الرئيس الكولومبي «غوستافو بيترو» يتمتع بشجاعة نادرة في انتقاد المجرمين، كما أنه لا يخشى -بشكل دائم- لومة لائم في الانحياز إلى المظلومين، وبالذات أطفال فلسطين، فمنذ الهجوم الصهيوني الغاشم على «قطاع غزة» في ال8 من أكتوبر 2023 وهو يصنف المجازر الصهيونية «إبادة جماعية» مستنكرًا تخاذل العالم عن ردع الظالم ومفتخرًا بما يجري في عروق الأمة الكولومبية من دماء عربية. دعوة لتحرير فلسطين واعتقال المجرمين في الوقت الذي كان الموقف العربي في المؤتمر الدولي الرفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة الذي خصص للتسوية السلمية لمسألة فلسطين وتنفيذ حل الدولتين أكثر من سلبي، فاجأ العالم أجمع الرئيس الكولومبي «غوستافو بيترو» بموقف أقل ما يقال عنه بطولي، فقد كان الوحيد من بين جميع المؤتمرِين الذي دعا -في سياق كلمته التي حظيت بتغطية إعلامية واسعة- كافة دول العالم -صراحةً- إلى تشكيل جيش دولي لتحرير «فلسطين»، داعيًا -في ذات الحين- إلى ضرورة اعتقال ومحاكمة المجرمين، وذلك ما يمكن أن يُفهم من استهلال خبر«الجزيرة نت» المعنون [كولومبيا تدعو إلى تشكيل جيش عالمي لتحرير فلسطين واعتقال مجرمي الحرب] الذي نشر في ال24 من سبتمبر الماضي الاستهلال التالي: (دعا الرئيس الكولومبي «غوستافو بيترو» إلى تشكيل قوة عالمية لتحرير فلسطين، وأضاف في تصريحات لقناة الجزيرة مباشر -اليوم الأربعاء-: "إنَّ العديد من الدول أبدت استعدادها للمشاركة في تشكيل قوة عسكرية لتحرير فلسطين، وإنَّ بيانات التنديد لم تعد كافية". وشدد على ضرورة إبراز القوة في وجه إسرائيل واعتقال المتهمين بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية في غزة وتقديمهم للمحكمة الجنائية الدولية). كما أكد -بحسب ما ورد في سياق الخبر المعنون [الرئيس الكولومبي في تظاهرة مؤيدة لغزة: الدماء العربية تجري في عروقنا] الذي نشره موقع «عربي21» في ال29 من سبتمبر- (أنه سيفتح في «كولومبيا» باب التسجيل للمتطوعين والمتطوعات ذوي الخبرة العسكرية، لخدمة «فلسطين»، لأنَّ ذلك يعني خدمة الإنسانية). تحدٍّ كولومبي للصلف ال«ترامبي» وفي الوقت الذي يقف الحكام العرب في حضرة المعتوه «ترامب» موقف التلميذ المؤدب، كرس الرئيس الكولومبي «غوستافو بيترو» كلمته التي ألقاها في 40 دقيقة -بالإضافة إلى تجريم مجازر الكيان الصهيوني في حق الشعب الفلسطيني- لمكاشفة الرئيس الأمريكي «ترامب» بالحقيقة مسمعًا إيَّاه من الانتقاد الحاد ما لا يطيقه، وليس أدلّ على ذلك من احتواء تقرير الباحثة التونسية «عبيرالفقيه» المعنون [الأسباب الحقيقية وراء سحب أميركا تأشيرة رئيس كولومبيا] الذي نشره «الجزيرة نت» مطلع أكتوبر الحالي على ما يلي: (نسف الرئيس الكولومبي «غوستافو بيترو» -في أقل من ساعة- معجم المجاملات والنفاق الدبلوماسي المعتاد أمام أبشع جريمة إبادة بشرية يتابعها العالم صوتًا وصورة، ويخشى قادته مواجهة مقترفيها بجرائمهم الوحشية. وقد عكس سحب «واشنطن» تأشيرة الرئيس «بيترو» إلى الولاياتالمتحدة -كإجراء "عقابي"- مستوى غضب الرئيس «ترامب» على كل من يجهر بالحقيقة عارية في عقر دارها). ومن ضمن ما كاشف به الرئيس «بيترو» نظيره «ترامب» وكثر تداوله قوله: (ترامب، أنا لا أحب النفط الذي تسعى وراءه بشراهة، وستدمر البشرية بسبب جشعك. وإذا كنت تعرف شخصًا عنيدًا، فأنا هو، يمكنك باستخدام قوتك الاقتصادية وغطرستك أن تحاول تنفيذ انقلاب كما فعلت مع ألليندي، لكنني سأموت على مبدئي، وقد قاومت التعذيب وسأقاومك أيضًا، لا أريد مستعبدين بجوار كولومبيا، فقد كان لدينا الكثير منهم، وتحررنا، من أريدهم بجوار كولومبيا هم عشاق الحرية. قد تقتلني، لكنني سأعيش في شعبي الذي سبق شعبيك في الأمريكيتين، نحن شعوب الرياح، والجبال، والبحر الكاريبي، والحرية. أسقطني -أيها الرئيس- وستجيبك الأمريكتان والإنسانية). اعتزاز الرئيس الكولومبي بدمه العربي لقد كان نجم المؤتمر الدولي الرفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة الذي خصص للتسوية السلمية لمسألة فلسطين وتنفيذ حل الدولتين هو «الرئيس الكولومبي» الذي كان طليعة المنتصرين لقضية «فلسطين»، والذي قُدِّر له أن يهزم الحكام العرب المطبعين وغير المطبعين باعتزازه -في مقابل استسلامهم للمقترح الترامبي- بما يجري في عروقه وعروق أبناء شعبه من دمٍ عربي، وقد نقل من كلمته في المؤتمر -في مستهل الخبر المعنون [الرئيس الكولومبي: الدماء العربية تجري في عروقنا] الذي نشره موقع «الشروق أونلاين» في ال27 من سبتمبر- قوله: ("نحن الكولومبيون، تجري في عروقنا الكثير من الدماء العربية، لأنَّ البّحارة الذين أوصلوا الغزاة القشتاليين {الإسبان} إلى بلادنا سنة 1492 من جنوب إسبانيا، كانوا بالفعل بحّارة عربًا، وأنا أعتقد أنَّ الخلافة العربية في «قرطبة» أصبحت تمثّل جزءًا من «كولومبيا»، ولهذا نحن نمتلك ثقافة متشابهة مع العرب، بالإضافة إلى أنَّ شعوب أمريكا اللاتينية تقف مع القضية الفلسطينية"). بل لقد فاخر -وهو يخاطب ترامب الذي لا يبارى في المفاخرة- بأنه سليل حضارة عربية غابرة بقوله: (كولومبيا الآن تتوقف عن النظر إلى الشمال، وتنظر إلى العالم، فدماؤنا تأتي من خلافة قرطبة التي كانت في زمانها رمزًا للحضارة).