الحروب التي تنشب بين كثير من الدول حول العالم مهما طال أمدها فإنها حتما تنتهي بحل سياسي بعد ان يكون الجانب العسكري قد قام بالدور المنوط به في التهيئة للجلوس على طاولة المفاوضات سواء كان ذلك بشكل مباشر او غير مباشر. ومن اللافت للنظر في معركة التصدي والمواجهة للعدوان الأمريكي والإسرائيلي على اليمن واسناد غزة ظهور أصوات نشاز تدعي حرصها على الوطن وتشن حربا سوداء موجهة ضد عمليات قواتنا المسلحة المساندة لشعب فلسطين والدفاع عن السيادة اليمنية وتصف تلك العمليات بأنها غير مجدية وان الموقف الصحيح عدم فتح معركة مع أمريكا نظرا لعدم التكافؤ في الردع حسب زعم تلك الأدوات ولكن ما يبعث على السخرية هو التناقض لتلك الأصوات بعد سماعها للاتفاق بين اليمن وامريكا على وقف استهداف كل طرف للآخر التي فاجأها الاتفاق كما فاجأ كيان العدو الصهيوني في وقت واحد . 26 سبتمبر – خاص ولذلك ذهبت الأدوات التي كانت تراهن على الوصول الى صنعاء على ظهر الدبابة الامريكية الى كيل التهم وتبني رواية ترامب والامتعاض الواضح من التوصل لهذا الاتفاق الذي يعد انتصارا للإرادة اليمنية . الكثير حول العالم باركوا الاتفاق واعتبروه انتصارا كبيرا واعترافا بشرعية و بقوة اليمن الصاعدة في آسيا لكنه في نفس الوقت لم يعجب من كانوا يرون في الحرب مع أمريكا مغامرة و ضربا من الجنون يجلب على البلد "الخراب والدمار ", اليس الاتفاق يصب في مصلحة اليمن ما الذي تغير لماذا كل هذا القلق والصراخ الذي انتاب الأدوات بهذا الشكل الهستيري .وخاصة ممن يسمون بالمحللين السياسيين والكتاب الذين تبنوا رواية ترامب الكاذبة عن الاتفاق في محاولة منهم للتقليل من الانتصار اليماني وللهروب من الواقع الذي يعيشونه في ظل ارتباك واضح وقلق انتابهم بشكل اكبر من كيان العدو الصهيوني نفسه . ومن خلال قراءة موضوعية لخلفية ذلك القلق لدى كيان الاحتلال الصهيوني فإنه مبرر بعد ان تخلت عنه أمريكا أو بيعه كما يقول بعض المتحدثين في قنوات ووسائل الإعلام العبري. لكن الغريب جدا هو الارتباك والقلق الذي ينتاب الأدوات التي كانت تتوهم ان العدوان الأمريكي سيفتح لها المجال لتحقق ما عجزت عن تحقيقه خلال عقد من العدوان على اليمن والمحاولات التي كانت تبوء بالفشل الذريع والهزائم الماحقة . وما يجب ان يدركه كيان العدو الصهيوني وكذلك الأدوات أيضا ان العالم لا يحترم الا القوي وان الدول الكبرى دوما بما فيها أمريكا تبحث عن مصالحها وتهاب من يقف في وجهها بشجاعة . الاتفاق بين واشنطنوصنعاء يعد تدشينا للمرحلة الأولى من الانتصار على الامبريالية الامريكية في اطار معركة اسناد الشعب الفلسطيني والدفاع عن السيادة اليمنية والذي تحقق بفضل الله وبفضل الصمود والثبات والضربات الموجعة التي طالت اهم المواقع تحصينا في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة ومنها استهداف قواتنا المسلحة لمطار اللد بصاروخ فرط صوتي الذي كان تتويجا للانتصارات التي تحققت على الكيان الغاصب طلية خوض معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس بمرحلتيها الأولى والثانية وأيضا العمليات النوعية التي حيدت حاملات الطائرات الامريكية والحقت بها خسائر كبيرة جعلتها ترمي بطائراتها المقاتلة في البحر وتطلق النار على بعضها وهي تحاول التصدي للضربات الاستباقية التي نفذتها القوات المسلحة اليمنية كل هذه العوامل مجتمعة جسدت التفوق النوعي والتقدم للقدرات الدفاعية التي أجبرت أمريكا تقف صاغرة امام اليمانيين وقوتهم وباسهم بعد ان فشل ترامب كما فشل سلفه في البيت الأبيض جو بايدين, ووفقا للمعايير العسكرية فإن انسحاب أمريكا من المعركة واللجوء الى اتفاق يحفظ لها ماء الوجه يعد انتصارا ليس لليمن فحسب وانما للعرب والمسلمين كون أمريكا لا تتفاوض إلا مع الأقوياء ولا تعرف إلا لغة القوة فكان التفاوض والاتفاق اعترافاً امريكياً بشرعية حكومة صنعاء وما عزز ذلك الاعتراف هو البيانات المباركة للاتفاق التي صدرت عن دول عربية وإسلامية . هذه البيانات التي باركت الاتفاق خاصة الدول التي كانت الأدوات تراهن عليها في تحقيق نصر من نوع ما على من يسمونهم الحوثيين "زاد الطين بلة " وضاعف القلق والارتباك بعد ان تأكدوا ان امانيهم بعيدة المنال ويصعب تحقيقها هذه الأدوات التي تغرد خارج السرب وتعيش حالة الوهم يبدو انها لم تستوعب الدرس ولم تستفد من العبر التي حلت بمن هم اقرب الى أمريكا ( الدول الأوروبية ) التي تم التخلي عنها بعد 80 عاما من اتفاقية الحماية لها ولم يدركوا ان مصلحة أمريكا وغيرها من الدول الكبرى هي المقدمة على ما سواها وان تلك الدول ومنها أمريكا لا ترى في الأدوات إلا مجرد وسيلة تحقق من خلالها غايتها وحين يتم الاستغناء عنها تتخلى عنها ولا تمثل أي أهمية ولا يمكن ان تجازف من اجل سواد عيونها فهي تبحث عمن يدفع مقابل الحماية او حتى خوض معركة بالإنابة . التقرب لأمريكا والصداقة معها يمثل خطرا على الأصدقاء اكثر من الأعداء وهذا ما ذهب اليه هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي السابق حين قال: "أن تكون عدوًا لأمريكا قد يكون أمرًا خطيرًا، لكن أن تكون صديقًا هو أمر قاتل" فهل تستوعب الأدوات الدرس وتراجع حساباتها وتغلب المصلحة الوطنية وتكفر عن سيئاتها ام ان الأمر ليس بيدها وتنفذ ما يملى عليها !!