وزير الدفاع: مأرب كسرت غرور مليشيات الحوثي الإرهابية واحتضنت كل اليمنيين    أمطار غزيرة وعواصف رعدية تتسبب بانقطاع طرقات وتخلّف أضرارًا كبيرة في عدن    الرئيس يعزي الشيخ صالح بن حسين الأحمر    اكتشاف أقدم دليل على الصيد بالسهام في آسيا قبل 80 ألف عام!    اضطرابات حرارة الجسم تكشف عن أمراض خطيرة!    هل هم متطفّلون أم حذِرون؟    مأرب والمهرة تواصلان الامتناع عن التوريد لمركزي عدن    وصول كفار أمريكان لينصحوا مسلمين يمنيين للحفاظ على أموال البنك المركزي    هكذا جهلونا ودعوشونا:    الكشف عن تفاصيل مكالمة بوتين وترامب    مع اشتداد موجة الامطار ..خارطة الطقس اليوم    أنشيلوتي يستبعد فينيسيوس من قائمة البرازيل    من يوقف مخطط التهجير؟    من مكرمات بن حبريش: توزيع ألوية عسكرية على الحضارم    لملس يوجه بمساعدة المواطنين المتضررين من الامطار الغزيرة    القرار الاداري لرئيس مجلس القضاء الأعلى رقم (41) لسنة 2025 بشأن تعديل قانون الرسوم القضائية    الفساد المالي في الجيش اليمني    ماركيز يُتوّج باللقب ويوسع الفارق    عالميا.. دور الأربعة أحدث أنظمة السوبر    محامي شيرين:كسبنا القضية بالحجز والتعويض    حكام السوبر.. ماكيلي الأكثر ظهورا.. والسعوديون قادوا 5 مباريات    قوات خفر السواحل توقف حركة القوارب والعبّارات في سواحل حضرموت    إصلاح أبين ينعى القيادي محمد الجدي ويثمن جهوده وأدواره الوطنية    البنك المركزي في صنعاء يمنع تحويل أموال الاستيراد إلى مناطق الطرف الآخر    استشهاد طفلة وإصابة مدنيين برصاص وألغام مليشيا الحوثي في الحديدة وتعز    المنتخب الوطني تحت 23 عاماً يختتم معسكره الداخلي ويتوجه صوب دبي لإقامة معسكر خارجي    صنعاء تصنع أكثر من 57 ألف أسطوانة غاز وتستعد لتوزيعها مجانا للمواطنين    التشي يعود بتعادل ثمين امام ريال بيتيس في الليغا    صنعاء تعطي تحذر لشركات اليمنية القطاع الخاصة اقرأ السبب !    - مليون دولار كلفة افتتاح أضخم مشروع مياه يخدم 200 ألف شخص في سيئون، حضرموت    إقالة مدرب سانتوس بعد الهزيمة "الثقيلة" وبكاء نيمار    قائد الثورة يوجه باعفاء الجمارك والمخلفات المرورية للسيارات التي محجوزة    ب"ثلاثة اهداف لهدف" احمد عثمان يقود فريقة و"حدة التربة" لإنتصار ثمين على " الميناء "وبلوغة ربع النهائي؟!    منظمة العفو الدولية تتهم إسرائيل باتباع سياسة تجويع متعمدة في غزة    لجنة الإيرادات تجتمع برئاسة الرئيس عيدروس الزبيدي    الإعلام الجنوبي مدعوا للوقوف والتضامن من قبيلة آل البان في وجه طغيان رشاد هائل سعيد    قرار حكومي بتوحيد وتخفيض الرسوم الجامعية والدراسات العليا في الجامعات الحكومية    لجنة تابعة لهيئة الأدوية أجبرت الصيدليات على رفع أسعار بعض الأدوية    تدفق السيول على معظم مناطق وادي حضرموت وتحذيرات للمواطنين    باكستان تستأنف عمليات الإنقاذ في المناطق المتضررة من السيول    تعز .. مسلح يغلق مقر صندوق النظافة والتحسين بعد تهديد الموظفين وإطلاق النار    لماذا تم اعتقال مانع سليمان في مطار عدن؟    شرطة تعز تعتقل مهمشاً بخرافة امتلاكه "زيران"    كمال الزهري .. عين الوطن    التشكيلية أمة الجليل الغرباني ل« 26 سبتمبر »: مزجت ألم اليمن وفلسطين في لوحاتي لتكون صوتاً للجميع    متى وأيّ راعية ستمطر…؟ ها هي الآن تمطر على صنعاء مطر والجبال تشربه..    إب .. استعدادات وتحضيرات وأنشطة مختلفة احتفاءً بالمولد النبوي    نفحات روحانية بمناسبة المولد النبوي الشريف    اجتماع موسع لقيادة المنطقة العسكرية السادسة ومحافظي صعدة والجوف وعمران    اغتيال كلية الشريعة والقانون    دمج الرشاقة والمرونة في التخطيط الاستراتيجي    مرض الفشل الكلوي (17)    المؤتمر الشعبي العام.. كيان وطني لا يُختزل    خرافة "الجوال لا يجذب الصواعق؟ ..    الصحة العالمية: اليمن يسجل عشرات الآلاف من الإصابات بالكوليرا وسط انهيار البنية الصحية    أكاذيب المطوّع والقائد الثوري    من يومياتي في أمريكا .. أيام عشتها .. البحث عن مأوى    توكل كرمان، من الثورة إلى الكفر بلباس الدين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موازنة البنتاغون 2026 : إقرار بنتائج الاشتباك مع القوات اليمنية
نشر في 26 سبتمبر يوم 29 - 06 - 2025

مع انكفاء المواجهات في مياه البحر الأحمر وخليج عدن، وبدء انسحاب القطع البحرية الأمريكية من أطول انتشار عملياتي لها منذ الحرب العالمية الثانية،
بدأت تتكشف التكلفة الحقيقية لواحدة من أهم المواجهات العسكرية في القرن الحادي والعشرين، كانت المواجهة في الساحة البحرية صراعًا استراتيجيًا غير متكافئ، انتهى بتراجع أمريكي فرضته معادلة جديدة أتقنتها القوات المسلحة اليمنية: جعل كلفة العدوان أعلى من أي مكسب يمكن تحقيقه، وتأتي إحاطة ميزانية وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) لعام 2026، كشهادة إقرار غير مباشرة –وفي مواضع عدة مباشرة- بحجم النجاح اليمني في فرض هذه المعادلة.
عندما أقر مسؤولو البنتاغون بأن العمليات في البحر الأحمر استهلكت كميات هائلة من الذخائر باهظة الثمن، كانوا في الواقع يعترفون بنجاح أولى ركائز الاستراتيجية اليمنية: حرب الاستنزاف الاقتصادي، تجاوز الأمر مجرد تكلفة عملياتية إلى حقيقة أنها نزيفٌ مالي ممنهج، فمقابل كل صاروخ أو طائرة مسيّرة يمنية منخفضة التكلفة نسبيًا، كانت المدمرات الأمريكية تطلق صواريخ اعتراضية من طراز "Standard Missile-2" أو "Standard Missile-6"، التي تتجاوز تكلفة الواحد منها مليوني دولار، هذه "النسبة التبادلية للتكلفة، مثلت كارثة حقيقية بالنسبة للبنتاغون، وجعلت استمرار المواجهة بنفس الوتيرة ضربًا من المستحيل المالي على المدى الطويل.
وثائق الإيجاز الصحفي لميزانية وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) لعام 2026 كشفت عن اعتراف أمريكي واضح بالتكاليف العملياتية، والتحديات الاستراتيجية الناجمة عن المواجهة العسكرية مع القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر، ورغم أن الإيجاز لم يخصص قسمًا منفصلاً لهذه المواجهة، إلا أن الإشارات المتكررة إليها في الإحاطة والمناقشات تكشف عن حجم تأثيرها على الإنفاق والتخطيط العسكري الأمريكي، وهنا أبرز المحطات التي تضمنت الإشارة الى المواجهات البحرية الأخيرة بين اليمن والولايات المتحدة الأمريكية:
* أقر مسؤولو البنتاغون، خلال الإحاطة الصحفية، بأن العمليات في البحر الأحمر لمواجهة الهجمات اليمنية استهلكت كميات كبيرة من الذخائر باهظة الثمن، وأشاروا إلى أن هذه العمليات، التي تندرج تحت بند "العمليات الطارئة في الخارج"، تتطلب تمويلاً مستمراً وكبيراً لتجديد مخزون الصواريخ الاعتراضية والذخائر الأخرى التي تُستخدم بشكل يومي تقريبًا
ويمثل هذا اعترافاً مباشراً بنجاح العمليات اليمنية في استنزاف القوات الأمريكية وحلفائها، الأمر الذي أجبر البنتاغون على تخصيص موارد مالية لم تكن في الحسبان بهذا الحجم.
* ورد في الإيجاز ذاته أن الانتشار المستمر للسفن الحربية الأمريكية في البحر الأحمر وخليج عدن، وهو الأطول منذ الحرب العالمية الثانية، يفرض ضغطاً كبيراً على الأطقم والمعدات، وأشاروا إلى أن السفن تحتاج إلى فترات صيانة أطول وأكثر تكلفة بعد انتهاء مهامها في المنطقة، وهو ما يؤثر على جاهزية الأسطول الأمريكي على المدى الطويل، ويضيف أعباء مالية ولوجستية كبيرة.
وتؤكد هذه النقطة أن العمليات اليمنية لا تستنزف الذخائر فحسب، بل تستهلك أيضًا عمر الأصول البحرية الأمريكية الأكثر تطورًا، وتجبرها على الخروج من الخدمة لإجراء إصلاحات مكلفة، ما يقلل من فترة جاهزيتها وقدرتها على الانتشار في مناطق أخرى حول العالم، لقد نجحت القوات المسلحة اليمنية في تحويل البحر الأحمر إلى "مستنقع بحري" استهلك جاهزية الأسطول الأمريكي وأثقل كاهله اللوجستي، وهو ما لم تستطع أي قوة أخرى في العالم تحقيقه بهذه الفعالية منذ عقود.
* أظهر الإيجاز أن البحر الأحمر تحول إلى مسرح عمليات رئيسٍ متجاوزاً مناطق أخرى كانت تصنف بالأكثر أهمية، كمنطقة المحيطين الهندي والهادئ،
يمثل نجاح اليمن في إجبار القوة البحرية الأولى في العالم على إعادة تقييم أولوياتها العسكرية، وفرض واقع جديد يجبر واشنطن على التعامل معها كقوة مؤثرة وقادرة على فرض معادلة ردع فعالة.
* أشار التقرير مراراً الى تأمين موارد الصراع وإدارته لكنه تحاشى تماماً تقديم رؤية واضحة لتحقيق نصر حاسم، ما يعكس حالة إقرار بالفشل وتنصّلاً غير مباشر عن ذريعة حماية الملاحة الدولية وبقية أهداف تحالف "حارس الازدهار"، إذ لم يقدم إيجاز البنتاغون أي رؤية لتحقيق "نصر حاسم"، بل اكتفى بالتركيز على "إدارة الصراع" وتأمين الموارد لاستمراره، وهو ما كان بمثابة تمهيد للتراجع، كما أن عملية "حارس الازدهار" التي أُعلن عنها بضجة كبيرة، فشلت في تحقيق هدفها الرئيسي. شركات الشحن الصهيونية أو التي لها صلة بالكيان المجرم استمرت في تحويل مسارها حول رأس الرجاء الصالح، وارتفعت تكاليف التأمين، والأهم من ذلك، لم ينجح التحالف في ردع العمليات اليمنية، وبدلاً من أن تكون عملية ل"حماية الملاحة"، تحولت إلى عملية لحماية ماء وجه القوة العظمى التي وجدت نفسها في مأزق لم تحسب له حسابًا، بل وحتى عجزت عن حماية أساطيلها و سفنها الحربية.
تكاليف متصاعدة دون رؤية واضحة
يقدم إيجاز ميزانية البنتاغون دليلاً ملموساً من المصادر الأمريكية الرسمية على أن المواجهة مع القوات المسلحة اليمنية قفزت إلى أولوية أعباء الاستراتيجية العسكرية الأمريكية، وهو أمر ربما جرى نقاشه في الجزء غير المعلن من الجلسات، والتي عادةً ما تخوض في تفاصيل أعمق وأكثر حساسية، ونشير هنا إلى أن إحاطة ميزانية الدفاع الأمريكية تخضع للسرية العملياتية التي تمنع مناقشة تفاصيل العمليات الحساسة، لتجنب إعطاء الخصم تقييماً لمدى نجاح عملياته أو معلومات استخباراتية، ما يعني أنّ ما أخفته الإحاطة أكبر من مناقشته علناً، وقد كان لافتاً في الجلسة العلنية غياب النقاش حول تأثير عمليات الإسقاط المتكرر للطائرة "إم كيو تسعة" نظراً لحساسيتها وللاعتبارات التي ذكرناها، وتعد الطائرة من جواهر التاج في ترسانة الاستطلاع والهجوم الأمريكية، والتي شهدت أكبر نسبة إسقاط لها في تاريخها، كل طائرة من هذا الطراز تكلف ما يزيد عن 30 مليون دولار على أقل تقدير، ونعيد هنا التذكير بثلاثة أبعاد استراتيجية عميقة خلفتها عمليات إسقاط هذا النوع من الطائرات:
كسر الهيبة التكنولوجية: أثبت أن التفوق الجوي الأمريكي ليس مطلقًا، ويمكن تحديه بفعالية.
ضربة استخباراتية: حرم القوات الأمريكية من أداة رئيسية لجمع المعلومات وتوجيه الضربات.
تأكيد على الاستنزاف: عزز فكرة أن اليمن قادر على إلحاق خسائر نوعية ومكلفة، وليس فقط إطلاق مقذوفات رخيصة.
المؤكد أن التراجع الأمريكي جاء نتيجة حتمية لمجموعة من العوامل التي أتقن اليمن اللعب عليها: التكلفة المالية الباهظة، والخسائر التكنولوجية المؤلمة، والاستنزاف المادي للأسطول، والفشل في تحقيق الأهداف المعلنة، والأهم من ذلك كله تراجع وتآكل النفوذ للقوة الأمريكية، والتي مثلت المواجهات مع اليمن ضربة لا يمكن للهيبة الأمريكية التعافي منها لسنوات، ولذا هرول الأمريكي لإنهاء مغامراته عبر وساطة عمانية.
قراءة أنهت المواجهة مقابل انكفاء أمريكي واضح، وتخل منه غير مسبوق عن كيان العدو الإسرائيلي، ورسم واقع جديد فرض فيه اليمن سيادته وسيطرته الفعلية على مياه البحر الأحمر، كما لم يفعل من قبل عبر تاريخه الحافل بالمواجهات مع الغزاة.
بدأت تتكشف التكلفة الحقيقية لواحدة من أهم المواجهات العسكرية في القرن الحادي والعشرين، كانت المواجهة في الساحة البحرية صراعًا استراتيجيًا غير متكافئ، انتهى بتراجع أمريكي فرضته معادلة جديدة أتقنتها القوات المسلحة اليمنية: جعل كلفة العدوان أعلى من أي مكسب يمكن تحقيقه، وتأتي إحاطة ميزانية وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) لعام 2026، كشهادة إقرار غير مباشرة –وفي مواضع عدة مباشرة- بحجم النجاح اليمني في فرض هذه المعادلة.
عندما أقر مسؤولو البنتاغون بأن العمليات في البحر الأحمر استهلكت كميات هائلة من الذخائر باهظة الثمن، كانوا في الواقع يعترفون بنجاح أولى ركائز الاستراتيجية اليمنية: حرب الاستنزاف الاقتصادي، تجاوز الأمر مجرد تكلفة عملياتية إلى حقيقة أنها نزيفٌ مالي ممنهج، فمقابل كل صاروخ أو طائرة مسيّرة يمنية منخفضة التكلفة نسبيًا، كانت المدمرات الأمريكية تطلق صواريخ اعتراضية من طراز "Standard Missile-2" أو "Standard Missile-6"، التي تتجاوز تكلفة الواحد منها مليوني دولار، هذه "النسبة التبادلية للتكلفة، مثلت كارثة حقيقية بالنسبة للبنتاغون، وجعلت استمرار المواجهة بنفس الوتيرة ضربًا من المستحيل المالي على المدى الطويل.
وثائق الإيجاز الصحفي لميزانية وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) لعام 2026 كشفت عن اعتراف أمريكي واضح بالتكاليف العملياتية، والتحديات الاستراتيجية الناجمة عن المواجهة العسكرية مع القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر، ورغم أن الإيجاز لم يخصص قسمًا منفصلاً لهذه المواجهة، إلا أن الإشارات المتكررة إليها في الإحاطة والمناقشات تكشف عن حجم تأثيرها على الإنفاق والتخطيط العسكري الأمريكي، وهنا أبرز المحطات التي تضمنت الإشارة الى المواجهات البحرية الأخيرة بين اليمن والولايات المتحدة الأمريكية:
* أقر مسؤولو البنتاغون، خلال الإحاطة الصحفية، بأن العمليات في البحر الأحمر لمواجهة الهجمات اليمنية استهلكت كميات كبيرة من الذخائر باهظة الثمن، وأشاروا إلى أن هذه العمليات، التي تندرج تحت بند "العمليات الطارئة في الخارج"، تتطلب تمويلاً مستمراً وكبيراً لتجديد مخزون الصواريخ الاعتراضية والذخائر الأخرى التي تُستخدم بشكل يومي تقريبًا
ويمثل هذا اعترافاً مباشراً بنجاح العمليات اليمنية في استنزاف القوات الأمريكية وحلفائها، الأمر الذي أجبر البنتاغون على تخصيص موارد مالية لم تكن في الحسبان بهذا الحجم.
* ورد في الإيجاز ذاته أن الانتشار المستمر للسفن الحربية الأمريكية في البحر الأحمر وخليج عدن، وهو الأطول منذ الحرب العالمية الثانية، يفرض ضغطاً كبيراً على الأطقم والمعدات، وأشاروا إلى أن السفن تحتاج إلى فترات صيانة أطول وأكثر تكلفة بعد انتهاء مهامها في المنطقة، وهو ما يؤثر على جاهزية الأسطول الأمريكي على المدى الطويل، ويضيف أعباء مالية ولوجستية كبيرة.
وتؤكد هذه النقطة أن العمليات اليمنية لا تستنزف الذخائر فحسب، بل تستهلك أيضًا عمر الأصول البحرية الأمريكية الأكثر تطورًا، وتجبرها على الخروج من الخدمة لإجراء إصلاحات مكلفة، ما يقلل من فترة جاهزيتها وقدرتها على الانتشار في مناطق أخرى حول العالم، لقد نجحت القوات المسلحة اليمنية في تحويل البحر الأحمر إلى "مستنقع بحري" استهلك جاهزية الأسطول الأمريكي وأثقل كاهله اللوجستي، وهو ما لم تستطع أي قوة أخرى في العالم تحقيقه بهذه الفعالية منذ عقود.
* أظهر الإيجاز أن البحر الأحمر تحول إلى مسرح عمليات رئيسٍ متجاوزاً مناطق أخرى كانت تصنف بالأكثر أهمية، كمنطقة المحيطين الهندي والهادئ،
يمثل نجاح اليمن في إجبار القوة البحرية الأولى في العالم على إعادة تقييم أولوياتها العسكرية، وفرض واقع جديد يجبر واشنطن على التعامل معها كقوة مؤثرة وقادرة على فرض معادلة ردع فعالة.
* أشار التقرير مراراً الى تأمين موارد الصراع وإدارته لكنه تحاشى تماماً تقديم رؤية واضحة لتحقيق نصر حاسم، ما يعكس حالة إقرار بالفشل وتنصّلاً غير مباشر عن ذريعة حماية الملاحة الدولية وبقية أهداف تحالف "حارس الازدهار"، إذ لم يقدم إيجاز البنتاغون أي رؤية لتحقيق "نصر حاسم"، بل اكتفى بالتركيز على "إدارة الصراع" وتأمين الموارد لاستمراره، وهو ما كان بمثابة تمهيد للتراجع، كما أن عملية "حارس الازدهار" التي أُعلن عنها بضجة كبيرة، فشلت في تحقيق هدفها الرئيسي. شركات الشحن الصهيونية أو التي لها صلة بالكيان المجرم استمرت في تحويل مسارها حول رأس الرجاء الصالح، وارتفعت تكاليف التأمين، والأهم من ذلك، لم ينجح التحالف في ردع العمليات اليمنية، وبدلاً من أن تكون عملية ل"حماية الملاحة"، تحولت إلى عملية لحماية ماء وجه القوة العظمى التي وجدت نفسها في مأزق لم تحسب له حسابًا، بل وحتى عجزت عن حماية أساطيلها و سفنها الحربية.
تكاليف متصاعدة دون رؤية واضحة
يقدم إيجاز ميزانية البنتاغون دليلاً ملموساً من المصادر الأمريكية الرسمية على أن المواجهة مع القوات المسلحة اليمنية قفزت إلى أولوية أعباء الاستراتيجية العسكرية الأمريكية، وهو أمر ربما جرى نقاشه في الجزء غير المعلن من الجلسات، والتي عادةً ما تخوض في تفاصيل أعمق وأكثر حساسية، ونشير هنا إلى أن إحاطة ميزانية الدفاع الأمريكية تخضع للسرية العملياتية التي تمنع مناقشة تفاصيل العمليات الحساسة، لتجنب إعطاء الخصم تقييماً لمدى نجاح عملياته أو معلومات استخباراتية، ما يعني أنّ ما أخفته الإحاطة أكبر من مناقشته علناً، وقد كان لافتاً في الجلسة العلنية غياب النقاش حول تأثير عمليات الإسقاط المتكرر للطائرة "إم كيو تسعة" نظراً لحساسيتها وللاعتبارات التي ذكرناها، وتعد الطائرة من جواهر التاج في ترسانة الاستطلاع والهجوم الأمريكية، والتي شهدت أكبر نسبة إسقاط لها في تاريخها، كل طائرة من هذا الطراز تكلف ما يزيد عن 30 مليون دولار على أقل تقدير، ونعيد هنا التذكير بثلاثة أبعاد استراتيجية عميقة خلفتها عمليات إسقاط هذا النوع من الطائرات:
كسر الهيبة التكنولوجية: أثبت أن التفوق الجوي الأمريكي ليس مطلقًا، ويمكن تحديه بفعالية.
ضربة استخباراتية: حرم القوات الأمريكية من أداة رئيسية لجمع المعلومات وتوجيه الضربات.
تأكيد على الاستنزاف: عزز فكرة أن اليمن قادر على إلحاق خسائر نوعية ومكلفة، وليس فقط إطلاق مقذوفات رخيصة.
المؤكد أن التراجع الأمريكي جاء نتيجة حتمية لمجموعة من العوامل التي أتقن اليمن اللعب عليها: التكلفة المالية الباهظة، والخسائر التكنولوجية المؤلمة، والاستنزاف المادي للأسطول، والفشل في تحقيق الأهداف المعلنة، والأهم من ذلك كله تراجع وتآكل النفوذ للقوة الأمريكية، والتي مثلت المواجهات مع اليمن ضربة لا يمكن للهيبة الأمريكية التعافي منها لسنوات، ولذا هرول الأمريكي لإنهاء مغامراته عبر وساطة عمانية.
قراءة أنهت المواجهة مقابل انكفاء أمريكي واضح، وتخل منه غير مسبوق عن كيان العدو الإسرائيلي، ورسم واقع جديد فرض فيه اليمن سيادته وسيطرته الفعلية على مياه البحر الأحمر، كما لم يفعل من قبل عبر تاريخه الحافل بالمواجهات مع الغزاة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.