بقلم القاضي علي يحيى عبدالمغني/ منذ تأسيس الكيان الصهيوني في فلسطينالمحتلة منتصف القرن الماضي تقريبا والعرب يتخبطون يمنة ويسرة دون ان يصلوا إلى نتيجة، لأن نظرتهم للكيان كانت خاطئة من البداية، ووقفتهم مع فلسطين كانت انفعالية عاطفية، فذهبت جهودهم سدى، ووصلوا إلى هذه النتائج الكارثية التي نحن عليها اليوم، انبطاح كافة الدول والأنظمة العربية لهذه الغدة السرطانية التي توسعت وانتشرت في جسد الأمة حتى باتت تهدد المنطقة والشرق الأوسط. لم ينظر العرب إلى الكيان الصهيوني على انه عرض، وانه يجب عليهم أن يكافحوا المرض نفسه وليس أعراضه، فركزوا جهودهم على مكافحة العرض وتركوا المرض ينتشر في جسد الأمة حتى اصبح من الصعب عليهم مكافحته، معالجة المرض تبدأ من التشخيص وليس من المضادات الدوائية، فإذا كان التشخيص سليما ودقيقا نفعت الادوية وزال المرض، وان لم يكن سليما ودقيقا فبالتأكيد أن الأدوية سوف تحدث مضاعفات سلبية، وتؤثر على اجزاء اخرى من الجسد، وقد تؤدي إلى وفاة المريض. وهذا ما حدث بالضبط للأمة، واوصلها إلى هذه المرحلة في مواجهة الصهاينة، الكيان الصهيوني ما هو إلا عرض للمرض الذي اصاب الأمة وهو الخيانة، لا شك انه مرض قديم فيها، إلا أنه لم يكن قد وصل إلى مرحلة التحالف مع اليهود والنصارى للقضاء عليها، وكان عبدالعزيز آل سعود اول من دشن هذه المرحلة في المنطقة، فهو أول من تنازل عن فلسطين لليهود الصهاينة، والتزم لبريطانيا بالقضاء على كل محاولة عربية لتحريرها. وسار على ذلك حتى لقي الله عميلا خائنا منافقا مدافعا عن الصهاينة، هو من خان الجيوش العربية في حرب 48م، وخان مصر والاردنوسوريا ولبنان في حرب 67م، واقنع السادات بترك سوريا وحدها في معركة 73م وإخراج مصر ام الدنيا من المواجهة مع الكيان الصهيوني من خلال توقيع اتفاقية كمب ديفيد، وظل النظام السعودي وراء الانظمة العربية لتوقيع اتفاقيات التطبيع الصهاينة واحدا تلو الاخرى حتى وصل الحال إلى ما هو عليه اليوم، وأصبحت بعض الانظمة العربية صهيونية أكثر من الكيان الصهيوني، كما هو حال الاردن وقطر والامارات والمغرب وسلطة ابو مازن، ولو ان الانظمة العربية وجهت جهودها وامكانياتها التي خسرتها في مواجهة الكيان الصهيوني خلال سبعين عاما باتجاه النظام السعودي لما استمر الكيان في فلسطين عشرين عاما. وللأسف ان محور الجهاد والمقاومة يكرر تجربة الانظمة العربية حتى وقع أهم حلفائه في احضان الصهاينة، وصرنا نخشى ان تلحق به بقية الأطراف في المنطقة، فالنظام السعودي والاماراتي والقطري وغيرها من الانظمة حاضرة بقوة في اوساط محور المقاومة، والمحور مركز كافة جهوده وامكانياته باتجاه الصهاينة، فمن يطالب اليوم بابعاد حماس من غزة، ونزع سلاح حزب الله، والقضاء على انصارالله، هم الأدوات السعودية والامارتية والقطرية وغيرها، ومن جند العملاء والخونة في ايران ولبنان واليمن وغيرها هي هذه الانظمة، الخوف على المحور اليوم ليس من الصهاينة بل من هذه الانظمة العميلة المطبعة معه، الخوف على المحور اليوم ليس من الزنانير في تل ابيب، بل من الخنازير في الرياض والدوحة وابوظبي، الخوف على المحور اليوم ليس من القنوات الصهيونية الناطقة بالعبرية، بل من القنوات الصهيونية الناطقة بالعربية، فهي من أسقطت سوريا وليبيا وغيرهما. اليوم هناك مؤامرة عالمية كبرى على محور الجهاد والمقاومة، يشارك فيها الأتراك والإكراد والاذريين والدواعش والقاعدة وغيرهم إلى جانب العرب المطبعين، بقيادة ورعاية امريكية صهيونية غربية، لذلك نتمنى من كافة اطراف المحور أن يراجع سياسته، ويعدل استراتيجيته، وأن يركز على المرض أكثر من العرض، فتحرير فلسطين يبدأ من تحرير الجزيرة العربية من القواعد الامريكية، وسقوط الكيان الصهيوني يبدأ من سقوط ادواته في المنطقة، واستعادة القدس والاقصى تبدأ من استعادة مكة والمدينة، ولينصرن الله من ينصره أن الله قوي عزيز . *أمين عام مجلس الشورى صنعاء- 13- 7- 2025م .