اليمن يودع الشهيد الغماري على درب الفتح الموعود والجهاد المقدس    الدين العام الأميركي يسجل رقما قياسيا    الارصاد: أجواء باردة على المرتفعات وتوقعات بأمطار متفرقة على عدد من المحافظات    الونسو: مبابي لاعب حاسم يمنحنا النقاط، وهذا ما نحتاجه    بكأس مونديال الشباب... المغرب يتربع في قلب التاريخ    تقرير حقوقي يوثق ارتكاب مليشيات الحوثي 4896 جريمة بحق رجال الدين ودور العبادة    أمين عام حزب الرابطة: الجنوبيون يدفعون ثمنًا باهظًا لجريمة "يمننة الجنوب"    اتفاقيات لدعم موازنة الحكومة اليمنية وتوفير نفط للكهرباء    مؤسسة مياه عدن: الانقطاع الكامل لمنظومة الكهرباء سيؤدي إلى توقف خدمة المياه والصرف الصحي    عدن غارقة في الظلام والمرتزقة ينهبون الايرادات    قبل الكلاسيكو.. مبابي يعيد الريال إلى الصدارة    يونايتد يذيق ليفربول الخسارة الرابعة تواليا    منتخب المغرب يتوج بطلاً لكأس العالم للشباب    خلال 7 دقائق.. عملية سرقة "لا تقدّر بثمن" في متحف اللوفر    بالنظر إلى تعاطيه الإيجابي مع مأساة (قطاع غزة) وكادره الطبي ..تخطى (غوستافو كولومبيا) 21 حاكمًا عربيّا    مقتل شخصين بحادث اصطدام طائرة أثناء هبوطها في مطار هونغ كونغ    وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن. "17"    في تشييع مهيب.. صنعاء تودع الشهيد الفريق الركن محمد الغماري    شبابنا.. والتربية القرآنية..!!    وزير الدفاع : الشهيد الغماري بذل كل جهده ووقته في عمله الجهادي العظيم    فيما تم تدمير 300 لغم من مخلفات العدوان .. المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام يبحث توسيع الشراكة والتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر    اللواء الغماري.. فارس الميدان ومرعب الكيان    قراءة تحليلية لنص "رغبة في التحليق" ل"أحمد سيف حاشد"    الاتحاد السياحي اليمني يكشف عن فساد في مجلس الترويج السياحي    قافلة من وادي حضرموت تصل إلى الضالع دعماً للمقاتلين وتجسيداً لوحدة الصف الجنوبي    سامي غالب يطالب الداخلية والنيابة بعدن بايضاح أسباب اعتقال الكابتن طيار محمد المتوكل    ويستمر العذاب.. الكهرباء سلاحٌ سياسي لتركيع سكان عدن    الإمارات شعلة العلم في سماء الجنوب .. من بناء المدارس إلى ابتعاث العقول.. بصمات لا تُمحى في مسيرة التعليم الجنوبي    أمين عام الإصلاح يعزي في وفاة المناضل والأكاديمي محمد الظاهري    أبعدوا الألعاب الشعبية عن الأندية!    جهة مجهولة تشتري أوراق أشجار الراك في حضرموت    رئيس تنفيذية انتقالي لحج الحالمي يُعزي الشيخ نائف العكيمي في وفاة والده    وزارة الإعلام تُكرم الفائزين بمسابقة أجمل صورة للعلم اليمني    اليمن تحقق ذهبيتين في فئة الناشئين بالبطولة العربية للجودو في العراق    السامعي: عقولنا منفتحة للحوار وأيدينا ممدودة لكل أبناء الوطن    عدن.. مصلحة الجمارك توضح حول رفع سعر الدولار الجمركي    الأرصاد يكشف عن تكوّن منطقة ضغط جوي منخفض فوق جنوب شرق بحر العرب    حين تتزين الثورة بالترف... تموت الفكرة وتُباع القضية    اجتماع موسع للامناء الشرعيين لمناقشة آلية تفعيل وتنفيذ وثيقة تيسير الزواج في البيضاء    700 طالب وطالبة يؤدون اختباراتهم في المعهد العالي لتأهيل المعلمين بذمار وفرعيه    الدوري الالماني: بايرن ميونيخ يفوز على دورتموند ويبتعد في الصدارة    إشادة بتمكن عامر بن حبيش في احتواء توتر أمني بمنفذ الوديعة    سياسة التجويع لا تبني عدالة: حين يتحول القاضي من حارسٍ للحق إلى ضحيةٍ للسلطة    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يفوز على اوساسونا بهدف يتيم    اسبيدس توضح حول انفجار سفينة غاز مسال قبالة سواحل اليمن    قراءة تحليلية لنص "العيب المعوَّق للمعرفة" ل"أحمد سيف حاشد"    هيئة الآثار تدعو للتعرف على متاحف اليمن عبر موقعها الإلكتروني    السقاف يزور الشاعر المخضرم عبدالله عبدالكريم للاطمئنان على صحته    حضرموت بحاجة إلى مرجعية دينية بحجم السيد "الحداد"    لو فيها خير ما تركها يهودي    المداني خلفا للغماري .. بعضاً مما قاله خصمه اللدود عفاش في الحروب الست    إشهار منصة إرث حضرموت كأول منصة رقمية لتوثيق التراث والتاريخ والثقافة    اليمن انموذجا..أين تذهب أموال المانحين؟    ابتكار قرنية شفافة يقدم حلا لأزمة نقص التبرعات العالمية    معهد امريكي: شواء اللحوم يزيد خطر الاصابة بالسرطان    متى يبدأ شهر رمضان 2026/1447؟    الرمان... الفاكهة الأغنى بالفوائد الصحية عصيره يخفض ضغط الدم... وبذوره لها خصائص مضادة للالتهابات    ما فوائد تناول المغنيسيوم وفيتامين «بي-6» معاً؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأحلام التاريخية ومغامرات علييف على المحك
نشر في 26 سبتمبر يوم 28 - 08 - 2025

في الاّونة الأخيرة, استغرب البعض السلوك والسياسة الخارجية للرئيس الأذربيجاني, وباتوا يعتقدون بإنخراطه بعدة مغامرات خطيرة, وبات صراخه يعلو بأفعاله وتهديداته لدول الجوار, بعدما انتفخت عضلاته, بوحيٍ خارجي, ليظهر وكأنه الزعيم الجديد في منطقة جنوب القوقاز, رغم نفيه الصريح أمام وسائل الإعلام .!
وبحكم موقع أذربيجان الجغرافي، فقد اتسمت علاقاتها تاريخياً, بالتقارب الكبير مع تركيا، وبالطابع الإستراتيجي التنافسي مع كل من روسيا وإيران، في حين اتسمت علاقاتها السابقة مع أرمينيا بالعدائية بسبب الصراع الطويل في ناغورني كاراباخ، في الوقت الذي لم تسجل فيه علاقات واضحة مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية إلا بعد انهيارالإتحاد السوفيتي عام 1991, وحصول أذربيجان على استقلالها.
وبالرغم من علاقاتها التاريخية مع روسيا, إلاّ أنها بدأت تُوصف - بعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا-, بالتعقيد والتوتر بسبب تضارب المصالح في منطقة جنوب القوقاز، خصوصاً فيما يتعلق بملفات الطاقة, حيث تسعى أذربيجان للإستقلال عن النفوذ الروسي، بينما تعتبرها موسكو منطقة نفوذها الإستراتيجي.
في وقتٍ ترى فيه بعض الأوساط في موسكو, أن سياسة أذربيجان أصبحت أكثر عدائية تجاه روسيا، كقيامها بدعم أوكرانيا عسكرياً و لوجستياً, وإغلاق المدارس الروسية, وحظر وسائل الإعلام الروسية والأنشطة الثقافية في أذربيجان, وتجاهل دعوة بوتين للرئيس الأذربيجاني لحضور احتفالات عيد النصر, وغيرها من الأفعال, ويرون أن باكو باتت تخضع لضغوط غربية تدفعها لتبني مواقف مناوئة لروسيا, مقابل وعود مغرية لتشجيعها على المغامرة خارج حدودها, وبإستغلال تقاربها مع أرمينيا لتقليل النفوذ الروسي في المنطقة.
كذلك الأمر بالنسبة لإيران, التي أبدت مؤخراً استيائها من مشروع ممر زنغزور, الذي اعتبره مستشار المرشد الأعلى علي أكبر ولايتي بأنه "سيُغيّر الوضع الجيوسياسي في المنطقة، والحدود، وهو مُصمّم أساساً لتقطيع أوصال أرمينيا", مؤكداً أن تنفيذ هذه المؤامرة سيهدد أمن جنوب القوقاز", وبأن "إيران ستمنع إنشاؤه سواءً بوجود روسيا أو بدونها", إذ تعبر إيران عن مخاوفها من قيام باكو بالسماح ل "إسرائيل" بإقامة قواعد عسكرية على أراضي أذربيجان وعلى الحدود مع إيران.
في حين حاول الرئيس علييف في مقابلة مع قناة العربية مؤخراً, التأثير على تركيبة النظام الإيراني ومديح الرئيس بزشكيان, وتبديد المخاوف والتأكيد على أن مشروع الممر "لا يشكل تهديداً لإيران", نافياً أية نوايا أذربيجانية لإحتلال الممر وإغلاق الحدود بين إيران وأرمينيا, معرباً عن ثقته بإتفاقية باكو – يرفان, وتطلعاته إلى موعد توقيعها النهائي, بعد انتهاء البرلمان الأرميني من التعديلات الدستورية اللازمة.
في وقتٍ لم تخف فيه باكو علاقاتها الوطيدة مع تركيا, واهتمامها بتحقيق السلام مع أرمينيا, والشراكةٍ الإستراتيجية مع كييف، بما يعزز دورها بتوريد الطاقة إلى شرق أوروبا, وبحسب وزير خارجيتها , فهي "لا تبني علاقاتها ضد أحد , ولا تسعى إلى إضعاف روسيا، ولا تسعى إلى كسب ود الإتحاد الأوروبي", لكنها في ذات الوقت تحاول حصاد نتاج سياستها الخارجية المستقلة والمتوازنة على الساحة الإقليمية والدولية.
وبالفعل في 8 أغسطس/آب, وعقب اجتماع الوزير باشينيان والرئيسين ترامب وعلييف في واشنطن، تم التوقيع بالأحرف الأولى على إتفاقية السلام وفق مشروع "طريق ترامب للسلام والإزدهار"، الذي سيربط أذربيجان بمنطقة نخجوان عبر الأراضي الأرمينية، والذي اعتبره الوزير باشينيان بأنه "أكبر برنامج استثماري في تاريخ أرمينيا الحديثة".
ومع ذلك , جاءت دعوة علييف في 21 أغسطس/آب اهالي مدينة كلباجار في كاراباخ، بضرورة "الاستعداد للحرب في أي لحظة", و"العيش كأمة ودولة منتصرة", وللحديث عن أرمينيا وشعبها بشكلٍ عدائي مستغرب, تعمّد فيه إطلاق سيلٍ من الإتهامات وإهانتهم, ووصفهم ب "المجتمع المريض المتوحش", وبقوله: "علينا معرفة من هم جيراننا", "لن ننسى شرورهم".
لا يمكن قبول وتبرير لهجته وكلامه وتهديداته لجيرانه الأرمن, حتى لو كان بهدف التأثيرعلى أعضاء البرلمان الأرميني ودفعهم للتصديق على اتفاقية باكو- يريفان, كذلك لن تقبل موسكو أفعاله وسياساته العدائية تجاهها, والشيء ذاته ينطبق على طهران, ولا يمكن أن تمر رسائله وتهديداته مرور الكرام.
كذلك, لم يستوعب الكثيرون العدائية التي أظهرها الرئيس علييف لروسيا، وعدم اكتراثه بتداعيات إنشاء هذا الممر على استقرار منطقة جنوب القوقاز, مع الدعوة التي وجهها إلى سلطات كييف في "منتدى شوشا الإعلامي الثالث" في تموز الماضي، وضرورة "عدم قبولها إحتلال روسيا للأراضي الأوكرانية في دونباس والقرم" , وبقوله: "هذا ما فعلناه لإستعادة ناغورنو كاراباخ.
تبدو نصيحة علييف لأوكرانيا نوعاً من التحريض والتدخل الصريح في الصراع الروسي –الأوكراني, وتحمل في طياتها رغبته بإستمرار الصراع, وخطورة نصائحه على المفاوضات الحالية لإحلال السلام برعاية الرئيس ترامب, ناهيك عن دخول باكو على خط محاصرة توريدات الغاز الروسية على طول ممر البلقان بين بلغاريا ورومانيا والحدود الأوكرانية, وبتحويل مسارات نقلها عبر تركيا بإتجاه أوروبا, على حساب خطوط الغاز الروسية, وسط الشكوك بقدرة أذربيجان عن تأمين الكميات المطلوبة, وتكاليفها الباهظة.
يبدو أن إذربيجان وبدفعٍ غربي ووعود مغرية, اندفعت نحو مغامراتٍ خطيرة خارج حدودها, والإنخراط في صراع غير مباشر مع روسيا, في لعبة تتجاوز حجمها الحقيقي وقدراتها على المواجهة, وسط احتمالية نشوب صراعٍ مباشر بين روسيا وأذربيجان.
ويبقى السؤال , هل ستكون أذربيجان الضحية التالية بعد أوكرانيا, بعدما بدأت تحلم بغنامئها من تقسيم إيران على أسس قومية, وفوزها بإراضٍ في شمال غرب إيران, وفق خرائط مشروع الشرق الأوسط الكبير لتعود بحسب تسميتها التاريخية "أذربيجان الشرقية" لتعود وتشكل مع "أذربيجان الغربية" (الحالية) دولة أذربيجان الكبرى, بما قد يفسر عدائية أذربيجان لإيران, ولجوئها إلى إقامة علاقات مميزة مع "إسرائيل" بإعتبار إيران عدواً مشتركاً لكليهما.
شيئاً فشيئاً تتضح خيوط المؤامرة التي انخرطت فيها أذربيجان, بهديٍ ومساعدةٍ تركية سهلت لها القفز نحو الضفة الأخرى, لتعزيز علاقاتها مع الغرب والولايات المتحدة وتل أبيب, لا سيما في المجال العسكري، فأيُّ دورٍ جديد تحاول أذربيجان لعبه بالتوافق مع تركيا, هل يخطط إردوغان لإعتمادها ذراعه العثمانية العسكرية, والإحتفاظ لنفسه بالأدوار السياسية والوساطات الدولية ؟.
سلوك غريب تنتهجه باكو على محاور روسيا, أوكرانيا, تركيا, سوريا, إيران, تل أبيب, يدفعها نحو موجة تسليحٍ كبيرة بالإعتماد على الأسلحة الإسرائيلية تحديداً, وإنشاء نظام دفاعٍ جوي قوي, على الرغم من اهتمامها بالسلام مع دول الجوار, ولماذا تلهث وراء شراء أنظمة دفاع جوي وصواريخ ومعدات إلكترونية إسرائيلية مرتبطة بالأقمار الصناعية, ومناطيد جوية استطلاعية بعيدة المدى, هل باتت تخشى الصدام والعقاب الروسي أوالإيراني, في وقتٍ لم تتوان فيه عن إستفزازهما بمشاريع وخطوط لنقل الغاز والنفط بهديٍ أمريكي ...
ما بين إتهام أذربيجان بالمغامرات ونفيها الرسمي, يبدو أن العالم بحاجة إلى الشفافية والوضوح والسلام, أكثر من حاجته إلى المغامرات.
28/8/2025


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.