تُشير الوثائق التاريخية إلى أنّ ذو عمرو كانوا الطرف الثالث الرئيس في العهد المبرم في تلك الفترة وتذكر المراجع المحلية أنّهم كانوا في الماضي قبيلة رئيسية ذات نفوذ واسع في المنطقة غير أنّ حضورهم تلاشى بمرور الزمن ولم يتبقَّ منهم سوى بقايا متناثرة وقد تمركزت أراضيهم أساسًا في منطقة المراشي المنخفضة والممتدة على الطريق من بارات غربًا وجنوبًا باتجاه سفيان وصولًا إلى صنعاء وفي القرن الماضي كان من الممكن العثور على مجموعات قليلة منهم في قرية شقرت بن حيدان في المراشي حيث أقاموا بأعداد محدودة كما وردت روايات عن وجود نحو ثلاثين رجلًا منهم في منطقة الجلجلة ضمن أراضي ذو موسى قرب الخراب ويُقال إنّ ابن حيدان شيخ ذو عمرو كان يسيطر في الأزمنة الماضية على كامل المنطقة ولا سيما على طريق التجارة وقد عبّر المثل الشعبي عن هذه السيطرة بالقول: كانت أرض المراشي عشيرة من دون شقرة بن حيدان في إشارة إلى أنّه لولا فرض ابن حيدان للضرائب على المنطقة والقوافل المارة لما دفعت المراشي وما حولها إلا العشور الإسلامية.. يبدو أنّ اسم عمرو يُستخدم كاسم جامع يضم عدة بطون مثل ذو محمد وذو حسين والعاملة وربما آل سالم وبعض الروايات تلمّح إلى أنّ الاسم قد يُطلق على مجموعة أكبر تعرف ب ذو غيلان أي ذو محمد وذو حسين معًا إضافة إلى العاملة وآل سالم ومن الملاحظ أنّ وثائق الضمان في الأسواق لم تميّز بين العاملة وآل سالم لكن اللافت أنّها لم تذكر ذو حسين- شقيق ذو محمد- إلا لتوضيح غيابه أو استبعاده من بعض العهود في سبعينيات القرن العشرين وقد عُرض رسم تخطيطي يوضح سلسلة نسب رئيسية شبيهة بما ورد في بعض الروايات وهذه السلسلة تبدأ من: عبد الله بن ناجي بن عايد بن علي بن علي بن دارس بن صالح بن قاسم بن صالح بن محمد بن داود بن دمينة بن قول بن أحمد بن سويدان بن عمرو بن محمد بن غيلان بن محمد بن شعبان بن نصر بن عمرو بن دهمة والملفت في هذه السلسلة تكرار اسمي عمرو ومحمد وهو ما يعكس أهمية هذين الاسمين في بناء الهوية القبلية التي تتفق معظم المصادر على أنّ المعاطرة ينحدرون من محمد الأكبر الذي يُعتبر عمًّا لمحمد وحسين وقد شاعت فكرة أنّ ذي محمد وذي حسين ينحدران من غيلان محمد وأنّ تكرار اسم محمد يوحي بأسبقية تاريخية محتملة لأحدهما على الآخر وهذه الفكرة مقبولة حتى بين شيوخ ذو حسين وغالبًا ما يُشار إلى ذي محمد وذي حسين كشقيقين أو كجزأين من ذو غيلان أما اسم غيلان نفسه فهو قديم ارتبط منذ نحو ألف عام بمناطق أقرب إلى صعدة منه إلى بارات..في المقابل أسماء مثل الدهمة وشاكر أعمق في السلسلة النَسَبية وأكثر استقرارًا من حيث المفهوم وقد ارتبطت تاريخيًا بالمنطقة شمال الجوف مُنذ القرن العاشر الميلادي بينما لم يظهر توثيق واضح لذو محمد وذو حسين إلا بعد عام 1600 ميلادي تقريبًا ومن خلال هذه الشواهد يتضح أنّ لكلمة عمرو معنيين مختلفين: في معناها الأدنى أي في أسفل السلسلة النسبية كانت ذو عمرو وحدة تقابل رتبة المعاطرة ما جعل بعض الوثائق تُشير إليهم كأطراف مستقلة إلى جانب ذو محمد وآل محمد أما في معناها الأوسع أي في مرتبة أعلى من السلسلة المتخيلة فقد شمل اسم ذو عمرو ذو محمد وبطونًا أخرى وتكشف نصوص الأكوع عن هذا التباين فإحدى الوثائق من بارات تعود إلى أوائل القرن التاسع عشر وتُلزم ذو عمرو والمعاطرة وآل صلاح وهم أحد أخماس ذو محمد بالوفاء بالعهود بينما يظهر في نصوص أخرى أنّ الاسمين ذو عمرو وذو محمد استُخدما أحيانًا كمترادفين ففي أحد نصوص الأكوع المؤرخ بتجديد عام 1112ه 1700م ورد أنّ ذو عمرو تكفل بحماية أحفاد علي قاسم العنسي لكن الوثيقة ذكرت أخماس ذو محمد وكأنهم المكوّن الأساسي ذاته ويبدو أنّ معظم الموقعين على العهود من ذو محمد كانوا يوقعون أحيانًا باسم ذو محمد وأحيانًا باسم ذو عمرو مما يعكس مرونة في استخدام الأسماء القبلية وتداخلها عبر الزمن من هنا يمكن القول إنّ التباين في الوثائق يعكس اختلافًا في مستويات المعنى التاريخي والاجتماعي لاسم ذو عمرو فهو أحيانًا يُشير إلى فرع مُحدد وأحيانًا يُستخدم كإطار أوسع يضم عدة بطون متقاربة ويظل هذا التداخل بين الأسماء والأنساب شاهدًا على التعقيد الذي يميز البنية القبلية في المنطقة حيث تتعدد الروايات وتتشابك الأنساب بينما تبقى السيطرة التاريخية على الطرق التجارية والموارد هي العنصر الثابت الذي منح تلك الأسماء مكانتها في الذاكرة الجماعية .