محمد القيرعي هل تصدق لو اخبرتك ان من اهم المنعطفات التي حفزتني.. حادثة عنصرية مهينة تعرضت لها في طفولتي.. تقريبا في العام 1974م وكنت حينها طفلا في الخامسة من عمري.د، حين ذهبت بمعية والدتي حفلة عرس في بيت قبيلي اسمه محمد الفقيه.. في قرية حصبرة الواقعة على الطرف الجنوبي من مدينة التربة. وكانت والدتي واحدة من ثلاث مهمشات يحيين الحفل النسائي بالشرح البلدي بالمرفع والدف . كنت بين الحريم وكان المرقص عبارة عن غرفة كبيرة مفتوحة الباب. فيما غرفة الضيوف مقيل القبائل في الدور العلوي من الدار ذاته. وكنت في لحظة ما واقفا قرب الباب حينما لمحت احد الضيوف القبائل يهبط الدرج مغادرة.. وبشكل تلقائي قمت باقفال الباب على الحريم القبيليات لكيلا تقع نظره عليهن وهن باللباس العاري والزينة النستخدمة بافراط في مثل هذه الحالات بالنسبة لنسل السيدة حواء. وحيننا اقفلت الباب لم انتبه لطفل احداهن كان يقف بمحاذاتي فانغلق مزلاق الباب على يده البيضاء الرقيقة.. دون ان تحدث اصابة بائنة . ومع صراخه.. بكائه.. هرعت والدته واعتدت علي بالضرب بيديها الاثنتين على ظهري وعلى وجهي بقسوة غير معتادة مصحوبا بصراخها الهستيري.. بما معناه.. ( خادم ضرب سيده.. خادم ضرب سيده.. تم الاعتداء علي وانا في الخامسة من عمري وامام اعين وقريباتي المهمشات اللواتي لم يحاولن حمايتي منها ولم ينبسن ببنت شفه حتى حتى فرغت القبيلية من ضربي واشفت غليلها.. رغم ان مبادرتي باغلاق الباب كان مدفوعا بحرصي على ان لا يرى القبيلي المار من امام الباب عورتها هي وبقية الضيفات من جنسها.. اقصد ستاتي القبيليات. والحادثة الاخرى حدثت بعدها بايام من قبل سيدة مسنة في نفس القرية وعلى بعد خمسة بيوت من منزل المعتدية الاولى.. جالون ها نميم على وجه التحديد . وقد طلبتني لتزويدها بالماء من البركة خاصتها الى حمامات دارها.. وبما انني طفل في الخامسة من عمره فقد حمل جالون ماء سعة خمسة لتر يشكل عبئا مضاعفا علي.. الامر الذي اعاقني عن انجاز المهمة بالسرعة المطلوبة. هل تدري كيف عوقبت على تاخري.. فوجئت اثناء نقلي للماء بشقيها يرسل احدا لأستدعاء والدي متهمين اياي بسب المرأة ذاتها والتقليل من ادبي في مخاطبتها.. الخ فما كان من ابي الا ان عرضني عاريا امامهم وقام بجلدي بعصا غليظة.. صميل بشكل وحشي حتى ارتضوا بعد ان بات بدني منتفخا من اثر الضرب. لم يكن لانيني ودموعي ولا لانكاري او ايماني التي اقسمت بها باغلظ الايمان بانني لم افعل لها اي قيمة تذكر، فالقبيلي دائما على حق. كما ان افراط والدي بضربي بتلك القسوة والوحشية التي اقعدتني فيما بعد عن الحركة لاسابيع.. هو الاجراء السليم من منظوره للحفاظ على روابطه العبودية باسياده القبائل. باعتبارهم مصدر معيشته وابنائه الاساسيين.. هل تصدق.. هل تصدقني رفيقي الحبيب لا يزال هذان الحدثان حاضران في مخيلتي منذ واحد وخمسين عاما.. وكانهما حدثا في الامس القريب. لم اكن حينها قد التحقت حتى بالصف الاول الابتدائي ، كنت لا ازال في معلامة القران.. اتلقى علوم الدين الداعي نظريا للمساواة وعبر الالواح الخشبية وليس حتى الدفاتر علوم الدين والقران والرب والمجتمع الابيض بتاع الرب ايضا والذين كفرت بهم جميعا منذاك كفرا بواحا حتى النخاع كفرا والحادا لن يفارقني حتى اللحظة الاخير من حياتي. اقسم على ذلك بدموع اطفال الصفيح وبوجع الثكالى السمر .