ضمن مشروع الصهيونية التي خطط لها زعماء الوكالة اليهودية منذ ما قبل 48 م يواصل الاحتلال الاسرائيلي انتهاج سياسته العدوانية الرامية الى تطهير الأراضي الفلسطينية المحتلة من سكانها الأصليين بالحديد والنار وبالتجويع والحصار وبالمذابح الفظيعة التي تعرض لها سكان فلسطين منذ عام 48 م وحتى الآن ولن تكون مذبحة غزة الكبرى هي الأخيرة في ظل المخطط التدميري والاطماع في السيطرة على كامل فلسطين والتوسع واحتلال أجزاء واسعة من الدول العربية المحيطة بها . ناصر الخذري فلم تكن حرب الإبادة والمذابح المروعة والقصف والتدمير لكل مناحي الحياة في قطاع غزة لأكثر من 15 شهرا حلقة من حلقات مسلسل التدمير والتهجير القسري للفلسطينيين كانت بهدف إعادة الاستيطان وقد جرت محاولات متكررة في غزة من قبل العدو بجولات من حرب الإبادة لكنها كانت تفشل في كل محاولة أمام الثبات الأسطوري والمقاومة النوعية التي خيبت آمال الاحتلال وهزت كيانه بعملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023م لتؤكد المقاومة انها عصية على الخضوع للمحتل مهما عربد ومهما قصف ودمر . ادعاء توراتي مطامع الصهيونية في السيطرة والتوسع على حساب الأراضي العربية واحتلالها مستمرة ولن تتوقف مادام العرب يقفون متفرجين على سياسة الاحتلال وجرائمه الفظيعة بحق الشعب الفلسطيني ولم يحركوا ساكنا . ويتناسى العرب ان (إسرائيل) في الأساس ادعاء توراتي يؤمن به جميع المستوطنين وعلى هذا الأساس لا يكمن ان يقبلوا بإقامة دولة فلسطينية مهما قدم العرب من التنازلات فلن يقبل بها الاحتلال لأنه يرى انه لم يستكمل حدود (مملكة إسرائيل ) التي تضمنتها البنود الواردة في التواره حسب ما يدعون . سياسة الخداع كانت أمريكا في الفترات السابقة تدعي امام الراي العالمي انها مع حل الدولتين وحرصها على إقامة الدولة الفلسطينية ولكن هذه الادعاءات لم تكن سوى مهدئات فيما السياسة الامريكية تعمل على تشجيع الاحتلال في التوسع والاستيطان في فلسطين وتقدم له الدعم العسكري والاقتصادي والدبلوماسي بالاعتراض على العديد من قرارات مجلس الامن الصادرة ضد الاحتلال منذ 48 وحتى فيما ظلت بقية قرارات مجلس الأمن حبرا على ورق وغير ملزمة للاحتلال. تهجير الفلسطينيين يظل امن الاحتلال الصهيوني ودعمه احدى الثوابت في السياسة الخارجية لأمريكا الا ان المتغير الوحيد فيها تصرف الارعن ترامب الذي صرح اثناء حملته الانتخابية في ولايته الثانية بان المساحة الجغرافية التي يتواجد فيها الاحتلال صغيرة وانه سيسعى الى توسيعها ولم يوضح حينها المساحة التي ستمنح لإسرائيل للتوسع فيها , إلا ان تصريحات نتنياهو المتكررة عن تغيير خارطة الشرق الأوسط قد ترجع الى معرفته بأن ترامب سيعمل على تلبية رغبات اليمين الصهيوني المتطرف وبما يتيح للاحتلال التوسع وهو ما يتجلى بصورة واضحة من خلال السيطرة على سلسلة جبال الشيخ في سوريا والتمدد في الجنوب السوري , والعدوان على لبنان واحتلال أجزاء من اراضيه وعدم الانسحاب منها بعد فترة 60 يوما التي حددها اتفاق وقف اطلاق النار بين حزب الله و(إسرائيل ) واستمراره في العدوان على جنين بالضفة الغربية . وكل هذه العربدة الصهيونية ونشوة رئيس وزراء كيان العدو في تغيير خارطة الشرق الأوسط تندرج في اطار المشروع الصهيوني الخطير الذي رسم مخطط تهجير الفلسطينيين من ارضهم منذ ما قبل وعد بلفور المشؤوم بإيجاد وطن قومي لليهود في فلسطين . تقرير سري نشرت وزارة الخارجية الأمريكية وثائقها السرية الخاصة بسياستها التي كانت متبعة عام 1943 م في الشرق الأوسط في مطلع التسعينات من القرن العشرين وكان من ضمن هذه الوثائق تقرير سري رفعه الجنرال ( باتريك هارلي ) إلى رئيس الولايات المتحدة الامريكية في حينه روزفلت بتاريخ 5/5/ 1943م بعد أن زار هذا الجنرال المغرب العربي ومصر وفلسطينوسورياولبنانوالعراق في شهر نيسان 1943 م ومقابلته لعدد من زعماء العرب والصهاينة في المنطقة وقد جاء في هذا التقرير المترجم حرفيا : " إن زعماء الوكالة اليهودية قالوا لباتريك أنهم مصممون على تنفيذ خطتهم التي تتضمن ما يلي : إنشاء دولة يهودية على ارض فلسطين إبعاد وترحيل عرب فلسطين " السكان الأصليين " إلى العراق بعد تأسيس وإقامة دولة إسرائيل " انطلاق اليهود " في منطقة الشرق الأوسط وتطوير سياستهم بما يتفق مع البرنامج الصهيوني التوسعي وحينما نطلع على ما جاء في هذا التقرير لا نجد في تصريحات ترامب بتهجير سكان قطاع غزة الى مصر والأردن شيئا غريبا أو جديدا في نظرة الصهيونية نحو منطقة الشرق الأوسط ولكن في هذا التقرير ضوء كاشف لكل ما يجري من احداث دموية في هذه المنطقة من تاريخه وحتى الآن . تحد سافر التصريحات الوقحة لترامب بإقتلاع السكان الأصليين لفلسطين وتوطينهم في مناطق عربية أخرى وافساح المجال للاحتلال الصهيوني للتمدد في ارض فلسطين وفي الدول المحيطة بها تعد تحد للعرب وخاصة الدول الموقعة لاتفاقية سلام مع الاحتلال مثل اتفاقية كامب ديفيد مع مصر ووادي عربة مع الأردن . فعلى الرغم من رفض النظامين والشعبين المصري والأردني لتصريحات ترامب الا انه كرر حديثه بكل ثقة بأن الرئيس المِصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني اللذين رفضا طلبه بالانخراط في مشروع تهجير أبناء قطاع غزة إلى بلديهما، سيخضعان في نهايةِ المطاف لخطّته، ويفتحان أراضيهما للمُهجّرين وفي هذا السياق يقول الكاتب عبدالباري عطوان : " ان هذا يعني أمرين أساسيين: الأوّل، هو المُواجهة، وربّما الحرب غير المُعلنة مع الإدارة الأمريكيّة الحاليّة، والثاني، الرّضوخ للضّغوط، وارتكاب خيانة عُظمى عُنوانها النّكبة العربيّة الثّانية." وأضاف : " الرئيس ترامب أكثر إيمانًا ودعمًا للمشروع التوسّعي الصّهيوني من أيّ زعيمٍ أمريكيّ سبقه، فهو يُفكّر دائمًا بعقليّة تاجر العقارات، ومِن هُنا كانت صفقة القرن في الشّرق الأوسط التي كانت أبرز مُخطّطاته ل"تسمين" دولة الاحتلال، وضمّ أراضٍ عربيّةٍ لزيادة مساحتها بدءًا بالجُولان السوري المُحتل، والقدس الشرقيّة، ربّما قريبًا جدًّا الضفّة الغربيّة وأجزاء من سورية والعراقولبنانوالأردن، بعد الانتهاء من تفريغ القطاع، ولم يكن من قبيل الصُّدفة أن يختار ترامب الصّهيوني ستيف وارتكوف تاجر العِقار ومُحاميه مبعوثًا له إلى مِنطقة الشّرق الأوسط، وكانت أوّل مهامه "التسلّل" إلى قطاع غزة، لمُعاينة "البِضاعة" عن كثب، تمهيدًا للخطوة التّالية، أي تفريغ القطاع من سُكّانه لإفساح المجال أمام المشروع العقاري الصّهيوني الأكبر" جزء من وعد بلفور الخطر القادم ليس على فلسطين وحدها وانما بات يقترب من الدول المحيطة بفلسطين التي لم تحرك ساكنا وكانت تقف متفرجة على المقاومة وهي تتصدى لخطر المشروع الصهيوني فها هي أجراس الخطر تدق اليوم في الأردن و مصر لسببين أولهما ان سيناء التي سبق ان احتلتها إسرائيل عام 1967 م تسعى الى إعادة احتلالها اليوم ولكن بصورة أخرى عبر مطالب فتحها لتوطين الفلسطينيين فيها وأما الأردن فتعتبر من وجهة نظر الاحتلال الصهيوني جزءاً من وعد بلفور تم تأجيله لأسباب وهذا ما أشار اليه مركز الأبحاث البريطاني Demos المختص بالأبحاث السياسية والوثائق التاريخية في دراسة نشرها قبل حوالى عام تقول:" أن الأردن جزء من وعد بلفور تم تأجيله لأسباب ! وأن تلك البقعة الجغرافية (شبه الصحراوية) هي أراضٍ تاريخيّة تعود لليهود ( تمتد ما بين نهر اليرموك شمالاً إلى وادي الموجب جنوباً !) وعلى العرب الاعتراف العلني والصريح بالحق التاريخيّ لليهود في أراضيهم المنتشرة في منطقة الشرق الأوسط . " الموقف العربي صمت الأنظمة العربية عن جرائم الإبادة الصهيونية في فلسطين والتوسع في الاستيطان جعل أمريكا وإسرائيل تطالب اليوم صراحة بإفراغ فلسطين من سكانها وترحيلهم نحو الدول المحيطة بصورة تشكل خطرا داهما على الامن القومي العربي بشكل عام وعلى وجه الخصوص مصر والأردنوسوريا . اهداف إسرائيل في خطاب وجهه الى كيان الاحتلال قال بن غوريون اثناء اجتماع لهيئة الأمم المتحدة في ديسمبر من العام 1948م : " إن الانتصارات العسكرية الأخيرة هي احدى المقدمات لأهداف إسرائيل البعيدة فعلى الشعب ان يكتل قواه للوصول الى تلك الأهداف , استعدوا للوصول الى الهدف النهائي في بناء الدولة اليهودية وجلب يهود العالم جمعيا وتحقيق البنود الواردة في التوراه " هذه البنود التي يزعم بن غوريون انها وردت في التواره قد أشار اليها أيضا الزعيم الصهيوني نورمان بنتويش في كتابه " فلسطين واليهود بقوله : " لا حاجة ان تكون فلسطين المستقبل محدودة بحدودها التاريخية ففي امكان اليهود الامتداد الى جميع البلاد التي وعدوا بها في التوراه وهي : من البحر المتوسط حتى الفرات ومن لبنان حتى نهر النيل , هذه هي البلاد التي أعطيت للشعب المختار " هذه الخرافة التي ينسبها الاحتلال للتوراه لا ترضى عنها الصهيونية ولا تقتصر عليها فالمؤتمر الصهيوني الأول المنعقد في 1897 م نص في البند الثاني من قراراته على " ان تكون مساحة البلاد كافية لحاجات 15 مليونا من اليهود المشتتين في العالم " وخطب الزعيم الصهيوني ولهلم ريبل قائلا : " إننا لا نوافق الآن على وضع حدود لمملكة إسرائيل لان هذه الحدود تكون تلك التي نقدر على الوصول اليها" وفي مارس عام 1949 م اثناء حفل تخريج لضباط يهود في المدرسة العسكرية القى بن غوريون خطاب امامهم قال فيه : " إننا لم نصل بعد الى غايتنا أي الى النصر النهائي فنحن حتى الآن لم نحرر بلادنا تحريرا كاملا غير قسم واحد فيها فقط , اما الأقسام الباقية فسيكون مصيرها مصير القسم الذي تسيطر عليه قواتنا الباسلة الآن , فسنجعل الحرب حرفة يهودية حتى يتم تحرير بلادنا بأجمعها وسنقاتل ما لاح لناظرينا خطر يمنع من تحرير تلك البلاد . بلاد الآباء والاجداد الممتدة من الفرات غربا حتى النيل شرقا " وقد جعل البرلمان اليهودي شعاره " حدودك يا إسرائيل من الفرات الى النيل " ومن ينظر الى الخريطة القومية التي اعدها الاحتلال الإسرائيلي لدولتهم المنشودة يجدها تشمل فلسطين وشرقي الأردن وسورية ولبنان وقسما كبيرا من العراق وقسما واسعا من الأراضي المصرية بما فيها شبه جزيرة سيناء كلها والدلتا وكثيرون منهم يطمعون للسيطرة على المدينة المنورة التي يزعمون انها كانت لهم في الحجاز الخطر على المقدسات اما أطماع الاحتلال بالمقدسات ولا سيما المسجد الأقصى فهي احد الأهداف الرئيسية للاحتلال ونتطرق هنا الى ما قاله الزعيم الصهيوني الفرد موند (اللورد ملشت) وكان وزيرا للأشغال في بريطانيا سنة 1922 م وهو : " أن اليوم الذي سيعاد فيه بناء الهيكل اصبح قريبا جدا واني ساقف حياتي على بناء هيكل سليمان في مكان المسجد الأقصى ". ولذلك فإن الصهيونية خطر على كل العرب وان ومواجهتها واجب ديني على كل عربي وان ما يجري اليوم في غزة والضفة سينتقل الى ما حول فلسطين . ولا سبيل امام العرب لصد الخطر الداهم للصهيونية إلا الوقوف الى جانب المقاومة الفلسطينية ودعمها بالمال والسلاح والرفض المطلق لمشروع ترامب الذي يواصل الضغط على اخراج أهالي قطاع غزة باتجاه مصر والأردن وعلى الأنظمة العربية المطالبة بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وضمان حق العودة للنازحين الفلسطينيين الذين نزحوا عقب الاحتلال عام 48م والبدء بتقديم الدعم السخي لإعادة اعمار قطاع غزة والضغط على الاحتلال الإسرائيلي بوقف عدوانه الغاشم على جنين في الضفة الغربية والمطالبة بسحب قواته من جنوبلبنان ومن الأراضي العربية السورية التي احتلها الى جانب المساحة التي احتلها من الجولان في العام 1967م ولكن الاحتلال لا يفهم الا لغة القوة التي بها وحدها سننتزع حقا مغتصبا ونستعيد ارضا محتلة . وما قدمته المقاومة الفلسطينية من درس في الصمود والثبات خلال 15 شهرا يجب ان يستفيد منه العرب وان يعوا ان إسرائيل ضعيفة ولم تستطع ان تشن كل هذه الجرائم والعدوان على العرب لو لم تكن أمريكا ودول الغرب الى جانبها , فلا سبيل امام العرب إلا حشد القوة وتوحيد الصف والوقوف الى جانب الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره مالم فإن التخاذل سيعود سلبا على كل المتفرجين من العرب وها هي أولى المخاطر الصهيونية باتت تظهر من خلال تصريحات وضغوطات ترامب على مصر والأردن بقبول اكثر من 2.5 مليون فلسطيني من قطاع غزة وسيلحق بهم سكان الضفة الغربية في اطار السياسة الصهيونية التوسعية وخارطة الشرق الأوسط الجديد التي يحلم بها الارعن نتيناهو , لا سبيل لعزة وكرامة الامة العربية غير حمل السلاح ومواجهة وجه العدو واسناد ابطال المقاومة الفلسطينية باعتبارهم خط الدفاع الأول الذي لولاه لكان الاحتلال قد توغل في كثير من أراضي الدول العربية التي رسمها في خارطته المعلنة من العراق حتى السويس .