الصين تكشف عن سلاح متطور لتعطيل شبكات الطاقة    مجلس إدارة الاتحاد الأفريقي للكرة الطائرة يصدر قرارات إستراتيجية لدفع عجلة التطوير القاري    انتقالي لحج: وحدة الصف الجنوبي خط أحمر وسنتصدى لكل محاولات التشظي    قوات الشهيد عمر القاسم تفجر عبوة ناسفة في ناقلة جند صهيونية    في لقائه مع الرهوي .. السامعي يشدد على أولويات الجوانب الاقتصادية والتنموية والخدمية وتحسين المعيشة    تراجع أسعار الذهب لأدنى مستوى في أكثر من شهر    القات والمخدرات سلاح الدمار الشامل اليمني لتدمير الجنوب.    الحديدة: صرف 70 مليون ريال مساعدات للنازحين    الارصاد: امطار رعدية على اجزاء من المرتفعات وأجواء حارة مغبرة على الصحاري والسواحل    - رئيس حكومةصنعاء يجتمع بوزير المالية والتربية لاجل معالجة مشاكل الدراسة اقرأ التفاصيل    مليشيا الحوثي تمنع مبادرات خيرية من دعم طلاب فقراء في صنعاء وريفها    الوافي: اعتقلني بحث عدن وصادر هاتفي واهانني أثناء متابعتي لقضية حقوق ب"آلاف" الدولارات لدى احدى المنظمات    ريال مدريد يعود لمحاولة ضم كاريراس.. وبنفيكا يكرر لعبة سيلفا    7 وفيات بالكوليرا في لودر بأبين وسط تحذيرات من كارثة صحية    لماذا لم يكن النووي سبب العدوان على ايران؟ وكيف نجح ترامب لولاية رأسية ثانية وما علاقة ذلك بالملف الايراني؟ وكيف جاء الكيان "يكحلها فعماها"؟    935 شهيدا بينهم 38 طفلًا و102 امرأة حصيلة نهائية للعدوان على ايران    تظاهرة للمعلمين في تعز تستنكر تجاهل مطالبهم الحقوقية وتطالب بسرعة صرف المرتبات    بيان توضيحي صادر عن إدارة أمن العاصمة عدن    الأمانة العامة للانتقالي تدشّن ورشة تدريبية في مهارات التواصل وإدارة الحوار الدعوي بالعاصمة عدن    حتى أنتَ يا قلمي    اللاهوت السياسي بين الغرب والمجتمعات الإسلامية: جدل الدين والسلطة    انتقالي العاصمة عدن يقدم الدعم اللازم لعلاج الكابتن علي نشطان    شركة النفط والغاز تنظم فالية بذكرى الهجرة النبوية    100 شاحنة تنقل أبراج نقل الطاقة الشمسية الإماراتية إلى عتق    بعد منع تناول القات منتصف الليل .. تعميم أمني بشأن قاعات الافراح بصنعاء    فوائد الخضروات الورقية على صحة القلب    شركات برمجيات هندية سهلت لإسرائيل اختراق إيران الكترونيا    اللاجئ رشاد العليمي: الارهابي الاول وسفاح الجنوب من اول ايام الوحدة المشؤومة    سقطرى اليمنية.. كنز بيئي فريد يواجه خطر التغير المناخي والسياحة الجائرة    روسيا.. اكتشاف موقع صيادين قدماء عمره 20 ألف سنة    لا تنتظروا الورود من أعداء الجنوب.. شرعية تحوّلت إلى مظلة ترعى مئات الإرهابيين    الرصاص يتفقد سير العمل بمكتب التأمينات والمعاشات في محافظة البيضاء    أول بطولة كرة قدم للروبوتات البشرية "    الدفاع المدني يسيطر على حريق هائل في تعز القديمة ولا أضرار بشرية    البايرن يواجه سان جيرمان في ربع نهائي مونديال الأندية    جوارديولا: الهلال السعودي تنافسي ومنظم وقادر على الإيذاء    مسؤول في الدوري الأمريكي : ميسي باق حتى ديسمبر    7 وفيات بكحول مغشوشة في الاردن    - 7يوليو انفجار شعبي مرتقب يهز عدن!    بين شُحّ المياه وشُحّ المرتب: صرخة الموظف في تعز    - عشر أوجاع تفتك باليمنيين شمالا وجنوبا.. والمسؤولون لسان حالهم: بالعشر ما نبالي    وزير الشؤون الاجتماعية والعمل يؤكد أهمية دعم الجمعيات التعاونية    نائب رئيس الوزراء المداني يطلع على مشاريع التطوير الإداري بوزارة الخدمة المدنية    كتاب قواعد الملازم.. وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن " بول دريش جامعة أكسفورد" (2)    هل طوفان الأقصى ورطة؟    المرازيق.. جبهة البطولات والانتصارات    الحقيقة لاغير    بعد عامين من الإغلاق.. الحوثيون ينهبون ما تبقى من مقر شركة برودجي بصنعاء    الوزير بحيبح يؤكد أهمية التنسيق مع الشركاء لتوسيع التدخلات الصحية في اليمن    اتحاد كرة القدم يرشح نادي تضامن حضرموت للمشاركة في بطولة الخليج للأندية للموسم المقبل    عدم استكمال البنية التحتية لمجاري مدينة شبام التأريخية تعتبر ثلمة    فؤاد الحميري.. يمن لا تغيب عنه شمس الحرية    عدد الخطوات اليومية اللازمة لتقليل خطر الإصابة بالسرطان؟    فؤاد الحميري السيل الهادر والشاعر الثائر    فوضى أئمة المساجد والمعاهد الدينية تؤسس لإقتتال جنوبي - جنوبي    عام على الرحيل... وعبق السيرة لا يزول في ذكرى عميد الادارة الشيخ طالب محمد مهدي السليماني    من يومياتي في أمريكا .. أطرش في زفة    ليس للمجرم حرمة ولو تعلق بأستار الكعبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موازنة البنتاغون 2026 : إقرار بنتائج الاشتباك مع القوات اليمنية
نشر في 26 سبتمبر يوم 29 - 06 - 2025

مع انكفاء المواجهات في مياه البحر الأحمر وخليج عدن، وبدء انسحاب القطع البحرية الأمريكية من أطول انتشار عملياتي لها منذ الحرب العالمية الثانية،
بدأت تتكشف التكلفة الحقيقية لواحدة من أهم المواجهات العسكرية في القرن الحادي والعشرين، كانت المواجهة في الساحة البحرية صراعًا استراتيجيًا غير متكافئ، انتهى بتراجع أمريكي فرضته معادلة جديدة أتقنتها القوات المسلحة اليمنية: جعل كلفة العدوان أعلى من أي مكسب يمكن تحقيقه، وتأتي إحاطة ميزانية وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) لعام 2026، كشهادة إقرار غير مباشرة –وفي مواضع عدة مباشرة- بحجم النجاح اليمني في فرض هذه المعادلة.
عندما أقر مسؤولو البنتاغون بأن العمليات في البحر الأحمر استهلكت كميات هائلة من الذخائر باهظة الثمن، كانوا في الواقع يعترفون بنجاح أولى ركائز الاستراتيجية اليمنية: حرب الاستنزاف الاقتصادي، تجاوز الأمر مجرد تكلفة عملياتية إلى حقيقة أنها نزيفٌ مالي ممنهج، فمقابل كل صاروخ أو طائرة مسيّرة يمنية منخفضة التكلفة نسبيًا، كانت المدمرات الأمريكية تطلق صواريخ اعتراضية من طراز "Standard Missile-2" أو "Standard Missile-6"، التي تتجاوز تكلفة الواحد منها مليوني دولار، هذه "النسبة التبادلية للتكلفة، مثلت كارثة حقيقية بالنسبة للبنتاغون، وجعلت استمرار المواجهة بنفس الوتيرة ضربًا من المستحيل المالي على المدى الطويل.
وثائق الإيجاز الصحفي لميزانية وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) لعام 2026 كشفت عن اعتراف أمريكي واضح بالتكاليف العملياتية، والتحديات الاستراتيجية الناجمة عن المواجهة العسكرية مع القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر، ورغم أن الإيجاز لم يخصص قسمًا منفصلاً لهذه المواجهة، إلا أن الإشارات المتكررة إليها في الإحاطة والمناقشات تكشف عن حجم تأثيرها على الإنفاق والتخطيط العسكري الأمريكي، وهنا أبرز المحطات التي تضمنت الإشارة الى المواجهات البحرية الأخيرة بين اليمن والولايات المتحدة الأمريكية:
* أقر مسؤولو البنتاغون، خلال الإحاطة الصحفية، بأن العمليات في البحر الأحمر لمواجهة الهجمات اليمنية استهلكت كميات كبيرة من الذخائر باهظة الثمن، وأشاروا إلى أن هذه العمليات، التي تندرج تحت بند "العمليات الطارئة في الخارج"، تتطلب تمويلاً مستمراً وكبيراً لتجديد مخزون الصواريخ الاعتراضية والذخائر الأخرى التي تُستخدم بشكل يومي تقريبًا
ويمثل هذا اعترافاً مباشراً بنجاح العمليات اليمنية في استنزاف القوات الأمريكية وحلفائها، الأمر الذي أجبر البنتاغون على تخصيص موارد مالية لم تكن في الحسبان بهذا الحجم.
* ورد في الإيجاز ذاته أن الانتشار المستمر للسفن الحربية الأمريكية في البحر الأحمر وخليج عدن، وهو الأطول منذ الحرب العالمية الثانية، يفرض ضغطاً كبيراً على الأطقم والمعدات، وأشاروا إلى أن السفن تحتاج إلى فترات صيانة أطول وأكثر تكلفة بعد انتهاء مهامها في المنطقة، وهو ما يؤثر على جاهزية الأسطول الأمريكي على المدى الطويل، ويضيف أعباء مالية ولوجستية كبيرة.
وتؤكد هذه النقطة أن العمليات اليمنية لا تستنزف الذخائر فحسب، بل تستهلك أيضًا عمر الأصول البحرية الأمريكية الأكثر تطورًا، وتجبرها على الخروج من الخدمة لإجراء إصلاحات مكلفة، ما يقلل من فترة جاهزيتها وقدرتها على الانتشار في مناطق أخرى حول العالم، لقد نجحت القوات المسلحة اليمنية في تحويل البحر الأحمر إلى "مستنقع بحري" استهلك جاهزية الأسطول الأمريكي وأثقل كاهله اللوجستي، وهو ما لم تستطع أي قوة أخرى في العالم تحقيقه بهذه الفعالية منذ عقود.
* أظهر الإيجاز أن البحر الأحمر تحول إلى مسرح عمليات رئيسٍ متجاوزاً مناطق أخرى كانت تصنف بالأكثر أهمية، كمنطقة المحيطين الهندي والهادئ،
يمثل نجاح اليمن في إجبار القوة البحرية الأولى في العالم على إعادة تقييم أولوياتها العسكرية، وفرض واقع جديد يجبر واشنطن على التعامل معها كقوة مؤثرة وقادرة على فرض معادلة ردع فعالة.
* أشار التقرير مراراً الى تأمين موارد الصراع وإدارته لكنه تحاشى تماماً تقديم رؤية واضحة لتحقيق نصر حاسم، ما يعكس حالة إقرار بالفشل وتنصّلاً غير مباشر عن ذريعة حماية الملاحة الدولية وبقية أهداف تحالف "حارس الازدهار"، إذ لم يقدم إيجاز البنتاغون أي رؤية لتحقيق "نصر حاسم"، بل اكتفى بالتركيز على "إدارة الصراع" وتأمين الموارد لاستمراره، وهو ما كان بمثابة تمهيد للتراجع، كما أن عملية "حارس الازدهار" التي أُعلن عنها بضجة كبيرة، فشلت في تحقيق هدفها الرئيسي. شركات الشحن الصهيونية أو التي لها صلة بالكيان المجرم استمرت في تحويل مسارها حول رأس الرجاء الصالح، وارتفعت تكاليف التأمين، والأهم من ذلك، لم ينجح التحالف في ردع العمليات اليمنية، وبدلاً من أن تكون عملية ل"حماية الملاحة"، تحولت إلى عملية لحماية ماء وجه القوة العظمى التي وجدت نفسها في مأزق لم تحسب له حسابًا، بل وحتى عجزت عن حماية أساطيلها و سفنها الحربية.
تكاليف متصاعدة دون رؤية واضحة
يقدم إيجاز ميزانية البنتاغون دليلاً ملموساً من المصادر الأمريكية الرسمية على أن المواجهة مع القوات المسلحة اليمنية قفزت إلى أولوية أعباء الاستراتيجية العسكرية الأمريكية، وهو أمر ربما جرى نقاشه في الجزء غير المعلن من الجلسات، والتي عادةً ما تخوض في تفاصيل أعمق وأكثر حساسية، ونشير هنا إلى أن إحاطة ميزانية الدفاع الأمريكية تخضع للسرية العملياتية التي تمنع مناقشة تفاصيل العمليات الحساسة، لتجنب إعطاء الخصم تقييماً لمدى نجاح عملياته أو معلومات استخباراتية، ما يعني أنّ ما أخفته الإحاطة أكبر من مناقشته علناً، وقد كان لافتاً في الجلسة العلنية غياب النقاش حول تأثير عمليات الإسقاط المتكرر للطائرة "إم كيو تسعة" نظراً لحساسيتها وللاعتبارات التي ذكرناها، وتعد الطائرة من جواهر التاج في ترسانة الاستطلاع والهجوم الأمريكية، والتي شهدت أكبر نسبة إسقاط لها في تاريخها، كل طائرة من هذا الطراز تكلف ما يزيد عن 30 مليون دولار على أقل تقدير، ونعيد هنا التذكير بثلاثة أبعاد استراتيجية عميقة خلفتها عمليات إسقاط هذا النوع من الطائرات:
كسر الهيبة التكنولوجية: أثبت أن التفوق الجوي الأمريكي ليس مطلقًا، ويمكن تحديه بفعالية.
ضربة استخباراتية: حرم القوات الأمريكية من أداة رئيسية لجمع المعلومات وتوجيه الضربات.
تأكيد على الاستنزاف: عزز فكرة أن اليمن قادر على إلحاق خسائر نوعية ومكلفة، وليس فقط إطلاق مقذوفات رخيصة.
المؤكد أن التراجع الأمريكي جاء نتيجة حتمية لمجموعة من العوامل التي أتقن اليمن اللعب عليها: التكلفة المالية الباهظة، والخسائر التكنولوجية المؤلمة، والاستنزاف المادي للأسطول، والفشل في تحقيق الأهداف المعلنة، والأهم من ذلك كله تراجع وتآكل النفوذ للقوة الأمريكية، والتي مثلت المواجهات مع اليمن ضربة لا يمكن للهيبة الأمريكية التعافي منها لسنوات، ولذا هرول الأمريكي لإنهاء مغامراته عبر وساطة عمانية.
قراءة أنهت المواجهة مقابل انكفاء أمريكي واضح، وتخل منه غير مسبوق عن كيان العدو الإسرائيلي، ورسم واقع جديد فرض فيه اليمن سيادته وسيطرته الفعلية على مياه البحر الأحمر، كما لم يفعل من قبل عبر تاريخه الحافل بالمواجهات مع الغزاة.
بدأت تتكشف التكلفة الحقيقية لواحدة من أهم المواجهات العسكرية في القرن الحادي والعشرين، كانت المواجهة في الساحة البحرية صراعًا استراتيجيًا غير متكافئ، انتهى بتراجع أمريكي فرضته معادلة جديدة أتقنتها القوات المسلحة اليمنية: جعل كلفة العدوان أعلى من أي مكسب يمكن تحقيقه، وتأتي إحاطة ميزانية وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) لعام 2026، كشهادة إقرار غير مباشرة –وفي مواضع عدة مباشرة- بحجم النجاح اليمني في فرض هذه المعادلة.
عندما أقر مسؤولو البنتاغون بأن العمليات في البحر الأحمر استهلكت كميات هائلة من الذخائر باهظة الثمن، كانوا في الواقع يعترفون بنجاح أولى ركائز الاستراتيجية اليمنية: حرب الاستنزاف الاقتصادي، تجاوز الأمر مجرد تكلفة عملياتية إلى حقيقة أنها نزيفٌ مالي ممنهج، فمقابل كل صاروخ أو طائرة مسيّرة يمنية منخفضة التكلفة نسبيًا، كانت المدمرات الأمريكية تطلق صواريخ اعتراضية من طراز "Standard Missile-2" أو "Standard Missile-6"، التي تتجاوز تكلفة الواحد منها مليوني دولار، هذه "النسبة التبادلية للتكلفة، مثلت كارثة حقيقية بالنسبة للبنتاغون، وجعلت استمرار المواجهة بنفس الوتيرة ضربًا من المستحيل المالي على المدى الطويل.
وثائق الإيجاز الصحفي لميزانية وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) لعام 2026 كشفت عن اعتراف أمريكي واضح بالتكاليف العملياتية، والتحديات الاستراتيجية الناجمة عن المواجهة العسكرية مع القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر، ورغم أن الإيجاز لم يخصص قسمًا منفصلاً لهذه المواجهة، إلا أن الإشارات المتكررة إليها في الإحاطة والمناقشات تكشف عن حجم تأثيرها على الإنفاق والتخطيط العسكري الأمريكي، وهنا أبرز المحطات التي تضمنت الإشارة الى المواجهات البحرية الأخيرة بين اليمن والولايات المتحدة الأمريكية:
* أقر مسؤولو البنتاغون، خلال الإحاطة الصحفية، بأن العمليات في البحر الأحمر لمواجهة الهجمات اليمنية استهلكت كميات كبيرة من الذخائر باهظة الثمن، وأشاروا إلى أن هذه العمليات، التي تندرج تحت بند "العمليات الطارئة في الخارج"، تتطلب تمويلاً مستمراً وكبيراً لتجديد مخزون الصواريخ الاعتراضية والذخائر الأخرى التي تُستخدم بشكل يومي تقريبًا
ويمثل هذا اعترافاً مباشراً بنجاح العمليات اليمنية في استنزاف القوات الأمريكية وحلفائها، الأمر الذي أجبر البنتاغون على تخصيص موارد مالية لم تكن في الحسبان بهذا الحجم.
* ورد في الإيجاز ذاته أن الانتشار المستمر للسفن الحربية الأمريكية في البحر الأحمر وخليج عدن، وهو الأطول منذ الحرب العالمية الثانية، يفرض ضغطاً كبيراً على الأطقم والمعدات، وأشاروا إلى أن السفن تحتاج إلى فترات صيانة أطول وأكثر تكلفة بعد انتهاء مهامها في المنطقة، وهو ما يؤثر على جاهزية الأسطول الأمريكي على المدى الطويل، ويضيف أعباء مالية ولوجستية كبيرة.
وتؤكد هذه النقطة أن العمليات اليمنية لا تستنزف الذخائر فحسب، بل تستهلك أيضًا عمر الأصول البحرية الأمريكية الأكثر تطورًا، وتجبرها على الخروج من الخدمة لإجراء إصلاحات مكلفة، ما يقلل من فترة جاهزيتها وقدرتها على الانتشار في مناطق أخرى حول العالم، لقد نجحت القوات المسلحة اليمنية في تحويل البحر الأحمر إلى "مستنقع بحري" استهلك جاهزية الأسطول الأمريكي وأثقل كاهله اللوجستي، وهو ما لم تستطع أي قوة أخرى في العالم تحقيقه بهذه الفعالية منذ عقود.
* أظهر الإيجاز أن البحر الأحمر تحول إلى مسرح عمليات رئيسٍ متجاوزاً مناطق أخرى كانت تصنف بالأكثر أهمية، كمنطقة المحيطين الهندي والهادئ،
يمثل نجاح اليمن في إجبار القوة البحرية الأولى في العالم على إعادة تقييم أولوياتها العسكرية، وفرض واقع جديد يجبر واشنطن على التعامل معها كقوة مؤثرة وقادرة على فرض معادلة ردع فعالة.
* أشار التقرير مراراً الى تأمين موارد الصراع وإدارته لكنه تحاشى تماماً تقديم رؤية واضحة لتحقيق نصر حاسم، ما يعكس حالة إقرار بالفشل وتنصّلاً غير مباشر عن ذريعة حماية الملاحة الدولية وبقية أهداف تحالف "حارس الازدهار"، إذ لم يقدم إيجاز البنتاغون أي رؤية لتحقيق "نصر حاسم"، بل اكتفى بالتركيز على "إدارة الصراع" وتأمين الموارد لاستمراره، وهو ما كان بمثابة تمهيد للتراجع، كما أن عملية "حارس الازدهار" التي أُعلن عنها بضجة كبيرة، فشلت في تحقيق هدفها الرئيسي. شركات الشحن الصهيونية أو التي لها صلة بالكيان المجرم استمرت في تحويل مسارها حول رأس الرجاء الصالح، وارتفعت تكاليف التأمين، والأهم من ذلك، لم ينجح التحالف في ردع العمليات اليمنية، وبدلاً من أن تكون عملية ل"حماية الملاحة"، تحولت إلى عملية لحماية ماء وجه القوة العظمى التي وجدت نفسها في مأزق لم تحسب له حسابًا، بل وحتى عجزت عن حماية أساطيلها و سفنها الحربية.
تكاليف متصاعدة دون رؤية واضحة
يقدم إيجاز ميزانية البنتاغون دليلاً ملموساً من المصادر الأمريكية الرسمية على أن المواجهة مع القوات المسلحة اليمنية قفزت إلى أولوية أعباء الاستراتيجية العسكرية الأمريكية، وهو أمر ربما جرى نقاشه في الجزء غير المعلن من الجلسات، والتي عادةً ما تخوض في تفاصيل أعمق وأكثر حساسية، ونشير هنا إلى أن إحاطة ميزانية الدفاع الأمريكية تخضع للسرية العملياتية التي تمنع مناقشة تفاصيل العمليات الحساسة، لتجنب إعطاء الخصم تقييماً لمدى نجاح عملياته أو معلومات استخباراتية، ما يعني أنّ ما أخفته الإحاطة أكبر من مناقشته علناً، وقد كان لافتاً في الجلسة العلنية غياب النقاش حول تأثير عمليات الإسقاط المتكرر للطائرة "إم كيو تسعة" نظراً لحساسيتها وللاعتبارات التي ذكرناها، وتعد الطائرة من جواهر التاج في ترسانة الاستطلاع والهجوم الأمريكية، والتي شهدت أكبر نسبة إسقاط لها في تاريخها، كل طائرة من هذا الطراز تكلف ما يزيد عن 30 مليون دولار على أقل تقدير، ونعيد هنا التذكير بثلاثة أبعاد استراتيجية عميقة خلفتها عمليات إسقاط هذا النوع من الطائرات:
كسر الهيبة التكنولوجية: أثبت أن التفوق الجوي الأمريكي ليس مطلقًا، ويمكن تحديه بفعالية.
ضربة استخباراتية: حرم القوات الأمريكية من أداة رئيسية لجمع المعلومات وتوجيه الضربات.
تأكيد على الاستنزاف: عزز فكرة أن اليمن قادر على إلحاق خسائر نوعية ومكلفة، وليس فقط إطلاق مقذوفات رخيصة.
المؤكد أن التراجع الأمريكي جاء نتيجة حتمية لمجموعة من العوامل التي أتقن اليمن اللعب عليها: التكلفة المالية الباهظة، والخسائر التكنولوجية المؤلمة، والاستنزاف المادي للأسطول، والفشل في تحقيق الأهداف المعلنة، والأهم من ذلك كله تراجع وتآكل النفوذ للقوة الأمريكية، والتي مثلت المواجهات مع اليمن ضربة لا يمكن للهيبة الأمريكية التعافي منها لسنوات، ولذا هرول الأمريكي لإنهاء مغامراته عبر وساطة عمانية.
قراءة أنهت المواجهة مقابل انكفاء أمريكي واضح، وتخل منه غير مسبوق عن كيان العدو الإسرائيلي، ورسم واقع جديد فرض فيه اليمن سيادته وسيطرته الفعلية على مياه البحر الأحمر، كما لم يفعل من قبل عبر تاريخه الحافل بالمواجهات مع الغزاة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.