التاريخ لا يُعيد نفسه، بل تتناغم بعض أحداثه ووقائعه ومجرياته مع الماضي فالعالم اليوم أصبح مُخيفاً ومرعباً بسبب صراع المبادئ والأيديولوجيات والعقائد وهناك الفكر أو العقيدة الصهيونية المتطرفة التي تحاول فرض وجودها بقوة الحديد والنار على دول المنطقة.. فالمشهد السياسي الإقليمي اليوم سماؤه مليئة بالضبابية والسحب الداكنة السواد فالانتماء العربي المجرد من العنصرية والتزمت ليس مذهباً وإنما هو دافع اجتماعي وثقافي ونفسي ذا جذور تاريخية.. في أعقاب الحرب العالمية الأولى بدأت تنمو المبادئ الشيوعية في روسيا وأخذت بُعداً جيواستراتيجياً حتى عمت دول العالم ومن هنا قامت الدول الاستعمارية لمحاربتها وتقليص مدها الأيديولوجي خاصة في غرب أوروبا ولكن ظلت الدول الكبرى ولاسيما الولاياتالمتحدةالأمريكية هي المسيطرة في كثير من قضايا وأزمات الشرق الأوسط بل والعالم وهي ذات نظرة أحادية عنصرية متطرفة تجاه ما يحدث في الوطن العربي علماً بأن الأممالمتحدة بكل مؤسساتها وهيئاتها ومنظماتها الدستورية والقانونية في سُبات عميق عما يحدث في الأراضي المحتلة وخاصة في غزة التي أصبحت أرضاً محروقة بل عجزت كل العجز عن أن تُدخل خبزاً أو ماء لأهلها في ظل حصار خانق عليها من قبل الكيان الصهيوني.. وهكذا تتناغم أحداث التاريخ ومجرياته وعند قيام الحرب العالمية الثانية بدأت دول المحور وخاصة ألمانيا وإيطاليا تعمل على طرد الانجليز والفرنسيين من الدول العربية التي احتلتها في حين قامت الدولتان انجلترا وفرنسا على بسط نفوذها على البلاد العربية لاستغلال مواردها المادية وثرواتها الطبيعية والبشرية.. المتأمل للواقع العربي اليوم واقع مؤلم وبئيس ملئ بالمشاحنات والاحتقانات الفكرية والمذهبية والأثنية بسبب إفرازات سياسات الأنظمة العميلة في المنطقة وهذا ما أدى إلى نشوء تيارات متصارعة وجماعات متنافرة باسم ثورات وانتفاضات شعبية عارمة لتصحيح المسار وإيقاظ الأمة من غفوتها.. وفي ظل هكذا فوضوية تغوص الأمة في مستنقع التغريب العلماني الأمريكي الأوروبي ودهاليز الصهيونية العالمية وتسود الأزمات بين الشعوب العربية والإسلامية في ظل الأجواء المتوترة بين تلك الأنظمة وشعوبها.. لذا لابد من إعادة ترميم وصيانة البيت العربي والإسلامي من الداخل قبل فوات الأوان في ضوء ثوابتنا العقائدية والثقافية والحضارية المستمدة من تراثنا العقدي الأصيل. فالعالم اليوم يعيش أزمة في الفكر والثقافة والأخلاق ما افقدنا هويتنا الإيمانية في ظل الارتباك الفكري والثقافي الذي تعيشه الكثير من دول العالم العربي بسبب الغزو العالمي الصليبي وإفرازات الصهيونية المتطرفة، والعلمانية الملحدة.. المؤسف المشين أن الأمة العربية والإسلامية طيلة قرون مضت لم تستطع دخول القرن الحادي والعشرين دخولاً علمياً وتكنولوجياً وحضارياً بل انشغلت بالصراعات السياسية والحزبية والمذهبية وهذا ما قادها إلى الضياع وغياب الأهداف. صفوة القول: علينا أن ننطلق نحو بناء الإنسان أولاً بناءً شاملاً ونوعياً وهذه نقطة البداية نحو الحضارة المستدامة مع إيقاظ الصحوة الفكرية والثقافية المستمدة من أصولنا وتراثنا الإسلامي ونترك دعاة التناقض الذين يفتعلون الصراعات الفكرية والمذهبية لأغراض ذاتية أو آنية أو ماورائية، لأن الانتماء العربي المجرد من العنصرية ليس مذهباً وإنما هو واقع اجتماعي ونفسي ذا جذور تاريخية راسخة فالإسلام هو المنهج الشامل الوحيد الذي يقيم حياة الناس على أساس من الأصول الاعتقادية والفكرية والثقافية المستمدة من رسالة الإسلام الخالدة التي جاء بها الأنبياء والرسل عن ربهم من هنا لابد من توحيد المصالح المشتركة بين الأمة وترشيد نفقاتها واستشراف مهامها الجديدة في المستقبل القريب والبعيد وتصفية القضايا العالقة أياً كانت حتى تمنح شعوبها ومجتمعاتها فرصة العمر لإقامة مشروعها التنموي والثقافي والحضاري والعلمي كي تتخطى به الأمة حواجز التخلف والجهل والتردي الذي عاشته ردهة من الزمن.. نافذة شعرية: أهذا الزمن المصلوب في الساحات من عمري أهذا أنت يا فقري بلا وجه بلا وطن أهذا أنت يا زمني فمن سيبع للموتى ومن سيبدد الصمتا ومن منا..؟! شجاع زمانه يعيد ما قلنا ومن سيبوح للريح بما يُوحي بأنا لم نزل أحياء آه ..لو أنَّ الفقر إنسان إذن لقتلته وشربت من دمه لو أنَّ الفقر إنسان..!!