قال المحلل السياسي والخبير الاقتصادي البروفيسور عبد العزيز الترب ان فترة العدوان والحصار كان لها انعكاساتها على الأوضاع الداخلية وعلى سير البناء والتنمية والإصلاح الإداري وإن أمام الحكومة الجديدة إرث كبير من المهام التي يجب عليها التعامل معها بحكمة وعقلانية، وأن تضع خارطة طريق لمسار عملها وتحديد الأولويات التي يجب الشروع في تناولها وحلها وتحديد مسار عملها بعد تشخيص الواقع وما يجب فعله وتحديد البدايات الحقيقية للشروع في التنفيذ بعد تحديد مكامن الخلل. وأضاف البروفيسور الترب ان الطموحات كبيرة والناس بطبيعة الحال تنظر الى ان المرحلة الحالية من اصعب المراحل فقد خلف العدوان على البلاد طيلة سنوات الحرب كارثة في البنية التحتية بعد أن دمر وقصف العدوان وأجهز على أهم المقومات الاقتصادية الأمر الذي يُلقي بأعباء جسيمة على حكومة التغيير والبناء تتمثل في تحديد الأولويات التي يجب البدء في التعامل معها. وأشار البروفيسور الترب الى ان المجتمع ينتظر تقديم شي ملموس في الجوانب المعيشية والخدمية ويأتي الجانب الاقتصادي كأولوية ملحة أمام الحكومة كون الاقتصاد يمثل عصب الحياة في أي دولة وبه يحدث التغيير الإيجابي المنشود لأي حكومة كانت إذا تعاملت معه بجدية وحكمة وعقلانية لأنه على صلة مباشرة بحياة المواطنين المعيشية، وهو لبنة النهوض بأسس الدولة التي تنشدها حكومة التغيير لذا فمن الطبيعي أن تولي الاهتمام اللازم لعملية البناء الاقتصادي لتحقيق جملة من المهام تحتمها الظروف الراهنة ومقتضيات المصلحة الوطنية العليا. وقال البروفيسور الترب إن بناء دولة التغيير والبناء تحتاج إلى مرتكزات أساسية يمكن بناؤها عبر إعادة هيكلة نظام الدولة بما يتماشى مع المتغيرات والمستجدات المحلية والدولية ورسم السياسات العامة بناء على خطط استراتيجية وطنية تحدد فيها الأهداف وتقترح فيها آليات التنفيذ وتحدد فيها المسؤوليات وإعادة النظر في الهياكل التنظيمي للمؤسسات القائمة وتحديثها طبقا للمتغيرات والمحددات والسياسية والدفع بالكفاءات المهنية الوطنية فالمؤسسات هي الأداة الفعالة للدولة في إنجاز وظائفها ومهامها الاساسية، لا سيما تحقيق الامن والاستقرار ووجود المؤسسات الفعالة والمسؤولة والشاملة والكفؤة هو من ابرز الشروط الضرورية للتنمية الاقتصادية والضمان الحقيقية لاستدامة الثروة والمكاسب الاقتصادية ودولة التغيير والبناء هي الدولة التي تستند إلى عقد اجتماعي جديد يؤسس العلاقات في المجتمع بين الأفراد والدولة والمجتمع. وأضاف البروفيسور الترب ان من محددات حكومة التغيير والبناء هو الإسراع في عملية بناء الدولة ومؤسساتها للظروف التي مرت بها مؤسسات الدولة وتلبية إلاحتياجات لابناء الشعب وتحقيق تطلعاتهم ويقتضي هذا الامر ضرورة الاستجابة الواعية من حكومة التغيير والبناء لهذه الظروف والاحتياجات والتغيرات والمستجدات والتحديات التي مرت بها المؤسسات منذ عقود ونأمل من حكومة التغيير والبناء تنفيذ محددات للإصلاح الأمثل والذي يلائم جذور الواقع المؤسسي، ويتفهم طبيعة الإرث المؤسسي الموجود المثقل في الفساد والعبثية، وذلك للوصول إلى تشخيص أوجه الخلل الذي أصاب العمل المؤسسي..واكد البروفيسور الترب إن أهمية الإصلاح المؤسسي من اولويات حكومة التغيير والبناء والاجابة على السؤال الذي انتظرناه عقود وازلة الطابع السلطوي المبني على المصالح والمحاصصة والولاءات الضيقة الذي استحوذت على مؤسسات الدولة والحياة السياسية وإن قيام الدولة الحديثة هو تحديث مؤسساتها وهياكلها وهذا لا يعني الإستغتاء عن هيكل الدولة القائمة في المجتمع، ولا يعني البحث عن دولة جديدة بالكامل.. الدولة الحديثة مرتبطة بالدفع في الكوادر من الكفاءات والخبراء النزيهة وبناء القدرات الحالية التي لا تزال غير فاعلة للكادر الوظيفي نتيجة العجز الكلي للدولة منذ عقود بفعل الصراعات والحروب والاخفاقات الإقتصادية والتنموية المتكررة وخلق أزمة وعي سياسي الذي حولت مؤسسات الدولة الى قطعة شطرنج يديرها أشخاص، وتحويل مؤسسات الدولة لعبة بيد العابثين والفاسدين لعقود ومن اولويات حكومة التغيير والبناء وضع سياسات متعددة الأبعاد لتكون مؤسسات الدولة فعالة في تحقيق الغايات وتحديث مؤسسات الدولة وهياكلها ووظائفها باستمرار. وتأسيس نظام تنافسي قادر على التموضع في الاقتصادي والتنموي.