ان اهداف الولاياتالمتحدةالأمريكية, كانت تصب في إحداث اضطرابات في المنطقة الشديدة الحساسية, تسمح بتغييرات لاحقة في الأوضاع القائمة وتخدم المصالح الغربية والصهيونية في اضعاف قدرات كل من العراقوإيران وكذلك المصالح السوفيتية بالمنطقة آنذاك. عكس التصريح الذي أدلى به الرئيس الإيراني "ابو الحسن بني صدر 1980- 1981م" تهديدات إيران للمصالح الغربية بإغلاق مضيق هرمز بوجه الملاحة الدولية إذ قال: "إن النفط يجب إن يستخدم كسلاح ضد اعداء المسلمين, وإيران تمسك بهذا السلاح وإغلاق مضيق هرمز سوف يوقف عجلة الصناعة الغربية". علي الشراعي لقد حددت واشنطن أهدافها وموقفها من الحرب العراقية- الإيرانية منذ اليوم الأول من اندلاعها عام 1980م, إذ صرح الرئيس الأمريكي "جيمي كارتر 1977-1981م"، قائلا: "إن الولاياتالمتحدة لابد وإن تحدد حجم المخاطر على مصالحها في الخليج من هذه الحرب ولابد من معرفة ما يجب أن يكون حجم قواتنا هناك لحماية المصالح خوفا من استغلال السوفيت لما يحدث والسيطرة على الخليج وبالتالي, يتم خنقنا من قبل السوفيت من خلال التحكم في الممرات المائية الاستراتيجية في المنطقة"، كما دعا الرئيس كارتر, كل من بريطانيا وكندا وفرنسا واليابان, للتشاور وتوزيع الأدوار في كيفية دعم آلة الحرب العراقية – الإيرانية, من اجل استمرار الحرب لمدة أطول والحفاظ على تدفق النفط الخليجي واسعار النفط الدولي, وترأس كارتر اجتماعا لمجلس الأمن القومي الأمريكي في 13 أكتوبر 1980م , وأمد في تصريح له على اهمية حماية الامدادات النفطية عبر مضيق هرمز بقوله: "إن طرق امدادات النفط العربي يجب إن تكون آمنة ومفتوحة وإن بدت ما يسبب توقف تلك الامدادات النفطية عبر مضيق هرمز وهذا سيشكل تهديدا جديا للوضع الاقتصادي العالمي وستكون الولاياتالمتحدة أول المتضررين واكثرهم تضررا"، كما اعلن "جون آدكز" قائد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط, عن وجود تسهيلات للولايات المتحدة يمكن الحصول عليها من دول المنطقة لها علاقة بالتواجد العسكري الأمريكي وخزن المعدات العسكرية على أن تكون تكاليفها مساهمة من دول المنطقة، وما جاء في التقرير الذي رفعه وزير الدفاع الأمريكي "كاسبارواينبرغر" في فبراير 1983م, دليل يؤكد الرغبة الأمريكية الاكيدة للتدخل العسكري ويوضح مدى عمق التفكير الأمريكي للوصول إلى اهدافه بسرعة كبيرة دون إن يعطي ما تفرض عليه الأحداث، ومما جاء في نص التقرير: "إن أمن الخليج العربي دون أي اشكال هو في خطر, لذل توصي وزارة الدفاع الأمريكية بضرورة التدخل عسكريا إذا تصاعد الموقف حد الخطر على الصادرات النفطية.. وعلى القوات الأمريكية التدخل في الوقت المناسب وإن نكون مستعدين لنقل قواتنا لتلك المنطقة بصورة سريعة". إغلاق المضيق كان قد ترسخ اعتقاد لدى الكونجرس الأمريكي وفي الإدارة الأمريكية منذ قيام الحرب في عام 1980م, بأن أي حركة في الخليج العربي تؤدي إلى قطع الامدادات النفطية من ايران واقطار الخليج العربي, غير مقبولة ويجب مقاومتها بقوة, كما حذرت الإدارة الأمريكية عدة مرات من تجاوز الخطر الأحمر بإغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي وتعريض الملاحة الدولية للخطر وابرز تلك التحذيرات ما أطلقه الرئيس الأمريكي "رونالد ريغان 1981-1989م", الذي تضمن تهديدا واضحا باستخدام القوة العسكرية لان توقف النفط من وجهة نظره, يؤدي إلى خنق العالم الغربي دون ادني شك, وجاء في نص التصريح: "اننا والعالم الغربي على السواء لا نقف موقف المشاهد لإغلاق مداخل الخليج في وجه الملاحة الدولية وانه من الضروري تزويد الدعم العسكري الامريكي لحماية الملاحة في الخليج"، وقال في خطاب آخر له عام 1984م: "ليس من قوة تمكنها ان تجعلنا نسمح بإغلاق هذا المضيق نحن مصممون على ان يظل مفتوحا للملاحة وبعيدا عن أي تهديد حتى وان اقتضى الأمر استخدام القوة المسالحة تجاه التهديدات الإيرانية بإغلاقه"، كما اكد وزير الدفاع الأمريكي "كاسبارواينبلاغر" في كلمه له, على أهمية مضيق هرمز بالنسبة لعملية تدفق النفط الخليجي إلى الغرب قائلا: "يجب الابقاء على مضيق هرمز مفتوحا لأن للمضيق اهمية بالغة لدول الخليج الساحلية ولدول العالم الحر, إن سياستنا الاساسية هي إن حقوق الملاحة الدولية الحرة امر حيوي ينبغي علينا الحفاظ عليه وموقفنا لم يتغير". حرب الناقلات ولم تتردد الولاياتالمتحدة عن اطلاق تحذيرات جديدة ضد ايران كرد فعل على التهديدات التي اطلقتها ايران حول اغلاق مضيق هرمز, وقيامها بضرب "50 ناقلة" من ناقلات النفط العملاقة العائدة لبعض دول الخليج العربي كالكويت والسعودية ولدول اجنبية, بعد أن قامت الطائرات العراقية بقصف بعض المنشآت النفطية الإيرانية وبصفة خاصة ميناء خرج الإيراني الذي يشكل اهمية كبيرة في عملية تصدير النفط الإيراني، وقد اعلنت الولاياتالمتحدة على لسان "ريتشارد مورفي" مساعد وزير الخارجية الأمريكي آنذاك , عن عزمها لإقرار السلام بمنطقة الخليج وانهاء الحرب مع تجنب تورط الولاياتالمتحدة في التدخل المباشر لحماية تدفق النفط.."، لقد ادركت الولاياتالمتحدة من جانبها, خطورة الأزمة وجدية التهديدات التي اطلقتها ايران حول اغلاق مضيق هرمز, كما تفهمت إن غلق المضيق وتوقف الامدادات النفطية سيرفع اسعار النفط في السوق الدولية إلى معدلات قياسية قد تصل إلى 100 دولار للبرميل الواحد, وإن غلق المضيق قد يسبب كذلك فقدان ما يصل إلى 9 ملايين برميل يوميا, مما يعني في نظر واشنطن أن ذلك ضربة قوية لأسواق النفط, ولذلك عمدت إلى اتخاذ اجراءات اخرى خدمة لمصالحها ومصالح حلفائها من الأوروبيين والعرب, منها تخزين احتياطي كبير من النفط لها ولحلفائها, وقد بلغ المخزون النفطي منذ بداية الحرب حتى عام 1985م, ما يزيد على "البليون برميل". إن العمليات العسكرية المتعلقة بقصف ناقلات النفط اطلق عليها تسميه "حرب الناقلات" وقد طلبت الكويت والسعودية من الولاياتالمتحدة إن تتحمل مسؤولية حماية ناقلات النفط ورفع الأعلام الأمريكية على كافة السفن التجارية واستخدام ناقلات أمريكية لنقل النفط الخليجي. الأعلام الأمريكية عملت الولاياتالمتحدةالأمريكية على رفع الأعلام الأمريكية خلال الحرب العراقية- الإيرانية على ناقلات النفط السعودية والكويتية بعد إن واجه الطلب الكويتي برفع الأعلام الأمريكية على ناقلات النفط معارضة في اوساط الكونجرس الأمريكي ووزارة الدفاع الأمريكية, وصارت الولاياتالمتحدةالأمريكية بسبب ذلك معنية مباشرة بالحرب، ولقد رحبت دول الخليج العربي بالموقف الأمريكي لأن المسؤولية الدولية تحتم الحفاظ على عملية الامدادات النفطية وسلامة الملاحة الدولية, كما ابلغت الإدارة الأمريكية دول الخليج بأنها لن تتدخل عسكريا بمفردها لمعالجة الأزمة بعد القصف الإيراني لناقلات النفط, لأن أي تدخل عسكري امريكي يرتبط بموافقة حلفاء الولاياتالمتحدة فضلا عن موافقة دول مجلس التعاون الخليجي, لأن الولاياتالمتحدة اكدت في سياستها الجديدة في عهد الرئيس ريغان على عنصر المشاركة في اتخاذ القرارات المتعلقة بالتدخل العسكري المباشر. فوائد و مكاسب إن الولاياتالمتحدة حصلت على مكاسب وفوائد كبيرة من رفعها للأعلام الأمريكية على السفن التجارية التابعة للكويت والسعودية ومن تلك المكاسب: 1-العمل على اطالة امد الحرب لأضعاف كل من العراقوإيران اقتصاديا وعسكريا وبشريا لغرض خلق حالة اللااستقرار داخل الدولتين والمراهنة على الاطاحة بالنظامين العلماني والديني في المستقبل المنظور. 2-تخفيف قلق دول الخليج العربي من السياسة الأمريكية, بعد فضيحة "إيران غيت" وتسهيل عملية الحصول على قواعد عسكرية في الخليج, وجعل دول الخليج العربي ايضا تشعر بحاجتها للحماية الأمريكية بوجود أمريكي محدود, ومنع الآخرين من الاعتراض على زيادة القوة العسكرية الأمريكية على أن تجري زيادة القوات الأمريكية بشكل سري ويتلاءم مع الخطط العسكرية الأمريكية في الخليج. 3-اكدت الولاياتالمتحدةالأمريكية على صحة وايجابية "مبدأ كارتر" والذي اعتبره البعض بمثابة التدخل السافر في الشؤون الداخلية لبعض الدول وانتهاك حرماتها. 4-التكفير عن خطيئتها في بيع الأسلحة لإيران ومحاولة اصلاح صورتها أمام الرأي العام الدولي عامة والخليجي خاصة, ولذلك سمى عام 1986م, "بعام الخطيئة" وعام 1987م, "بعام التكفير". 5-حصلت امريكا على حق شرعي للوجود العسكري المكثف في منطقة الخليج العربي ومنحت تصريحا بالموافقة والتأييد على أيه عمليات عسكرية هجومية تقوم بحجة الرد على العدوان الإيراني وتحقيق السلام في المنطقة وحماية طريق الملاحة الدولية والحفاظ على مصلحة الغرب. 6-لم تتعرض سياستها في التدخل عسكريا بمنطقة الخليج لأية انتقادات, بل إن عملية رفع الأعلام قد وصفت بأنها "عملية النوايا الحسنة" واطلق عليها صفة الانتصار الاستراتيجي. 7-تأمين تدفق الأموال على دول الخليج العربي للمحافظة على متانة اقتصادها في سبيل أن تجعلها قادرة على فرض إرادتها على العراق بما تقدم له من قروض أو شراء اسلحة أو غير ذلك. إن الحرب العراقية- الإيرانية قد افرزت العديد من التغيرات في المنطقة جاءت سلبية على العراقوإيران واقطار الخليج, وايجابية على الولاياتالمتحدةالأمريكية والعدو الصهيوني لاحقا.