تحت مسمى حماية وحدة وأمن واستقرار اليمن وإعادة ما أسمته «الشرعية» إلى صنعاء.. شنت السعودية والإمارات عدوانهما الغاشم مطلع العام 2015م وقادتا تحالفًا دوليًا شاركت فيه عدد من دول العالم، تأتي في مقدمتها أمريكا وبريطانيا اللتان كانتا وما تزالان تستخدمان السعودية والإمارات أداتين لتنفيذ أجندة الصهيونية في الوطن العربي بشكل عام وفي اليمن على وجه الخصوص. 26 سبتمبر – خاص الموقع الجيوسياسي الهام لليمن جعله محط أطماع الغزاة والمحتلين عبر التاريخ منذ الغزو الروماني وحتى وقتنا الحاضر، الذي يتصارع فيه وكلاء الاحتلال الصهيوني والبريطاني (السعودية والإمارات) بواسطة العملاء والخونة من مرتزقة الداخل (المجلس الرئاسي) على النفوذ والسيطرة على أهم المواقع الاستراتيجية مثل محافظاتحضرموت وشبوة والمهرة، والشريط الساحلي الممتد على البحرين العربي والأحمر بمساحة تصل إلى أكثر من 2500 كيلومتر، إلى جانب السيطرة على مضيق باب المندب والجزر اليمنية ومنابع الثروة كالنفط والغاز في شمال اليمنوجنوبه وشرقه وغربه. قراءة التاريخ العودة إلى الماضي لقراءة التاريخ والاستفادة من الأحداث التي جرت إبان الحملات المعادية لليمن التي قام بها المحتلون والغزاة كالبرتغاليين والأحباش والفرس وفترة الاحتلال البريطاني الذي جثم على صدور اليمنيين في جنوباليمن 129 عامًا، تعد ضرورة ومهمة لكل من يريد أن ينتهج السياسة فكرًا أو عملًا، لأن الذي يقحم نفسه في السياسة دون قراءة التاريخ وفلسفة أحداثه يظل طفلًا طوال عمره. لأن التاريخ لا يرحم كل من باع وطنه وخان شعبه وارتهن بعمالة وخيانة للمحتلين والغزاة وسهّل لهم تنفيذ مخططاتهم تحت مسميات وشعارات سرعان ما تتلاشى وتخرج عن السيطرة عندما تتوسع أطماع المحتلين ويصبح وكلاء الاستعمار والمرتزقة بيادق مكشوفة بيد الاحتلال الخفي الذي يجر أدواته على أراضي اليمن اليوم في كل من الساحل الغربي وعدن ومأرب وحضرموت والمهرة، بما يخدم مصالح طرفي الصراع الخفي المعلن (السعودية والإمارات) حيث ترى الأولى أن حضرموت تمثل عمقًا استراتيجيًا لها إلى جانب المهرة أيضًا، ويجب أن يظل نفوذها في هاتين المحافظتين على وجه التحديد قويًا دون تمدد الثانية (الإمارات) فيهما، التي بدورها ليست إلا يدًا لإسرائيل وبريطانيا في المنطقة حتى تضمن من خلالها، ومن خلال مليشياتها التي أنشأتها مثل ما يسمى (قوات المجلس الانتقالي وحراس الجمهورية والأحزمة الأمنية)، السيطرة على مضيق باب المندب وميناء عدن لتهيمن على طرق التجارة العالمية وتؤمّن الملاحة الصهيونية في خليج عدنوالبحر الأحمر. وهذا ما تسعى إليه إسرائيل اليوم عبر ما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي وحراس الجمهورية الذين تتحكم بهم الإمارات، الدولة الرجعية أداة الصهيونية في الوطن العربي، التي تمهّد وتسهّل لتوسع نطاق سيطرة كيان العدو الصهيوني من السودان في إفريقيا وحتى جنوب وشرق اليمن في آسيا. مواقف مخزية من المضحك المبكي، التعري الفاضح الذي ظهرت به الإمارات عبر المرتزق عيدروس الزبيدي، الذي بات يتوسل لكيان العدو الإسرائيلي الاعتراف بمشروع انفصال جنوباليمن مقابل التطبيع والعمل بما يخدم مصالح الاحتلال الصهيوني على حساب مصالح اليمن والأمة العربية والإسلامية. هذا جانب، ومن جانب آخر الموقف المخزي الذي ظهرت به أيضًا من خلال طارق عفاش الذي يتحرك وفق القرارات الإماراتية، ويرى في الفوضى والنهب وتدمير مقدرات الوطن في حضرموت والمهرة وشبوة مدخلًا لما أسماه تحرير صنعاء! مع إدراكه هو والزبيدي أنهما ليسا إلا مجرد أدوات لا قيمة لها تحاول الوصول إلى الحكم على دماء ومعاناة اليمنيين. بين تل أبيب وواشنطن ترى الإمارات المطبّعة مع كيان العدو الصهيوني والوجهة السياحية للصهاينة أن الدفع بالزبيدي للعمالة والارتهان لإسرائيل مقابل إغراءات لبناء قواعد للكيان في مناطق جنوب وشرق اليمن سيجعله يحظى بالدعم الأمريكي والضغط على المجتمع الدولي للاعتراف بما يسمونه دولة (الجنوب العربي) تحكمها وتتحكم بها الإمارات عبر العملاء الذين صُنِعوا خلال فترة العدوان على اليمن التي تجاوزت عقدًا من الزمن. وبالمقابل، ترى السعودية في واشنطن وسيلة ضغط على المجتمع الدولي للحد من نفوذ شريكتها (الإمارات) من التهوّر في الاستحواذ على حضرموت والمهرة بالقوة وإقصاء السعودية من تقاسم الكعكة الحضرمية وإخراجها من المشهد دون أن تحقق الهدف الذي من أجله قادت تحالف العدوان على اليمن. وبين الارتهان للعدوين الأمريكي والإسرائيلي تصبح كل من الرياض وأبوظبي أمام تحدٍّ خطير قد يجعلها تدفع الثمن باهظًا، لأن أمريكا وإسرائيل لا يؤتمن جانبهما وستضحيان في نهاية المطاف بهما بعد أن تكتمل اللعبة بفرض خارطة جديدة تشمل كيانات سياسية ضعيفة لا تقوى على إدارة دولة مركزية ذات توجه وقرار وطني مستقل. حرب بالوكالة تشبث مليشيات الانتقالي بالمواقع التي سيطرت عليها بسهولة دون مقاومة تُذكر في كل من حضرموت وشبوة والمهرة جعل الإمارات تشعر أن لديها قوة يصعب إخراجها أو ثنيها عن تحقيق أهدافها في المناطق الغنية بالنفط والغاز وكثير من الثروات المعدنية، في حين ترى السعودية أن استخدام القوة لإخراج هذه المليشيات من الأماكن التي تسيطر عليها بات خيارًا مطروحًا واحتمالًا قائمًا بعد تحشيد السعودية لقواتها مع مجاميع من المرتزقة وعتاد حربي وتحليق ورصد بالطائرات لتحركات مليشيات الانتقالي ومواقع تمركزها، مما ينذر بالدخول في معركة قتال بالوكالة بين طرفي الاحتلال والعدوان على اليمن (السعودية والإمارات). تهديدات غير مسبوقة إلى ذلك، أفاد تقرير لصحيفة الغارديان أن قوات مدعومة من السعودية تحشد على الحدود اليمنية مع تهديدات غير مسبوقة بشن غارات ضد ما أسماه «المجلس الانتقالي الجنوبي» إذا لم ينسحب من حضرموت والمهرة، بعد تمدده السريع ورفعه مطلب الانفصال بدعم إماراتي. ويحذّر من أن هذا التصعيد يهدد بتفجير صراع جديد ويكشف عن انقسامات إقليمية عميقة قد تقوّض وحدة اليمن والاستقرار الإقليمي. وتحشد قوات مدعومة من المملكة العربية السعودية، يُقدَّر عددها بنحو 20 ألف مقاتل، على الحدود اليمنية، في ظل تصاعد الضغوط على «المجلس الانتقالي الجنوبي» للانسحاب من المكاسب الإقليمية الواسعة التي حققها خلال الأسابيع الماضية في محافظة حضرموت الشاسعة والغنية بالنفط شرقي اليمن. وأضاف التقرير: «يستثمر المجلس الانتقالي، المدعوم من دولة الإمارات، هذا التقدم العسكري لرفع سقف مطالبه بإعادة تقسيم اليمن إلى دولتين شمالية وجنوبية، كما كان الوضع قبل الوحدة عام 1990.» وأضاف تقرير الغارديان: «بحسب مصادر مطلعة، أُبلغ المجلس الانتقالي بإمكانية تعرّضه لغارات جوية مباشرة من قبل القوات السعودية إذا لم يتراجع عن انتشاره، وهو تطور غير مسبوق من شأنه تهديد مواقع رئيسية يسيطر عليها المجلس.» وتمركزت قوات مدعومة سعوديًا تُعرف باسم "درع الوطن"، في منطقتي الوديعة والعَبْر قرب الحدود السعودية، في إشارة واضحة إلى استعداد عسكري جدي. وقال التقرير: «في المقابل، تلقّى المجلس تطمينات باستمرار الدعم الإماراتي، ما يفتح الباب أمام احتمال صدام غير مباشر بين قوى موالية للرياض وأخرى موالية لأبوظبي داخل الأراضي اليمنية.» تحذيرات أممية من جانبه، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن استئناف القتال واسع النطاق في اليمن قد تمتد تداعياته إلى البحر الأحمر وخليج عدن والقرن الأفريقي. ودعا جميع الأطراف اليمنية، وكذلك الجهات الخارجية، إلى إدراك أن الإجراءات الأحادية لن تمهّد طريقًا للسلام، بل ستعمّق الانقسامات، وتزيد مخاطر التصعيد، وتؤدي إلى مزيد من التفكك. وشدد غوتيريش على ضرورة الحفاظ على سيادة اليمن ووحدة أراضيه. الزبيدي يتوسل التطبيع الفوضى التي تجتاح المناطق المحتلة في جنوب وشرق اليمن جعلت الرياض وأبوظبي تهربان من الواقع عبر الإيعاز لأدواتهما في الانتقالي وما يسمى ب»حراس الجمهورية» بأن تحرير الجنوب يبدأ من الشمال. وهذا ما ورد على لسان عيدروس الزبيدي في تصريح له بأن قواته على استعداد لتحرير ما أسماه المناطق الشمالية، مما يعكس حجم الفشل الذريع والبحث عن قشة يتعلق بها الزبيدي للهروب من الفشل وفضيحة التوسل للتطبيع مع كيان الاحتلال الصهيوني، الذي تحدث به سابقًا عبر وسائل الإعلام، وعمليات التواصل الأخيرة التي جرت بين عناصر في مجلسه الانتقالي وقيادات في إسرائيل، وأكدته وسائل إعلام عبرية أشارت إلى أن ما سمته «جنوباليمن يشهد تحولات لافتة مع توسيع قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعومة من الإمارات، سيطرتها على مناطق واسعة على حساب القوات التابعة للحكومة اليمنية المدعومة من السعودية، في تطور يعزز الطروحات الانفصالية في المنطقة». وذكر تقرير هيئة البث الرسمية «كان» أن «هذه القوات تسعى إلى الحصول على دعم إسرائيلي»، موضحة أن «ذلك يخدم مصالح مشتركة تشمل حماية طرق الملاحة الدولية في خليج عدن ومضيق باب المندب، والتصدي لتهريب السلاح الإيراني إلى من سمتهم الحوثيين، إضافة إلى مواجهة التنظيمات المرتبطة بالإخوان المسلمين». ونقلت وسائل إعلام عبرية، عن مصدر دبلوماسي في المجلس الانتقالي، قوله: «إن دعم إسرائيل لإقامة دولة جنوباليمن وعاصمتها عدن من شأنه تعزيز القدرات العسكرية والأمنية والاقتصادية للكيان المنشود»، مؤكدًا «وجود أعداء مشتركين للطرفين». هذا وأفادت تقارير أن «ممثلين عن المجلس الانتقالي الجنوبي أجروا اتصالات مع مسؤولين إسرائيليين، في إطار مساعٍ لكسب دعم إقليمي ودولي، بما في ذلك دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب». كما ذكرت صحيفة «ذا تايمز» البريطانية أن «قياديين في المجلس الانتقالي الجنوبي تواصلوا مع مسؤولين إسرائيليين في إطار مساعٍ للاعتراف بإسرائيل مقابل دعم مشروع انفصال جنوباليمن عن البلاد». أن تكون صديقًا لأمريكا في ظل اتساع رقعة الفوضى وسباق النفوذ بين السعودية والإمارات والتوتر الذي يسود المشهد، تشير التطورات والتحركات على الأرض وهروب كل طرف نحو التشبث بقشة للتعلق بها لتبرير تحركاته واحتلاله لعدد من المحافظات في جنوباليمن، إلى أن الأمور قد تخرج عن سيطرة المتصارعين، ولن تنفعهم الصداقة مع أمريكا التي قال عنها هنري كيسنجر عبارته الشهيرة: «أن تكون عدوًا لأمريكا أمر خطير، وأن تكون صديقًا لها أمر قاتل».