فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    أثناء حفل زفاف.. حريق يلتهم منزل مواطن في إب وسط غياب أي دور للدفاع المدني    منذ أكثر من 40 يوما.. سائقو النقل الثقيل يواصلون اعتصامهم بالحديدة رفضا لممارسات المليشيات    بينها مطار صنعاء .. اتفاقية لتفويج الحجاج اليمنيين عبر 5 مطارات    الاحتلال يواصل توغله برفح وجباليا والمقاومة تكبده خسائر فادحة    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    صعقة كهربائية تنهي حياة عامل وسط اليمن.. ووساطات تفضي للتنازل عن قضيته    حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    انهيار جنوني للريال اليمني وارتفاع خيالي لأسعار الدولار والريال السعودي وعمولة الحوالات من عدن إلى صنعاء    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    انهيار وافلاس القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين    "استحملت اللى مفيش جبل يستحمله".. نجمة مسلسل جعفر العمدة "جورى بكر" تعلن انفصالها    باستوري يستعيد ذكرياته مع روما الايطالي    فودين .. لدينا مباراة مهمة أمام وست هام يونايتد    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    فضيحة تهز الحوثيين: قيادي يزوج أبنائه من أمريكيتين بينما يدعو الشباب للقتال في الجبهات    في اليوم ال224 لحرب الإبادة على غزة.. 35303 شهيدا و79261 جريحا ومعارك ضارية في شمال وجنوب القطاع المحاصر    الطرق اليمنية تبتلع 143 ضحية خلال 15 يومًا فقط ... من يوقف نزيف الموت؟    الدكتور محمد قاسم الثور يعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقه    الحوثيون يتكتمون على مصير عشرات الأطفال المصابين في مراكزهم الصيفية!    رسالة حاسمة من الحكومة الشرعية: توحيد المؤتمر الشعبي العام ضرورة وطنية ملحة    خلافات كبيرة تعصف بالمليشيات الحوثية...مقتل مشرف برصاص نجل قيادي كبير في صنعاء"    الدوري السعودي: النصر يفشل في الحاق الهزيمة الاولى بالهلال    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    بن مبارك يبحث مع المعهد الملكي البريطاني "تشاتم هاوس" التطورات المحلية والإقليمية    الحوثيون يعلنون إسقاط طائرة أمريكية MQ9 في سماء مأرب    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    السعودية تؤكد مواصلة تقديم المساعدات والدعم الاقتصادي لليمن    مسيرة حاشدة في تعز تندد بجرائم الاحتلال في رفح ومنع دخول المساعدات إلى غزة    المطر الغزير يحول الفرحة إلى فاجعة: وفاة ثلاثة أفراد من أسرة واحدة في جنوب صنعاء    بيان هام من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات من صنعاء فماذا قالت فيه ؟    ميسي الأعلى أجرا في الدوري الأميركي الشمالي.. كم يبلغ راتبه في إنتر ميامي؟؟    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    شاب يمني يساعد على دعم عملية السلام في السودان    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحراك السياسي المضاد لمساعي السلام العُمانية
نشر في 26 سبتمبر يوم 30 - 01 - 2023

شهد شهر يناير -الحالي- حراكاً سياسياً عاصفاً من مختلف الأطراف؛ فقد كان هناك تقدماً في الجهود التي تبذلها سلطنة عمان في تقريب وجهات النظر بين صنعاء والرياض، كما ظهرت تسريبات إعلامية عن وصول السفير السعودي إلى صنعاء، تزامنت مع نشر قناة "الحدث" مبادئ عامة لتجديد الهدنة متعلقة بالجوانب الإنسانية.
إزاء ذلك كثفت الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي والمبعوث الأممي من حراكهم الدبلوماسي، حيث قام المبعوث الأممي برحلات مكوكية بين الرياض وصنعاء وعمّان ومسقط وسويسراً، وكان الملف اليمني معه في كل هذه التحركات.
ظهرت خلال هذه الفترة نبرة خطاب روسي جديد أكثر واقعية في تأكيدها على ضرورة الاستماع إلى صنعاء وعدم تخطيهم، وكذلك الإشارة إلى اهتمام الغرب بإعادة تصدير النفط والغاز اليمني لا
تحقيق السلام اليمني.
كان ملاحظاً الحراك اليومي النشط للسفيرين الأمريكي والبريطاني، واللقاءات شبه اليومية مع مسؤولين في حكومة المنفى وأعضاء في "المجلس القيادي" الذي يرأسه العليمي ، فلا يكاد يمر يوم دون لقاء سفير لمسؤول في الحكومة العميلة، أي أنهم عملياً باتوا يمارسون النشاط السياسي عوضاً عن الحكومة العميلة ومجلس القيادة العميل، متجاوزين بذلك التوجيه عن بُعد الذي كان سائداً سابقاً.
تكرر خلال هذه الفترة في الخطاب الأمريكي الأوربي الامم المتحدة التشديد على مسألة ضرورة اشراك بقية القوى اليمنية في المباحثات، إلا أن هذا المفهوم لا يُعنى به الأطراف السياسية اليمنية التي كانت منخرطة في مفاوضات موفمبيك، إنما يقصدون القوى السياسية العسكرية التي تملك خارطة سيطرة حالياً، فهي دعوة إلى التقاسم، لا إلى حل للقضايا اليمنية.
برز في هذه الفترة متغير له صلة بالحراك السياسي وهو اتصال قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال "مايكل كوريلا" بقائد الأركان العميل "صغير بن عزيز" ، وعلى غير العادة كان هذا الاتصال مباشراً متخطياً لقيادة "التحالف"، وهو ما يجعلنا نفترض أن الولايات المتحدة تضع في الاعتبار إمكان الضغط عبر الجبهات، وعملياً شهدت هذه الفترة مناوشات في مختلف الجبهات على طول البلاد.
من المُستبعد أن تكون الولايات المتحدة التي خسرت الحرب في اليمن من الناحية الاستراتيجية، تعد نفسها لحرب جديدة في اليمن، إلا أن ذلك لا يعني دعمها السلام، بل مساعيها لتوجيه عملية السلام بالكيفية التي تخدم مصالحها لا بما يخدم الشعب.
تتجه محصلة الحراكات السياسية من قبل الدول الغربية إلى إعادة الحكومة العميلة وما يسمى بمجلس القيادة إلى الواجهة وإشراكها في المباحثات، فقد استثمرت بهم، وتريد من اسنادهم ضمان مستقبل نفوذها الاستعماري الجديد.
إلا أن المعيق الأبرز لهذا التوجه هي التصدعات التي تنتاب مجلس القيادة العميل ،ولهذا فإن قدر كبير من الجهود التي يبذلها السفيران الأمريكي والبريطاني هي من أجل تهدئة الصراعات بين الفصائل العميلة وإعادة اللُحمة إلى مجلس القيادة، وهي مساعي حثيثة إلا أنها تصل إلى النتيجة المرجوة.
مجريات الأحداث
في الربع الأول من شهر يناير، شهدت قوى العدوان حالة نفير، مع تواتر الحديث عن مباحثات مباشرة بين صنعاء والرياض تجري برعاية مسقط، خصوصاً بعد وصول وفد من سلطنة عمان إلى صنعاء في 10 يناير 2023م، وكان القصد من هذه التحركات احباط أي مساعي سلام لاتُشركهم في الهيمنة على مستقبل اليمن، ففي 11 يناير 2023م ظهر كل من الأمريكي والبريطاني والفرنسي، والمبعوث الأممي في ذات الوقت بنبرة حديث موحدة.
فقد استقبل وزير الخارجية العُماني المبعوث الأممي الذي زار السلطنة، ووفق الوكالة فإنه تم خلال المقابلة تبادل وجهات النظر حول المساعي المبذولة لتحقيق السلام في اليمن.
الزيارة جاءت ضمن توصيات تقرير "مجموعة الأزمات الدولية" مطلع الشهر،([1]) الذي حث الأمم المتحدة على إثبات حضورها والتأكد من أن أي مباحثات بين صنعاء والرياض لا تأتي على حساب الحكومة العميلة، وبشكل دقيق وكلائهم المحليين في اليمن ، قبلها بيوم التقى سلطان العرادة بالسفير الفرنسي لدى اليمن.
وفي ذات اليوم التقى السفير الأمريكي بكل من عضو ما يسمى بمجلس القيادة عبد الرحمن المحرمي، وكذلك اللقاء بعيدروس الزبيدي، الذي شدد يومها على ضرورة وجود موقف دولي وإقليمي موحّد ضد صنعاء.
كان واضحاً أن الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن أثبت الواقع فشل خيار إزاحة القوى الوطنية، ترى أن الخيار الآخر هو ترسيخ وضع التوازنات التي تتيح لها صياغة حل سياسي قائم على أساس التقاسم والمحاصصة وهو مشروع الأقاليم منذ البداية وإن كانت مساعي اعادته اليوم على أسس تقاسم جديدة تعكس تعدد القوى على الأرض.
بعدها بأيام ظهرت الأنباء عن زيارة محتملة للمبعوث الأممي إلى صنعاء، ورفض الأخيرة لاستقبال المبعوث، وكان المبعوث يريد الوصول إلى صنعاء لتقديم تقريراً إلى مجلس الأمن الدولي، إذ حُدد الأثنين الُقبل موعد جلسة مغلقة في مجلس الأمن حول التطورات في اليمن.
في ال 15 من يناير، غادر الوفد الوطني والعماني العاصمة صنعاء، بعد أن وصف المناقشات أنها كانت ايجابية وشملت الترتيبات الانسانية التي تمهد لسلام شامل. ومنذ وصول الوفد الوطني ووفد سلطنة عمان كانت وسائل الإعلام الأجنبية تطلق التكهنات حول فحوى ما تم نقاشه.
في الغالب كادت تجزم أن هناك اتفاق مبدئي بين صنعاء والرياض، فيما أنبرت وسائل إعلامية اُخرى لنفي ذلك، كما ظهر خطاب إعلامي أكثر قلقاً مما يدور وهو خطاب الإخوان، الذي ظل يُعيد خطابه القديم أن صنعاء تعيق السلام وتطرح الشروط التعجيزية، ومن جهة اخرى، تحدث أصحاب هذا الخطاب بنبرة تحذير ضمنية من أن أي تسوية لا تستوعب الجميع – وهم يقصدون أنفسهم- فإنها ستكون مدخلاً لحرب يمنية- يمنية جديدة.
نظرياً تمكنت الوساطة الُعمانية من إحداث اختراق في جمود العملية السياسية منذ أكتوبر الماضي 2022م، في الجانب الإنساني المتعلق بتسليم رواتب كل الموظفين اليمنيين ورفع الحصار عن مطار صنعاء الدولي وميناء الحديدة وقضايا تبادل الأسرى وفتح الطرقات.
قبيل يوم من انعقاد جلسة مجلس الأمن بشأن اليمن، التقى وزير الخارجية في الحكومة العميلة بالسفير البريطاني (حامل قلم الملف اليمني في مجلس الأمن)، كما التقى السفير الفرنسي الذي يمثل مصالح شركة توتال الاحتكارية العالمية بصورة رئيسة.
في 16 من يناير وصل المبعوث الأممي إلى صنعاء قادماً من عمّان مع مجموعة من مساعديه، في يوم انعقاد الجلسة وبعد أن غادر الوفد العُماني والوفد الوطني، وفي احاطه رفعها إلى مجلس الأمن من صنعاء، قال: إنه أجرى مناقشات إيجابية وبناءة مع القيادة هنا في صنعاء ممثلاً لها السيد مهدي المشاط ، وأنه يتطلع قدماً لمواصلة هذه المحادثات كما عدد لقاءاته مع العليمي والرياض ومسقط.
وفي احاطته إلى مجلس الأمن تحدث المبعوث عما يلي:
"تواصله المستمر مع الوفد الوطني".
"استمرار القيود المفروضة على النساء".
"اليمنيون يحتاجون لإنهاء الحرب وليس إحاطات أممية متكررة.".
"يخشى أن يكون 2023 عام صعب آخر لليمنيين".
"قال إن المنظمة الدولية سجلت ثلاثة آلاف و300 حالة إعاقة لوصول المساعدات الإنسانية في اليمن خلال العام الماضي" .
في جلسة مجلس الأمن، كان الملاحظ اتساع نقاط الخلاف بين الخطاب الأمريكي -البريطاني والروسي في هذه المسألة، ففيما يُبدي الأمريكيون انزعاجاً من الحراك السياسي الأخير ويُعيدون التذكير بعمليات منع نهب النفط، وافتراض أن انخراط صنعاء في العملية السياسية تلاعبا (ليس بحسن نية) والحديث عن مزاعم التهريب وغيرها مطالباً أنصار الله بتغيير سلوكهم، وفيما جددت بريطانيا دعم الحكومة العميلة على لسان سفيرها، كان خطاب ممثل روسيا في مجلس الأمن أكثر قرباً من صنعاء بالحديث عن ضرورة التفاوض مع أنصار الله، وعن انتهازية الغرب ورغبته في نفط وغاز اليمن لا السلام، كما دعا إلى دعم السكان ورفع القيود عن دخول المواد الغذائية، وهو خطاب أكثر ايجابية مقارنة بمواقفهم في بداية العدوان.
في الرياض وفي ذات اليوم استقبل عيدروس الزُبيدي سفير الاتحاد الأوروبي لدى اليمن..
في 17 يناير، وأثناء لقاء سفير الاتحاد الأوربي زعم رئيس ما يسمى بمجلس القيادة رشاد العليمي تأييد حكومته الكرتونية "نهج السلام العادل والشامل الذي يضمن شراكة جميع اليمنيين في السلطة والثروة"، كما حذر من خطر الرضوخ لما أسماه ابتزاز صنعاء.
عكس خطاب العليمي الخوف من استبعادهم من المستقبل السياسي، وفي ذات السياق تحدث عن ضرورة الالتزام بالمرجعيات الثلاث منها المبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن التي لم تعد واقعية.
في 18 يناير، التقى وزير الخارجية السعودي بالمبعوث الأممي إلى اليمن في سويسرا، وافترض وزير الخارجية أن السعودية تستثمر في الآمان والاستقرار في المنطقة ويهمها أمن اليمن، حد قوله.
من جهة أُخرى قال السفير الفرنسي: الطريق إلى السلام يمر عبر المصالحة الوطنية في اليمن، ومسألة المصالحة الداخلية تكررت على لسان المبعوث الأممي والسفير البريطاني قبل ذلك في أكثر من محضر، واقعياً تكتسب المصالحة الوطنية الأهمية بالغة في مسار السلام وهي ضمان الأمن والسيادة لأن العدوان جاء بتواطئ أطراف داخلية، كما تكتسب المفاوضات الشاملة أهميتها من حقيقة أن اليمن تمر بمرحلة انتقالية منذ العام 2011م ولم تحل كثير من القضايا الداخلية التي تتطلب التوافق.
إلا أن خطاب الأطراف الدولية عن المصالحة الوطنية والحوار اليمني اليمني، لا يقصد الشراكة الوطنية، فهذه الدول تريد أن تضمن مستقبل الحكومة العميلة لتضمن مصالحها إذ هم وكلائها، فالخطاب الغربي مضمونه: "لا نريد تسوية بين صنعاء والرياض، لا تمثل فيها مصالحنا".
في 19 يناير، أعادت وسائل الأنباء نشر تسريب زيارة السفير السعودي إلى صنعاء، بالتزامن مع نشر قناة الحدث بنود الاتفاق المتمثل بتسليم رواتب كل الموظفين ورفع الحصار عن ميناء الحديدة وفتح وجهات جديدة في مطار صنعاء الدولي.
في هذه الأجواء أكد رئيس تجمع الإصلاح، دعم التجمع لكافة جهود إحلال السلام الشامل والمستدام في اليمن، المرتكز على المرجعيات الثلاث، كنوع من محاولة العودة إلى المشهد بعد تجاوز السعودية للمرتزقة عموماً في مباحثاتها الأخيرة مع صنعاء.
وفي لقاء مع رئيس حزب الإصلاح أكد السفير الأمريكي ضرورة إزاحة الخلافات جانباً وتوحيد صفوف المرتزقة، من أجل الضغط على القوى الوطنية في عملية السلام.
كانت هذه الأحداث المتسارعة مثار اهتمام الصحافة الأجنبية حيث توقع مركز ACLED الأمريكي أن المحادثات عبر القنوات الخلفية بين صنعاء والرياض ستؤدي إلى احتمالين:
(الأول) مفاوضات سلام ومحادثات سياسية مع الأطراف اليمنية، (الثاني) الوضع الحالي للأعمال العدائية المنخفضة المستوى سيستمر إلى أجل غير مسمى، مدعومًا بزيادة حجم وفعالية قدرات صنعاء.
ورأى موقع "TRT" أنه بات من المستحيل عودة صنعاء إلى طاولة المفاوضات، وفي المصدرين كان هناك تأكيد على تنامي قوة صنعاء العسكرية وبالتالي السياسية.
فيما أفترض الكاتب الكندي "توماس جونو"، في مقال له نشرته صحيفة "LA PRESSE" أن المفاوضات الأخيرة بين صنعاء والرياض لن تنجح، وأن الطرفين ليس لهم رغبة في بناء السلام، فهو يفترض أن السعودية تسعى إلى فك الارتباط بالحرب، مع تقليل تكاليف مغامرتها الكارثية باليمن، فيما أنصار الله اصبحوا أقوى بدعم إيراني وليس لديهم نية لتقديم تنازلات جدية للسعودية أو الحكومة (العميلة)، حسب فهمه.
وأبدت الصحافة الغربية اهتماماً كبيراً بتطورات الأوضاع في اليمن وظهرت وكأنها حملة إعلامية للتشكيك في مصداقية أنصار الله في مسألة السلام، ودفاع عن الحكومة العميلة المستبعدة من المباحثات.
في 24 يناير تلقى صغير بن عزيز اتصالاً هاتفياً من قائد القيادة المركزية الأمريكية، وبحسب الخبر: "جرى خلال الاتصال مناقشة التعاون المشترك بين القوات المسلحة اليمنية والجيش الأمريكي، والجهود المشتركة في مجال محاربة الإرهاب".
يُعد هذا الاتصال الأول من نوعه كاتصال مباشر من قائد القيادة المركزية الأمريكية مع وزير دفاع أو قائد أركان يمني عميل منذ بداية العدوان، فعادة ما كانوا يأخذون الإملاءات مباشرة من السعودية.
الخبر يجعلنا نفترض أن الولايات المتحدة -التي لا تُبدي ارتياحاً من المباحثات المباشرة بين صنعاء والرياض- نقلت التواصل مباشرة إلى المرتزقة اليمنيين لتنسيق الأعمال العدوانية.
وانطلاقا من حقيقة أن مراكز البحوث الغربية معبرة عن وجهة النظر الغربية وصانعة لها، فقد ذكرت "مجموعة الأزمات الدولية" في تقرير لها قبل أسابيع أن المفاوضات المباشرة بين صنعاء والرياض بمعزل عن المرتزقة قد تؤدي إلى أن تتخذ الحكومة العميلة قراراً بعودة الحرب.
وليس من المُستبعد أن الولايات المتحدة تخطط للتصعيد عبر المرتزقة، من أجل إثبات حضورهم وبالتالي الضغط على كل من صنعاء والرياض في استيعابهم في هذه المفاوضات.
دون أن يعني ذلك أن أمريكا تنوي إعادة الحرب مجدداً إلى ما كانت عليه قبل الهدنة، فالولايات المتحدة تدرك واقع المرتزقة وفشلها في الحرب ببعدها الاستراتيجي، ولديها حسابات متعلقة بالحرب في أوكرانيا تجعلها تفضل وقف الحرب في اليمن، ولكن إيقافها بالكيفية التي تخدم أمريكا وما يضمن مستقبل النفوذ الغربي الأمريكي الأوربي في بلادنا.
وفترة الحراك السياسي، كانت هناك مناوشات مع المرتزقة في مختلف الجبهات وخصوصاً في تعز ومأرب والجوف حيث يتمركز الإخوان بشكل أكبر.
في 26 يناير 2023م التقى وزير الخارجية العميل بوزيرة الخارجية الألمانية، "أنالينا بيربوك"، ومسؤولين ألمان آخرين، يأتي ذلك في إطار تكثيف الحكومة العميلة تحركاتها، من جانبه دعا المبعوث الأممي أطراف الأزمة إلى ما أسماه "تقديم تنازلات".
فيما التقى عضو ما يسمى بمجلس القيادة سلطان العرادة مع المستشار العسكري للمبعوث الأممي، تركز الحديث عن وضع مارب عسكرياً، باعتبارها أحد التماسات العسكرية، وطوال الأسابيع الماضية كثف المرتزقة الحديث عن جبهات المحافظة. وفي سياق متصل التقى عضو مجلس الخيانة "ابو زرعة المحرمي" في الرياض بسفير دولة الإمارات.
تستمر المساعي البريطانية الأمريكية في بعث القوى العميلة المتهالكة، لتخوض المعركة الأخيرة بهم، ويَظهر أن الجهود الأمريكية البريطانية الإماراتية أيضاً اُستغرقت في محاولة توحيد صفوف ما سمي ب "مجلس القيادة الرئاسي" الذي ولد ميتاً، ومن غير المستبعد أن تنجح هذه الجهود في اعادة الوكلاء إلى الواجهة ،إلا أن أثار التصدعات فيما بينهم ستنعكس على أدائهم السياسي بما يُضعفه.
"اذا تمكنت صنعاء والرياض من التوصل إلى اتفاق، فإن القتال سيبقى متوقفا، لكن مثل هذا الاتفاق قد يقنع الحوثيين أيضاً بأن بإمكانهم تجنب المفاوضات مع المجلس القيادة الرئاسي، مما لا يبشر بالخير بالنسبة لآفاق الحوار الوطني الشامل.
يمثل المسار الحوثي السعودي مأزقاً محتملاً للأمم المتحدة واللاعبين الدوليين الآخرين الذين يسعون إلى إنهاء حرب اليمن.
الأمم المتحدة يجب أن تضمن أن المحادثات الحوثية السعودية تمضي قدما، ولكن مع تجريد المتمردين من فكرة أنه يمكنهم تجنب الحوار مع خصومهم، كما يجب أن يوضح أن الشرعية الدولية لجميع الأطراف تتوقف على المشاركة في المحادثات التي تقودها الأمم المتحدة.
ومع وجود تأثير ضئيل أو معدوم على مسار المحادثات بين الحوثيين والسعودية، فإن المجلس الرئاسي لديه خيار: الانتظار ورؤية ما ستسفر عنه المفاوضات أو محاولة إفشالها من خلال القيام بعمل عسكري أحادي الجانب.
مجلس القيادة الرئاسي ضعيف ومنقسم، لكنه يضم دوائر سياسية وعسكرية رئيسية. تجاهلها سيكون خطأ، في الوقت نفسه، لا يمكن للمجلس الرئاسي أن يتوقع من القوى الخارجية أن تقوم بكل عملها نيابة عنه.
لم يلتق أي مسؤول كبير في الأمم المتحدة بعبد الملك الحوثي، القائد الأعلى للجماعة، منذ عام 2020. يجب أن يسافر شخص ما إلى صنعاء، ويبقى هناك لفترة من الوقت ويلتقي بالحوثي، سعيا لإقناعه بأن الوقت قد حان لصنع السلام".
مجموعة الأزمات الدولية: "كيف ستنجح المفاوضات الحوثية السعودية في اليمن أو تفسده"،(29 ديسمبر 2022م ).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.