في هذا المقام، تقف الكلمات عاجزة، والقلوب مثقلة بالحزن والفخر في آن واحد. أكتب اليوم لا لأرثي 32 بطلًا شهيدًا من خيرة رجال الكلمة والحبر، من أبطال صحيفة "26 سبتمبر" وصحيفة "اليمن". أكتب لنخلد ذكراهم، ونستلهم من تضحياتهم أعظم الدروس. لقد كانوا منارات للحقيقة، حملوا على عاتقهم أمانة الكلمة الصادقة، والقلم النزيه. لم يكونوا مجرد صحفيين، بل كانوا جنودًا في معركة الوعي، يواجهون الظلام بنور الحبر، ويواجهون الباطل بصدق الخبر. كانوا يدركون أن الكلمة قد تكون أشد فتكًا من الرصاصة، وأن الحقيقة هي السلاح الذي لا يُقهر. لقد قدموا أرواحهم فداءً لليمن، التي أحبوها وتغنوا بها ودافعوا عن كرامتها وعزتها. كما امتدت شجاعتهم لتلامس أوجاع غزة الأبية، فكانوا بصوتهم وقلمهم خير سند للقضية، خير من يعكس للعالم صمودها ومعاناتها. لقد عاشوا مؤمنين بوحدة الهدف والمصير بين الشعبين الشقيقين، عاشوا مؤمنين بقضيتهم الأولى وعهدهم ووعدهم بتحرير القدس ، واستشهدوا على عهدهم في "معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس" على طريق القدس . 32 شهيدًا بطلًا! هذا العدد ليس مجرد رقم في سجل الشهادة، بل هو 31 قصة بطولة، و31 سيرة عطاء، و31 قلبًا نابضًا بالوطنية والإنسانية، 31 قمرا من أقمار العزة والكرامة اعتلوا إلى سماء الرفعة والسمو لينيروا دنيانا بنور الشهامة والشجاعة والفداء. لقد سقطوا وهم يمارسون أشرف المهن وأخطرها، وهم يوثقون، ويكشفون، وينقلون الحقيقة بجرأة لا تعرف الخوف. إن دماءهم الطاهرة لم تذهب سُدى. لقد ارتوت بها أرض اليمنوغزة كشاهد على أن الكرامة لا تُشترى ولا تُساوم، وأن حرية الكلمة ثمنها غالٍ، ولكنها تستحق. لقد أورثونا إرثًا من العزة والتضحية، ووضعوا على عاتق كل منا مسؤولية مواصلة المسيرة: مسيرة الكشف عن الحقيقة، والدفاع عن المظلومين، ونصرة الأوطان والقضايا العادلة. إلى عائلاتهم وذويهم، نقول: لقد خلف هؤلاء الأبطال لكم فخرًا لا يمحوه الزمن. وإلى زملائهم الصامدين والثابتين والمستمرين في العمل والإصدار لصحيفتي "26 سبتمبر" و"اليمن". في دائرة الفدى والنضال والعزة والكرامة دائرة الاستشهاديين والشهداء الأبطال نقول: احملوا أقلامهم! اجعلوا من دمائهم مدادًا جديدًا يكتب تاريخًا من الشرف والوفاء. نُعاهدهم بأن تبقى ذكراهم خالدة في وجدان اليمنيين، وأن تظل أسماؤهم محفورة بأحرف من نور في سجل الخالدين. لقد تركوا الدنيا ورحلوا إلى جوار ربهم، لكنهم تركوا فينا شعلة لا تنطفئ، وروحًا لا تُقهر. وللعدو الصهيوني المجرم ولمن يقف معه ويدعمه، نقول: لا يمكنكم قصف الحقيقة ومحوها ويوما ما قريبا ستكون فلسطين حرة. رحم الله شهداءنا الأبرار، وأسكنهم فسيح جناته، وألهمنا جميعًا الصبر والثبات على المضي قدمًا على دربهم. عاشت اليمن حرة كريمة، والنصر لغزة الأبية، والخزي والعار للجبناء الغزاة المحتلين بني صهيون ومن والاهم.