حالة التراخي العربي والخذلان الذي أصبح سمة بارزة لهذه المرحلة السائدة من عدم الثبات وكذا المواقف المهزوزة للأنظمة العربية تؤكد ان مرحلة من الانهيارات تنتظر الأعراب حتى أولئك المطبعين المهرولين إلى إقامة جسور تواصل مع الصهيونية والامريكان رغم إن الصهاينة يكنون الاحقاد وينسجون المؤامرات لاحتواء المنطقة الجغرافية العربية استيطاناً وسيطرة وتحكماً ونفوذاً . وكل المؤشرات تؤكد ان الأجندة الصهيونية العدوانية لها اطماع بعيدة تتمثل في فرض وجود صهيوني على أنقاض المنظومة العربية القائمة وعلى ثبات المحور الصهيوني في جغرافية المنطقة العربية , والعمل جار ومستمر في هذا المضمار بأساليب عديدة بدءاً من التمهيد القطري وامتداداً للحرب التي تقودها تل أبيب في كل اتجاه وتحت أي مبرر مصطنع .. واحياناً دون أي مبرر غير الرغبة في التوسع والاستيطان والإزاحة للكثافة السكانية البشرية العربية من مناطق تواجدها .. ولهذا فان قضيتنا نحن العرب ليست قضية تحرير فلسطين وحسب بل هي قبل كل شيء وبعد كل شيء قضية تدمير حضارة وإزالة أمة من الوجود .. وإسرائيل الصهيونية هي رأس حربة وامتداد الجسر الذي غرس في قلب الوطن العربي بل في قلب وجودنا ليكون أداة الإزالة والتدمير .. إنها قضية حياة أو موت.. قضية وجود أو عدم وجود هذا ما يميز علاقة العرب مع الصهاينة فكيف نرضى لحياتنا ومعطياتنا أن تتضاءل مع معركة من معارك الدول الكبرى أكسروا رأس الحربة وحطموا الجسر ثم قولوا ما تشاؤون أما قبل التحرر من الخطر المحدق فكل انشغال عن المعركة المصيرية معركة الفناء أو البقاء هو ترف وتفريط وتفريغ للإرادة العربية من شحنة الجهاد والعزيمة والقدرة والمضاء.. أترى مثل هذه الشواهد معضلة غامضة أم أحجية تستعصي على الوضوح وربما تحتاج الى نقاش كثير وحوار طويل .. كلا بل هي النفوس المريضة تفزع إذا حزب الأمر إلى الأمل الكاذب والتمني الخائب والياس والتسليم .. انها النفوس المهيمنة التي تتلهى عن مكاره المجابهة وشرف الجهاد بالمكاسب والدعة للراحة في شوارع عواصم العرب .. ومثل هذه الحالة الإسترخائية ومظاهر التواكل السلبي هي التحدي الأبرز امام العرب الذين يتجاهلون حقائق التحدي القائم وتعمل على ترحيل القضايا وتكديسها حتى تصبح مستعصية الحلول وتتعقد في المسار والفرجه هي كذلك الأنظمة الهازلة التي كلما أشتط العدو وغالا في نزوات غروره الوقح انصرفت عن مناخ المعركة إلى مزايدات وتشرذم وشتات أمن مصادفات العفوية أن يزيد الانقسام كلما زادة نذر الالتحام . كلما أوغل العدو في اجرامه وزاد من هدير التصفية تعالت بيننا العرب الشتائم والمهاترات والاتهامات وحمى وطيس المعركة بين قادتنا العرب والعرب وإعلامهم وبس لا بين العرب وبين الأعداء . والفصائل الفلسطينية المقاومة يجب أن تلم شتاتها وتلتقي وتتفق على خطة تلم شعثها وتوحد صفها وتدفع عن حوضها العملاء والمتآمرين الذين يندفعوا في طابور معاكس للنضال من أجل تحرير الأرض وما نشاهده من هجوم على بعض المخيمات الفلسطينية من قبل السلطة في رام الله فما يحدث في مخيم جنين يا سيادة الرئيس محمود عباس ما هو إلا خدمة للعدو الإسرائيلي .. وغير خاف على أي متابع ذلك الحقد الأسود كيف يعمي البصيرة ويأكل الأخضر واليابس وتذوب في قعقعة السلاح والقتل الفلسطيني الفلسطيني من المستفيد ؟ قتال الأخوة كفر العدو ينكل ويداهم ويقتل ويعتقل ويجوب أرض السطلة ويدوس على أوسلو وعلى القوانين والأعراف الانسانية وانتم اضعتم روابط القربى ووشائج الأرحام والاستهتار بالدم الفلسطيني والمس بالمحرمات من أجل سراب وانانيات ضيقة..؟ وان القلب ليدمى حزناً حين يختصم الاخوة شركاء الدم والجغرافيا والمصير تتحول معركة استنزاف العدو ودعم المقاومة في غزة إلى استنزاف الدم الفلسطيني وهدر طاقته .. أعرفتهم أمة تتأمر مع عدوها على نفسها وآمالها ومقوماتها هذا ما يحدث في جنين ومثله يقع في دولنا العربية جندونا وزرعوا لنا الخلافات ونحن ننفذ في بلداننا العربية ما يبتغيه العدو منا نفعل نحن العرب هذا وما خفي كان أعظم ولنا أن نسأل أنفسنا كيف تنطوي النخوة وتنزوي المروءة ويضيع الرشد ويطير الأمل وتضوي الثقة بما يصنعه القادة المبجلون حتى أصبحنا سبة العالم في الدنيا والخزي والآثم في الأخرة .. كل حزب بما لديهم فرحون .. نفرح بتعاسة نأكل خبزنا بعار يومنا ونبيت ليلنا الأسود لنلقي المهانة من الغداة ولا نستحي أن نقول العالم العربي فيما نقول العرب اثنان وعشرون دولة لكل منها رأي ولكل منها موقف مختلف وتعدد في القناعات ولكل منها قضية .. لقد أصبحنا مأتيين مليون لكنا كغثاء السيل تأخذنا التيارات من كل أقطارها ثم تقذف بها إلى جوف العدم سبب الكارثة وما يحدث في غزة ,بل في فلسطين والعالم العربي قيادات حاقدة ضعيفة تذل امام عدوها وتستأسد على شعوبها .. قد فقدت القدرة على مواجهة مسؤولياتها وامة عربية ضائعة في مجتمعات ممزقة بالصراعات نحترب ونختصم فيما بيننا البين والعدو بخير وعافية تركنا المواجهة المباشرة معه معارك جانبية وسعينا للمبادرات والضغط على المقاومة بالقبول بالتسليم والمهادنة .. وما يثير في النفوس حالة من الحزن والازدراء ان الأنظمة العربية اصيبت بالإدمان.. ونعني ادمان المواقف المتخاذلة وارجاء المشاكل بدلاً عن التحرك لإيجاد حلول لها فنلجأ كعرب إلى عقد المؤتمرات ونتبادل القبلات والتصوير واطلاق البيانات الخادعة والسلم والتسليم ونحاول بجهدنا التملص والتخلي والبعد عن الخروج بموقف حازم وكلمة جامعة ورأي واستراتيجية مواجهة واحدة ما دون ذلك انحراف عن الصواب والفكر والرؤية بل وانهيار وانفصام نفسي وخلقي .. تلك هي أوضاعنا كعرب وهذا هو حالنا فيما اعداؤنا يحثون الخطوات نحو أهدافهم التي ان وجدت في حينها سوف تضعفنا وتضعنا كعرب في هامش الهامش من الحياة تفقدنا السيادة وتنتزع منا حتى الجغرافية والمكان ونصبح في اوساط الأمم نسياً منسياً .