بعد تسعة أشهر من الصمود الأسطوري لغزة العروبة والإسلام في وجه أعتى عدوان إرهابي تقوده الدولة الأقوى ترسانة عسكرية في العالم.. أمريكا الصهيونية.. وفي ظل الخذلان والغياب التام للعرب والمسلمين عن ساحة المواجهة، بل العجز الكلي حتى عن إيصال الغذاء والدواء لأبنائها المحاصرين طيلة أشهر العدوان.. يحق لنا أن نقف لحظة تأمل وأن نتساءل عن سر هذا الصمود العظيم رغم ضرورة العدوان ووحشيته وفتكه وما أوقعه من أضرار ودمار شامل وخسائر لا حصر وفي مقدمتها الأرواح.. هل لأن غزة تمتلك قوة وتسليحاً، أفضل مما لديهم من طائرات وبارجات ومدمرات وفرقاطات دفاعية تستطيع التصدي لصورايخهم وتدميرها وإسقاط طائراتهم التي لا تكلف عن التحليق ليل نهار في سماء غزة أم لأن لديها حلفاء ومناصرين أقوياء تخشاهم أمريكا وإسرائيل؟!.. الإجابة بالتأكيد على هذه التساؤلات "لا" كبيرة.. فغزة لا تمتلك أي من مفردات القوة تلك التي يمكن القول أنها من خلالها استطاعت إفشال العدوان باستثناء بعض الأسلحة الدفاعية التي تستخدمها المقاومة في التصدي لقطعان العدو المتوغلة براً وبعض الصواريخ محلية الصنع التي تستهدف بها مستوطنات ولكن بأضرار لا وجه للمقارنة بينها وبين ما تلحقه صواريخ العدو من دمار شامل وإبادة في غزة.. وهي كذلك لا تستند إلى الحلفاء ومناصرين أقوياء وقد أثبتت الوقائع على الأرض ذلك وأكدت بأن من ظلموا يقدمون أنفسهم على مدى عقود من الزمن بأنهم مناصرون للقضية الفلسطينية وما أكثرهم وأكثر ضجيجهم وشعاراتهم الزائفة ليسوا سوى متاجرين بفلسطين والقدس والأقصى الشريف وقد استغلوا القضية الفلسطينية أسوأ استغلال للوصول الى مآربهم غير المشروعة وعندما جاءت لحظة الحقيقة تلاشوا ودسوا رؤوسهم في الرمال دون خوف من الله ودون حياء أو خجل من شعوبهم التي ظلوا يخادعونها ويكذبون عليها ردحاً طويلاً من الزمن.. وهنا فإن سر صمود غزة ومقاومتها وإفشال العدوان يكمن في تأييد الله ونصره لعباده المؤمنين ثم في تضحيات أطفال ونساء غزة ورجالها وشبابها الذين شكلوا بأجسادهم الطاهرة دروعاً بشرية حالت دون قدرة العدوان على الاستفراد بالمقاومة واستهدافها بالأسلحة المحرمة.. إن شهداء غزة وجرحاها الأبطال وأبناءها الذين ثبتوا على أرضهم وفي منازلهم ورفضوا التخلي عن مقاومتهم هم من تصدوا لسلاح وآلة القتل الصهيونية الأشد فتكاً والمتمثلة بسلام الجو اللعين وقهروها وقهروا هذا العدو الجبان وحالوا دون تحقيق أهدافه الخبيثة وعروه أمام العالم هو وقيمه الإنسانية الزائفة وأفشلوا عدوانه الإرهابي.. فلولا تضحياتهم العظيمة لكانت غزة منذ أشهر في خبر كان ولم ولن ينقذها وجاه الجهاد والنضال الذين رجلوا باسم القدس وسموا شوارعهم ومستشفياتهم ومدارسهم ووحدتهم وأسلحتهم وحتى قططهم باسمها.