠﺘﺰﻡ ﻣﻨﻬﺞ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ.
وأوضحا أنهما ﺧﻼﻝ ﺍﻷﻋﻮﺍﻡ الماضية ﺍﻟﺘﻘﻴﺎ ﺑﺎﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﺩﺓ والناشطين في ﺻﻔﻮﻑ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻹﺧﻮﺍﻥ المسلمين في ﻛﻞ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ، ﻓﺮﻧﺴﺎ، ﺍﻷﺭﺩﻥ، ﺇﺳﺒﺎﻧﻴﺎ، ﺳﻮﺭﻳﺎ، ﺗﻮﻧﺲ، وبريطانيا ﻭﺩﺍﺭﺕ ﺧﻼﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀﺍﺕ ﻧﻘﺎﺷﺎﺕ ﻣﻄﻮﻟﺔ بغرض ﺍﺳﺘﻜﺸﺎﻑ ﻭﻓﻬﻢ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻹﺧﻮﺍﻥ ﻣﻦ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﺜﻞ الديمقراطية ' الجهاد إسرائيل ، ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ وأمريكا، وفيما قالا إن النقاش كان فيه وجهة نظر إلا ان ما جمعهم هو رفضهم الانخراط في الحركة الجهادية.
وفي هذا السياق يمكن فهم افتتاحية صحيفة "التايمز" عقب الإطاحة بمرسي بعنوان "منطقة خطرة" والذي قالت فيه يجب على الإخوان أن يقبلوا أن مرسي خان المعتدلين الذين تعهد بخدمتهم والعمل على صالحهم. ومن أنه لا شك فشل كزعيم، حيث كان يتعين عليه إنهاء انهيار الاقتصاد المصري، كما أنه لم يكن رئيسا لكل المصريين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.